الإعلامي دافيد ويليام: ابن كيران الشجاع..

>
14.01.27
نشرت الأسبوعية الاقتصادية “Finances” في عدد 23 يناير 2014، مقالا بقلم الصحفي دافيد ويليام بعنوان “ابن كيران الشجاع”، على هامش قرار الحكومة بحذف دعم بعض المحروقات، هذا نصه:
 
“نزل الخبر كالصاعقة في نهاية الأسبوع المنصرم مفاده أن: “الحكومة قررت تطبيق حقيقة الأسعار بالنسبة للمحروقات”. وهكذا سيتوقف دعم البنزين الممتاز والفيول الصناعي، وستتم مراجعة أثمنتهما في فاتح وفي 16 من كل شهر. وسوف يسري على هاتين المادتين ما كان يسري على المحروقات الأخرى التي لم تكن تستفيد من الدعم.

وبالنسبة للبنزين العادي (الكازوال) سوف يستمر في الاستفادة من الدعم لكن حسب جدول تدريجي يبتدئ من 16 يناير 2014 بدعم للتر الواحد ب 2,15 درهم؛ ثم ينخفض الدعم في منتصف أبريل القادم إلى 1,70 درهم، و1,25 درهم في منتصف شهر يوليوز، ليصل إلى 0,80 درهم للتر الواحد ابتداء من 16 أكتوبر القادم. ولذلك فإن غاز البوطان والفيول الخاص الموجه لإنتاج الكهرباء من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وكذلك السكر وبعض المواد الموجهة للأقاليم الصحراوية بالإضافة إلى الدقيق الوطني من أصل القمح الطري الذي يشرف عليه المكتب الوطني بين المهني للحبوب والقطاني، هي التي سوف لن يشملها القرار.  

الطريقة المحتشمة و”الخفيفة” التي تم بها الإعلان عن هذه القرارات لا توازي قيمتها الاقتصادية الكبيرة، لأن هذه القرارات سوف تضخ “الأوكسجين” في المالية العمومية التي أنهكها نظام المقاصة. خاصة أن هذه الإجراءات ستدشن لمرحلة جديدة تفتح أفق الإصلاح الجذري والشامل لنظام الدعم والذي دشن بأول مراجعة جزئية للأثمان في شهر شتنبر الماضي.
قد لا نكون متفقين مع هذه الأساليب وأن ننتقد عناد ابن كيران، وبإمكاننا رفض بعض اختياراته الاقتصادية، لكن يجب أن نعترف له أنه شخص شجاع. فمن حق رئيس الحكومة اليوم أن يفتخر ويتباهى بما امتلكه من جرأة للقيام بأشياء لم يكن بالسهل ولا بالهين القيام بها، ونعني به الإصلاح الجذري الإرادي الذي لم يتجرأ عليه من سبقوه مخافة أن تحترق أصابعهم.

وسوف يعلق ذوو النيات السيئة على هذا القرار الجريء أنه ليس قرارا مندرجا ضمن مسعى إرادي، ولكنه قرار أوصى به الممولون الدوليون، وخاصة صندوق النقد الدولي الذي يبدي تخوفه من تفكك المالية العامة. حتى إن كان هذا الطرح المتشائم محتملا فاليوم ما يهم هو تخطي حاجز الخوف من فقدان الشعبية، سواء بالنسبة لابن كيران أو بالنسبة لحكومته، والأهم من هذا وذاك أن السبب الذي من أجله كان إصلاح صندوق المقاصة يثير جدالا سياسيا لا ينتهي ولا يفضي إلى اتخاذ قرارات حازمة، هو صعوبة مثل هذا القرار بالنظر للرهانات الاجتماعية والاقتصادية الهائلة المطروحة.

واليوم ونحن نسمع دوي الأقدام، فما ذلك إلا طلائع الإصلاح. فقد بدأ أصحاب النقل يكشفون عن وعيدهم، والصناعيون بدأوا في إعلان غضبهم بسبب غلاء فاتورة الطاقة بالمغرب الأغلى أصلا، وأصحاب السيارات الخاصة أخذوا يعبرون عن عدم رضاهم عن أداء الثمن الغالي للغازوال، ومستوردوا السيارات يتخوفون من حذف الدعم عن مبيعات السيارات التي تستعمل البنزين الممتاز. يبقى الآن أن نعرف هل الحكومة قادرة على التدبير الفعال لهذا التذمر الاجتماعي. لننتظر ولنراقب.
ترجمة الموقع   pjd.ma
 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.