العثماني للتجديد: أعمل لمصلحة بلدي بغض النظر عن المواقع والمناصب

13.10.11
أكد سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون في آخر حوار صحفي له قبل مغادرته الوزارة، أجرته معه يومية التجديد منشور في عدد الجمعة 11 أكتوبر 2013، فور عودته من نيويورك نهاية الأسبوع الماضي، أن قضية الصحراء كانت محور مختلف الاجتماعات سواء كانت ثنائية مع عدد كبير من الدول التي التقى بوزرائها أو في عدد من الاجتماعات التي عقدت على هامش الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، واعتبر العثماني أن المشاركة المغربية بذات الدورة كانت مشرفة. في هذا الحوار يتناول وزير الخارجية تقييمه لهذه المشاركة، وحصيلة عضوية المغرب غير الدائمة بمجلس الأمن لمدة سنتين تقريبا، وكذا الإجراءات المواكبة لترشحه لعضوية مجلس حقوق الإنسان، وكذا مستوى تقدم الحوار الإستراتيجي بين المغرب وأمريكا فضلا عن خلاصات لقاءاته المكثفة بنيويورك مع العديد من نظرائه في الخارجية ومع مسؤولين أمميين سامين وباجتماعات رفيعة المستوى.
وفيما يلي نص الحوار:

– يروج بقوة خبر مغادرتك لوزارة الشؤون الخارجية، ما صحة الخبر وهل من تعليق لديك؟
 **  أنا مناضل في حزب سياسي أعمل لمصلحة بلدي، ومن هنا فحيثما كنت سأبذل جهدي بغض النظر عن المواقع والمناصب. وكم من فاعل مدني أكثر تأثيرا في مسيرة الإصلاح من الفاعل الحكومي. أما الباقي فلن يكون نهائيا إلا بعد تعيين جلالة الملك للنسخة الثانية من الحكومة.
 
 
– كيف تقيم  حصيلة المشاركة المغربية بأشغال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة؟ وهل من آثار مباشرة لهذه الحصيلة على قضايا المغرب الحيوية وأولها قضية الصحراء؟
** نعتبر مشاركة المغرب في أشغال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة مشاركة مشرفة، كما وكيفا. فقد شارك الوفد المغربي في مختلف الاجتماعات المباشرة الخاصة بالجمعية العامة أو التي نظمت على هامشها من قبل العديد من المنظمات الدولية أو المؤسسات أو الدول. وهكذا التقيت شخصيا 46 وزير خارجية أو مسؤول أممي، وشاركت في 34 اجتماعا متعدد الأطراف رفيعي المستوى، إضافة إلى عشرات الاجتماعات حضرها باقي أعضاء الوفد المغربي.
ويمكن أن نقول بأن هذه المشاركات مكنت الوفد المغربي من التعبير عن مواقف المغرب من مختلف القضايا المطروحة والدفاع عنها. هناك مثلا قضية تنمية إفريقيا ودور المغرب في ذلك حيث بسطت تفاصيلها في العديد من الندوات، وخصوصا في الندوة التي نظمتها المندوبية السامية للتخطيط بالتعاون مع ممثلية المغرب في الأمم المتحدة والتي ركزت على التنمية في إفريقيا بعد 2015، في ضوء أهداف الألفية للتنمية، وقد حضرها عدد من الخبراء ومن المسؤولين الدوليين والأفارقة. وكانت هذه الندوة مناسبة لعرض رؤية جلالة الملك فيما يخص التعامل مع قضايا الهجرة واللجوء، وهي الرؤية الملكية التي عرضناها باستفاضة وبينا مدى انسجامها مع مفاهيم حقوق الإنسان وقيمها الدولية وأيضا انسجامها مع سياسة المغرب التي تعطي للتعاون الإفريقي-الإفريقي دورا كبيرا.
وبالنسبة لقضية الصحراء فقد كانت محور مختلف الاجتماعات سواء كانت ثنائية مع عدد كبير من الدول التي التقيت بوزرائها أو في عدد من الاجتماعات التي عقدت على هامش أشغال الجمعية العامة، والتي من محطاتها الأساسية اجتماع مع كريستوفر روس الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، والذي ناقشنا فيه أفق الحل السياسي في إطار المقاربة الجديدة التي طرحها، وأيضا ناقشنا برنامج زيارته المقبلة. ثم كان لي أيضا لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة، وكانت قضية الصحراء محوره إضافة إلى قضايا أخرى دولية وجهوية عبرنا فيها عن مواقف المملكة تجاهها. كما كان هناك إقناع لعدد من الدول بتطوير موقفها من قضية الصحراء المغربية وأخص بالذكر دولة هايتي التي قررت سحب اعترافها بالجمهورية المزعومة، حيث وقع الوزير الأول الهايتي بنيويورك بلاغا في هذا المجال. كما وقعت شخصيا مع وزير خارجية السلفادور بيانا مشتركا تضمن موقفا متقدما بالنسبة لهذه الدولة في قضية الصحراء.
 
