الخلفي لـ”الأيام” : هذه حصيلة حرية الصحافة والصحافة الإلكترونية وعلاقة الوزارة بالتلفزيون

 25-03-14

أجرت أسبوعية “الأيام” حوار شاملا مع مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في عددها 609 الصادر بتاريخ 13 مارس الجاري، حيث تحدث الوزير عن كل الملفات المفتوحة في مكتبه، وأسهب في شرح ملابسات قطاع متعدد وحساس من مدونة الصحافة إلى تقرير حرية الصحافة فالصحافة الإلكترونية والتلفزيون والسينما.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا :

1 – ما الذي يجعل التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة لسنة 2013 مختلفا عن السنوات الأخيرة؟

** تقرير سنة 2013 يشكل بالنسبة لنا ثاني تقرير في تاريخ الوزارة على مستوى عرض الجهود المبذولة للنهوض بحرية الصحافة وفق المؤشرات الدولية المتعارف عليها عالميا. سنة 2013 كانت سنة مفصلية، وقد تسألون لماذا؟ … لأنها السنة التي جرى فيها توقيع عقد برنامج جديد لدعم الصحافة المكتوبة، وكذلك هي السنة التي انطلقت فيها أجرأة تطبيق دفاتر التحملات الخاصة بالإعلام السمعي البصري العمومي، والسنة التي أنهت فيها اللجنة العلمية المكلفة بإعداد مدونة الصحافة والنشر أعمالها، كما أنهت فيها اللجنة المكلفة بالكتاب الأبيض حول الصحافة الإلكترونية أعمالها، بمعنى آخر، أن سنة 2013 كانت سنة انطلاق الالتزامات التي أعلن عنها في سنة 2012، ولهذا فأهمية تقرير 2013 الذي يعتبر ثاني تقرير كما أشرت، لا يعرض فقط هذه الجهود وإنما يقدم حصيلة الالتزامات، التقرير كما جاء في الكتيب الذي صدر يتضمن 100 مؤشر موزعة على 22 محورا شملت المحاور المتعلقة بالبيئة القانونية وبحرية الممارسة، والعلاقة بين الصحافة والقضاء، ووضعية الصحافة الأجنبية المعتمدة، وكذا الدعم العمومي ومستقبل الصحافة الإلكترونية، كما شملت أيضا المعطيات المرتبطة بالجهوية والتنوع اللغوي، وقطاع الإشهار والتوزيع والتكوين، وغير ذلك من العناصر التي تمكن من تكوين صورة موضوعية متوازنة منصفة حول واقع الإعلام في بلادنا. النقطة الأخرى التي لم أشر إليها هي أن هذا التقرير يأتي بعد تقارير دولية صدرت وارتهنت لبعض الإشكالات التي عرفتها سنة 2012 مثل ما حصل لمدير موقع «لكم» لتعمم بذلك أحكاما غير دقيقة وغير منصفة على واقع الحرية الصحافية في بلادنا، لكن في المقابل التقرير أيضا يعكس التحديات الموجودة، وهي صراحة ليست بالتحديات السهلة.

2 –   إذن في نظركم ما هي هذه التحديات الكبرى التي تواجهها الصحافة في المغرب هذه السنة، وأعني 2014، أمام تراجع مبيعات الصحف وتدنٍّ غير مسبوق في نسبة المقروئية؟

