“الهيئة الوطنية للنزاهة”: الحكومة غير راغبة أو غير قادرة على احتواء الفساد

أكدت “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”، أن السؤال المتعلق بسياسة مكافحة الفساد ضمن مؤشر التحول، يبين أن المغرب يتواجد بين التصنيفين التاليين “عدم قدرة الحكومة على احتواء الفساد وعدم وجود آلية للنزاهة“، و”الحكومة جزئيا غير راغبة وغير قادرة على احتواء الفساد في حين أن آليات النزاهة القليلة المطبقة في الغالب غير فعالة”.
وأضافت الهيئة الوطنية للنزاهة في “رسالة النزاهة 5 – مارس 2024“، أنه بخصوص السؤال حول ملاحقة التجاوزات التي يرتكبها موظفو الدولة، فإن المغرب يندرج في فئة “المسؤولون الذين ينتهكون القانون ويعرضون أنفسهم للفساد لا تتم متابعتهم بشكل كاف”.
وفيما يتعلق بمؤشر الحرية الاقتصادية، يردف المصدر ذاته، أظهر تنقيط المغرب تراجعا في مجال الحرية الاقتصادية منذ 2022، بعد تطور إيجابي بين سنتي 2015 و2021، إذ بلغ تنقيطه في مؤشر الحرية الاقتصادية 56.8 نقطة، أي بتراجع قدره 1.6 نقطة مقارنة بسنة 2023.
واسترسل، ومن حيث الترتيب، يحتل المغرب المركز 101 عالميا من أصل 184 دولة والتاسع من أصل 14 على مستوى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وذكرت الهيئة أن تنقيط المغرب ما زال خلال سنة 2024 أقل من المتوسط العالمي (58.6)، وكذا متوسط منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط البالغ 57.4، مشيرا إلى أنه، ووفقا للمؤشر، يعتبر الاقتصاد المغربي عموما “غير حر” خلال سنة 2024.
وأبرز التقرير أن الفساد احتل المرتبة الثانية من ضمن العوائق الرئيسية المصرح بها من قبل المقاولات في المغرب، حيث أعلنت 15.7 منها أن الفساد هو العائق الرئيسي أمامها.
إضافة إلى ذلك، تتابع الهيئة، أفادت 29.6 بالمائة من المقاولات التي تم استجوابها أنها تلقت طلبا لدفع رشاوي في إطار 6 تعاملات مع القطاع العام تتعلق بالحصول على خدمات عمومية، تصاريح، تراخيص والضرائب.
وشددت الهيئة على أنه من المعلوم أن الفساد يؤثر على ثقة المستثمرين ومناخ الأعمال، وينعكس ذلك على جاذبية الاقتصاد الوطني، ولذلك يتعين اعتبار القطاع الخاص كفاعل لا غنى عنه في تفعيل أهداف الوقاية من الفساد ومحاربته على المستوى الوطني، وإشراك القطاع الخاص الوطني في إعداد وتتبع الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، وإعداد خطة شاملة لمحاربة الفساد من طرف هيئات الرقابة في القطاع المالي بتعاون مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.

بحث وطني
وتوقف التقرير عند نتائج البحث الوطني حول الفساد المنجز من قبل الهيئة، والذي يتضمن خلاصة نتائج 1100 مقاولة، المجرى ما بين 2 ماي 2023 و3 غشت 2023، بهدف قياس مدى انتشار ومتابعة تطور ظاهرة الفساد في المغرب، في أفق تعزيز السياسات وتطوير آليات فعالة لمكافحته.
وأضاف، حيث أكدت نتائج هذا البحث الوطني، ليس فقط استمرار وجود تصور سلبي لوضع الفساد في المغرب، ولكن أيضا التصريح بالتعرض الكبير لأفعال الفساد.
وأردف، حيث تعتبر 68 بالمائة من المقاولات المعنية بالدارسة أن الفساد منتشر أو منتشر جدا بالمغرب، عكس 8 بالمائة التي عبرت عن رأي مخالف، أي قليل الانتشار أو قليل الانتشار جدا.
واسترسل، كما تعتبر المقاولات موضوع الدراسة أن المجالات الثلاثة الأكثر عرضة للفساد هي أولا الرخص والمأذونيات والتراخيص، ثانيا الصفقات، ثالثا التوظيف.
وقال المصدر ذاته، إن 45 بالمائة من المقاولات تعتقد بارتفاع الفساد خلال السنتين الماضيتين بالمغرب، مقابل 27 بالمائة التي تعتقد بتراجعه، مشيرا إلى أن حق المقاولة في الوصول إلى خدمة يبقى هو السبب الأول لهذه الظاهرة.
كما توقفت الدراسة عند غياب فعالية تقديم الشكايات والاستهانة بالفساد والخوف من عواقبه السلبية على المقاولة، باعتبارها من بين الأسباب الثلاثة وراء شكايات وتبليغات المقاولات المستطلع آراؤها.

تحديات
بخصوص أبرز التحديات القائمة لمواجهة الفساد، دعت الهيئة إلى “إصلاحات تشريعية وتنظيمية ضرورية لتعزيز مناخ الأخلاق والحكامة المسؤولة والوقاية من الفساد”، و”تحسين إطار المساءلة الصفقات العمومية”.
كما دعت إلى “تعزيز الحق في الحصول على المعلومات والبيانات العمومية”، و”مواكبة جهود التبسيط وإلغاء التراخيص والإجراءات التي لا أساس لها من الناحية القانونية، وتعزيز قابلية الاعتراض على الإجراءات الإدارية والتحول الرقمي”.
وشدد المصدر ذاته على ضرورة “تعزيز آليات الطعن ضد حالات الفساد، وكذلك ضمانات حماية المبلغين عن الفساد ومثيري الانتباه”، و”تعزيز المعرفة لتحديد بؤر الفساد التي تواجه المقاولات”.
وأضاف، وكذا “مواكبة تطوير قدرات القطاع الخاص من خلال التوعية والتدريب وتوفير دليل وأدوات ملائمة لتسهيل تنفيذ أنظمة مكافحة الفساد”، مع “ترسيخ ومأسسة الحوار بين القطاعين العام والخاص في مجال الحكامة الجيدة والوقاية من الفساد ومحاربته، عبر وضع خريطة لمخاطر الفساد في مجال الاستثمار والأعمال”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.