عديلي يكتب: أسئلة على هامش الانتخابات الجزئية بأسفي

حسن عديلي


0,02% على مستوى المدينة و%2,95 على المستوى الإقليمي، تلكم هي نسب المشاركة المعلن عنها في الانتخابات الجزئية ليوم 22 فبراير 2024 بدائرة أسفي، وهي أرقام صادمة غير أنها ليست مفاجئة على الإطلاق، فهل تنذر هذه الأرقام بموت السياسة وثقافة المشاركة؟ وهل هي تمظهر طبيعي لحالة فقدان الثقة التي ما فتئ يعبر عنها المواطن اتجاه السياسة والسياسيين؟ أم انها رد فعل طبيعي يعكس تذمر الناخب (المواطن) من السياسات العمومية التي لا يجد لها اثرا في معيشه اليومي؟ أم إنها ذلك كله؟
ثم ألا يعتبر هذا العزوف طبيعيا في ظل الفضائح المتوالية التي يعيشها المشهد السياسي، وحالات المتابعة المتزايدة اتجاه برلمانيين ورؤساء جماعات، بلغت ذروتها بتوجيه الاتهام لعدد من السياسيين في قضايا خطيرة وصلت حد الاشتباه في الاتجار الدولي في المخدرات، أضف إلى ذلك الصورة القاتمة التي تشكلت لدى الرأي العام بسبب حالة الارتباك وتفكك الأغلبيات وتضارب المصالح الذي تعرفه معظم المجالس الترابية المسيرة بعد انتخابات 08 شتنبر 2021، بل إن الوضع يزداد قتامة مع توالي كبوات التدبير الحكومي اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا، وهو ما عكسته عدد من التقارير الوطنية، آخرها تقرير المندوبية السامية للتخطيط الذي رصد ارتفاعا كبيرا في مؤشر البطالة مقارنة بالمؤشرات المسجلة إبان الحكومات السابقة.
ينضاف إلى ذلك حالة الغلاء غير المسبوق الذي اكتوت بناره مختلف الشرائح الاجتماعية، واستمرار حالات تضارب المصالح الذي رصدته عدد من التقارير، آخرها تقرير مجلس المنافسة حول المحروقات، والضجة التي اثارها إسناد بناء محطة تحلية ماء البحر بالدارالبيضاء لشركة رئيس الحكومة، وفشل مخطط المغرب الأخضر الذي ترتب عنه تراجع مهول في تمويل السوق الداخلية بالمنتجات الفلاحية الاساسية، في مقابل زراعات تسويقية أنهكت الفرشة المائية. أما على الصعيد الاجتماعي، فيسجل تراجع نسبة المستفيدين من التغطية الصحية بالنصف، بعد تسجيل تراجع عدد المستفيدين من 18 مليون الذين كانوا يخضعون لنظام التغطية الصحية راميد إلى 09 مليون مستفيد الذين تم إدراجهم في إطار نظام AMO.
أما الوضع الحقوقي فيكفي أن نشير للمتابعات ضد صحفيين وناشطين إعلاميين من طرف وزراء في الحكومة !!! وهو أمر يمس الوضع الاعتباري للمغرب الذي حظي مؤخرا برئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
إن المؤشرات الرقمية التي كشفت عنها الانتخابات الجزئية بأسفي – إن صحت – بالنظر لما رصد من حالة عزوف غير مسبوقة سجلتها كاميرات الصحافة والإعلاميين في مختلف جماعات الإقليم، تطرح في العمق سؤال الشرعية التمثيلية، في ظل نظام انتخابي لا يفرض حصول المرشح الفائز على نسبة محددة لا ينبغي له النزول عنها، عكس عدد من الأنظمة الانتخابية في المنظومات الديمقراطية التي تفرض حدا أدنى أو عتبة دنيا تعد شرطا لحيازة الصفة التمثيلية، وإلا استلزم الأمر الذهاب إلى جولة ثانية، وهذا مسلك بعيد المنال بالنظر لحالة النكوص والارتداد التي عرفتها القوانين الانتخابية سنة 2021، سواء فيما يتعلق بإلغاء العتبة أو احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين بدل عدد الاصوات المعبر عنها، وهي تراجعات ضربت ديمقراطيتنا الناشئة في مقتل، إذ نكاد نكون البلد الوحيد الذي تبنى هذا النمط من بين دول العالم والتجارب المقارنة.
إن حالة أسفي في الانتخابات الجزئية يشكل نموذجا صغيرا لواقع أكبر يهم الوطن كله، واقع يحتاج لإجابات صريحة عن أسئلة عميقة تتمحور جميعها حول سؤال السياسة ببلادنا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.