** أول تحدٍّ هو التحدي المرتبط بالمقروئية، أي بالانتشار، وهذا تحد ضاغط، خاصة وأن بعض المؤشرات المتوفرة تتحدث عن تراجع التوزيع بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20 في المئة حسب المنابر على المستوى الوطني إلا استثناءات محدودة، لكن قبل هذا التحدي هناك تحديات مرتبطة بالبيئة القانونية، ولهذا علينا في نظري استكمال إصلاح الورش القانوني أولا، سواء تعلق الأمر بمدونة الصحافة أو بقانون الحصول على المعلومات، هنالك أيضا تحديات ذات طبيعة اقتصادية، والأمر هنا يتعلق أساسا بالعلاقة مع سوق الإشهار والعوامل المتدخلة في إنتاج الصحيفة الورقية أو الإنتاج السمعي البصري خاصة. وهنا أعتقد جازما أن دخول الثورة التكنولوجية أدى إلى بروز منافسين شرسين بكلفة أقل، وهذا ما يطرح الآن آنية استكمال المجهود الذي بذل على مستوى تعزيز شفافية قطاع الإشهار وإصلاح القواعد المنظمة لعمله بالشكل الذي يحمي استقلالية الصحف وفي نفس الوقت يضمن لها عناصر الاستدامة. أما النوع الثالث من التحديات فهو التحدي المرتبط بالأخلاقيات، الآن الجسم الصحفي مدعو إلى أن يفرز إطارا مستقلا ديمقراطيا يعمل على إقرار احترام أخلاقيات المهنة وفق المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا المجال، وهنا لابد من التنويه بالموقف الإيجابي للناشرين والمهنيين الداعم لهذا التوجه والمتبني له، وهنا أيضا لابد من أن نذكر بأن الدستور ألزم السلطات العمومية بأن تشجع هذا التوجه، وهو ما نسعى إليه. كذلك في رأيي هناك التحدي الرابع المرتبط بالتكنولوجيا، وهو تحدي المنافسة الشرسة الحاصلة الآن بين مختلف الوسائط الصحفية سواء تعلق الأمر بالمستوى الوطني أو بالمنافسة ذات المصدر الخارجي، لا ينبغي أن نتجاهل أو نغفل التحدي الذي تطرحه هذه المنافسة على مستوى الهوية الوطنية وعلى مستوى السيادة الإعلامية أيضا، بل وعلى المنظومة الثقافية المغربية بشكل عام.

إذن لا يمكن إغفال أن تقرير حرية الصحافة استند على مؤشرات رقمية وعلى وقائع من أجل رصد حجم الجهود التي بذلت في مواجهة هذه التحديات وبسط ما يرتبط بها على مستوى الممارسة، ولهذا اعتمد التقرير في مصادره على مجموع المعطيات الصادرة عن هيئات معتمدة أو عن مؤسسات مهنية أو حتى تقارير دولية ، مثلا تقرير «مراسلون بلا حدود» الذي صنف المغرب خارج الدول العدوة للأنترنيت، أو تقرير نفس المنظمة التي صنفت المغرب خارج دائرة الدول التي تعرف انتهاكات جسيمة في حق الصحفيين، هذا الأمر هو ما يجعل التقرير بمثابة أرضية تتم محاسبة السلطات العمومية على أساسها، وهذا شيء لا ينبغي أن نغفله لأنه ينسجم مع منطق ربط المسؤولية بالمحاسبة.

3 –   من بين ما جاء في التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة للسنة التي ودعناها، الاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية التي تعيش فوضى وعدم تقنين في المغرب، وهذا قد ينعكس، حسب ما يرى البعض، حتى على إيجاد آليات واضحة لمتابعة وتحديد المسؤوليات في قضايا القذف والتشهير في هذا النوع من الصحافة، ما تعليقكم؟

** أولا يجب أن نعرف بأن الاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية يساهم في حل مشكل تحديد المسؤوليات، ولهذا وضعناه ضمن أولوياتنا في حل مشكل الصحافة الإلكترونية في المغرب، وشكل هذا الأمر أحد التوجهات المنبثقة من اللقاء الدراسي لـ 10 مارس 2012 وتم اعتماده بشكل رسمي في الكتاب الأبيض للصحافة الإلكترونية، أي أن يتم تحديد المقومات المادية والقانونية للمنشأة الصحفية الإلكترونية أولا عن طريق تحديد العناصر المكونة للملف، وأعني ملف الصحافة الإلكترونية والذي على أساسه يتم تسليم وصل من قبل الوكيل العام للملك ثم بعد ذلك تتحدد المسؤوليات، لأنه فعلا المواقع الإلكترونية غير المؤسسة وفق مقتضيات قانون الصحافة والنشر تعرف حالة من الغموض على مستوى مسؤولية الناشر، مما يجعل مسؤولية الكاتب هي المسؤولية المثارة بشكل أحادي، وهذا يضعف حدود المسؤولية وفق ما هو متعارف عليه عالميا بالنسبة للصحافي وبالنسبة للناشر، الآن نعترف بأن الاعتراف القانوني يساهم في حل القضية بشكل كبير، وهذا شيء لا ينبغي إغفاله، والآن في هذه السنة لجنة بطاقة الصحافة تجاوزت 15 موقعا إلكترونيا إخباريا، وهذا جيد كبداية.

