15 سنة على وفاة الدكتور عبد الكريم الخطيب.. ذكرى حياة رجل نذر نفسه للوطن

في مثل هذا اليوم منذ 15 عاما، في ليلة السابع والعشرين من رمضان 1429 هـ، انتقل إلى عفو الله تعالى الدكتور عبد الكريم الخطيب، الزعيم المؤسس لحزب العدالة والتنمية، ولنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
في يوم 27 شتنبر 2008 بمنزله بالرباط، غادر دنيانا الدكتور الخطيب، مخلفا وراءه إرثا سياسيا تجلى في حزب العدالة والتنمية، وإرثا حضاريا وإنسانيا ملهما للأجيال الصاعدة، فكان مثالا للمناضل الشهم، والمقاوم الفذ، والطبيب الإنساني، والنقابي الملتزم..
ويعتبر الدكتور عبد الكريم الخطيب من رجالات المغرب الكبار، الذين أثروا الحياة السياسية والعلمية والثقافية بالمغرب، وساهموا بالغالي والنفيس في الذود عن وحدة الوطن واستقراره، وذلك لما عُرف عنه من دفاعه عن المؤسسة الملكية والعمل بمنطق الوسطية والاعتدال بين الدين والسياسة.
الوظائف والمسؤوليات
تقلد الدكتور الخطيب مناصب عديدة، فقد انتخب عام 1956 مسؤولا أعلى للمقاومة المسلحة، وعينه الملك محمد الخامس وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية عام 1960.
عين وزيرا مكلفا بالشؤون الأفريقية عام 1961، كما عُيِّن وزيرا للصحة، وكان رئيسا لأول برلمان عرفه التاريخ المغربي الحديث عام 1963 إلى غاية 7 يونيو/حزيران 1965 تاريخ إعلان الملك الحسن الثاني فرض حالة الاستثناء.
التجربة السياسية
انخرط الدكتور الخطيب في صفوف المقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي منذ بداية الخمسينيات، وكان مكلفا بتنظيم العلاقات الخارجية للمقاومة وتأمين الأسلحة.
شارك إلى جانب المناضل المحجوبي أحرضان في تأسيس الحركة الشعبية عام 1959، لكنه انشق عنه وأسس الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية في فبراير 1967.
عارض حلّ البرلمان وإعلان حالة الطوارئ عام 1965، واعتذر عن المشاركة في الحكومة عام 1965 بحجة المرض، كما أسست حركته مركزية نقابية تابعة لها عام 1973 باسم الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
انتخب أمينا للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية عام 1967، وعاد للحكومة وزيرا في عهد حكومة محمد كريم عمراني عام 1972، ثم انتخب نائبا في البرلمان عام 1977.
تعرض حزبه للتهميش فترة من الزمن نظرا لتوجهاته ومواقفه، لكن فتحه الأبواب لأبناء الحركة الإسلامية من حركة “الإصلاح والتجديد” و”رابطة المستقبل الإسلامي” الراغبين في العمل السياسي بعدما منعتهما السلطة من تأسيس حزب خاص لكل منهما، أعطى الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية دفعة قوية.
وضخّ في الحركة دماء جديدة بعد عقدها مؤتمرا استثنائيا صيف عام 1996 لتجديد الهياكل التنظيمية، وانتخب الخطيب أمينا عاما للحزب الذي استطاع في الانتخابات التشريعية عام 1997 الحصول على تسعة مقاعد في مجلس النواب وثلاثة مقاعد أخرى في انتخابات تشريعية جزئية.
بعدها غير الحزب اسمه عام 1998 إلى “العدالة والتنمية”، وخلفه الدكتور سعد الدين العثماني في الأمانة العامة للحزب عام 2004، وصولا إلى الأستاذ عبد الإله ابن كيران في 2021، وبين الاستحقاقين انتخب العثماني مرة وابن كيران في مرتين، ولقب الخطيب بالرئيس المؤسس للحزب.
وصايا الخطيب..
في تصريح سابق لـ pjd.ma، كشف سليمان العمراني، نائب الأمين العام السابق، عن آخر وصية للراحل عبد الكريم الخطيب لقيادة العدالة والتنمية، قائلا “الخطيب رحمه الله أوصانا في آخر زيارتنا له كأمانة للحزب في بيته، بأن نعتصم بحبل الله ولا نتفرق”.
وتابع العمراني، أن الخطيب قال لنا “أحسن ما أوصيكم به هذه الآية القرآنية، التي تم خطها على لوحة جميلة، وهي قوله تعالى “فاعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، فأوصانا بأن نعتصم بحبل الله، وأن لا نتفرق، وأن نبقى موحدين”.
وأبرز العمراني، أن الراحل الخطيب قال لهم أيضا في الزيارة ذاتها، التي أتت مباشرة بعد انتخاب عبد الإله ابن كيران أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية في المؤتمر الوطني السادس الذي نظم يومي 19 و20 يوليوز 2008، “أنا مطمئن لأن العدالة والتنمية في أياد أمينة، الحمد لله عرفتكم وأنا فخور، أنتم أسرتي الثانية التي التقيت معها منذ اليوم الأول على تعاقد مبني على ثلاثة ركائز وهي الإسلام والملكية ونبذ العنف”.
وأضاف الراحل الخطيب، يقول العمراني، أنا مطمئن لأن الحزب عنده مستقبل مشرق وورثته للناس الذين أثق فيهم، فودعناه، يردف نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رحمه الله يوم الثلاثاء 22 يوليوز 2008، وما لبث أن توفي بعد ذلك اليوم بأيام قليلة رحمة الله عليه.
وقال العمراني، تصريحه، إن وفاة الخطيب خسارة كبيرة للوطن وللحزب، ولكن الله عز وجل أعطانا درسا بليغا في الآية الكريمة “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل”، “موته لم ينه دينه أو أمته بالعكس هو باق إلى أن تقوم الساعة”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.