باتا تكتب: فضائح الحكومة كسياسة عمومية !

فاطمة الزهراء باتا


يبدو أن الشغل الشاغل لحكومتنا الموقرة، أصبح يتمثل في تجميع الفضائح بالجملة ومراكمتها. هذه الفضائح التي أصبحت تتوالى وتتكاثر كخلايا سرطانية تنتقل من وزارة لأخرى، ولعل خير دليل على ذلك ما أثاره موضوع استيراد الأبقار على خلفية ارتفاع أثمنة اللحوم الحمراء، من نقاش لدى الرأي العام. لتليه مباشرة فضيحة الغازوال الروسي، وقبل أن يستوعب المغاربة ما وقع من تحايل في هذا الموضوع، ظهرت كبوة جديدة: تفويت صفقة للتواصل بقطاع الطاقة لشركة بمبلغ قدره 300 مليون سنتيم (ربما ستكون مهمتها الأولى إيجاد تفسير لفضيحة الغازوال الروسي، بما أن الناطق الرسمي باسم الحكومة لم يستطع التواصل بما يجب في هذا الشأن).
والظاهر أن توالي مثل هذه الفضائح ما هي إلا “سياسة عمومية” أصبحت تنهجها حكومتنا، لإلهاء الرأي العام وتحويل انتباهه عن هزالة إنجازاتها (والتي تجاوزت ما تم تحقيقه خلال عشر سنوات الماضية!!!!) وعن تملصها من وعودها الانتخابية ومن برنامجها الحكومي. وغير بعيد عن هذا الموضوع، وبما أن المناسبة شرط دعونا، ونحن نحتفل باليوم العالمي للمرأة، نحصي إنجازات الحكومة في مجال النهوض بوضعية النساء.
خلال الندوة الصحفية الأسبوعية صرحت السيدة وزيرة التضامن، بأن هذه السنة تعتبر سنة إنجازات كبيرة بالنسبة للمرأة، حيث قامت الحكومة بمجهودات جبارة لفائدة النساء. فتم خلق اللجنة الوطنية للمساواة وتمكين المرأة، كما تم تنزيل منظومة الحماية للنساء ضحايا العنف بتوفير مركز للايواء الاستعجالي في كل جهة؛ وتم إطلاق برامج للتمكين الاقتصادي كفرصة، أوراش وبرنامج جسر للتمكين والريادة. إنجازات تبدو للوهلة الاولى واعدة، ولكنها إنجازات جاءت بأسلوب إنشائي سردتها السيدة الوزيرة دون ذكر أدنى مؤشر لها.

إنجازات بعيدة كل البعد عن الاستمرارية
بصمت الحكومة السابقة عن حصيلة جد مشرفة فيما يخص حماية المرأة والنهوض بأوضاعها، إذ استفادت ما مجموعه 110869 أرملة من برنامج الدعم المباشر للنساء الارامل بكلفة إجمالية ناهزت 2 مليار و876 مليون درهم. كما استفاد من خدمات المساعدة الاجتماعية التي يقدمها التعاون الوطني، مليون و173 ألف امرأة، ناهيك عن 65 مشروع في مجال الاستماع والتوجيه للنساء والفتيات ضحايا العنف بميزانية قدرت ب 7 ملايين درهم. وهنا نهمس في أذن السيدة الوزيرة أين أنتم من كل هذا، ومؤشراتكم تكاد لا تبرح مكانها؟

وعود انتخابية حالمة وأجرأة منعدمة
إن التمكين الاقتصادي أصبح يشكل ركيزة أساسية من ركائز النموذج التنموي للنهوض بأوضاع المرأة إذ تشير الأرقام الرسمية إلى أن 20% من الأسر المغربية تعيلها النساء، في الوقت الذي تتواجد فيه 71% من النساء خارج سوق الشغل وأكثر من النصف 51.1% لا تتوفر على شهادة. كما يصل معدل البطالة في صفوف الشابات الى 38.8%. ولقد التزمت الحكومة في برنامجها الحكومي برفع معدل تشغيل النساء من 20% إلى 30% في متم سنة 2030، ولكن أنى لها تحقيق ذلك وهي التي لم تأت في برامجها التي تشجع المقاولات بأي تدابير تحفيزية لصالح الإناث؟ هل بالاعتماد على برنامج أوراش الذي طغى فيه منطق الريع والزبونية، والذي لا تغطي حصيلته المعلنة حتى ثلث مناصب الشغل المفقودة خلال سنة 2022؟ أم بالاستناد إلى برنامج فرصة الذي أوكل في تدبيره إلى وزارة صرفت ميزانية ضخمة على المؤثرين للتعريف به؟ أو ربما بإطلاق برنامج جسر التمكين والريادة، الذي تدخل مؤشراته في إطار نوايا مستقبلية، ما زالت وزارة التضامن تحاول تفعيلها منذ ما يقارب السنة دون حصيلة واضحة تذكر؟
وهنا نتساءل أين هي الحكومة من وعود 2000 درهم منحة الولادة الاولى للامهات؟ وأين هي من حماية حقوق نساء عاملات في حقول الفراولة بدول أخرى؟ وأين هي من الحفاظ على كرامة نساء يقفن في طوابير مهينة بأبواب معابر سبتة ومليلية!!!!

إصلاح المدونة: تحويل للنقاش
ثم بعد كل هذا الذي قيل، تخرج جهات معينة للدعوة بالمساواة في الإرث، وهو ما يطرح العديد من الاسئلة. وكأن جميع مشاكل المرأة في مجتمعنا الحالي اختزلت في الحالات التي ترث فيها المرأة أقل من الرجل، وكأن التمكين الاقتصادي لهذه الأنثى رهين بتحقيق المساواة في الإرث.
أولا، دعونا نتفق أنه من غير الممكن ادعاء الكمال في أي عمل بشري، فالممارسة والتطبيق غالبا ما يظهران ثغرات يمكن تداركها بالإصلاح، أما العصمة فهي لله وحده ولكتابه الكريم. كما أن مفهوم المساواة لا يعني بالضرورة العدالة، فالمساواة أحيانا يكون فيها الكثير من الظلم والجور لطرف دون آخر.
دعونا نذكر أيضا، أن منظومة الإرث في الشريعة الإسلامية متكاملة وعادلة، فبالرجوع إلى الحالات التي ترث فيها المرأة أقل من الرجل، نجد أنها لا تتعدى 16.33% من مجموع حالات الارث (أي أربع حالات)، في حين تتساوى مع الذكر في 10 حالات، وتتفوق عليه في 10 حالات، وتحجبه تماما (فلا يرث) في 10 حالات أخرى. فما هي الغاية الحقيقية من التشكيك في أحكام قطعية وردت فيها نصوص قرآنية صريحة.
وفي الأخير نقول لحكومتنا الموقرة، التي لا تتواصل لأنها تعمل، رجاء أرونا بعضا من إنجازاتكم تتحقق في واقع المغاربة الملموس ولا تجعلوها فقط جملا إنشائية في لقاءاتكم التواصلية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.