4 – وماذا عن استفادة الصحافة الإلكترونية من الدعم العمومي المخصص للصحافة المكتوبة، وما أثير حول القضية؟

** استفادة الصحافة الإلكترونية من الدعم العمومي تخضع لنموذج مماثل للنموذج الفرنسي الذي أقر منظومة لدعم الصحافة الإلكترونية على اعتبار أنها تقوم بخدمة عمومية تتمثل في تعزيز المحتوى الإخباري للبلد على مستوى الأنترنيت، مما يقتضي العمل على دعم مهنيته واستمراريته وتننافسيته في ظل عالم يعيش حالة من التسارع في التحولات التكنولوجية، وهذا الأمر بالنسبة إلينا تم التنصيص عليه في إطار استراتيجية المغرب الرقمي في سنة 2009، حيث نصت على ضرورة تعزيز المحتوى الإخباري الرقمي، لكن هنا ينبغي أن نتوقف عند شيء سبق للكتاب الأبيض أن أثاره وله علاقة بالكم والكيف، حيث إن المغرب يعرف ثورة كمية على مستوى المواقع الإخبارية الإلكترونية بحوالي 500 موقع، لكن مازال المحتوى ضعيفا وهشا، لهذا فإن فلسفة الدعم العمومي للصحافة الإلكترونية تستند على جعل التطور الكمي مقرونا بتحول كيفي على مستوى المضمون حتى نحقق الهدف الذي جاء في إطار استراتيجية المغرب الرقمي، والمتمثل في تعزيز المحتوى الإخباري المتعلق بالمغرب على مستوى شبكة الأنترنيت، في نفس الوقت تم إقرار معايير موضوعية لذلك جرى التنصيص عليها في إطار عقد البرنامج الذي وقع في مارس 2013، وهي المعطيات التي خلص إليها اللقاء الدراسي بشكل عام وجرى تدقيقها على مستوى الكتاب الأبيض.

 5 – انطلاقا من نتائج تقريركم، وأعني التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة، ماذا عن علاقة القضاء بالسلطة الرابعة، هل من تحسن في العلاقة التي عرفت توترا في السنوات الأخيرة؟

** سؤال مهم، هنا سأنتقل معك لقضية أخرى، وهي علاقة الصحافة بالقضاء، فسنة 2013 هي سنة اتسمت بعدد من العناصر الإيجابية في هذا الموضوع، أولا سجلنا تراجعا نسبيا في عدد القضايا المثارة أمام القضاء، وعندما أقول قضايا الصحافة ليس بالضرورة أن يكون فيها الصحافي طرفا، لأن قانون الصحافة والنشر قانون شامل، يمكن أن يكون خطيب ، تم بث محاضرة له عبر الأنترنيت، موضوع مساءلة عبر قانون الصحافة والنشر.

