رحموني يكتب: دور العدالة والتنمية في إنجاح الإصلاح السياسي..

13.12.27
دور العدالة والتنمية في إنجاح الإصلاح السياسي.. من موقع الشراكة في البناء الديمقراطي
بقلم/ خالد رحموني*
 
1 -مرحلة جديدة ومعادلة بديلة: الإصلاح في إطار الاستقرار
تجتاز بلادنا مرحلة تاريخية حاسمة سيكون لها ما بعدها على كل الصعد، مؤشر ذلك هو الانتقال الفوري لمعارضة الأمس وفي طليعتها حزب العدالة والتنمية إلى قيادة دفة القرار السياسي في المغرب المعاصر لأول مرة على إثر انتخابات نزيهة غير مطعون فيها سياسيا من قبل القوى السياسية والحزبية المغربية، وذلك بفعل ارتداد حركة المد الديمقراطي العربية بعد تفجر الثورة الديمقراطية التي أطاحت بعديد من الأنظمة التسلطية، على الوضع السياسي العام بالمغرب وبالخصوص نظامه السياسي والقوى الاجتماعية المشكلة له والعلاقة بينها، وبالتالي ترتيب نمط جديد لعلاقة يحكمها عقد سياسي واجتماعي جديد أساسه المشروعية وبداية المصالحة بين الدولة والمجتمع تأسيسا لعهد دستوري جديد يدشن لملكية ديمقراطية برلمانية جديدة وثانية.
 
مسائلة شعار المرحلة وقانونها: أي إصلاح لأي استقرار بأية وسائل
الإشكال السياسي المطروح الذي يسائل المنطق السياسي لهذا الشعار ومضمونه الفكري وقدرته التفسيرية وفعاليته الإجرائية ،هو فهم ديناميات المرحلة وآفاقها ومفاعيلها السياسية على مجمل عملية الإصلاح برمتها _بمدخلاتها ومخرجاتها معا_ ويمكن في هذا السياق بسط الأفكار ذات الصلة كالتالي:
هذا هو الشعار الذي يرفعه حزب العدالة والتنمية في سياق المقارنة بالتجارب الأخرى التي تعرفها البلدان العربية التي عاشت على إيقاع بداية خريف الاستبداد بطريقة مختلفة. لكن يجب علينا مساءلة هذا الشعار بتجرد حتى لا نحوله إلى شعار للتبرير. وهنا لابد من مساءلة كل التطورات التي عرفها المغرب في الفترة المنصرمة لنتساءل عما إذا كنا فعلا نتقدم في اتجاه الإصلاح أم أن القوى المتنفذة بدأت تستعيد المبادرة وتمسك بزمام الأمور من جديد لتفرغ كل التطورات التي حدثت من مضمونها. وإذا ما ستحضرنا ما وقع في تونس ومصر اللتين عرفتا ثورة إلى حد ما عميقة تأكد لدينا أن القوى التي تمرست على السلطة لعقود قد طورت كثيرا من مصادر القوة للتحكم وتتوفر، إلى حد الآن، على خبرة كبيرة وموارد كثيرة لتربك كل عملية حقيقية للإصلاح. وإذا كان الأمر كذلك في تلك البلدان رغم ما عرفته من تحولات عميقة بالنسبة لما حدث في المغرب فإن وضعية الإصلاح في المغرب ستكون أصعب.
ويجب في هذا السياق التساؤل بتجرد عن مصادر القوة التي يمتلكها الحزب حتى لا ندخل في معارك أكبر منا ولا نرفع شعارات تتجاوز قدراتنا. لذا وجب تدقيق المراد بالإصلاح. وهنا لابد من الإشارة إلى أن جبهة الحزب تعرف بعض الثغرات البادية التي تحد من قدرته على المواجهة. لذا لابد من التفكير فيها مليا تفكيرا جماعيا والتعاطي معها بروح الفريق وليس بالمبادرات الفردية …كما أن تنزيل الإصلاح يقتضي فهم وتحليل عناصر القوة التي تمتلكها القوى المناوئة للإصلاح وكذا نقط ضعفها.
 
2- الانتقال من دائرة الاستهداف والمعارضة إلى موقع التسيير والمشاركة في الحكم.
