أبو زيد المقرئ الإدريسي بعيون “الجزيرة”

أفرد موقع الجزيرة مقالا عبارة عن بورتريه تعريفي بالدكتور أبو زيد المقرئ الإدريسي، عرف من خلاله بمساره الحياتي والفكري والحركي والسياسي، وتوقف على العوامل الحاسمة في هذه المسارات المتلازمة فيما بينها، والذي تشكل العقلانية والوسطية إحدى أهم الركائز الأساسية التي شكلت كسب أبي زيد عبر المحطات التي عبرها في مساراته تلك المتنوعة، ولأهمية المادة نوردها كاملة كما نشرها موقع الجزيرة :

أبو زيد المقرئ الإدريسي أكاديمي ومفكر إسلامي مغربي، تصدر المنابر العلمية والدعوية بمعارفه المتعددة والمتنوعة، ونال عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وركز في أنشطته الفكرية على مشاكل الأمة الإسلامية الكبرى كمسألة الاستضعاف والانهزام الحضاري، وطالب بضرورة إعمال العقل والاجتهاد والتجديد، والخروج من ربقة الجمود والتقليد.

المولد والنشأة
ولد أبو زيد المقرئ الإدريسي يوم 19 سبتمبر/أيلول 1960 بمدينة مراكش جنوبي المملكة المغربية لأسرة لها حضور علمي وشغف كبير بتعليم القرآن الكريم ودراسة العلوم الشرعية.

وفي تلك البيئة العلمية الصالحة كانت نشأته وتربيته التي تعوّد فيها على مجالسة العلماء والأئمة والمهتمين بالمعارف الدينية.

الدراسة والتكوين
بدأ مشواره العلمي في مدينة الجديدة جنوب الدار البيضاء، حيث أشرف والداه على تحفيظه القرآن الكريم في مرحلة مبكرة من عمره.

وفي المدينة نفسها التي كان يقيم فيها والده ويعمل محتسبا ومدرسا وواعظا وخطيبا درس الإدريسي المرحلتين الابتدائية والثانوية، وحاز سنة 1978 على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) في الآداب العصرية برتبة الأول على الصعيد الوطني.

بعد ذلك انتقل إلى جامعة محمد الخامس بالعاصمة الرباط، ومنها حصل على الإجازة في الأدب العربي عام 1982، وفي سنة 1984 نال دبلوم الدراسات الجامعية العليا في تخصص اللسانيات.

الوظائف والمسؤوليات
بعد حصوله على دبلوم الدراسات الجامعية العليا انضم للعمل في التعليم الجامعي عام 1984، إذ شغل منصب أستاذ مساعد في شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وأسند إليه تدريس فقه اللغة وعلوم القرآن واللسانيات.

كما عمل أستاذا في شعبة اللغة العربية (تخصص اللسانيات) بكلية الآداب بنمسيك في الدار البيضاء.

وفي العام 1996 اختير عضوا في رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي تعنى بالأعمال الفكرية والأدبية لأدباء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وفي عام 2004 أصبح عضوا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

شغل الإدريسي أيضا مهمة المسؤول عن العمل الطلابي الجامعي في جمعية الجماعة الإسلامية من 1987 إلى 1990، كما تولى مسؤولية فرع الجماعة في الدار البيضاء لمدة سنة واحدة.

التوجه الفكري
يعتبر الإدريسي أحد أبرز رموز التيار الإسلامي في المغرب، وهو من دعاة الوسطية ونبذ التطرف والغلو في الدين، وله بعد فكري قائم على الجمع بين ثوابت الدين ومتغيرات الزمن.

وخلال مسيرته العلمية والفكرية ركز اهتمامه على أسباب الأفول الحضاري للأمة الإسلامية، ويرى أن أزمة الانهزام تعود بالأساس إلى العوامل الداخلية، والتي من أهمها إهمال العقل وعدم إعماله.