ويمكن الإشارة هنا إلى أن عدد قضايا الصحافة، وليس عدد الصحافيين، لأن في الأمر خلطا، عدد قضايا الصحافة تراجع من 106 إلى 98 قضية، والمثير في هذا العدد من القضايا هو أن ثلثه جرى البت فيه سنة 2013، وضمن هذا الثلث 15 قضية تم حفظها وقضيتان رفعتا في إطار الدعوى العمومية تم إسقاطهما و 13 قضية التي صدر فيها الحكم صدرت فيها أحكام بالغرامة فقط، فضلا عن قضيتين تم الحكم فيهما بعدم الاختصاص، ولم يصدر أي حكم  نهائي بالسجن، كانت هناك حالة واحدة صدر فيها حكم مع وقف التنفيذ لكنه حكم ابتدائي مازال في المرحلة الاستئنافية، وهناك قضية أخرى وهي المرتبطة بمدير موقع «لكم»، وهي مازالت لدى قاضي التحقيق وبالتالي لا ينبغي التعليق عليها .. نستشف من هذا كله أن هناك إعمالا لقانون الصحافة في قضايا الصحافة، والاجتهاد القضائي يتجه نحو العقوبات البديلة أكثر من اتجاهه نحو العقوبات السالبة للحرية، وهذا مكسب مهم سجلناه في سنة 2013.

6 – مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومة تم عرضه على المجلس الحكومي في غشت الماضي، تطبيقا وتنزيلا لأحكام الفصل 27 من الدستور .. لكن ما هي آليات التطبيق في حالة مرور المشروع حتى يتسنى للصحافي فعلا الحصول على المعلومة التي تعتبر زاد عمله الصحفي اليومي؟

** في ما يخص قانون الحق في الحصول على المعلومة أو إصلاح البيئة القانونية كاملة، لغاية اليوم القانون مازال مشروعا، لأنه كانت الصيغة الأولى في غشت وأثار ذلك نقاشا واسعا، تم الأخذ بعدد كبير من الملاحظات، وأعيدت الصيغة الثانية وأحيلت في شهر يناير على مجلس الحكومة، وتم إتخاذ القرار بتعميق المدارسة قبل الاعتماد النهائي، وأعتقد أنه في القريب العاجل سيتم اعتماد هذا المشروع.

7 – لكن ما هي طبيعة التحولات التي سيأتي بها هذا المشروع في حال تمت المصادقة عليه وآليات التطبيق؟

** أحد هذه التحولات التي سيأتي بها المشروع حسب سؤالكم هو أنه سيقنن مسطرة طلب الحصول على المعلومة ويضع لها أجلا ويلزم الإدارة بأن تعلل قرارات الرفض، ويرتب عن ذلك جزاءات عند الشطط في استعمال سلطة رفض منح المعلومة، إذن فوجود أجل، ووجود مسطرة، ووجود نظام الجزاءات والأكثر من ذلك العمل على بلورة مشروع هيئة ستسهر على تنزيل هذا المقتضى، هذه التوجهات ستمكن من حل شق مهم من قضية الحصول على المعلومة، لكن بموازاة ذلك، وأنا أعطيك مثالا، التقرير الصادر عن حرية الصحافة في حد ذاته يتضمن معلومات : مثلا علاقة القضاء بالصحافة، الملفات المرتبطة ببطاقة الصحافة، الدعم العمومي، الإشهار، حكامة المجال السمعي البصري، عدد من المعطيات .. كل ذلك يجعلنا نعتبر بأن هناك مجهودا لا ينبغي تبخيسه في مجال الحق في الحصول على المعلومة .. في نفس الوقت عندما نتوقف ونرصد مجموع التقارير الوطنية التي تصدر مثلا : تقارير المجلس الأعلى للحسابات ، التقارير الصادرة عن المؤسسات الوطنية مثل : المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، المجلس الأعلى للحسابات، مجلس المنافسة، الهيئة المركزية لمراقبة الرشوة … لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقول بأن الخط العام يعكس تراجعا في عرض المعلومة المرتبطة بتدبير الشأن العام، بل العكس هو الحاصل، مثلا التقرير الصادر عن المجلس الاجتماعي والبيئي الخاص بالنموذج الإقتصادي والتنموي في الأقاليم الصحراوية والذي تضمن دراسة تشخيصية حول معطيات وتشخيصا شاملا ومتكاملا، مبنيا على معطيات تكشف لأول مرة حول النشاط الاقتصادي والاجتماعي والتنموي في الأقاليم الصحراوية، تكشف لأول مرة وبطريقة نقدية، وأنا تعمدت الوقوف عند تقارير صادرة عن مؤسسات وطنية والمتسمة بنزعة نقدية تقييمية للسياسات العمومية والمبنية على معطيات ومعلومات ووقائع، وهذا في حد ذاته عنصر من العناصر الدالة على أن الخط العام هو خط إيجابي تصاعدي، ويمكن أن أضيف أن الخط العام لحرية الصحافة في بلادنا هو خط تصاعدي أيضا، إذن هناك إرادة سياسية للنهوض بحرية الصحافة مبنية على التزامات محددة، هذه الالتزامات يتم الوفاء بها وحصل تراكم فيها سنة 2013، وفي نفس الوقت هناك وعي بالتحديات المستقبلية التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يتجاهلها، والتي تمثل أحد العناصر المحفزة أو الدافعة لإرادة النهوض بالحريات الصحفية في بلادنا.

