بوعشرين يكتب: حجر أردوغان الذي أصاب 3 عصافير

14.04.02
بقلم: توفيق بوعشرين
بحجر واحد ضرب رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، عصافير كثيرة.
نصره المدوي في الانتخابات البلدية التي تحولت إلى استفتاء شعبي حول زعامته لتركيا، وحصوله على 45% من مجموع الأصوات، متقدما بسبع نقاط على آخر انتخابات بلدية (2009).. هذا النصر سيعطيه سلاحا قويا لمواجهة خصومه، وهم بالترتيب:

أولا: جماعة كولن التي أعلنت الطلاق عن حزب العدالة والتنمية، واتجهت ليس فقط إلى التحالف مع خصومه اليساريين والقوميين، بل وعمدت إلى توظيف نفوذها في أجهزة الدولة وفي الشرطة والقضاء والمخابرات لمحاولة إلصاق تهم الفساد بأردوغان ووزرائه أسابيع قبل انطلاق الحملة الانتخابية. النصر الذي حققه حزب العدالة والتنمية، أول أمس، هو الأغلى، لأنه تم دون دعم جماعة «كولن» التي كانت تقليديا تصوت وتدعم الإسلاميين المعتدلين، ثم إن هذا النصر الانتخابي سيعطي تفويضا سياسيا لأردوغان وحكومته لتصفية هذه الجماعة واجتثاث جذورها من أجهزة الدولة.

ثاني عصفور سيصاب بحجر أردوغان هي أحزاب المعارضة، فالاكتساح الذي حققه الحزب الإسلامي المعتدل في الانتخابات البلدية جاء بعد 12 سنة قضاها في الحكم، والنتائج المتواضعة التي حصلت عليها أحزاب المعارضة (الحزب الشعبي الجمهوري اليساري حصل على 28% من الأصوات، وحزب الحركة الوطنية القومي حصل على 15% من الأصوات) تدل على أن الناخب التركي مازال يثق في هذه الحكومة ولم ير بعد بديلا عنها، وهذا ما سيؤثر على أحزاب المعارضة في الانتخابات الرئاسية هذا الصيف والانتخابات البرلمانية في سنة 2015…

ثالث عصفور سيصاب بآثار فوز أردوغان هو الغرب، فالانتصار الكبير الذي حققه ابن حارة قاسم باشا في مدينة اسطنبول كان رسالة إلى الغرب الذي صار متضايقا من اتساع نفوذ تركيا الإقليمي، واتجاهها نحو إيران والصين وإفريقيا، في محاولة لتنويع علاقاتها السياسية والاقتصادية، وعدم الجلوس على أبواب الاتحاد الأوربي لاستجداء ورقة الدخول إلى نادي الدول الغربية التي مازالت لها حساسية إزاء الدول الإسلامية، رغم أنها قطعت أشواطا على درب العلمانية… أوربا وأمريكا وإسرائيل كلها دول وقوى مستاءة من سياسة أردوغان تجاه الملف الفلسطيني، حيث قادت أنقرة حملة دولية لرفع الحصار عن غزة، والقوى ذاتها غاضبة من موقف أردوغان من الانقلاب العسكري في مصر، وكيف أن تركيا رفضت هذا الانقلاب، وفتحت بلادها لاستقبال عناصر الإخوان المسلمين ودعمهم لجر الانقلابيين إلى المحاكم الدولية. والقوى ذاتها متضايقة من استقلالية القرار التركي، وتمدده الاقتصادي نحو العالم العربي وإفريقيا مستغلا الفراغ الموجود في هذه المناطق الاستراتيجية.

لكل هذه الاعتبارات، تحولت الانتخابات البلدية إلى رهان سياسي داخلي وإقليمي ودولي كبير، ونصر أردوغان فيه ستكون له نتائج مباشرة على عدد من الملفات الملتهبة.
الدرس والعبرة من كل ما يجري في تركيا أن الصراع السياسي بين الفرقاء يجب أن يحسم في صناديق الاقتراع وليس في مكان آخر، ثم إن أفضل من يدافع عن سمعة أي حزب أمام الناخب هو حصيلته الاقتصادية، وقربه من هموم الناس، وإن التشويش عليه بالإعلام والتظاهرات المخدومة وبالحملات على الفيسبوك وتويتر كلها أشياء لا تحسم المعركة إذا كانت الأرضية التي تقف عليها الحكومة صلبة. لهذا كان ردود فعل أردوغان المتسرعة لإقفال «اليوتيوب» و«الفيسبوك» خاطئة وربما تسئ له أكثر مما تنفعه.
إن بناء نموذج تنموي قوي ومستقل وله أسس معركة لن تكون بلا خصوم ولا عداوات ولا حروب مع الغرب الذي لا يرى من قوة إلا قوته، ولا يرى أن من حق الآخرين دخول نادي الدول المحترمة…
عن افتتاحية أخبار اليوم المغربية في عدد الثلاثاء 1 أبريل 2014

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.