طوفان الأقصى.. هل تنتقل الهزيمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟

حسن حمورو


تسارع الولايات المتحدة الأمريكية الزمن، في محاولة تبدو يائسة، للملمة الجرح الغائر الذي أصاب “غرفة عملياتها” في ما يسمى الشرق الأوسط، نتيجة النجاح الكبير لعملية طوفان الأقصى.
فبعد اعلان حالة الاستنفار العسكري والدبلوماسي، التي انتقل معها وزيرا الخارجية والدفاع الامريكيين، بلينكن واوستن، على وجه السرعة الى “تل أبيب” لاستطلاع حجم الخسارة الفادحة التي تكبدتها اسرائيل، منذ يوم 7 أكتوبر 2023، ومحاولة إظهار الاسناد الكامل للكيان الصهيوني، من خلال توفير الأسلحة والذخيرة، ومحاولة الضغط على الدول العربية لعزل “حماس” وإدانتها، لضمان الغطاء لخطة تهجير سكان غزة، بعد كل ذلك، تم الاستنجاد بالرئيس بايدن، على كبر سنه وثقل حركته، وتراجع شعبيته، لزيارة عاصمة الكيان شخصيا.
فكانت الزيارة يوم الأربعاء 18 أكتوبر 2023، التقى خلالها مع القيادة الإسرائيلية المهزومة والمهزوزة، الفاشلة في تحقيق أي هدف ذا قيمة، يمكن اعتباره ردا على عملية طوفان الأقصى، والقى كلمة لم يطرح فيها جديدا، بل عاد فيها الى التاريخ ليؤكد أن أمريكا هي راعية اسرائيل، وأن ما تقترفه الأخيرة من جرائم وانتهاكات للقانون الدولي، ما كان ليكون لولا الغطاء الأمريكي.
وبدا بايدن في كلمته، كما لو أنه ينفخ الروح في جثة هامدة بين يديه، موظفا عبارات التحفيز والحشد والتعبئة، مما يُفهم منه أنه اطلع على حالة سيئة أصابت المجتمع الاسرائيلي، وحالة أكثر سوءا أصابت سياسييه وعسكرييه، لعدم استطاعتهم ايجاد خطة او سيناريو لاستعادة التوازن الذي أفقدتهم إياه عملية طوفان الأقصى، غير سفك الدماء وقتل الأطفال والنساء، وارتكاب المجازر، سيرا على عادة الكيان القبيح.

لقد فشلت زيارة بايدن لتل أبيب قبل ان تتم، واختلطت أمامه الأوراق، بسبب الموقف العربي الرسمي، الذي يستحق التنويه، بعد رفضه خطة التهجير، ورفض ادانة المقاومة، وامتلاكه الشجاعة لالغاء “القمة” التي كانت ستجمع الرئيس الأمريكي بملك الأردن والرئيس المصري ورئيس السلطة الفلسطينية، باسناد واضح من قطر والمملكة السعودية، حيث كان متوقعا أن يحاول بايدن النجاح فيما فشل فيه وزير خارجيته بلينكن، لكن المستجدات التي أعقبت مجزرة مستشفى المعمداني، بعثرت ما بيده من أوراق.

بطبيعة الحال، لا يمكن الجزم بأن فشل زيارة بايدن لفلسطين المحتلة، سينتج عنها فشل في ادارة المعركة والصراع، لكن يمكن القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية ورطت نفسها، وقد تصاب ادارتها بعدوى اللاتوازن في القرارات، التي تسيطر على حكومة نتنياهو، ولذلك سيحتاج الاثنان الى دخان كثيف يمكنهما من المرور إلى مرحلة جديدة في تقليل الخسائر العسكرية والأمنية والاعلامية والأخلاقية التي ضربت اسرائيل، ومعها أمريكا وحلفاؤها، ليس أمام الفلسطينيين والعرب فحسب، وانما أمام العالم بأسره، وأساسا أمام الصين وروسيا، اللتان تراقبان الوضع عن كثب، وتتربصان بأمريكا.

مع الأسف هذا الدخان الذي تحتاجه أمريكا، للافلات بأقل الخسائر، سيكون دخانا حقيقيا، ناجما عن مزيد من القصف والقنابل والرصاص، وربما سيكون مصدره الدبابات والمدرعات هذه المرة، إذا ما تم اختيار الاجتياح البري لغزة، طريقا للانتقال إلى المرحلة المقبلة.

الحقيقة أن الوضع معقد، والتوتر الذي تعرفه العلاقات الدولية، في ضوء مخاض التحالفات والتكتلات التي توجد في طور التشكل، يلقى بظلاله على مجريات الأحداث في غزة وعموم فلسطين المحتلة، غير أنه بالنسبة للجماهير والشعوب العربية، فإنه وإن كان القلب مكلوم على العدد الكبير من الشهداء بغزة، فإن الواجب التاريخي يفرض الاستمرار في التظاهر دعما للمقاومة، واستنكارا العدوان الأمريكي الاسرائيلي، مع استئناف معركة الوعي بالتوازي مع ذلك، لمقاومة وصد محاولات التزييف التي يقودها الاعلام الغربي، وبعض أذنابه في العالم العربي، ومنه بعض “الكتبة” عندنا في المغرب.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.