8 – مع الإعلان عن نتائج طلبات العروض الجديدة عاد السؤال حول النظام الجديد في تدبير الإنتاج التلفزي، ويعتقد المتتبعون أن النتائج عموما جاءت عكس التوقعات وكرست احتكار الشركات الكبرى للسوق واقتسام «الكعكة»، حتى إن العديد من شركات الإنتاج التي لم تستفد احتجت بقوة … ما تعليقكم على الأمر؟

** ما نقلته في سؤالك من احتجاجات شركات الإنتاج على النتائج معقول، لكن إذا ما قمنا بقراءات تأخذ بعين الإعتبار مجموع طلبات العروض التي شهدتها سنة 2013 وبلغ عددها سبعة وليس طلبين بالإضافة إلى اثنين يتعلقان ببرامج التدفق، أي تسعة، سنجد بأن شركات إنتاج لم تستفد من طلبات العروض الخاصة برمضان واستفادت من طلب عروض القناة الأولى أو العكس صحيح، بمعنى إشكالية هيمنة بعض الشركات على العروض، كإشكالية قد تبرز بشكل حاد عند التوقف عند طلبي عروض اثنين، لكن إذا ما أخذنا بعين الإعتبار مجموع طلبات العروض، وعددها تسعة كما أشرت سابقا، فينبغي أن ننظر للأمر بنسبية، مع الأخذ بعين الإعتبار بأن الوضع الحالي لا علاقة له بالوضع السابق..

9 –  كيف؟ هل لك أن توضح أكثر؟

** لأنه في الوضع السابق قبل مجيء الحكومة الحالية لم تكن هناك أي مسطرة للمنافسة، لم نكن نعرف من هي شركة الإنتاج التي فازت؟ كيف فازت؟ ما هي القيمة المالية لهذا البرنامج؟ بل على أي أساس فازت؟ وهل عندما فازت كانت في وضعية إدارية سليمة من حيث الأداء الضريبي ومن حيث أداء التحملات الاجتماعية للعاملين فيها، كنا في وضع يتسم بوجود حالة استثناء من أي مسطرة من مساطر المنافسة المتعارف عليها وطنيا أو دوليا، الآن بعد إعمال دفاتر التحملات يمكن أن نقول بأننا قطعنا شوطا أول على مستوى ترسيخ المنافسة وتكافؤ الفرص والشفافية، لذلك بدأ يتم الإعلان عن طلبات العروض ويتم الإعلان عن شركات الإنتاج… في سنة 2012 و 2013 عدد شركات الإنتاج التي كانت تشتغل في السوق كان لا يتجاوز 10 في المئة، يعني أن الاحتكار كان موجودا في السابق، وإذا كانت هناك حسنة جاء بها النظام الجديد فهي أنه نقلنا إلى نظام يستند على معايير يتم الإعلان عنها بعلانية وشفافية.

