يوسف غربي يكتب: موسم الهجرة الى السراب

كلما دنا توقيت الموسم الإنتخابي أو اضطر حزب لعقد مؤتمره كما يشترط القانون، يتحرك الحياحة لجلب مادة بشرية لتأثيت الفضاء بالأصابع المصوتة، ولأن “تحياحت” حرفة مربحة لمن جربوها مرات ومرات فقد نشط القنص والإستجلاب للكائنات التائهة أو الباحثة عن كسب لا بذل فيه، أو حماية لعمل جمعوي يخشى عليه من التضييق والمحاسبة، أو استجابة لوعود بالتعويض على ما فاتها توهما من مكاسب بالحضور داخل دوائر تتسم بالصرامة والإعمال لمبادئ الديمقراطية.،أو لأسباب نفسية وعائلية تتصل بإخفاق ذاتي، أو بسبب ضعف في دينامية الهيئات السياسية التي تم استهدافها بالتحجيم و التشهير.
لكن يبقى- أن التحاق البعض بهيئة سياسية تحيط بها كل شبهات الفساد والإثراء غير المفهوم- أمرا يدعو للمتابعة و التساؤل، والنبش في البنية النفسية والذهنية لهؤلاء، كما يسائل الذين صنعوا هذه الكائنات العجائبية المازجة بين يسار يعيش يتما نظريا و إحباطا وإخفاق أطروحات ثورية حالمة، وما بين أثرياء الفجاءة الذين بدأت تنكشف خيوط صعودهم الخيالي.
فمن غرائب الوقت اجتماع أقصى اليسار فكرا بأقصى اليسار مالا (اليسار الثانية بمعنى الثراء الفاحش)، هكذا تتحول هذه الهيأة إلى أداة نفي لكل ما هو محافظ وأصيل ولكل ما هو معاصر من قيم البناء النزيه المنضبط بالقانون، ولا يشفع لها لوم منسقتها باللائمة الأفراد فيما أتوه من أفعال مخالفة، فالأمر إذا تحول إلى ظاهرة وسط جسم استحال علاجه !
فأنت إذا اشتريت علبة بيض ووجدت ثلثاها فاسدا لن تثق في سلامة الباقي، وهنا أتذكر نكتة عن أحد أبناء باديتنا حمل طبق ثمر لم يجد غيره وخرج إلى البيداء وجلس تحت نخلة وجلس يأكل منه حتى عافه فانتابه الغضب فقام وأخرج خرطومه وبال على الطبق ثم تمدد بقرب النخلة وفي أثناء ذلك هبت عاصفة رملية شديدة فحمل طبقه عائدا إلى قريته لكنه تاه في المفازة فاشتد به الجوع فنظر إلى الطبق بحزن وحاول مقاومة عضة الجوع لكنه لم يستطع فبدأ يأخذ من الثمر ويقول: هذه ملطخة بالبول وهذه لا !حتى أتى على كل الطبق. الفرق أن البدوي أكل ما لطخ، أما في حالة الهيئات فإن طبقها الملوث يقدم للشعب المسكين في كل استحقاق انتخابي ويتم تلويثه بخراطيم الأموال و بعدها تبدأ عاصفة خمس سنين و يبدأ طقس هذه ملوثة وهذه لا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.