قربال يكتب: أمن المواطنين ..

14.04.10

بقلم: نور الدين قربال

الأمن سنة حضارية واجتماعية وتنموية.. وبدونه لا تستقيم الحياة. لذلك لما أبرزت بعض وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية والاجتماعية صورا لظواهر مشينة تسيء إلى أمن البلاد خلق الرعب لدى المواطنين. رغم المجهودات المبذولة في هذا المجال. وكون الأمن أولوية استراتيجية بالنسبة للمغرب فقد استثمر المغرب في هذا المجال الشيء الكثير على المستوى المادي والبشري.

ونظرا لأهمية الموضوع فإن جلالة الملك يتابع الأمر عن كثب مما جعله يعطي توجيهاته مؤخرا للمسؤولين من أجل جعل حد لبعض الظواهر التي تهدد أمن المغاربة.

ترى ما هي الاستراتيجية التي اعتمدتها أجهزة الأمن من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الأمن المطلوب لكل المواطنين؟

وقد بلغ السيل الزبى عندما انتشرت ظاهرة ما اصطلح عليها ب”التشرميل”. وهي ظاهرة تعبر عن شباب له هيئة خاصة و”تقليعة” متميزة، يحملون سكاكين عبارة عن سيوف كبيرة. والسؤال النفسي هو هل الظاهرة تدخل في علم الإجرام أم أن الأمر متعلق بإبراز الذات والتعبير عن الوجود بشكل ملتفت للنظر؟

بهذا النفس انطلقت أجهزة الأمن من أجل مواجهة الظاهرة من جهة ومواجهة كل ما يمكن أن يؤثر على سلامة وأمن المواطنين. والخطة شملت كل الجهات نظرا لأهمية الموضوع.

إن محاربة الإجرام ليس أمرا جديدا وإنما الذي أثار انتباه الناس هو ابتكار الظواهر المعبرة عنه. خاصة على مستوى ترويج وتسويق المصطلح “تشرميل” نموذجا.

فهل الاستراتيجية ستعتمد سياسة القرب والعمل المتواصل واعتماد كل الوسائل من أجل طمأنة المواطنين؟ هل سيطمئن الناس على ممتلكاتهم ويفرض النظام على الجميع؟ وهناك سؤال جوهري: إلى أي حد يتم التنسيق بين كل أجهزة الأمن، والإدارة الترابية؟ وفي تقديري أصبح من الضروري إحداث المجلس الأعلى للأمن المشار إليه في الفصل 54 من الدستور، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد. وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة.

إن القضايا الأمنية تحتاج إلى سياسات عمومية، تنطلق من قيم الثقة والكفاءة والمرودية، والفاعلية والحكامة.. لأن الأمن صورة عاكسة لراحة المواطنين وحياة المستثمرين وسمعة البلاد من حيث السيادة والاستقلالية. خاصة وأن المغرب رسم لنفسه استراتيجيات على جميع المستويات ولن يتحقق هذا بدون بناء بنية تحتية أمنية صلبة مصاحبة لكل المشاريع التنموية.

ورغم ما شهدناه على مستوى المواقع الاجتماعية، بالنسبة للصور التي أثارت الجميع فإن المغرب ليس بالصورة التي تراد له، فالأمن يقوم بمجهود محترم لكن مثل هذه الظواهر يجب أن يتعامل معها بموضوعية وحزم ويقظة وتبني سياسات استباقية تطوق كل الظواهر المتناسلة.

ومما يثلج الصدر أن أجهزة الأمن وعدت بأنها ستغير طريقة العمل من حيث الحماية والوقاية والمقاربة والتحسيس وإيجاد بنية صلبة للمسألة الأمنية، هادفين كما أكد على ذلك وزير الداخلية بناء الثقة بين المواطنين وأجهزة الأمن. حتى يكون الأمن في خدمة المواطن وهذا هو عمق الديمقراطية بشتى أنواعها التشاركية والتمثيلية والمواطنة والقرب..

ومن أجل تفعيل هذه الاستراتيجية وضعت لجن محلية تكون قريبة من المواطنين. مع التركيز على النقط السوداء في هذا المجال.

 

نخلص من هذا الموضوع إلى مايلي:

1. انطلاق المقاربة من الدار البيضاء تحت إشراف وزير الداخلية له دلالة أن البيضاء مؤشر لنجاح أو فشل أي مخطط لا قدر لله.

2. هذا العمل يتطلب التكوين المستمر لأجهزة الأمن لأنه لايمكن أن يقوم عضو من هذا الجهاز بكل التخصصات ولذلك لابد من أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار.

3. ربط علاقة الثقة بين المواطنين وأجهزة الأمن كما هو معروف عند الدول المتقدمة وهذا مرتبط بالروح التضامنية والتعاون الذي يتصف به المغاربة لأن المسألة الأمنية شأن الجميع.

4. إن القضية الأمنية بالمغرب متقدمة على مجموعة من الدول لذلك من الواجب التعامل مع الظواهر بواقعية وليس بالتهويل.

5. إن أجهزة الأمن مطالبة بتقديم المعلومة عبر جميع الوسائل لأن الفراغ يعطي فرصة للتحدث في كل شيء وعلى كل شيء.

6. إن مصطلح “تشرميلة” يوحي بما يعرف عند المغاربة ب”تخليطة” وهذا ما يخلق رعبا نفسيا أولا لما للمصطلح من دلالة. لذلك لابد من الاستعانة بعلماء بمختلف التخصصات حتى يضبط كيفية اختيار هذه المصطلحات وتسويقها.

7. مهما وضعت الخطط فلن يتحرر أي بلد من الإجرام، لأن الجريمة عالمية لكن المهم ألا تصبح ظاهرة تهدد أمن المواطنين.

8. إن أي ظاهرة إجرامية مرتبطة بالبعد الثقافي، لذلك لابد من الاستعانة بعلماء مختلفي التخصصات حتى يمكن وضع برامج تربوية لعلاج الظاهرة. وتبقى التنمية فيصلا مهما للتقليص من مجموعة من الظواهر.

9. في طار الديمقراطية التشاركية يمكن التعاون مع المجتمع المدني. وهذا تدريب للطرفين من أجل البناء المشترك. لأن الدستور مكنه من مجموعة من الأدوار نحو تقديم قرارات ومشاريع وعرائض وملتمسات في مجال التشريع.

10. لقد ركزت كثيرا على التنسيق بين المصالح الأمنية، وأضيف بأن المقاربة شمولية للظاهرة، ومن تم يجب التنسيق بين كل الفاعلين حتى تتم الفائدة.

11. تفعيل الفصل 27 من الدستور الذي ينص على الحق في الحصول على المعلومة إلا ما استثنى القانون.

12. إذا كانت المؤسسة السجنية –كما يقولون- مرتعا خصبا لتوليد المصطلحات فمن الواجب أن تتضاعف التوعية وإعادة الـتأهيل ومواجهة كل ما يعيق ذلك من تجاوزات.

13. قيام الأسرة والمدرسة والهيآت المدنية والسياسية والمؤسسات الجامعية بالدور التأطيري خاصة للشباب لأنه المعرض أكثر للانحرافات والاعتناء بإبداعاتهم وتشجيعهم ومساعدتهم على الانخراط في الحياة العامة.

 

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.