“المصباح”: مقترح المجلس الوطني بخصوص تعريف الأسرة فتح الباب واسعا لتحريم الحلال وجعل المحرم حلالا

أكد حزب العدالة والتنمية، أن خلاصة مقترح المجلس الوطني بخصوص تعريف الأسرة، هو فتح الباب واسعا لتحريم الحلال وجعل المحرم حلالا، وهذا ما يعكس بشكل جلي مرجعية مذكرة المجلس الوطني التي تستند بشكل أساسي إلى المرجعية الدولية، وتكتفي فيما يتعلق بالمرجعية الإسلامية بما تسميه المذكرة “مقاصد الشريعة الإسلامية المستندة إلى مبادئ المساواة والعدل والإنصاف”.
وبالتالي، يضيف الحزب في مذكرة حول مقترحات وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مراجعة مدونة الأسرة، “فإن الشريعة الإسلامية ومقاصدها التي تخالف ما يسعى إليه المجلس لا يمكن الاستناد عليها حتى وإن تعلق الأمر بالنصوص القطعية؛ وهنا يطرح السؤال متى كانت الشريعة الإسلامية ومقاصدها تتعارض مع مبادئ المساواة والعدل والانصاف؟”.
وقال الحزب إن مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعتبر أن “مدونة الأسرة لـــم تتطـــرق لمفهـــوم الأســـرة التـــي يفتـــرض أن تطبـــق عليهـــا مضاميـــن هـــذا النـــص”، وتعتبر “أن مقتضياتهـــا تطرقـــت بشـــكل غيـــر مباشـــر لأشـــكال مـــن الأســـر، ورتبـــت علاقـــات قانونيـــة عليهـــا”.
وشدد المصدر ذاته، أنه بالقراءة المتفحصة لمضامين مقترح المجلس المتعلق بتعريف الأسرة، نسجل أن مدونة الأسرة لم تهمل تعريف مفهوم الأسرة، كما تدعي المذكرة، وعرفته من خلال نصها على أهم شرط لقيامها وهو الزواج بين المرأة والرجل، ووضعت أيضا مقاصده الشرعية فجاء التعريف على الشكل التالي في المادة الرابعة من المدونة: “الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة”.
واعتبر الحزب أن الإقحام التعسفي لمفهوم “الأشكال الأخرى من الأسر” انطلاقا من قراءات متعسفة لبعض مقتضيات المدونة التي تطرقت إلى: (الخطبة والزواج غير الموثق وكفالة الأطفال المهملين والولادات خارج مؤسسة الزواج..) وهي مصطلحات واردة في المدونة ولا تسعف في الحديث عن “الأشكال الأخرى من الأسر”، وهو إقحام متعسف لأشكال من توثيق الزواج للتأسيس لمفهوم “الأشكال المتعددة للأسرة”، والتطبيع مع مفهوم جرى توليده في سياقات ثقافية غربية أساسا لتبرير الخروج الواضح عن مؤسسة الأسرة الفطرية والشرعية وتقنين أشكال جديدة من العلاقات الشاذة بين الرجال والرجال والنساء والنساء وغيرها، وهو ما سمح في النهاية بإضفاء الشرعية القانونية في بعض الدول الغربية على هذا النوع من العلاقات، تحت شعار مضلل وهو:”الزواج للجميع” (Mariage pour tous) كما في الحالة الفرنسية.
وانتقد حزب “المصباح” في مذكرته محاولة المجلس جعل المعالجات القانونية التي قامت بها مدونة الأسرة لإشكالية النسب في الباب الثاني من القسم الأول المتعلق بالبنوة والنسب “باب النسب ووسائل إثباته” كحالة الخطبة وفي حالة الإقرار وغيرها على أنها شكل جديد من الأسرة، مشددا “أنها تتعلق بنسب الطفل ولا يمكن اعتبارها شكل من أشكال الأسرة”.