إذن عمليا ربحنا خمسة أمور، أصبحت لدينا مسطرة علنية، مسطرة بدأت تتجه نسبيا نحو ترشيد النفقات، مثلا كان هناك برنامج يكلف التلفزيون 5 مليون درهم، الآن بعد طلبات العروض الجديدة أصبح يكلف فقط 3 مليون و 300 ألف درهم، نفس البرنامج ونفس الشركة، وهذا جيد ويوضح استراتيجية ترشيد النفقات التي وضعناها ضمن أولوياتنا، ثالثا مسطرة تخضع للطعن، قراراتها يتم الطعن فيها أمام القضاء، إقرار مبدأ المقاولة المسؤولة، بحيث الفوز بالصفقات يستلزم أداء الضرائب والتحملات الاجتماعية وما يرتبط بها، ثم كل ذلك بآجال محددة.

10- كل هذا جيد، لكن السؤال العريض الذي يطرح نفسه بإلحاح هو أن هناك ملايين تصرف لإنتاج البرامج لكن في المقابل أين هي الجودة التي يبحث عنها المتفرج؟

** سؤال مهم، ونحن نعترف صراحة بأنه مازالت تواجهنا تحديات الجودة من أجل تجويد وتطوير هذا النظام، وهي التي أفضت إلى عقد لقاء شاركت فيه 13 هيئة، من الهيئات الوازنة في القطاع السمعي البصري في بلادنا، بالإضافة إلى حضور ممثلي الشركتين الوطنيتين للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية صورياد وممثل المركز السينمائي المغربي وممثل المعهد العالي للسمعي البصري والمعهد العالي للإعلام والاتصال في نقاش مفتوح برزت فيه تحديات أخرى ينبغي تطويرها، ومنها الحد من التركيز، أي أن تفوز شركة واحدة بنسبة كبيرة من طلبات العروض، لذلك لابد من الاستفادة هنا من النظام المعمول به في الصفقات العمومية والذي يتم فيه وضع سقف يحد من التركيز، أيضا تمت في اللقاء إثارة الإشكالية المرتبطة بالتمييز بين مشاريع السيناريو والمشاريع المكتملة، وطرحت قضية تسريع آجال الإعلان عن النتائج، وأيضا ما يتعلق بالمقاولات الصغيرة والصغيرة جدا، وعدة أمور قد تنعكس بشكل إيجابي على القطاع في المستقبل القريب.

 النظام في السنة الأولى من التطبيق حقق مكتسبات، ولكن برزت إشكالات كانت بالنسبة للوزارة والشركة الوطنية للقطب العمومي حافزا لتنظيم يوم دراسي خلص إلى عدد من التوصيات التي تتم الآن بلورتها في مقتضيات قانونية من أجل اعتمادها على مستوى المجلسين الإداريين، بمعنى أن أحد الشعارات التي رفعت على مستوى الحكومة وهو إقرار حكامة جيدة وجديدة لتدبير العلاقة مع الإنتاج الخارجي يتم أجرأته، كنا إزاء حوالي 500 مليون درهم تخضع لنظام الاتفاق المباشر، وانتقلنا الآن إلى النظام التنافسي، وطبيعي أن السنة الأولى من التطبيق ستكشف عن إشكالات، وقد كانت للوزارة الجرأة على أن تعمل على مواجهتها بكل مسؤولية وأن تقدم يوما دراسيا للتباحث حولها في إطار من الشراكة مع الشركات الوطنية للسمعي البصري.

11- إذا كان هذا على مستوى التلفزيون فماذا عن السينما التي أثارت ردود أفعال متباينة بين مؤيد ومعارض لطريقة دعم الأعمال؟

