إنقاذ التقاعد.. خيي: رهان الحكومة على التأجيل وربح الوقت مرفوض ونحن بحاجة لإصلاح عام وشمولي

تواصل مؤسسات وهيئات ومنظمات التحذير من الخطر المحدق بصناديق التقاعد في بلادنا، ومن آخرها ما صدر قبل أيام من لدن لجنة التنسيق والرقابة على المخاطر الشمولية، والتي نبهت إلى شبح الإفلاس الذي يتهدد هذه الصناديق.
وقالت اللجنة في تقريرها الذي أعقب اجتماعها الـ17، بمقر بنك المغرب بالرباط، إن “الأنظمة الأساسية الرئيسة للتقاعد لا تزال في وضعية مالية صعبة تتميز عموما بارتفاع ديونها الضمنية وبنفاذ احتياطاتها على عدة آفاق”.
وفي تفاعله مع التقرير، يرى محمد خيي، الباحث الاقتصادي، والعضو السابق بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن أزمة هذه الصناديق لاحت منذ مدة غير يسيرة، وأن الوقت يستدعي معالجها بشكل عاجل وعام وشمولي.
وأوضح خيي في حديث لـ pjd.ma، أن بداية الأزمة ظهرت مع حكومة إدريس جطو “2002/2007″، حيث تشكلت حينها لجنة تقنية لتقديم تشخيص دقيق لأنظمة التقاعد وسيناريوهات إصلاحها.
وأردف: “ولأن الأمر يحتاج إلى رؤية وإرادة سياسية لتنزيل الإصلاح، كان يجري دفع هذه الأزمة للحكومات المتعاقبة، إلى غاية حكومة الأستاذ عبد الإله ابن كيران “2012/2017”.
واسترسل المتحدث ذاته، حيث وجدت حكومة ابن كيران نفسها أمام خطر حقيقي يتمثل في توقف أنظمة التقاعد عن صرف المعاشات لمستحقيها بحلول سنة 2022، مما جعلها تتحمل المسؤولية وترفض ترك الأزمة للحكومات اللاحقة.
وذكر الباحث الاقتصادي، أن الحكومة شرعت حينها في بلورة رؤية سياسية بالموازاة مع الحلول التقنية المقترحة، تقوم على الرفع التدريجي لسن التقاعد إلى 63 سنة، ورفع نسبة المساهمة من 20 في المئة إلى 28 في المئة.
وكذلك تحديد المعاش على أساس 2 بدل 2.5 في المئة، وتصفية المعاشات إلى متوسط الراتب خلال الثماني سنوات الأخيرة من الخدمة الفعلية.
وأوضح خيي أن هذه الإصلاحات المقياسية دخلت حيز التنفيذ ابتداء من 2016، عبر الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يغطي النسبة الأكبر من معاشات الموظفين، وكانت له نتائج إيجابية لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر.

تحديات مستقبلية
يؤكد الباحث الاقتصادي محمد خيي، أن صناديق التقاعد تواجه تحدي تعميم خدمة التقاعد وضمان شمولها لجميع المواطنين.
وذكر أن هذه الأنظمة تغطي اليوم 46 بالمئة من المواطنين، في حين أن 54 بالمئة منهم غير مشمولين بأي نظام للتغطية.
واسترسل: “كما أننا أمام إشكالية استدامة هذه الصناديق، التي يتم تمويلها من الاحتياطات، مما يعني أننا لسنا أمام ضرورة إصلاح مقياسي كالذي حدث في 2016، بل أمام ضرورة إصلاح جذري وشامل”.
ودون هذا البعد الشمولي، يقول خيي، تستمر المؤسسات العمومية في التحذير من الوضع وخطورة ما آل إليه وضع هذه الصناديق، وصولا إلى ما لا تحمد عقباه، أو لإصلاح تحت ضرورة الواقع وبكلفة كبيرة جدا على ميزانية الدولة وعلى جيوب المؤمَنين.
ونبه إلى أن الرهان الحكومي على التأجيل وربح الوقت أمر مرفوض، وأنه من الواجب عليها العمل على ضمان الحقوق الاجتماعية لكل المواطنين والفئات، وهذا يعني أن الإصلاح المطلوب للتقاعد ينبغي أن يكون عاما وشموليا، يقول خيي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.