غزة.. أدلة جديدة تدين الاحتلال الصهيوني بارتكاب مجزرة الدقيق ضد المدنيين الجياع

كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن تحقيقاته التي ما تزال جارية حول مجزرة الدقيق على دوار “النابلسي” جنوبي غربي مدينة غزة ضد مدنيين فلسطينيين حاولوا الحصول على إمدادات إنسانية فجر يوم الخميس الماضي، كشفت عن عدة مستجدات تؤكد تورط قوات الجيش الإسرائيلي في المجزرة، بما في ذلك نوع الرصاص المستخدم، مجددًا مطالبته بتحقيق دولي فاعل وصولًا لمساءلة المسؤولين عنها.
أدلة ملموسة
وقال الأورومتوسطي في تقرير له، إن عددًا كبيرًا من ضحايا المجزرة أصيبوا برصاص ( 5.56×45مم ناتو) ويطلق من أسلحة يستخدمها الجيش الإسرائيلي، موضحا أنه بناءً على عينة مكونة من 200 قتيل ومصاب في المجزرة، تبين أنهم أصيبوا فعلًا بهذا النوع من الرصاص، وأنه تم معاينة مجموعة من هذه الرصاصات في مكان وقوع المجزرة، وكذلك من خلال الشظايا التي كانت في أجساد الجرحى والقتلى.
وبعد إجراء التقصي اللازم عن هذا النوع من الرصاص، تبين أنه يطلق من بنادق الهجوم مثل M4 و تافور (Tavor)، بالإضافة إلى السلاح الرشاش (Light machine gun LMG) مثل IWI Negev ، كما أن الفحص الذي جرى حول هذا النوع من الرصاص تظهر أن ذخيرة 5.56 × 45 ملم هي رصاصة FMJ أساسية من الرصاص المستعمل من قبل الجيش الإسرائيلي، بطرف فولاذي وطلاء نحاسي (رأس أخضر) – 62 غرام (4.02 جرام) ، بوكسر برايمر ، مسحوق WC 844 (26,1 غرام) ، متوسط سرعة 948 م / ث (3,110 قدم / ث) – إطلاق طاقة 1,797 J (1,325،XNUMXقدمًا / رطل.
وبحسب المرصد يستورد هذا النوع أحيانًا من المملكة المتحدة، إنتاج 2020/2022، ومرخص باستخدامه لوزارة الدفاع الإسرائيلية، ويتم كذلك تصنيعه داخل إسرائيل من قبل شركة IMI SYSTEMS، التي كانت معروفة مسبقًا بشركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهي شركة مصنعة للأسلحة والذخائر والتكنولوجيا العسكرية، وتقوم بتزويدها بشكل رئيس لقوات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي.
شهادات حية
ومن بين الشهادات التي وثقها الأورومتوسطي، شهادة للمواطن “محمد ياسر وشاح” (17 عامًا)، من سكان حي “الصبرة” في مدينة غزة، وكان متواجدًا على دوار “النابلسي” جنوبي غربي المدينة وقت وثوع المجزرة، حين أصابت رصاصة كيس الطحين الذي كان يحمله وهو فوق الشاحنة، واخترقته ثم اخترقت السترة التي كان يرتديها واستقرت فيها.
وقد عاين الأورومتوسطي الرصاصة المذكورة ووجد أنها مطابقة بالشكل والمواصفات لهذا النوع من الرصاص ومع أن الرصاص لا يصنف كخارق للدروع إلا أن لديه قدره عالية على الاختراق (3ملم من الفولاذ) مقارنه بباقي أنواع الرصاص ذي القطر 5.56 ملم.
ووثق الأورومتوسطي شهادات جديدة حول تفاصيل ما حدث ذلك اليوم، أظهرت أن إطلاق النار من القوات الإسرائيلية تجاه المدنيين الذين كانوا ينتظرون المساعدات بدأ بشكل مباشر حوالي الساعة 4:10 فجر يوم الخميس 29 فبراير الماضي.