** أعتقد أن هذا النظام تدريجيا سيحقق أهدافه، لأنه ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن قطاع الإنتاج الخارجي في بلادنا رغم التوسع الكمي الموجود والمتمثل في عدد كبير من الشركات يتجاوز 680 شركة ضمنها 120 شركة فقط تتوفر على ترخيص المركز السينمائي المغربي، وهو مازال قطاعا هشا، ودفتر التحملات ، وكما أقول دائما، نحن لا ننظر لشركات الإنتاج على أنها خصم أو عدو، بل ننظر إليها على أنها شريك لأنه لا يمكن النهوض بالمشهد السمعي البصري بدون تأسيس علاقة مبنية على قواعد الاستحقاق وتكافؤ الفرص والشفافية والكفاءة لتحقيق هذه الجودة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن النظام الذي نعمل على تطبيقه حاليا على مستوى التلفزيون عبر مؤسسة المجلس الإداري هو نفسه الذي نعمل على تطبيقه على مستوى السينما، بحيث إن دفاتر التحملات الجديدة التي أطرت دعم الإنتاج السينمائي هي الأخرى تمت المصادقة عليها من قبل المجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي في أكتوبر من سنة 2012 وتم العمل بها، وقد جاءت أيضا بإحداث نظام للتتبع، بحيث سنة 2013 أول سنة قامت خلالها المفتشية العامة المالية بافتحاص نتائج الدعم وفق المنظومة الجديدة، وهذا موجود في مرسوم دعم الأعمال السينمائية الذي صدر في غشت 2012. نهاية كل سنة يتم افتحاص نتائج دعم وتتبع مآلات النفقة العمومية المرتبطة بها ، فنفس المنظومة يتم تطبيقها على مستوى دعم الإنتاج السينمائي، ولهذا فأنا أستغرب كيف أن البعض يقبل بذلك على المستوى السينمائي ويرفضه على المستوى التلفزيوني رغم أن المعايير والشروط والمقتضيات المنصوص عليها على مستوى دفتر التحملات الخاص بدعم الإنتاج السينمائي  أشد وأصعب من المعايير المعتمدة على المستوى التلفزيوني.

12- رغم كل هذه التحديات والعوائق هل ستواصلون فتح جبهات جديدة لمواجهة هذه العوائق مع بداية موسم صحفي جديد في 2014؟

** الآن التحدي المطروح بالنسبة إلينا هو أن نشتغل على ثلاث واجهات، الواجهة الأولى التطوير المنتظم والمستمر لمنظومة حكامة الإنتاج الخارجي بما فيه آلية لتتبع الإنتاج وضبط جودته كما هو معمول به في أنظمة الصفقات العمومية على المستوى الدولي وليس الوطني .. الواجهة الثانية تدعيم الإنتاج الداخلي، ولا أخفيكم بأن الدولة قامت بمجهود استثنائي على هذا المستوى، عندما أقول الدولة أقصد ما تم منذ سنة 2006 عندما تقرر تحويل الإذاعة والتلفزة من مجرد ملحقة بوزارة الاتصال لها ميزانية عامة شركة قائمة، وتم الاستثمار في الموارد البشرية، بحيث انتقلت كتلة الأجور من 145 مليون سنة 2005 إلى أزيد من 500 مليون درهم في 2012.. أزيد من ثلاث مرات.. المهم نفس الموارد البشرية من حيث الكمية، والميزانية العامة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة انتقل من 500 مليون درهم إلى مليار و600 مليون درهم، تضاعفت بثلاث مرات تقريبا، إذن هناك مجهود مالي عمومي لا يمكن الاستهانة به، وحتى عندما تعلق الأمر بإعفاء الأسر الفقيرة من الرسم للنهوض بالمشهد السمعي البصري عملت الدولة على تعويض الفارق، والذي يقدر بـ 200 مليون درهم، تعويض هذا الفارق والمحافظة على التحملات أدت إلى أنه سنة 2011 و 2012 بلغت التحويلات المالية التي حولت للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة رقما قياسيا لم يسبق لها أن بلغته، إذ تجاوزت عتبة مليار و100 مليون درهم، فهناك مجهود عمومي يفرض ويقتضي أن نعمل على تدعيم وتقوية الإنتاج الداخلي خاصة وأن دفاتر التحملات تتحدث عن نسبة محددة للإنتاج الداخلي لتثمين الموارد البشرية الداخلية.

حاوره : محمد السعدوني

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.