هذا الحراك الشعبي والديمقراطي والاستجابة الذكية الرسمية من طرف ملك البلاد للمطالب النابعة من حركة الشارع وقوى الإصلاح وفي طليعتها حزبنا، كرس نموذجا مغربيا متفردا في قيادة الإصلاح والتفاعل مع المطالب الشعبية في التغيير، واكبه اهتمام إعلامي وطني وعربي ودولي غير مسبوق، وليس له مثيل في حياتنا السياسية والإعلامية الحديثة.
غير أن مسألة تقييم وتقدير هذه التجربة السياسية الوليدة – للحزب والوطن على السواء- ينبغي أن تتم في إطار شروطها الحقيقية وملابساتها الواقعية، فلسنا هنا بصدد انتقال طبيعي ولا تحول عادي في اتجاه تدبير القرار العمومي والصعود إلى الحكم، وإنما نحن إزاء جملة من الشروط الاستثنائية لممارسة السلطة على مستوى تدبير الشأن العام والشراكة في القرار السياسي داخل نظام سياسي متحول في اتجاه مزيد من الدمقرطة، والبعد عن نمط الملكية التنفيذية، وتوسيع مجال المشاركة الشعبية في صياغة السياسات العمومية، شروط لم يسبق لها أن توفرت في حياتنا السياسية من قبل ويمكن إجمالها كالتالي:
– اندلاع حركة المد الديمقراطي العربية في شكل الموجة الرابعة وإسقاطها لأنظمة تسلطية عديدة في طليعتها النظامين التونسي والمصري والحبل على الجرار.
– تصاعد الحراك الشعبي والشبابي المغربي ومن تجليه في حركة 20 فبراير.
– تزايد مطالب قوى الحركة الديمقراطية بالمغرب وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية ومطالبته بمزيد من الدمقرطة وتوسيع الحريات والقطع مع مسارات التحكم والسياسات التسلطية.
– الاستجابة الملكية لمجمل تلك المطالب من خلال خطاب 9 مارس .
– الاستفتاء الدستوري في يوليوز 2011.
– إقرار إصلاحات دستورية نوعية تستجيب للحد الأدنى من المطالب الشعبية الممثلة في شقها السياسي بالشراكة في القرار السياسي وإقرار مبدأ المسؤولية والمحاسبة.
– إجراء انتخابات تشريعية غير مطعون في صدقيتها السياسية تصدرها حزب العدالة والتنمية بنسبة غير مسبوقة في التاريخ الإنتخابي المغربي 27% .
– تعيين الملك لزعيم المعارضة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية وتكليفه بتشكيل الحكومة.
– انتهاج الحزب لأسلوب فريد ومميز في فرز نخبته الوزارية مبني على أساس الانتخاب والتكليف بناءا على الكفاءة لا الولاء، وكذا التعاقد مع التحالف الحكومي على أرضية ميثاق للأغلبية وبرنامج للحكومة يشكل نواة لعقد شراكة سياسية تكون أساسا لاستكمال مهام الانتقال الديمقراطي والبناء المؤسساتي، ومرجعية لمحاربة الفساد وإنهاء مركبات التحكم وسد منابع الريع والاستبداد.
– دور الحراك الشعبي والشبابي في ترجيح ميزان القوى لصالح جبهة التغيير الديمقراطي:
– تمت الإشارة سلفا إلى أن هذا التحول جاء في سياق المد الديمقراطي وامتداداته على المغرب السياسي ولقد كان أبرز تجليه في حركة 20 فبراير. ويستفاد من ذلك التحليل أن الحزب استفاد من هذه الحركة الشعبية الشبابية ليحسن موقعه التفاوضي والسياسي معا في اتجاه تعزيز مسار الإصلاح السياسي من أجل مزيد من دمقرطة الدولة والمجتمع وتفكيك بنى الاستبداد والسلطوية وإقرار سياسات عمومية عادلة تحقق الكرامة والتنمية الشاملة وتفكك اقتصاد الريع والقوى المستفيدة من عائدات الثروة الوطنية.
