محمد عصام يكتب: “الفساد” يحاضر في الشرف

محمد عصام


ما وقع أمس بمجلس النواب من ملاسنات تفتقد إلى الحد الأدنى من اللباقة، وما تقتضيه الأعراف والأنظمة المعمول بها في المؤسسة، يجعلنا نتأكد أن بعض النخب التي وجدت نفسها في هذه المؤسسة محمولة بتسونامي 8 شتنبر، مصرة على إحياء التوصيف الذي كان أطلقه المغفور له الحسن الثاني في ثمانينات القرن الماضي حين وصف البرلمان بـ “السيرك”.
الشرارة الأولى لما وقع أمس كانت هي السؤال الذي وجهته المجموعة النيابية للعدالة و التنمية قياما بأدوارها الرقابية، حول مسؤولية وزارة الثقافة في الحفاظ على قيم المجتمع المغربي انسجاما مع المقتضيات الدستورية في هذا الباب، على خلفية ما وقع في مهرجان الرباط من ابتذال ودعاية لتعاطي الحشيش ومعاقرة الخمور في المنصات.
إلى حدود هنا كانت الأمور عادية، وجواب الوزير حاول أن يكون متوازنا إلى حد ما، لكن الغريب هو محاولة الفريق الذي ينتمي له الوزير على إشعال الجلسة وتفجيرها، بإطلاق العنان لاتهامات أقل ما يقال فيها أنها مستفزة وموغلة في التجني في حق حزب العدالة والتنمية، ما يدل على أن الفريق كان مستعدا لشن هجوم مجاني وبدون مبررات على المجموعة والحزب بكامله، فيما يبدو أنه تكملة لما اقترفه عبد اللطيف وهبي الأمين العام للبام بأكادير حين ادعى متعاليا “نحن أقرب إلى الله من الآخرين ” .
رئيس فريق البام كان السباق لهذا النزال، حين قال أن محاربة الفساد عند فريقه ليست شعارا بل هي سلوك والتزام، قبل أن يصوب سيلا من الفقاعات والاتهامات لحزب المصباح، ونسي المسكين أنه هو آخر من يحق له الحديث عن الفساد، أو على الأقل أن يلزم الآن الصمت في مثل هذه المواضيع إلى أن تبث محكمة جرائم الأموال في مراكش في ملفه المعروض عليها.
رئيس الفريق لم يكتف بذلك بل زج بموضوع” زواج وزيرين سابقين في حكومة العدالة والتنمية” باعتباره دليل إدانة لحزب المصباح، ونسي مرة أخرى المسكين، أن زواج مواطن ومواطنة برتية وزير أو بدونها عنوان عفة وليس فسادا، إلا إذا كانت المرجعية “الحداثية” التي يدعي حزبه الانتماء لها تقول العكس، وفي هذه الحالة سيكون المغاربة كلهم وبدون استثناء في نظره مفسدون !!!!!
الفساد أيها الرئيس هو ما اقترفه رئيس فريقكم السابق بمجلس المستشارين في التصرف في أموال الفريق المتأتية من الدعم الذي يقدمه المجلس للفريق ومن مساهمات المستشارين والتي قدرت حينها بحوالي 300 مليون سنتيم، واضطر حينها بنشماش الأمين العام للحزب بعزله من رئاسة الفريق، ليختفي منذ ذلك الحين وتختفي معه تلك الأموال، بل ويختفي للأسف أي حديث عن هذه الواقعة إلى يومنا هذا وربما إلى الأبد، فكان الأولى بك أيها الرئيس أن تبحث عن الفساد في بيتك قبل أن توجه الاتهامات لغيرك، فمن كان بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجر.
الفساد أيها الرئيس هو الذي تورط فيه رئيس سابق لفريقكم بذات المجلس حين، تم تفتيش مخازن له ليعثر فيها على كميات كبيرة من الشاي الفاسد والمنتهي الصلاحية مستوردا من الصين في طريقه إلى موائد المغاربة، دون أن يرق له جفن!!!!
الفساد أيها الرئيس هو أن يجلس في جنبك “خطيب الفريق المفوه” الذي لم يفلت الفرصة للمساهمة في “السيرك” الذي أطلقتموه في ذات الجلسة، وهو المتابع أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء على خلفية ما يعرف بـ “معارض الجديدة” التي فجرها المجلس الأعلى للحسابات سنة 2011 !!!!!
هذا هو الفساد الذي لستم مؤهلين أنتم ولا حزبكم للمحاضرة فيه، ولا تقديم الدروس فيه للغير، وهنا اكتفينا بإيراد نماذج فقط لرؤساء فرق من عندكم وإلا فإن المجال لن يكفي لنبش ” أرشيف حزبكم النتن” في هذا الباب، فمن كانت ولادته في كنف الشبهات أكيد أن نهاياته ستكون من جنس البدايات.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.