– ناشدتم المنتظم الدولي لدعم ترشح المغرب لعضوية مجلس حقوق الإنسان، ما خلفيات ترشح المغرب لهذا المنصب وأهدافه؟ وهل للترشح صلة بالتقارير الحقوقية المنتقدة للمغرب خاصة بالأقاليم الجنوبية (كالتقرير الأخير للخارجية الأمريكية) نموذجا؟
** على عكس ما كتبته بعض وسائل الإعلام، فإن المغرب قد قدم ترشيحه لمجلس حقوق الإنسان في فبراير 2012، ومنذ ذلك التاريخ والمغرب يتصل بالدول الصديقة والشقيقة لدعم ترشيحه. وما قمنا به أثناء هذه الدورة هو فقط التذكير بذلك مرة أخرى، وذلك بعد أن اقترب موعد التصويت الذي سيجري بداية شهر نونبر المقبل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي فهذا الترشيح لا صلة له بالتقارير الأخيرة الصادرة عن أي جهة. وكان المغرب قد وزع في فترة سابقة وثيقة تتضمن مبررات تقديم ترشيحه لهذا المنصب وأيضا البرنامج الذي يعد به المصوتين عليه في حالة قبول عضويته في مجلس لحقوق الإنسان.
 
– ما هو تقييمك لمستوى وواقع  الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية بعد أزيد من سنة من ترأسك وهيلاري كلينتون لانطلاقه بواشنطن؟
** الحوار الاستراتيجي بدأ منذ سنة تقريبا وكانت الجولة الأولى للحوار والتي ترأستها شخصيا بمعية وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، متعلقة أساسا بأربعة محاور؛ المحور السياسي والمحور الاقتصادي والمحور الأمني والمحور الثقافي. ويمكن أن أقول إن بعضها شهد تقدما ملحوظا، لكن في بعضها الآخر نحتاج إلى جهد لتطوير مضمون هذا الحوار الاستراتيجي. ففيما يخص المحور الاقتصادي عقد منتدى الأعمال المغربي الأمريكي الأول، والذي حضره رجال أعمال أمريكيين ومغاربة ومسؤولين من الجانبين، وستنظم الدورة الثانية للمنتدى قريبا بالمغرب. ومن المقرر أيضا أن تنظم الجولة الثانية للحوار الاستراتيجي قبل نهاية السنة الحالية.
 
– في دجنبر المقبل ستنتهي عضوية المغرب المؤقتة بمجلس الأمن، كيف تقيمون الدور المغربي خلال هذه المرحلة خاصة اتجاه القضايا العربية والإسلامية وهل من آليات لحماية مصالح المغرب مستقبلا في صلة بالدول المرشحة والتي منها السعودية ونيجيريا؟
** انتخب المغرب في 21 أكتوبر 2012 عضوا غير دائم بمجلس الأمن لولاية تمتد لسنتين ابتداء من فاتح يناير2012 كممثل لمجموعة دول إفريقيا بعد أن حصل على أكثر من  115 صوتا من بين 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، ويتعلق الأمر بثالث ولاية للمغرب بمجلس الأمن بعد أن كان عضوا غير دائم بالمجلس ما بين 1963و1964 وما بين 1992 و1993، وبذلك فإن نهاية الولاية هي فعلا 31 دجنبر 2013.
وكتقييم للحصيلة يمكن أن نشير إجمالا إلى أن المغرب قام بدور مقدر في الدفاع عن القضايا الإفريقية. ومن اللحظات المهمة في هذا المجال أننا اخترنا وضعية الساحل موضوعا للاجتماع الوزاري الذي نظمه المغرب أثناء رئاسته لمجلس الأمن يوم 10 دجنبر 2012، وصدر عنه بيان رئاسي هو الأول من نوعه. كما صدر قرار مجلس الأمن التاريخي الذي سمح بإرسال قوات إفريقية إلى دولة مالي أثناء الرئاسة المغربية أيضا يوم 20 دجنبر. وهو القرار الذي فتح الطريق لمواجهة تهديد الانفصال والتحديات الأمنية. وقام المغرب أيضا بأدوار مهمة في قضايا فلسطين والتنمية في إفريقيا وقضية سوريا وغيرها. 
 