لكن السؤال المطروح هنا إلى أي مدى يمكن أن يستمر ذلك؟ إن المشكلة تكمن في أن دورة هذه الحركة دخلت في مرحلة التراجع والانكماش والتأزم الذاتي والموضوعي معا، الشيء الذي سيقود الحزب إلى فقدان الكثير من قوته السياسية، وسنده الموضوعي المجسد في السلطة المضادة للشارع وللحراك والإعلام المستقل، مما يدفع إلى التساؤل عن مدى قدرة الحزب إزاء كل ما سلف تحليله على تحقيق شعاره الإصلاح في إطار الاستقرار وتحريك مركبات التغيير في اتجاه مزيد من الدمقرطة والتحديث السياسيين؟. إن هذا التراجع الذي عرفته الحركة الشبابية الشعبية لا يعني انتفاء شروط بروزها مرة ثانية لكن ذلك سيأخذ وقتا ربما أطول وبأدوات أرقى وأكثر مناعة وجذرية:
– إن تراجع الوهج الجماهيري والنضالي لحركة المد الديمقراطي في المغرب، والأداء الميداني الذي صاحب المولد الأول والانبثاق الذاتي لهذه الحركة، يمكن إرجاعه إلى كثير من المعطيات السياسية والميدانية النضالية، سواء منها تلك المرتبطة بطبيعة التعاطي الرسمي سياسيا أو إعلاميا مع الحركة ومطالبها أو المسعى الالتفافي والإجهاضي من خلال تجاهل مطالبها الجوهرية، وذلك بالادعاء والتظاهر بالاستجابة الكلية لها، أو بطبيعة السقف السياسي النضالي للحركة بين المطالب من داخلها بالملكية البرلمانية كسقف أعلى ونهائي، وبين المطالب بترك تحديد السقف لحركة الشارع ومنطق الحراك الشعبي العام، وتدقيق الحد الأدنى على مستوى المطالب الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة ممثلة في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى يمكن الإشارة إلى طبيعة الرهانات السياسية والتنظيمية للأطراف المشاركة في الحراك الشعبي أو القوى السياسية الداعمة والمسندة له، وأيضا الأخطاء التنظيمية التي تورطت فيها بعض الأطراف المؤطرة لهذا الحراك.
– إن الشروط السياسية لقوة الحراك الشبابي والشعبي في المغرب لا تزال متوفرة موضوعيا وسياسيا من خلال إمكانيات الارتداد السياسي والنكوص عن المسار الديمقراطي، باعتبار القراءة المفترضة لتلك القوى والتي تنظر إلى مآلات ما سمي بالربيع الديمقراطي في العديد من الدول التي كانت مسرحا له واحتمالات الوضع في كل من سوريا واليمن وليبيا، والخلاصة حسبها أننا كنا إزاء قوس، وآن الوقت لإحكام إغلاقه. لذلك يمكن إجراء مقارنة مع مصر خاصة لمعرفة أسباب قوة الحركة الشبابية فيها وضعفها في المغرب.
 
3-المهام السياسية للحزب في المرحلة وأثر انتقال العدالة والتنمية لموقع تدبير الشأن العام
إنه لأول مرة يسائل الرأي العام المغربي، عبر الفضاء العام، حكومة ذات صبغة سياسية واضحة، وتشكيلة ائتلافية متعددة، التأمت حول شعار تمخض عن المرحلة (إسقاط الفساد وسد منابع الاستبداد، واستكمال البناء الديمقراطي من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة)، ومهمة سياسية مزدوجة هي:
+ إنقاذ البلاد من مخاطر الانفجار الثوري وإقرار مهام الاستقرار السياسي الحقيقي للأوضاع المبني على الإصلاح العميق من خلال دمقرطة الدولة والمجتمع ومأسسة القرار السياسي العمومي وبناء سياسات عمومية قائمة على التوزيع العادل للثورات بين المناطق والفئات والطبقات.