وأوضح المصدر ذاته أن الغرض من هذا الإقحام التعسفي يتضح جليا من خلال الفقرة التالية كما وردت في المذكرة: “ضعـــف قـــدرة نـــص المدونـــة علـــى تأطيـــر بعـــض الأشـــكال الجديـــدة مـــن الأســـر التـــي أفرزتهـــا التحـــولات الاجتماعيـة والاقتصاديـة التـي عرفهـا المغـرب، علـى غـرار الأسـر التـي تقودهـا النسـاء أو تلـك المكونـة مـــن أحـــد الزوجيـــن أو المكونـــة مـــن زوجيـــن بـــدون أبنـــاء”، حيث إن هذه الأمثلة التي توردها هذه الفقرة هي التي تحتاج إلى تعريف وليس مؤسسة الأسرة، فما معنى: “الأسـر التـي تقودهـا النسـاء”؟ وما معنى “الأسرة المكونـة مـــن أحـــد الزوجيـــن”؟ وما معنى “الأسرة المكونـــة مـــن زوجيـــن بـــدون أبنـــاء”؟
وفي هذا الإطار، يردف الحزب، اقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان إضافة فقرة جديدة إلى مقتضيات المادة 1 من مدونة الأسرة لتصبح كالتالي: “الأسرة هي الخليـة الأساسـية للمجتمـع، وتتكـون مـن أشخـاص تجمـع بينهـم علاقة الزوجيـة أو القرابــة أو الاتزام. تخضـع جميـع العلاقـات بين أفـراد الأسرة لأحكام هـذا القانـون مـع مراعـاة مقتضيـات المادة الثانيـة مـن المدونة”.
وأوضح الحزب أنه بالعودة إلى ما يقترحه المجلس كتعريف للأسرة المغربية، نجد أنه تعريف يتعارض بشكل واضح مع التعريف الإسلامي للأسرة، حيث اعتبر تعريف المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الأسرة تؤسس على رابطة الزوجية أو القرابة أو الالتزام. وهو مقترح غريب يخالف بشكل صريح المرجعية الإسلامية التي خصت الأسرة بقدسية ومكانة متميزة من خلال ما نص عليه القرآن الكريم، وهو أيضا تعريف غريب يعاكس فطرة الله التي فطر الناس عليها، والتي جعلت الزواج يقع بين الرجل والمرأة فقط، ويصطدم مع المجتمع المغربي ونظرته للزواج الشرعي باعتباره أحد المداخل الأساسية للإحصان والعفاف والرقي بالفرد والمجتمع، وهو ما جعل المجتمع المغربي يتعامل مع لحظات إبرام الزواج بشكل استثنائي لا يكاد يجد له مثيلا في باقي المناسبات.
واسترسل، كما أنه “تعريف يتعارض بشكل صارخ مع التعريف الدستوري للأسرة، ويمارس من خلاله المجلس تعسفا وشططا غير مقبول وهو يسمح لنفسه بتجاوز مقتضيات الفصل 32 من الدستور، الذي حسم ودقق تعريف الأسرة كما يلي: “الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع”. كما أن المدونة عرفت الزواج بأنه ميثاق تراض بين رجل وامرأة وهو منسجم مع تعريف الأسرة الشرعي الذي لا يمكن تصور قيامه دون زواج”.
وأضاف، فضلا أنه تعريف لا يشير إلى المرأة والرجل باعتبارهما أطراف العلاقة الزوجية المرتبطان بعقد شرعي، والاكتفاء بما سماه “علاقة الزوجية أو القرابة أو الالتزام” وهو ما يثير التساؤل والاستغراب، ويجعل مفهوم الأسرة المقترح في هذا التعريف قابلا لحشوه بجميع الأشكال الموجودة حاليا في المجتمعات الغربية، وهي أشكال لا علاقة لها بالأسرة في التصور الإسلامي القائمة على أساس الزواج الشرعي.
وعليه، يقول الحزب، هو تعريف يفتح المجال واسعا لتقنين العلاقات الشاذة والسماح بتأسيس أشكال جديدة للأسرة كما هي موجود في الغرب من خلال إقحام فكرة الالتزام كعنصر جديد تضيفه المذكرة، ضدا على الدستور، لتحديد أشكال الأسرة، وهو بذلك تأسيس لوجود نوع من الأسر خارج الزوجية ضدا على كونها ميثاقا غليظا لترابط شرعي بين رجل وامرأة، وعلاقة الالتزام التي جاء بها المقترح قد تكون وفقه بين رجلين أو امرأتين أو رجل وامرأة، دون الحاجة إلى رابط شرعي يؤسس لقيام علاقة الزوجية ويرتب عليها الحقوق والواجبات لجميع أفرادها.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.