نور الدين مفتاح : ما قام به السيسي يعقد مفهوم الديمقراطية إلى الأبد

13.07.11

اعتبر نور الدين مفتاح مدير نشر أسبوعية “الأيام”، أن تدخل الجيش المصري، بالنظر للقوة التي يملكها، من أجل إيقاف نظام يديره رئيس منتخب ديمقراطيا، ومهما كان السبب هو انقلاب عسكري بدون لف أو دوران، إلا أننا مع الحالة المصرية الأخيرة ربما نجد أنفسنا لأول مرة ازاء مفهوم جديد في العلوم السياسية ، وهو “الانقلاب العسكري المشروع” ولعل هذا المخرج هو الذي اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من الدول الديمقراطية المحرجة أمام رأيها العام كي تبرر موقفها من الخروج عن الشرعية المصرية  .

ويضيف مفتاح في عمود” تلك الأيام ” لعدد 579 بأن “الجديد حقا هو الانقلاب المفهومي في تعريف الشرعية والمشروعية، ففي الوقت الذي كان الاختيار الشعبي للحاكم هو التعبير الديمقراطي الأسمى مادام الأمر يتم في إطار المبادئ المشار إليها آنفا، أصبح نظام الاقتراع وحتى الاستفتاء الشعبي آليات أدنى مقارنة مع حكم الشارع وهكذا إذا سايرنا منطق 30 يونيو بمصر، فإن شرعية الحاكم يجب أن تنبثق من انتخابه أولا وعدم التظاهر الصاخب ضده ثانيا، ولم يبق إلا أن يتم التوافق العلمي حول أعداد من يجب أن يخرجوا حتى يحزم الرئيس المنتخب حقائبه ويعود إلى بيته في انتظار انتخابات مبكرة ورئيس جديد يظل بقاؤه رهينا بهدوء عواصف الشارع طيلة مدة ولايته“.

وزاد مفتاح ” أن ماقام به وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي إذا أخذناه على أساس أنه تدخل باسم الشعب المصري الثائر قد يعقد مفهوم الديمقراطية إلى الأبد، وقد يصل بها الى الدخول المبرر للجيش الى العمل السياسي وهذه مجازفة خطرة هي عمق ماتنطوي عليه المأساة المصرية اليوم كنموذج للتدافع في البلدان التواقة إلى الإنعتاق من الاستبداد والفساد.

واعتبر مفتاح، أن ما يجري بمصر”لعبة خطرة شديدة التعقيد يتداخل فيها العامل الداخلي مع البعد الاقليمي المتربص في دول الخليج و البعد الدولي ومحوره اسرائيل . القضية بالغة التعقيد وخطأ مرسي أنه كان يسير في اتجاه واحد بلا مرونة ولا كاشفة ألغام، معتقدا أن صندوق الاقتراع الذي انبثق منه في ظروف ثورة، ومحاربته لبقايا النظام السابق، سيجعله محصنا ضد الجميع بما في ذلك الجيش.

وأضاف مفتاح، بأن ماجرى بكل بساطة هو انقلاب عسكري على حكم شرعي و الذي يحز في النفس أن يهلل له ويحتفل به ديمقراطيون وليبراليون، مع العلم أن 30 يونيو هو اعلان بداية الرعب وإطلاق شرارة الفتنة في بلدي عربي ظل دائما في الطليعة وظل ملهما، خصوصا على المستوى الثقافي والفني، كيف نسوغ تدخل الجيش سياسيا بدعوى الحفاظ على الوحدة و اللحمة بين المصريين في الوقت الذي يعتبر هذا التدخل الأخرق هو معول هدم الاستقرار في دولة تعيش أوضاع الهشاشة السياسية الطبيعية مابعد الثورة؟ هل كنا سنعيش ماجرى أمام دار الحرس الجمهوري حيث قتل رصاص الجيش مايناهز الخمسين مواطنا في خمس دقائق بدعوى مطاردة جماعة حاولت اقتحام الدار؟ هل من الديمقراطية اعتقال رئيس بعد عزله بدون تهمة والحكم في دقائق على رئيس الوزراء المقال بسنة سجنا نافذا وإغلاق ست قنوات

تلفزية بقرار عسكري وبدون حكم قضائي والهجوم على مقر “الجزيرة” واحتجاز مدير مكتبها بالقاهرة لمدة والبقية تأتي؟

 

وختم مفتاح قائلا إ”للشعب المصري الشقيق، الحق في قطف ثمار ثورته وتصحيح مسارها متى بدا له ذلك، ولكن، وكما بدأت هذه الثورة سلمية فإها يجب أن تستمر كذلك في إطار قواعد لعب ديمقراطية، آخر من يجب أن يكون طرفا في معادلتها هو الجيش الذي حكم البلاد منذ 1953، وحكم عليه الشارع بأن يعود إلى ثكناته بعدما قاد مرحل انتقالية بعد الثورة تفوق مدة حكم الرئيس مرسي، أما إذا أصبح الجيش فوق الدستور وفوق الانتخابات وفوق المؤسسات، فإن ستائر الرعب ستنزل على مصر، وما يجري لحد الآن ماهو إلا بداية للأهوال، فاللهم الطف.“.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.