+ تدشين مسار الانتقال الديمقراطي الحقيقي الكامل، من خلال وضع حد لحالة التحكم والتسلط والإنهاء الجازم والحاسم لبنية التسلطية داخل النظام السياسي والتي كانت تشتغل آلياتها داخل المشهد السياسي وتنحو به في اتجاه التأسيس لنموذج الحزب السلطوي الأغلبي المهيمن المحتكر للسلطة والثروة معا:
لقد تم إجراء قراءة موضوعية لمجمل التطورات السياسية والاجتماعية الوطنية والمحيطية العربية والدولية من قبل الحزب، وتم الاستحضار الجيد لمعالم الوضع السياسي والاجتماعي العام الذي وصلت إليه البلاد من جراء وجود نسق سياسي تحكمي، ووضع اجتماعي مأزوم متفجر وطافح بالتفاوتات الاجتماعية والمظالم الفئوية والمجالية والطبقية، وموسوم باختلالات بالجملة على جميع الأصعدة، كان من شأنها أن تقود المغرب نحو منحدر خطير، ونحو المجهول والخراب، وأفق مسدود تستعصي معه أي محاولة للإنقاذ إن لم نقل تستحيل، لذلك كان التنصيب البرلماني (بعد معركة النزاهة الانتخابية) وتشكيل الحكومة الحالية على قاعدة معادلة الإصلاح في ظل الاستقرار، وعلى أساس دستور جديد يؤسس لصلاحيات واسعة للحكومة من خلال التأكيد على المسؤولية السياسية لها.
إن كل ذلك يعتبر اختيارا في الاتجاه الصحيح لإعادة وضع البلاد على سكة الديمقراطية بعد انزياحها منذ الخروج عن المنهجية الديمقراطية سنة 2002 والانخراط الأهوج تحت ذريعة ما سمي بالحرب على الإرهاب، على إثر التفجيرات الإرهابية التي وقت سنة 2003 بالدار البيضاء، وإلى غاية تشكيل حزب للدولة، وخلق أجواء الانسداد السياسي وتهشيم المجتمع وقواه التمثيلية من خلال مسلسل احتقار الأحزاب والمؤسسات الوسيطة واستهداف العدالة والتنمية ومحاصرته تمهيدا لفرض هيمنة الحزب السلطوي وإعلان سيطرته المؤبدة على المشهد السياسي.
 
المهام السياسية للحزب إزاء مخاطر الردة والنكوص الديمقراطيين:
– إن تراجع حركة المد الشعبي الديمقراطي ممثلا في حركة 20 فبراير لا يعني البتة أن البلاد غير معرضة إلى مخاطر الانسداد أو النكوص الديمقراطي تمهيدا للانفجار تحت العنوان السياسي أو الاجتماعي. إن تضخيم هذا التراجع قد يقود إلى الإحساس بضرورة تقديم تنازلات من طرف قيادة الحزب في ما يخص مشروع الإصلاح السياسي العام، ممثلا في مطلب دمقرطة الدولة والمجتمع.
إن ما يتهدد المغرب حقيقة الآن هو الرجوع إلى المنطق السلطوي التحكمي من جديد، ولا شك أن الوقائع السياسية والاجتماعية الماثلة أمامنا تكشف عن ذلك التردد والتوجس، وإن ما يجري داخل سجون المملكة من حركات احتجاجية ضد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل الزمن السياسي الجديد، وكذا التدخلات العنيفة ضد الاحتجاجات للمعطلين دون مبرر أبرز مؤشرات على هذه الردة البادية للعيان …
– لا بد من الإشارة هنا إلى أن أي انتكاسة في تقدم وتيرة الإصلاح سيؤدي لا محالة إلى رجوع جديد للاستبداد وللسلطوية التي ستمتد لعقود قادمة لا قدر الله. لأن محاولة القوى المتنفذة استعادة هيبتها سيقودها إلى ممارسات موغلة في السلطوية والجنوح نحو المزيد من الإغلاق السياسي .
