أسعار المحروقات.. الصغير: ما يحدث هو جريمة كاملة الأركان في حق المجتمع

عادل الصغير


قبل عدة أسابيع عندما بلغ سعر الغازوال عتبة 17 درهم، خرجت وزيرة الانتقال الطاقي لتبرر أسباب الارتفاع بالسياق الدولي، خاصة ارتفاع أسعار المحروقات في السوق الدولية، وعرضت جدولا يبين طريقة احتساب أسعار بيع البنزين والغازوال بالسوق الداخلية حسب تغير سعر خام برنت عالميا.
ومما جاء في الجدول أنه عندما يبلغ سعر برميل خام برنت 80 دولار فإن السعر المناسب لبيع الغازوال في محطات الوقود المغربية هو 10.25 درهم للتر، طبعا السيدة الوزيرة طُلب منها فيما بعد الصمت للأبد وهو ما التزمت به الوزارة عقب ذلك، حيث عادت إلى البرلمان لتصرح أن موضوع ارتفاع أسعار المحروقات لا يدخل ضمن اختصاصات وزارتها، وكان ذلك طبعا عندما بلغ سعر برميل برنت 80 دولارا بينما استمر الغازوال في محطات الوقود في المغرب في تجاوز سعر 13 درهم.
ما جاءت به الوزيرة في جدولها هو ما يتناسب بالضبط مع ما أكده الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في مروره الجمعة على راديو “أصوات”، والذي رمى بمعطى مدوي حين قام بالمقارنة بين أسعار المحروقات خلال شهر أكتوبر 2018، حينما كان برميل النفط يباع بــ 85 دولار وكان سعر الغازوال في المحطات بـ 10.50 درهم، وبين اليوم الذي يبلغ فيه سعر الخام حوالي 80 دولار بينما يباع الغازوال في السوق الداخلية بـ 13 درهم تقريبا.
هذا التطابق بين معطيات الوزيرة قبل قرصة الأذن ومعطيات سنة 2018، يؤكد صدقية عملية الاحتساب المعتمدة، ويؤكد على أن ما يحدث اليوم هو جريمة كاملة الأركان وعن سبق إصرار وترصد في حق المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، يطرح اليوم على مؤسسات الدولة سؤال كبير جدا بل أسئلة كبرى مرتبطة بما أصبح يعرف بقضية النفط الروسي التي لم تبح بكامل معطياتها لحد الآن، بعدما كشفت جريدة وول ستريت أن المغرب أصبح مصدرا للنفط الروسي، إذ قام منذ بداية السنة بتصدير حوالي 550 ألف برميل إلى كل من جزر الكناري وتركيا حسب الجريدة، أي عشرات الملايين من اللترات، لازلنا ننتظر المعطيات التوضيحية والتفصيلية الكفيلة بالإجابة عن الأسئلة المرتبطة بهذا الخبر، وخاصة المقابل السياسي والمالي، وهوية المستفيدين ونصيب السوق الداخلية.
وارتباطا بذلك، ننتظر أيضا جواب الحكومة عن المعطيات التي كشف عنها النائب المحترم عبد القادر الطاهر (الفريق الاتحادي) في سؤاله الكتابي، والذي كشف من خلاله عن تلاعب في شواهد إقرار المصدر من طرف الشركات المستوردة للمواد النفطية التي تقتني النفط الروسي بسعر أقل ب70% من الثمن الدولي، وتدخله للمغرب على أساس أنه نفط خليجي أو أمريكي، كما اتهم الشركة المسيرة لمخازن الوقود بميناء طنجة المتوسط بالتواطؤ في هذا الملف.
الأسئلة المرتبطة بموضوع المحروقات بالمغرب كثيرة ومتشعبة، وكلها لها جواب واحد متفق عليه شعبيا على الأقل، وهو أنها نتائج زواج المال بالسلطة، وهو وجود رئيس حكومة غارق في تضارب المصالح، هو الخصم والحكم في هذا الموضوع، هو رأس تدبير الشأن العام وهو رئيس شركة المحروقات المهيمنة على السوق والمتحكمة في حركته، وهو فضيحة البرلمان المفبرك والإعلام (حاشى شرفاء الصحافة والإعلام أشخاصا ومؤسسات) الذي باع وشرى في المغاربة، وهو مأزق تعطيل عمل المؤسسات وعلى رأسها مجلس المنافسة.
هو خطر حكومة الشركات المفترسة التي أنتجها تدبير انتخابات 8 شتنبر بمدخلاتها المخزية ومخرجاتها البئيسة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.