إصلاح نظام الضمانات المنقولة دعم للمقاولة والاستثمار

لبنى الكحلي

تشكل المقاولات العمود الأساسي لأي اقتصاد صاعد، والمحرك الرئيسي لكل المشاريع والأوراش والمخططات الكبرى للدولة، يتوفر المغرب اليوم على نسيج مقاولاتي تشكل فيه المقاولات الصغيرة والمتوسطة نسبة 95 بالمائة، وبالرغم من المجهودات المبذولة من أجل تطوير المقاولة المغربية فإن صعوبات جوهرية تواجهها خاصة على مستوى توفير رؤوس الأموال الكافية لتمويل مختلف طموحاتها الاستثمارية، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع نسبة المخاطر، التي تنعكس على قيمة الضمانات المقدمة للمؤسسات البنكية، بحيث أن حوالي 66 بالمائة من المقاولات تجد صعوبات في الاستمرار خلال الخمس سنوات الاولى من النشأة  و خاصة التي يقل رقم معاملاتها عن 10 ملايين درهم، وعدد العاملين بها 10 أجراء وهذا راجع لصعوبة الولوج للتمويل وغياب المواكبة.

يعد نظام الضمانات المنقولة أحد أهم ركائز النظام المالي الحديث وأداة مهمة لإعطاء دفعة للاقتصاد ودعم القطاع الخاص، بحيث يساهم في  تسهيل حصول المقاولات على التمويل من أجل إنجاز المشاريع.

وتنظم الضمانات المنقولة بالمغرب من خلال نصوص قانونية مؤطرة من بينها الظهير بمثابة قانون الالتزامات والعقود والقانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، و القانون رقم 97.15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، و القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات وكذا قانون الضمان الاجتماعي؛ كل هذه المقتضيات تم تجميعها في نص مشروع القانون رقم 21.18  المتعلق بإصلاح نظام الضمانات المنقولة الذي صادق عليه مجلس النواب بالإجماع خلال الدورة الاستثنائية للبرلمان، بهدف إعطاء دفعة للاستثمار والمقاولة خاصة الصغرى والمتوسطة.

 يندرج إصلاح الضمانات المنقولة في سياق سلسلة من الاصلاحات المهمة التي أطلقتها الحكومة منذ سنتين من أجل تطوير المنظومة القانونية للمقاولة من خلال تعديل الكتاب الخامس لمدونة التجارة و إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار إضافة إلى أداء متأخرات المقاولات للضريبة على القيمة المضافة وفي هذا السياق تمكنت الحكومة الحالية من تسديد 60 بالمائة من قيمة هذه الديون مما سيساهم في تحريك الدورة الاقتصادية وإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة.

لعل إصلاح نظام الضمانات المنقولة يعد أحد الاصلاحات العميقة التي تدخل ضمن هذه السلسلة والتي ستمكن من الرفع من جاذبية بلادنا للاستثمارات الخارجية والمساهمة في تعزيز إشعاع وتنافسية القطب المالي للدار البيضاء والتقدم في مؤشر مناخ الاعمال من خلال تجميع مقتضيات الضمانات المنقولة في كتاب واحد وتسهيل الحصول على المعلومات المرتبطة بها و إحداث سجل وطني إلكتروني للضمانات المنقولة يتم تدبيره من قبل وزارة العدل، الأمر الذي يعد طفرة نوعية في مجال تسهيل حصول المقاولات على التمويل، ويضع المغرب في مصاف الدول المتقدمة التي تمتلك تشريعات تنظم الضمانات المنقولة، بانشاء سجل لها على غرار الولايات المتحدة وكندا والهند وإندونيسيا.

إن سجل الضمانات المنقولة سيساهم في ترشيد تكلفة التمويل بتقليص الوقت اللازم للاشهار، و بث الثقة في مانحي الائتمان بما يضمن لهم استيفاء حقوقهم، و كذا تنشيط حركة الاستثمار ودفع عجلة التنمية بتقديم خدمات أفضل للمستثمرين.

إن قانون إصلاح نظام الضمانات المنقولة ينظم أصول استخدام الضمانات المنقولة كضمانات للحصول على التمويل حتى لا يتوقف الاستثمار على وجود ضمانات عقارية فقط، الأمر الذي سينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني و على المواطن من خلال إعطاء دفعة لتوفير الشغل وتقليص معدل البطالة وكذا توفير ضمانات للقطاع غير المهيكل للانخراط في الدورة الاقتصادية.

إصلاح لا يمكن إلا تثمينه لما له من آثار إيجابية على المقاولة والاستثمار لكن يجب الانتباه إلى أن فلسفة مشروع القانون رقم 21.18 يجب أن تضمن تمكين المقاولة من التمويل وليس خلق ضمانات جديدة للقطاع البنكي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.