– وهنا لابد من الإشارة إلى أن مطلب الإصلاح لا يشكل قاسما مشتركا بين الفاعلين الرسميين في الحقل السياسي على وجه التأكيد، باعتبار موازين القوى وقانون صراع الإرادات. وكما ظهر في حالة مصر وتونس فان التغيير ارتبط بحركية خارج الأطر المؤسساتية الرسمية للفعل السياسي. فما دور الحزب في قيادة وتفعيل هذه الحركية؟
 
4-قيادة الحزب للتدبير الحكومي: محدودية الممارسة و إكراهات التسيير:
صحيح أن القوانين الانتخابية لم تخول للحزب الحصول على الأغلبية المطلقة في الانتخابات ولا هو سعى لحيازتها، ولا الظرف السياسي العام كان يسمح بذلك، ولا الكفاءة والاقتدار الذاتي والوضع الخاص للحزب كانت تؤهله لذلك، لكننا الحزب الأول وفق الإرادة العامة للناخبين كعنوان لأمل وثقة منحت لنا من قبل الشعب. والتقاء إرادة ملك البلاد مع إرادة الأغلبية الشعبية في التغيير، كل ذلك جعلنا نتجنب جميعا الاختيار السهل الذي يرمي المسؤولية على أولئك الذين تسببوا في تدهور الأوضاع وتأزمها، والاختيار الصعب بالنسبة للبلد هو الارتهان لسيناريو المجهول.
 
وفي هذا الصدد يمكن استحضار الإكراهات الموضوعية التالية:
+ إن معطيات الخريطة الانتخابية استلزمت عقد تحالفات سياسية على قاعدة التحول الديمقراطي وبرنامج مقاومة الفساد وتفكيك بنى الاستبداد والسلطوية وإقرار إصلاحات اجتماعية عميقة.
+ الإرث الثقيل الاجتماعي والسياسي الذي ورثته الحكومة الحالية من عقود التدبير السيئ للشأن العام.
+ المقاومات التي تبرز بطبيعة الأشياء كلما تحركت ديناميات التغيير في اتجاه الإصلاح الديمقراطي من طرف التكتل الانتهازي المصالحي المحافظ المراهن على نهج السلطوية في استتباب استقرار مغشوش وهش، الشيء الذي يتطلب تحييد بعض القوى المعاكسة للتغيير، لمواجهة التحديات الكبرى ووضع أسس الدولة المغربية المستقلة الديمقراطية.
 
5- التحولات اللازم إجراؤها باستعجال على مستوى إدارة دفة القرار الحكومي :
يمكن إجمالها في التالي:
– التكريس الدستوري والواقعي لسلطة رئاسة الحكومة في مجال السلطة المحددة دستوريا.
– تغيير توجهات التسيير الحكومي، واحتلال مجال صناعة القرار التنفيذي في كل المساحة المتاحة دستوريا. 
- إرساء قواعد جديدة لتأهيل الوطن، وبناء عقد للمواطنة جديد على قاعدة الحق والقانون وثقافة الاستحقاق والمسؤولية والمكاشفة والوضوح، حتى نتمكن من الانتقال إلى بناء الدولة الديمقراطية.
– نقل الثقافة الديمقراطية من مجال المعارضة إلى مواقع التدبير الحكومي (الوزراء يقترحون المشاريع، يتخذون المبادرات، ويتحاورون بكيفية ديمقراطية و يتمكنون من مخاطبة الرأي العام بشكل دوري منتظم، تعبئة مكونات الدولة برمتها في إطار برنامج الإقلاع والإصلاح والتغيير.
– إن هذا الأسلوب في تسيير الشأن العام وفي معاملة المواطن من شأنه أن يدفع الأمور في اتجاه مغاير على صعيد تكريس دولة الحق والقانون ودمقرطة العلاقات بين الحاكمين والمحكومين.
 
+ التدبير الحكومي والمعركة النضالية الكبرى:
– تسخين محركات ومركبات التغيير للانطلاق نحو آفاق مغرب جديد قوامه الكرامة الإنسانية والتنمية العادلة والشاملة والاجتماعية.
– مقاومة مراكز مناهضة التغيير، فإرادة الإصلاح ستصطدم حتما بقوى الجمود والتخلف والسلطوية والنكوص، التي هي دائما نفس القوى التي تشد البلاد إلى الوراء وتحن إلى الماضي التحكمى كلما كان هناك اندفاع نحو التجديد والتقدم والانتقال، هذه القوى ليست أشباحا وإنما هي تلك القوى التي استفادت من الأوضاع السابقة وراكمت الثروات بكيفية غير مشروعة ضدا على القانون والمستضعفين، وهي الآن متحصنة في عديد من الأجهزة الإدارية والقلاع المالية والاقتصادية والمؤسسات والامتيازات.