– ما جديد لقائك مع “بان كي مون” و”كريستوف روس” وكيف تنظر إلى خطة الدبلوماسية المكوكية (التفاوض غير المباشر) التي أعلنها روس؟ وما أسباب فشل التفاوض المباشر ولقاءات الثقة بين المغرب وباقي الأطراف خاصة الجزائر و”البوليساريو”؟
** نحن رحبنا بمقترح الدبلوماسية المكوكية الذي عبر عنه كريستوفر روس أثناء زيارته الأخيرة للرباط، ونتمنى أن تنجح هذه الخطة الجديدة. المغرب شارك في جميع جولات المفاوضات السابقة وأبدى قدرا عاليا من المرونة ولكن الطرف الآخر المفاوض لم يبد أي مرونة وبقي جامدا على مواقفه التي عبر عنها منذ عقود من الزمن. وكريستوفر روس واع بهذا المشكل ولذلك هو نفسه أعلن خلال زيارته الأخيرة للرباط أن المفاوضات وصلت إلى مأزق وأنه يحتاج إلى تغيير المنهجية.
 
– يطرح مغاربة الخارج عددا من المشاكل من قبيل (توثيق عقود الزواج، نقل الجثامين، محدودية فضاءات تعلم اللغة العربية، غلاء تذاكر “لارام”،غياب قنصليات متنقلة..) ما هي الإجراءات التي ستتخذونها للتخفيف من هذه  المشاكل فيما يخص وزارة الخارجية؟
** شكلنا في وزارة الخارجية خلية خاصة لمتابعة هذه المشاكل القنصلية ولاقتراح برنامج عمل لحلها على المدى القصير والمتوسط والطويل. وسوف تنهي هذه اللجنة عملها في القريب ونتمنى أن نتغلب على هذه المشاكل الموجودة وتوفير خدمات قنصلية تليق بالجالية المغربية حيثما كانت.
 
– تحدثتم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 68 على أن الجهود الوطنية غير كافية في محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل والصحراء، فهل من تنسيق إقليمي ودولي على هذا المستوى، وما درجة تعاون باقي الأطراف في هذا الملف؟
** بالتأكيد هناك تنسيق إقليمي ودولي في الموضوع، باعتباره يشكل تهديدا دوليا مشتركا، وباعتباره يمس مصالح وأمن الجميع. ولهذا فإن المغرب حرص على المشاركة الفعالة في مختلف اللقاءات الدولية، وعلى تنظيم أخرى، أذكر منها المؤتمر الدولي للتعاون في مراقبة الحدود في الساحل والاتحاد المغاربي، الذي نظمناه بشراكة مع الأمم المتحدة في سياق استراتيجية مواجهة الإرهاب في منطقة الساحل.
وقد  عرف هذا المؤتمر مشاركة مسؤولين في قطاعات الأمن والهجرة والجمارك في الأمم المتحدة، إلى جانب مسؤولين في القطاعات ذاتها يمثلون 11 دولة من الاتحاد المغاربي والساحل الإفريقي هي “المغرب، تونس، الجزائر، ليبيا، موريتانيا، بوركينا فاسو، مالي، النيجر، نيجيريا، السنغال، تشاد”.
كما أن جلالة الملك أكد في خطابه في باماكو بمناسبة تنصيب الرئيس المالي الجديد أن معالجة ظاهرة الإرهاب تحتاج إلى مقاربة شمولية من خلال استحضار ثلاثة أبعاد هي البعد الاقتصادي التنموي والبعد الثقافي والديني والبعد الإنساني، إضافة إلى البعد الأمني.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.