تحقيق يكشف حقيقة حسابات وهمية مغربية تدعم تل أبيب وتؤجج الصدام مع الجزائر

في أثناء متابعة المغاربة لمستجدات عملية “طوفان الأقصى” المباركة، لوحظ ظهور بعض الحسابات المغربية التي تساند تل أبيب بقوة، وتهاجم بشراسة كتائب القسام والمقاومة، وتنتقد العملية العسكرية ضد الاحتلال وقصف إسرائيل.
ولكشف حقيقة هذه الحسابات، قام فريق “إيكاد” بإنجاز تحقيق حولها، حيث تتبع هذه الحسابات، وعمل على سحب الجمل التي ترددها، ليجد أنها لا تنشط على تويتر فحسب، بل إنها تنشر الجمل ذاتها وتكرر السردية الإسرائيلية نفسها على منصتي فيسبوك ويوتيوب كذلك.

منصة تويتر
التحقيق بدأ خلال تحليل هذه الحسابات على تويتر، التي تُبيّن بالدليل أنها لجان إلكترونية منظمة، وتملك عدة صفات تؤكد ذلك من خلال أن “معظم هذه الحسابات يكرر الجمل نفسها بدقة”، و”تستخدم “الرموز التعبيرية” ذاتها بالترتيب نفسه”، و”معظمها غيّر مكان تغريده من مدة وأصبح يغرد من المغرب”، و”تتفاعل مع الحسابات المعروفة ذاتها”.
وذكرت المنصة أن “هذه المعطيات أثبتت أن هذه الحسابات لا تعمل بشكل فردي، بل تعمل بشكل ممنهج وواضح، لتخلق رأيًا عامًا وهميًا حول تأييد المغاربة لإسرائيل”.
وقال المصدر ذاته، إنه من خلال سحب عينة ضخمة من هذه الحسابات ومراجعة نشاطها السابق، لاحظ أن معظمها تم إنشاؤه أو زيادة تفاعله قبل دجنبر 2020 بقليل، بالتزامن مع صفقات التطبيع العربي الإسرائيلي، أي قبل تطبيع المغرب مع إسرائيل، ما يعني أنها أُنشئت بالأساس لتهيئة خطوة التطبيع وخلق تأييد شعبي له”.
الغريب -وهذه ستكون أهم معلومة في التحقيق- أن الحسابات تضاعفت بشكل كبير جدًا من ناحية العدد والتفاعل منذ شهر غشت 2022، وهي زيادة غير منطقية، لكنها مرتبطة بتضخم كبير في “لجان إسرائيلية مصرية”، بالتزامن مع تضخم أيضا في “لجان إسرائيلية سعودية”، تم كشفهما من قبل.
وذكرت “إيكاد” أن هذا يعني أن من يقف خلف كل هذه اللجان جهة واحدة، تعمل بشكل ممنهج لبث هذه اللجان في آن واحد، لتمرير أجندة واضحة بين المغردين العرب، مصريين كانوا، أو سعوديين، أو مغاربة.
مع التعمّق في التحليل الرقمي، لاحظ التحقيق أن حسابات اللجنة الإسرائيلية المغربية لم ترتفع في غشت فحسب، بل استمرت في النمو بشكل كبير حتى يومنا هذا، بمعدل ارتفاع بلغ ثلاثة أضعاف تقريبا.
وقال فريق إيكاد، إنه، ومن خلال تحليل رقمي متطور، قام من خلاله بسحب عشرات الآلاف من هذه الحسابات، تأكد أن ما يزيد عن 22 ألف منها حسابات وهمية تمامًا.
وأوضح أن “هذه الحسابات الوهمية تمتلك الصفات الرقمية ذاتها: “حسابات عديدة منها تنتحل الهوية المغربية، لكنها تغرد بلغة عربية ركيكة. عدد المتابعين لا يتجاوز 50. ملفات تعريفية وهمية. يقومون بترديد السردية والجمل والأفكار ذاتها”.
وأبرز أن هذه اللجان تقوم بخلق شخصيات متعددة بتاريخ وهمي ولكنه مدروس، ترسم تاريخًا لها، وتخصصًا، وأبحاثًا، وصورًا وهمية، وتقدمها للمغردين على أنها شخصيات حقيقية، فيكون لرأيها وزن أكبر، ثم تقوم بضخ تفاعل ضخم وهمي عليها.

حسابات فيسبوك
قالت “إيكاد” إن تحليل حسابات فيسبوك أظهر أنها لجان إلكترونية، وأن قرابة 16 – 17 ألف حساب منها وهمي يعمل ضمن اللجنة الإسرائيلية منذ التطبيع، تكرر كتابة الجمل ذاتها، ونشطت في شهر غشت 2022.
وذكر أن اللافت في حسابات اللجنة على فيسبوك، أنها حملت هويات مختلفة في الماضي، ثم غيرتها لهويات مغربية، فأحد الحسابات كان قبل أشهر حسابًا هنديًا هندوسيًا، أما الحساب الآخر فكان صينيًا، وثالث كان باكستانيًا، كلهم غيروا هوياتهم لهويات مغربية، وبدأوا بالنشر على أنهم أشخاص مغاربة.

تحليل يوتيوب
قالت “إيكاد” إن تحليل يوتيوب أظهر النتائج ذاتها؛ أنها لجان إلكترونية، لكن ما لفت النظر كان عدة حسابات، أحدها حساب يُدعى “أحمد الحمادي”، وخلال شهر واحد فقط غيّر هويته.
“الحمادي” زعم أنه مغربي، مهاجمًا الجزائر في عدة بوستات منشورة، ليغيّر هويته بعدها، ويصبح جزائريًا ينتقد المغرب وتطبيعها.
وأبرز المصدر ذاته أن حالة “الحمادي” هذه ليست فردية، بل تكررت على طول التحقيق، فهذان حسابان آخران، متشابهان في الأسماء والبروفايلات، أحدهما مغربي يهاجم الجزائر، والآخر جزائري يهاجم المغرب، وقد أظهر تحليل نشاطهما أن من يديرهما جهة أو شخص واحد.

ما معنى ذلك؟
أبرزت “إيكاد” أن التحليل الرقمي لهذه اللجان بيّن ما هو أخطر، فمن خلال مراجعة النشاط الرقمي للمغاربة على منصات التواصل قبل ظهور هذه اللجان أواخر 2020، تمت ملاحظة أن معظم النقاشات كانت حيادية، وأن الملفات التي تؤجج العنصرية اليوم لم تكن تلقى صدى وتفاعلًا واسعًا.
ولكن مع ظهور هذه اللجان، بدأت العنصرية تجاه الجزائريين تطغى على النقاش، وبدأ الحديث عن التقارب المغربي الإسرائيلي بالسيطرة على ساحات النقاش الرقمية.
وأردف، اللجان ذاتها التي تهاجم المقاومة الفلسطينية اليوم، هاجمت الجزائريين قبل سنوات، وروّجت للتطبيع والتقارب الإسرائيلي المغربي، وأجّجت الفتنة والعنصرية لسنوات.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.