- إن اختيار التعامل معها يجب أن يكون مبدئيا واضحا، بعيدا عن حملات التصفية ومظاهر الفرجة والإثارة، الوازع الأكيد هو الاحتكام إلى القانون وإصلاح وتخليق الحياة العامة، والاعتماد على الامتداد الشعبي للحزب لمواصلة النضال الديمقراطي من موقع قيادة العمل الحكومي وتعبئة الجماهير في اتجاه إقرار السيادة الشعبية، وتفعيل المجتمع المدني في إطار محاربة الفساد والتسلط وزرع ثقافة المواطنة والحس المدني وروح الواجب والمسؤولية.
– إحداث برلمانات موازية لكل وزارة من مناضلي وأطر الحزب للمتابعة والتقويم واقتراح الحلول واستمرار التواصل مع الوزراء.
– تفعيل منتدى الأطر للاستفادة من الخبرات والأطر المتعاطفة مع الحزب في إنجاح التجربة.
– تطوير التواصل الداخلي في الحزب لإيصال قضايا ومشكلات الناس للإخوة في التسيير وضمان التغذية الراجعة.
 
6-حزب العدالة والتنمية وأسئلة الانتقال الديمقراطي والتحول السياسي:أسئلة الأداة والمشروع
– أريد هنا أن أركز على مسألة أساسية وهي العلاقة الجدلية بين الإستراتيجية السياسية بالنسبة للحزب (وهي إستراتيجية تعميق وتكريس الديمقراطية في الحياة السياسية) وتدقيق الخط السياسي للحزب وتدبير المرحلة بمقتضاه، والمسألة التنظيمية. للأسف لم يتم تعميق النظر في هذه القضية رغم أنه لا يمكن بتاتا النجاح في المساهمة في تحقيق الديمقراطية على مستوى النسق السياسي العام إذا لم نطورها كمنهج وقيم وتدابير، بكلمة فإنه لا يمكن المطالبة بالديمقراطية السياسية والرقي والوفاء لآفاقها بدون التحقق الذاتي والالتزام الأخلاقي والسياسي بمقتضيات الديمقراطية الداخلية.
ويمكن تلخيص أهم الأسئلة التي يطرحها الانتقال الديمقراطي والتحول السياسي على الذات الحزبية خطابا وممارسة فيما يلي:
_العلاقة بين التدبير الحكومي والتنظيم الحزبي، تحديد الموقع السياسي بين المسافة النقدية المفترضة والإسناد السياسي الميكانيكي والشامل للتجربة.
_ اتجاهات التحول الفكري والسياسي المطلوب انجازها داخل حزب العدالة والتنمية.
_تدقيق مفردات الخطاب السياسي الجديد وتقوية الثقافة الدستورية التعاقدية داخل الفكر السياسي والسلوك السياسي للحزب وقيادته وفي خطابه السياسي المعلن للرأي العام.
_طبيعة حضور المسألة الاجتماعية في الأداء السياسي للحزب.
_الخطاب السياسي للتحول: بين مرجعية التوافق أم التعاقد أم الثقة، معنى الشراكة السياسية في اتخاذ القرار.
_الإبقاء على نقد الخطاب المضاد للتحول والانتقال الديمقراطي والدفاع عن أولوية بناء الدولة الديمقراطية المدنية العصرية التي مرجعيتها العليا القيم الإسلامية الجامعة للأمة.
_العدالة والتنمية بين دمقرطة الدولة والمجتمع.
_البناء الديمقراطي كرهان على المجتمع وحلقته المركزية إقرار النزاهة الانتخابية.
_المضمون الفكري والإيديولوجي المرافق للتحول.
_الاستجابة التنظيمية للتحولات السياسية.
_انعكاسات المشاركة الحكومية على البنية القيادية والأداة الحزبية والنخبة الحزبية.
_الانتقال من المعارضة إلى التدبير: الانعكاسات الآثار والأفاق.
_هل للحزب أجندته في الإصلاح خاصة به أم أن خطابه صدى للأغلبية الحكومية واكراهات التدبير الحكومي، تملك خطاب نظري مؤسس.
_ما هي أدوار تنظيماته الموازية وهياكله الحزبية.