وقال شاهد عيان لطاقم الأورومتوسطي (طلب عدم الكشف عن اسمه): “تفاجأنا بدخول عناصر من الجنود الإسرائيليين إلى داخل المكان وسحبوا شبابًا من غزة، أغلبهم خلال هروبهم للشاطئ وجزء منهم كان عند دوار النابلسي، فيما رُحل جزء منهم للجنوب، وجزء آخر تم قتلهم وتركهم على الشاطئ”.
وأضاف الشاهد أن “الجنود أمسكوا الحكيم محمد عوض الذي كان وصل ومن ثم أطلقوا سراحه، وبعد ابتعاده عدة خطوات، أطلقوا النار تجاهه وأصابوه في كتفه بجروح”.
وتابع: “حوصرنا حتى السادسة والنصف، وكان المصابون يمسكوننا من أرجلنا ويقولون لا تتركونا، وعند خروجي كان الطحين والمواد الغذائية غارقة في الدماء.”
وقال شاهد آخر (طلب عدم الكشف عن اسمه): “أنا مسعف متطوع، توجهت لدوار النابلسي على أمل تلقي المساعدات، وأخذت معي من باب الاحتياط حقيبة إسعافات أولية لعلمي بحدوث إطلاق نار في الحالات المماثلة، وبمجرد عبور الشاحنات الحاجز تقريبًا قبيل الساعة 4:30 فجرًا، بدأ الجيش الإسرائيلي بإلقاء قنابل صوت وقنابل دخانية إلى جانب إطلاق النار وتقدمت الدبابة وحدثت مجزرة في المكان”.
وتابع “قدمت الإسعاف لعدد من المصابين تبين لي أن بعضهم مصاب في صدره وآخرون في أطرافهم، وخلال محاولتي سحب أحد المصابين، قدمت الدبابة فاضطررت للانسحاب من المكان، فيما كان هناك عدد كبير من القتلى والمصابين”.
وأعاد الأورومتوسطي التذكير بأن أربعة دلائل أخرى تؤكد تورط الجيش الإسرائيلي في جريمة قتل وإصابة المدنيين الجياع؛ تتضمن علامات الإصابات على أجساد القتلى والمصابين، والمقاطع المصورة التي نشرها شهود العيان للحادثة، وصوت الرصاص الواضح ومصدره من الدبابات الإسرائيلية المتمركزة باتجاه البحر، وحالة الذعر والترويع التي أصابت جميع المتواجدين، بما في ذلك البعيدين عن شاحنات المساعدات، ودفعتهم للهروب في كل الاتجاهات باحثين عن مكان للاحتماء فيه.
انتهاك للقوانين الدولية
وشدد على أن إطلاق النار الإسرائيلي تجاه المدنيين العُزل الجياع من متلقي المساعدات أصبحت جريمة متكررة ومنهجية، وبخاصة على شارع “صلاح الدين” حينًا وقرب “دوار الكويت” حينًا آخر في مدينة غزة، حيث تكرر ما لا يقل عن مرتين منذ وقوع هذه المجزرة، أحدثها الليلة الماضية حين أصيب العديد من المدنيين قرب دوار الكويت.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن جميع هذه الأدلة تشير إلى نية إسرائيل في استخدام التجويع ومنع المساعدات وقتل الجياع لتنفيذ جريمة التهجير القسري ضد الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وأن هذه الأفعال تشكل جزءًا أساسيًا من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد جميع سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وشدد المرصد الأورومتوسطي، على أن الإجراءات التي تطبقها إسرائيل والعقوبات الجماعية التي تفرضها على قطاع غزة تهدف بشكل مباشر وواضح إلى تجويع جميع السكان، وتعريضهم لخطر الهلاك الفعلي، وأن إسرائيل تستخدم التجويع ليس فقط كأسلوب من أساليب الحرب، كجريمة حرب قائمة بحد ذاتها، بل كذلك تنفيذًا لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد سكان القطاع منذ خمسة أشهر.
وأكد المرصد الأورومتوسطي، أن عمليات القتل المتعمدة وغير القانونية والإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين بصفتهم هذه وبدون أن يكون لهم أية مشاركة في الأعمال الحربية، تشكل انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.