الشوباني: حكومة ابن كيران لا تتخوف من توسيع دور المجتمع في إدارة شؤونه

 
13/01/12
أكد الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أن حكومة السيد عبد الإله ابن كيران “سيكون لها شرف وضع أسس جديدة لما بعد الديمقراطية التمثيلية”، والتي ستدشن بـ”ورش التشارك في مجال التأثير المباشر للمجتمع المدني المنظم وعموم المواطنات والمواطنين على صناعة  القرار التشريعي ومجمل السياسات العمومية المتعلقة بحقوقهم وحرياتهم”، مشيرا، في حوار مع يومية “التجديد” أوردته في عددها اليوم الجمعة 13 يناير، إلى أن هذا الشرف/التحدي يطرح على المجتمع المدني تحدي “المزيد من التنظيم والاستقلال عن مختلف الفاعلين وتطوير الخبرات الاقتراحية ذات الصلة بالانشغالات المجتمعية”.
وأوضح الحبيب الشوباني أن الحكومة “لا تتخوف من توسيع دور المجتمع في إدارة شؤونه وكسر احتكار الطبقة السياسية لهذا الشأن”، بل هي عازمة على الدفع بهذا الخيار التشاركي إلى “أبعد مستوى ممكن وفق رؤية وبرنامج عمل سننتجه أيضا بطريقة تشاركية”، مستفيدة من “التجارب الناجحة في هذا المجال بما يكون محل احترام الجميع وعنصر جديد في تعزيز التفاهم الوطني”.
وفي ما يلي نص الحوار:

بصفتكم وزيرا مكلفا بملف المجتمع المدني، والذي ألحقته الحكومة الجديدة ولأول مرة بالوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان، ما هو تصوركم الأولي للتعامل مع هذا الملف؟
بداية أود التأكيد على أن الحكومة تنطلق في عملها من الوعي الكبير بأهمية تفعيل الدستور الجديد، وخصوصا في أحد المحاور المهمة جدا والمتعلقة بما يعرف بالديمقراطية التشاركية، والتي جاءت في ثنايا العديد من أحكام الدستور، خصوصا في الفصول 12 و13 و14 و15 و139 و168 و169 و170، وهو ما يعني أن حكومة الأستاذ عبد الإله ابن كيران سيكون لها شرف وضع أسس جديدة لما بعد الديمقراطية التمثيلية، وذلك من خلال تدشين ورش التشارك في مجال التأثير المباشر للمجتمع المدني المنظم وعموم المواطنات والمواطنين على صناعة القرار التشريعي، وكذا مجمل السياسات العمومية التي تعنيهم في واجباتهم وحقوقهم وحرياتهم..
سيحدث ذلك بالطبع من خلال إخراج القوانين التنظيمية، التي ستحدد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، وكذا العرائض للسلطات العمومية ومجالس الجهات والجماعات الترابية للمطالبة بإدراج نقط في جدول الأعمال مما يدخل في اختصاصها، وهو ما يجعل الكثير من طلبات وانتظارات المواطنين لا تبقى حبيسة الدائرة التقليدية المتعلقة بالمبادرة الحكومية والبرلمانية، بل ستدخل في عهد جديد يعطي أيضا المبادرة للمجتمع المدني، وهو مكسب كبير سيضمن توسيع دائرة المسؤولية والتشارك في إدارة الشأن الوطني وسيعزز دور المجتمع المدني الذي سيكون بلا شك أمام تحدي مزيد من التنظيم والاستقلال عن مختلف الفاعلين وتطوير الخبرات الاقتراحية ذات الصلة بالانشغالات المجتمعية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية..
لأجل ذلك أؤكد مرة أخرى أن الحكومة واعية بهذا الخيار التشاركي في الوثيقة الدستورية، وعازمة على الدفع به إلى أبعد مستوى ممكن وفق رؤية وبرنامج عمل سننتجه أيضا بطريقة تشاركية.