_طبيعة التعاطي مع المسألة النسائية، وما هي أدوار المرأة في تدبير استحقاقات المرحلة، استحقاق فرز نخب نسائية قائدة جديدة متملكة لخطاب وتكوين فكري وسياسي مميز، ومتمرسة باليات العمل الجماهيري العام.
_موقع المسألة الشبابية، في الخطاب السياسي العام للحزب وطبيعة حضور المكون الشبابي كفاعل في تحصين المرحلة ومتطلباتها النضالية والكفاحية.
_أخذ العبرة من إخفاقات ونجاحات ومكاسب التجارب المقارنة في المشاركة الحكومية مغربيا وعربيا ودوليا في صورها الإيجابية والسلبية على حد السواء، دراستها نقديا واستلهامها وفق جدلية الاستيعاب والتجاوز.
_الخطاب السياسي للحزب بين المعارضة والمسؤولية الحكومية، الحدود والتقاطعات والتمفصلات. 
_تقييم وتقويم الممارسة الحكومية الحالية: دور الفريق البرلماني للحزب، الإعلام الحزبي، النقابة، الشركاء، العمل المدني.
_تقوية حضور المسألة الإعلامية في البرنامج العام للعمل الديمقراطي والنضال السياسي للحزب بشكل احترافي ونضالي، وذلك بالنظر لدورها الحاسم في احتضان أفاق معركة الانتقال الديمقراطي، وموقعها في إدارة الصراع السياسي في البلد حول موارد السلطة والثروة لا أتحدث هنا عن الإعلام الحزبي حصرا، يجب أخذ العبرة مما جرى في معركة دفتر التحملات، المطلوب تطوير نظرية مترافقة مع إجراءات في العلاقة مع مجتمع الإعلام والاتصال السياسي…، مع تطوير الخطاب السياسي والحضور الإعلامي لقيادة الحزب في المشهد السياسي العام ….
_طبيعة حضور المسألة الانتخابية، الحضور الدائم للماكينة الانتخابية للحزب وفق مقاربة توطيد الشرعية الانجازية وتأكيد السلطة الإقتراحية المواطنة للناس وتأكيد مشاركتهم في تدبير الشأن العام وتطوير قدرات واليات للمشاركة في الرقابة الشعبية على النخبة التمثيلية ذات الصلة بالحزب.
_سؤال التأهيل الحزبي الشامل للقيادات والقدرات والمؤهلات والمهارات: المسألة التكوينية و الإعلامية، المؤسسة الحزبية كفضاء للتنشئة السياسية على قيم المشاركة والنضال والبذل والعطاء بلا حدود، والعمل الجماعي المكافح والمبادر.
– تدبير العلاقة مع النخب بمختلف تشكيلاتها السياسية والأكاديمية والفكرية والفنية على نحو ذكي ومفكر فيه ومخطط له، تدقيق أدوار المثقفين وقادة الرأي في الدعم الفكري والتوجيه السياسي للتجربة دور رسالة الإعلام في زمن الإصلاح.
_تطوير نظرية موثقة مكتوبة مذاعة في الفضاء العمومي للتغيير والإصلاح السياسي العام والعمل على توطيد معالمها: الحزب كمثقف جماعي ومنظر كاشف لقوانين التحول، مما يعني تملك رؤية إرادية قاصدة للتغيير تقطع مع النزعة العفوية في السياسة والبرغماتية العملية في ممارستنا السياسية للإصلاح.
وأخيرا هناك أسئلة ضاغطة يجب مقاربتها والعمل على تدقيق اجاباتنا عنها ،ويمكن إجمالها في:
– الهوية والتدبير.
– المرجعية والديمقراطية ،الحريات الفردية والفضاء العام.
– تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان.
– الديمقراطية التمثيلية وعلاقتها بالديمقراطية التشاركية.
– دور المجتمع المدني في انتاج السياسات العمومية والرقابة الشعبية على إنجازها.
– السلطة والنخبة.
– الدعوي والسياسي.
– المرجعية الإسلامية والإرادة الشعبية.
– المواثيق الدولية والمرجعية الدستورية :الكونية والخصوصية.
*عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورئيس قسم التأطير الخارجي
 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.