لذلك، يرى أن العقلانية الإسلامية من أهم مرتكزات الخطاب القرآني الذي نادى في أكثر من موضع إلى التعقل والتدبر، ومن منطق إعمال العقل وتحريره تبنى منهج التجديد وضرورة الاجتهاد.

التجربة السياسية والعلمية
خلال دراسته في جامعة محمد الخامس انخرط الإدريسي في صفوف الحركة الإسلامية، وكان من الرعيل الأول من أعضاء جمعية الجماعة الإسلامية التي تدرج في سلم المسؤولية فيها وأصبح عضوا في مكتبها التنفيذي عام 1985.

وقد غيرت الحركة اسمها عام 1992 إلى حركة الإصلاح والتجديد، وفي العام 1996 اندمجت مع جمعية رابطة المستقبل الإسلامي وتوحدتا في حركة جديدة هي التوحيد والإصلاح، وبقي الإدريسي من أبرز رموزها.

كان الإدريسي أيضا من أوائل الإسلاميين الذين خاضوا غمار العمل السياسي، فقد ترشح للانتخابات التشريعية عام 1992 عن حزب الشورى والاستقلال في مدينة وجدة شرقي البلاد، لكنه لم ينجح، فألف كتابا عن تلك التجربة بعنوان “حالة استثناء في الانتخابات البرلمانية.. حكاية ما جد في انتخابات وجدة”.

وفي الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 1997 انتخب نائبا برلمانيا عن حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية الذي غير اسمه في السنة التالية وأصبح يسمى حزب العدالة والتنمية.

كما كان الإدريسي من الرعيل الأول لأعضاء الحركة الإسلامية بالمغرب، كان أيضا من الرعيل الأول لتجربة العمل السياسي والنيابي للإسلاميين، حيث كان ضمن أول 9 إسلاميين انتخبوا نوابا في البرلمان عام 1997 بالإضافة إلى أبو زيد سعد الدين العثماني ومصطفى الرميد والأمين بوخبزة وعبد الله شبابو ونور الدين قربال ورشيد المدور وأحمد العماري وعبد العزيز أفتاتي.

ومنذ ذلك التاريخ كان يعاد انتخاب الإدريسي نائبا في البرلمان المغربي إلى نهاية 2021.

وخلال هذه الفترة كان عضوا في لجان العدل والتشريع والشؤون الاجتماعية داخل البرلمان، كما تولى رئاسة فريق الصداقة المغربي الإيراني، فوسّع حضوره الدولي وعلاقاته داخل المنظومة الإسلامية العالمية.

وفي مرحلة مبكرة من عمره استطاع الإدريسي بمعارفه المتعددة ونبوغه في اللغة العربية لفت أنظار المجتمع الثقافي من حوله داخل المغرب وخارجه، كما أنه من أكبر المدافعين عن القضية الفلسطينية في العالمين العربي والإسلامي، وطاف أنحاء المغرب وكثيرا من دول العالم للتعريف بها والتوعية بمسؤولية المسلمين تجاه هذه القضية والمقدسات الإسلامية في فلسطين.

كما قام بالكثير من الرحلات العلمية والدعوية داخل البلاد الإسلامية وخارجها، لتقديم صورة الإسلام الصحيح القائم على نبذ التطرف والغلو.

المؤلفات
ألف المفكر الإدريسي مجموعة من الكتب تناولت موضوعات أزمة العقل وإشكالية العنف وعالمية الرسالة، ومن أهمها:

– القرآن والعقل (جزءان)، وهو رحلة ينادي من خلالها إلى التدبر والتفكير العميق في معاني القرآن الكريم.
– معضلة العنف.. رؤية إسلامية.
– الغلو في الدين.. المظاهر والأسباب.
– عموم الرحمة وعالمية الإسلام.
– فلسطين وصراع الإرادات.
– الشراكة والمشاركة السياسية في الوطن العربي.
– الطائفية وتفكيك الأمة.
– حروف المعاني في اللغة العربية.
– أفهم القضية الفلسطينية ليكون لي موقف.
– الخطاب الدعوي.
– رهانات الخطاب الإعلامي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.