المجلس الاقتصادي والاجتماعي يكشف اختلالات منظومة المستعجلات الطبية ببلادنا.. وهذه اقتراحاته وتوصياته

سلط المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة ذاتية، الضوء على ملف “منظومة المستعجلات الطبية ببلادنا“، مؤكدا أن هذا الموضوع في غاية الأهمية، لما له من دور في “حماية وإنقاذ الحياة البشرية والمساهمة في ضمان علاجات ذات جودة للجميع”.
وشدد المجلس في رأيه المنشور عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، أن “جودة التكفل بالمستعجلات الطبية شرط أساسي لتحقيق طموح بلادنا في احتضان التظاهرات الدولية الكبرى، والنهوض بقطاع السياحة وجلب الاستثمارات الأجنبية، إلخ”.
نواقص مسجلة
قال المجلس إنه تم الوقوف في سياق تشخيص واقع الحال على عدد من أوجه القصور التي تعتري سلسلة المستعجلات الطبية (SAMU)، ومنها “ضُعف التنظيم الطبي مِنْ قِبَل خدماتِ المساعدة الطبية المُستعجلة، التي تتمثلُ أهدافُها في ضمانِ إنصاتٍ طبّي دائم، وتوجيهِ المريض أو المُصَاب، وتقديم الرَّدِّ المناسب، والعمل عند الاقتضاء على تنظيم عملية النقل نحو مؤسسة لتقديم العلاجات الطبية، ووضع وتنفيذ مخططات الإغاثة”.
وأوضح الرأي أن هذه الخدمة العمومية (SAMU) تَبْقَى غيرَ معروفةٍ بالقَدْرِ الكافي، وغير منفتحة على القطاع الاستشفائي الخاص، وغيرَ مُتاحَةٍ في ثلاثِ جهات، وتُعاني من محدودية الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية المَرْصُودة لها.
وسجل المجلس أيضا نقصا على “مستوى قطاع النقل الصحي العمومي والخاص”، فضلا عن “محدودية التنسيق بين مصالح الوقاية المدنية والمراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الإقليمية والمصحات الخاصة والجماعات الترابية، لا سيما في مجال التكفل ما قبل الاستشفائي”.
وتابع، إضافة إلى “غِيابُ معايير إلزاميةٍ للقطاعيْن العمومي والخاص بشأن المنشآت والتجهيزات وآليات تنظيم مصالح المستعجلات الطبية”، مع ضغط كبير على أقسام الإنعاش بالقطاع العمومي، جراء جملة من الاختلالات من قبيل نقص التنسيق بين مكونات مسار العلاجات، توافد عدد كبير من الحالات الطبية غير المستعجلة على أقسام المستعجلات، إلخ.
وتوقف الرأي عند “الخَصَاص في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية المُؤَهَّلة والمُتَخَصِّصة”، و”نَقْص في إعلام وتحسيس وتكوين المواطنات والمواطنين فيما يتعلق بالإسعافات الأولية، وكذا أجهزة ومعدات الإسعاف”.

مقترحات وتوصيات
اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملةً من التوصيات الرّامية إلى الارتقاء بخدمات التكفُّل في مجال المستعجلات الطبية وِفْقًا للمعايير النوعية الستَّةِ التي تَعْتَمِدُها منظمةُ الصحة العالمية (الأمان، والفعّالية، والتركيزُ على المريض، وتقديم العلاج بدون تأخير، والنجاعة، والإنصاف).
ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالعمل على “تعزيز التعاون والتعاقد بين خدمة المساعدة الطبية المستعجلة والوقاية المدنية والمراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الإقليمية والمصحات الخاصة والجماعات الترابية، في مجال تنظيم عمليات الإسعاف والنقل والتكوين ومحاكاةِ مختلِف أشكال التدخلات أثناء الكوارث، إلى جانب تطوير وتنفيذ مشاريعِ بنيات تحتية خاصة بمجال الإسعاف”.
وأضاف المجلس، وأيضا “تزويد خدمة المساعدة الطبية المستعجلة بما يَلزَم من مُعَدَّاتٍ لوجستيكية ومواردَ بشرية ومالية وتوسيعِ نطاق عملها لتشمل الإسعاف في الطريق العام، بتنسيق وثيق مع مصالح الوقاية المدنية، وتخويلها إمكانية نقل المرضى إلى المؤسسات الطبية الخاصة”.
وتابع الرأي، “والعملُ على الاستثمارِ الأَمْثَلْ للتكنولوجيا الرقمية في ضَبْطِ وتنظيمِ التكفلِ بالمستعجلات الطبية”، و”تنظيم قطاع النقل الصحي من خلال تقنينه وتشجيع الخواص على الانتظام في إطار تعاونيات أو مقاولات صغرى والارتقاء بها إلى شركات متوسطة وكبرى”.
ودعا المجلس إلى “إعداد دفاتر تَحَمُّلات تُشَكِّل إطاراً مَرْجعياً إلزاميا يُطبَّق على المؤسسات الاستشفائية في القطاعين العام والخاص، بشأن المنشآت والتجهيزات والموارد البشرية وتنظيم أقسام المستعجلات الطبية”.
ومن التوصيات أيضا “إدراج التكفل بالخدمات العلاجية المنجزة بالمستعجلات الطبية في إطار نظام “الثالث المؤدّي” (tiers-payant) لتفادي أن يضطر المؤَمن إلى أداء مجموع التكاليف مسبقا في انتظار استرجاع المصاريف”.
وشدد المجلس على ضرورة “تنمية الموارد البشرية العاملة بالمستعجلات الطبية وتثمين دورها”، و”إلزامُ الإدارات والمؤسسات التي تستقبل العموم بالتوفر على أجهزةِ الإسعافات الأولية مِثْل جهاز الإنعاش القلبي، وتكوين العاملين على استعمالها، ووضعِ تطبيقٍ رقمي يتيح تحديد الموقع الجغرافي لهذه الأجهزة للاستعانة بها عند الاقتضاء من قبل السلطات الطبية الاستعجالية”.
وخلص المجلس في توصياته إلى الدعوة إلى “إعلام وتحسيس وتكوين الساكنة حول السلوكات الصحية الموحدة الواجب تبنيها بشكل تلقائي في الحالات المستعجلة وحول تقنيات الإسعافات الأولية”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.