الأزمي يكتب: الآن حصحص الحق..ماذا لو لم يتم إصلاح منظومة المقاصة؟!

وأخيرا، لم يجد الناطق الرسمي للحكومة بدا من أن يقر ويعترف أمام الرأي العام في تصريح رسمي في ندوة صحفية رسمية بعد اجتماع المجلس الحكومي ليوم الخميس 17 نونبر 2022 بقوله “إن الدعم المباشر للمحروقات يعني التخلي عن ميزانية قطاعي الصحة والتعليم خلال السنة المقبلة، متسائلا من أين ستأتي الحكومة بمبلغ 100 مليار درهم الكفيل بحل مشكل الغازوال.”
ويأتي هذا التصريح أسبوعا بعد أن أقر زميله في الحكومة الوزير المكلف بالميزانية يوم الخميس 10 نونبر 2022، في جلسة المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون ميزانية 2023بمجلس النواب، أنه “في حالة ما إذا كانت الحكومة اتخذت قرارا بدعم المحروقات، فإن مخصصات صندوق المقاصة ستصل إلى 87 مليار درهم خلال السنة الحالية، وكانت ستتخلى عن ميزانية الاستثمار بأكملها، ولم تكن لتستطيع تنفيذ مشاريع الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، وستفقد السيادة المالية.”
وهنا لابد من تصحيح متن هذا الإقرار، لأنه لا يعبر إلا عن نصف الحقيقة ويحاول التمويه وإخفاء النصف الثاني.والحقيقة الكاملة هي ليست بالقول بأن الدعم المباشر للمحروقات يعني التخلي عن ميزانية قطاعي الصحة والتعليم …والتساؤل من أين ستأتي الحكومة بمبلغ 100 مليار درهم الكفيل بحل مشكل الغازوال. الحقيقة الكاملة التي ينبغي التصريح بها هي أنه لو يتم إصلاح منظومة الدعم من طرف حكومة الأستاذ عبد الاله ابن كيران لم يكن ليتوفر اليوم لحكومة السيد عزيز أخنوش 100 مليار درهم ولاضطرت إلى التخلي عن ميزانية الاستثمار والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وفقدان السيادة المالية.
كما ينبغي التذكير أن هذا الإقرار الرسمي يأتي ليغلق سلسلة التصريحات المتناقضة للسيد رئيس الحكومة ولمحاولاته الفاشلة لتحميل المسؤولية للعدالة والتنمية عن موجة الغلاء وارتفاع الأسعار ولتعترف الحكومة رسميا بالحجم الحقيقي، من حيث الكم وكذا من حيث السياسات الممولة بما وفره هذا الإصلاح الهيكلي الكبير لمنظومة المقاصة الذي قامت به حكومة العدالة والتنمية ولينتهي بذلك مسلسل الاتهامات المجانية بالاستسلام والاعتراف بالحقيقة.
وهنا لابأس من تذكير السيد رئيس الحكومة بتصريحه غير المسؤول والمتناقض في الجلسة الشهرية بمجلس النواب بتاريخ 18 أبريل 2022، حيث صرح من جهة بأن الدولة ليس لديها الإمكانيات الكافية لدعم أسعار المحروقات، وأن هذا الدعم لو تم سينتج عنه عجز كبير وثقب في الميزانية لا يمكن تمويله حتى بالاستدانة، لكنه وعلى النقيض من ذلك صرح متوجها لحزب العدالة والتنمية “أنتم أخرجتم المحروقات من صندوق المقاصة…”، مضيفا “سأقول الحقيقة للمغاربة، أنتم الحزب الذي رفع جميع الأسعار، وأنتم الحزب الذي حرر قطاع المحروقات…”
ولابأس من تذكير السيد رئيس الحكومة بتصريحه غير المسؤول والمتناقض يوم 09 شتنبر 2022 بأكادير أمام شبيبة حزبه وهو يؤكد من جهة “أنه من السهل أن ندعم المحروقات، ولكن الأمر سيكون على حساب الصحة والتعليم وأنه لا يمكن القبول بهذا الأمر، بكون الميزانية لا تسمح بذلك.”، وعلى النقيض من ذلك توجه إلى حزب العدالة والتنمية واتهمه بأن المغاربة صبروا وتحملوا عشر سنوات من التعطيل التنموي.
واليوم، وبعد أن حاول السيد رئيس الحكومة دون جدوى اللعب على الحبلين بأكل الغلة من خلال الاستفادة من الاعتمادات المالية الهامة التي ورثها عن حكومة العدالة والتنمية والتي وفرها إصلاح منظوم، وفي نفس الوقت يحاول تبرير عجزه في مواجهة غلاء الأسعار وشجع شركات المحروقات وإبداع الإجراءات المناسبة، يجد نفسه مرغما أن يعترف أن إصلاح نظام الدعم لا يمكن التراجع عنه لأن هذا الإصلاح يمكن من تمويل الاستثمار والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية…
هذا هو شأن الإصلاحات الكبيرة والحقيقية والمرقمة والواضحة والمحققة الأهداف، حيث لا يمكن أن تحجبها الحملات المغرضة والتصريحات المعادية، وللتذكير عودوا إلى تصريحات رئيس الحكومة آنذاك الأستاذ عبد الاله ابن كيران وإلى تصريحات وزيره في الميزانية والناطق الرسمي باسم الحكومة، وستجدون أن ما يعترف به اليوم بعد طول إنكار، هو ما تم تقديمه آنذاك من أهداف تتوخى من هذا الإصلاح، وهي إنقاذ ميزانية الدولة من الإفلاس وتوفير التمويلات اللازمة للاستثمار العمومي وللسياسات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن كونه قطع نهائيا مع الريع النفطي ومع دفع الدعم بملايير الدراهم مقابل فاتوراتلا يملك صندوق المقاصة أن يتأكد من حقيقتها.
واليوم وبعد هذا الإقرار والاعتراف الرسمي وبالأرقام لم يبق للسيد رئيس الحكومة إلا أن يقول الحقيقة للمغاربة والتي تلخصها كلمة واحدة وهي “شكرا حزبالعدالة والتنمية”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.