شيات يقرأ دلالات وآفاق تقديم جنوب افريقيا دعوى ضد “إسرائيل” لدى محكمة العدل الدولية

في حدث تاريخي، يمثُل يوم غد الخميس 11 يناير الجاري، الاحتلال الإسرائيلي، لأول مرة، أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، في الدعوى التي قدمتها ضده دولة جنوب إفريقيا، والتي تتهمها بارتكاب جريمة “إبادة جماعية” ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وبموجب الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا في التاسع والعشرين من شهر دجنبر الماضي على خلفية تورط “إسرائيل” في “أعمال إبادة جماعية” ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حددت المحكمة يومي 11 و12 يناير الجاري لعقد جلسات الاستماع.
استعمال سياسي
وفي قراءته لهذه المبادرة وآفاقها، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية خالد شيات، إن بناء الدفوعات التي تقدمت بها جنوب افريقيا ضد دولة أخرى متناسبة مع ما تلزمه محكمة العدل الدولية من أن أطراف النزاع تهم الدول فقط، مبرزا أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بعيدا عن محكمة أخرى نابع من طبيعة المهام والإجراءات والمساطر القانونية المتبعة التي تتيح إمكانيات المتابعات في حالات معينة.
ويرى شيات في تصريح خص به pjd.ma، أن أقرب محكمة من حيث الاختصاص هي المحكمة الجنائية الدولية ولكن لاعتبارات مسطرية وقانونية كثيرة لا يمكن لمثل هذه الدعوى أن تجد المجال للنجاح في مثل هذه المحاكم، لذلك بحسبه، كانت هناك إمكانية على مستوى الأمم المتحدة في إطار محكمة العدل الدولية أو إيجاد محكمة خاصة لجرائم الحرب المرتكبة في غزة، والأمر مستبعد بالنسبة إليه نظرا للبنية القانونية التي تستبعد هذه الإمكانية.
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية، أنه من الناحية القانونية الدعوى مؤسسة على غطاء القانون الدولي وتجد إمكانيات كثيرة أن تتحقق على المستوى القانوني، لكن التحقق على المستوى القانوني لا يعني أبدا الأثر الفعلي والأكيد على مستوى الممارسة والفعل وعلى مستوى الأحكام القضائية على حد تعبيره.
أيضا هناك إشكالات مسطرية يضيف شيات، في هذا الرفع الذي رفعته جنوب افريقيا لهذه المحكمة، وقد يصطدم ذلك بمجموعة من الاجراءات المسطرية الداخلية في إطار المحكمة وقد يكون ذلك أيضا مرتبطا بإشكالات أخرى من قبيل الإجراءات القضائية المعقدة والطويلة في إطار هذه المحكمة، التي تنزع نحو النزاعات التي لها طابع قانوني صرف أكثر مما هو طابع إنساني أو حقوقي.
وأيضا يستطرد المتحدث، “هناك إشكال مرتبط بجنوب افريقيا كرمزية لمناهضة العنصرية “الأبارتايد”، ولكن هذا ربما في إطار تصريف موقف على المستوى الدولي معادي للنزعة”، مستدركا ” أصبح واضحا أن نزعة جنوب افريقيا متجهة نحو الشرق وروسيا ونحو الصين بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية، ربما هي إشارة سياسية للولايات المتحدة الأمريكية ولمساراتها، ومحاولة لاستعادة المكانة على المستوى القاري والريادة الحقوقية لجنوب افريقيا التي تلطخت بالممارسة السياسية الداخلية العفنة التي تمارس في إطار الحزب الوطني لجنوب افريقيا، الذي أصبح حزبا لمجموعة من الانتفاعيين والاسترزاقيين ويمكن أن يكون الأمر في هذا النسق”.
ويرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن هذه المبادرة ستبقى في إطار “إحياء ما يمكن أن نسميه بالضمير العالمي وأيضا لاستعمالات سياسية من طرف الدولة التي وضعت الدعوى”.
الموقف العربي
أما عن الموقف العربي فيعتقد المتحدث ذاته، أنه في إطار التحرك لم تكن هناك إمكانيات كثيرة على مستوى القانون الدولي متاحة، مضيفا أن ما أتيح هو في إطار مجلس الأمن في إطار إيجاد صيغة مستعجلة وليس صيغة قانونية كما فعلت جنوب افريقيا لحماية المدنيين من القصف ومن القتل وغيرها وإدخال المساعدات، مشيرا إلى ما قامت به الإمارات العربية المتحدة في إطار مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي واعترضته الولايات المتحدة الأمريكية، و تم تلطيف القرارات اتباعا للتوازنات التي يعرفها العالم بحسبه.
وبالتالي يؤكد شيات، أنه “ليست هناك مداخل كثيرة يمكن من خلالها أن نلوم الموقف العربي، ولكن هذا الموقف بدى شيئا متماسكا من هذه القضية، ولكن عموما هو موقف متشرذم في مجموعة من القضايا الأخرى فيها أطراف كثيرة، ولكن لم يكن أبدا عالما متجانسا ومتكاملا وقويا يمكن أن يدافع عن القضايا الأساسية للأمة العربية، وبالتالي فأقصى ما يمكن أن يُفعل في هذه المرحلة وبهذه الشروط هو ما تحقق لحد الساعة”.
وتقدم جنوب افريقيا بمرافعة من 84 صفحة باللغة الإنجليزية، تعرض خلالها دلائل على انتهاك إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتورطها بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وطلبت جنوب إفريقيا في الدعوى المقدمة لمحكمة العدل الدولية “الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل الحماية من الضرر الإضافي الجسيم وغير القابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ولضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية، ومنعها، والمعاقبة عليها”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.