هناك ملاحظات لعدد من الخبراء حول موضوع الديمقراطية التشاركية والمرتبطة بتخوفهم من أن تضعف هذه المجالس العمل الحكومي أو تؤثر عليه خاصة أمام عددها وطبيعتها؟
يجب أن نعلم أولا بأن هناك الكثير من الدول التي سبقتنا في هذا المجال، ومنها من وصل اليوم في إطار الديمقراطية التشاركية إلى ما يسمى بالمَيْزَنة التشاركية، وهو ما يعني وضع الميزانيات على المستوى المحلي والمركزي في إطار تشاركي يأخذ بعين الاعتبار حاجيات المجتمع ومتطلبات وانتظارات المجتمع المدني، وخصوصا الفئات المحرومة والمستضعفة التي لا تنصفها الديمقراطية التمثيلية والتي عادة ما تحولها إلى وقود انتخابي ثم تتخلى عنها بسرعة جنونية..
لذلك نحن لا نتخوف من توسيع دور المجتمع في إدارة شؤونه وكسر احتكار الطبقة السياسية لهذا الشأن، بالعكس، فالأصل في الاجتماع البشري السعيد والناجح هو التمكين لفئاته وجهاته بالتدخل وفق القانون لتتبع شؤون حياته واتخاذ القرارات التي تخدم كرامته وتصون حرياته ومقدراته الرمزية والمادية.. إننا إذن سنعتمد مقاربة تشاركية وبنفس طويل وعميق وهادئ يهدف إلى تعزيز المنظومة التشريعية والاستفادة من خبرات الدول التي سبقتنا والتجارب الناجحة في هذا المجال بشكل يكون محل احترام الجميع وعنصر جديد في تعزيز التفاهم الوطني.

يطرح في هذا الصدد أيضا تحدي تنوع وتعددية المجتمع المدني المغربي حد الانقسام، ومنه القريب منكم والمستقل، لكنه يضم أيضا مكونات مخالفة لتوجهكم إلى درجة التناقض، فكيف ستتعاملون مع كل هذه المكونات؟
نحن سنقوم بجهد كبير يرمي لفتح ورش تشريعي غايته تمكين منظومتنا التشريعية من قوانين تنظيمية تعطي للمبادرة المدنية دورها المقدر والمعتبر في خدمة الوطن والمواطنين، وعندما تكون الأمور قانونية وتكون قد مرت بطريقة ديمقراطية، اقتراحا ومناقشة وتصويتا وإعلانا، فساعتها لا يمكن أن يكون هذا السؤال موضوع أي إشكال، لأننا نؤمن بالتعددية وبالاختلاف الإيجابي.. وأنا لا أتفق أن التعدد في المغرب يذهب حد الانقسام، بالعكس هو مهم ويرتبط باختلاف الرؤى والنظرات في واقعنا وهي كلها اجتهادات بشرية نسبية..
نحن واثقون أن هذه الخطوات ستكون فرصة لإطلاق دينامية جديدة بين الفاعلين السياسيين والمدنيين، وستمكّن من إغناء الحوار الوطني وتعزيز دولة المؤسسات الديمقراطية المسخرة لخدمة الشعب.

هل توصلتم منذ تعيينكم حتى اليوم بطلبات أو مذكرات أو شرعتم في تواصل من نوع ما مع بعض مكونات المجتمع المدني؟
نحن الآن حكومة معيّنة، وقبل أن يتم التنصيب ونيل الثقة من طرف مجلس النواب، فكل ما نقوم به يدخل في إطار تصريف الأعمال، وفي هذا الإطار هناك تواصل استكشافي من كلا الطرفين في بداياته الأولى.. المهم أن الدستور يمنحنا مساحة زمنية هي هذه الولاية التشريعية لتكون المنظومة التشريعية قد تعززت بالقوانين التنظيمية المعنية بالأمر، وهي حوالي 16 قانون تنظيمي متبقي.. لذلك لدينا الوقت إن شاء الله لإطلاق التشاور على المستوى الوطني والمحلي والاستفادة من الخبرة الدولية في هذا المجال حتى تكون الأمور ناضجة وفق منهجية تشاورية تشاركية.. ولا شك أن البرنامج الحكومي، ولأول مرة، سيكشف عن التزام الحكومة بوضع مخطط تشريعي يكون بمثابة لوحة قيادة تشريعية وفق أهداف وأولويات دقيقة تمكن من التنزيل المحكم والفعال للوثيقة الدستورية وتحقيق الأهداف المسطرة لذلك.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.