الشوباني يشارك في ندوة “الأحداث المغربية” حول الدستور الجديد: “استعجال دخول لحظة الانتخابات.. سوء تدبير أو سوء نية”

17-06-2011

اعتبر الحبيب الشوباني عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الأطراف التي تستعجل دخول المغرب إلى لحظة الانتخابات على جسر الوثيقة الدستورية الجديدة “أطراف تريد، بوعي أو بدونه، الاستخفاف بهذه اللحظة التاريخية، والتسريع بنقل التحكم من الوثيقة الدستورية المنتهية صلاحيتها إلى واقع السياسة كتدابير وممارسة وتحكم انتخابوي فاسد”، وشدد، في ندوة نظمتها يومية “الأحداث المغربية” الأحد 12 يونيو الجاري حول “طريق العهد الدستوري الجديد: أي أجندة وأي دور للأحزاب السياسية؟”، على أن إنجاح ورش دستور يستجيب لتطلعات الشعب المغربي وورش بناء مؤسسات تحظى بالمصداقية والاحترام وتكون قادرة على التصدي للإشكالات التي تواجه البلاد “لن يتحقق في وقت وجيز”، و”أي استعجال من شأنه أن يأتي بوزير أول من منظومة انتخابية عتيقة ومناخ انتخابي فاسد وغير تشاركي ولا حماسي، وسيكون وزيرا أولا خاضعا للتعليمات”، فـ”هل نريد حكومة تعبر عن الإرادة الشعبية ونابعة من صناديق الاقتراع ومسؤولة أمام الشعب والبرلمان، أم حكومة متحكما فيها في إطار منظومة وقع فيه تغيير موقع التحكم من الوثيقة الدستورية إلى التدبير بمنظومة انتخابية فاسدة؟” يتساءل.
وأكد الشوباني أن ربح ورش الانتخابات، بعد ربح الوثيقة الدستورية، يحتاج إلى تحضير تشاركي حقيقي وجيد وفي غلاف زمني كافي ومعقول، و”لا يمكن فهم هذه العجلة إلا في إطار سوء تدبير أو سوء نية”، فـ”إذا كان الاستعجال يتم بإرادة حسنة، فهو يعبر عن سطحية وسذاجة غير مقبولة في السياسة”، و”نحن في العدالة والتنمية ما لبثنا نؤكد على ضرورة التحضير الجيد لمرحلة الانتخابات، وعدم ربطها بإقرار الدستور الجديد الذي يمكن أن تتضمن مقتضياته الختامية ما يفيد تحديد تاريخ سريان المفعول باستحضار الكلفة الزمنية للتحضير للورش السياسي الذي لا يقل أهمية عن الورش الدستوري”.

العديد من صراعات الواقع وهمية ومصطنعة.. وخديعة تمارسها آليات الاستبداد
ودعا عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إلى تأجيل موعد الاستفتاء الدستوري إلى شتنبر أو أكتوبر المقبلين، اعتبارا للنقاش العمومي الذي يقتضيه هذا الاستحقاق من أجل انبثاق الدستور من نقاش وطني حقيقي أولا، ولمصادفة الموعد المحتمل شهر العطل ورمضان بما قد ينعكس على حجم المشاركة السياسية ثانيا، ولأهمية التدابير المصاحبة، التي يجب أن تسوي أرضية التباري وتمهد للدخول في مناخ وطني حماسي يؤطر مرحلة التصويت على الدستور وبعدها الانتخابات بالشجاعة المطلوبة، ثالثا، مشيرا إلى أن العديد من النقاشات والصراعات في واقع الاستبداد والتحكم “وهمية ومصطنعة”، ولا تعبر حقيقة عمّا يعتمل في المجتمع، لذلك “وجب التحفظ على التصنيفات التي توزع قوى المجتمع على فئات تتحيز لمفاهيم دون أخرى، والتي تدخل في نوع من الخديعة التي تمارسها آليات الاستبداد، والذي يجب تفكيك منظومته “تفكيكا سلميا مبنيا على شعور جماعي بأن الخطر قادم”، ويجب الانتقال إلى إرساء دعائم الدولة الديمقراطية في إطار حوار وطني، فـ”إذا لم يقع هذا الانفراج الحقيقي من أجل الدخول أفواجا في دين الحرية والعدل وتكافؤ الفرص، فإن نقاشاتنا ستكون زائفة وتعيدنا إلى طرح السؤال الأزلي”.

أي محاولة للالتفاف وإرجاع المغرب إلى منطق التحكم ستكون سطحية وبليدة
وجدد الحبيب الشوباني تأكيده على أن أي محاولة لـ”الالتفاف وإرجاع المغرب إلى منطق التحكم ستكون سطحية وبليدة”، فـ”هذه الموجة الديمقراطية، التي يعيشها المغرب اليوم، إذا لم تنتج انتقالا معقولا نحو دولة ديمقراطية، فإن الموجة القادمة، ولو بعد عقود، ستكون موجة جذرية وحالقة”، وأن “الاستثناء المغربي” سيتبدى أكثر في حصول هذا الانتقال الديمقراطي بـ”إدراك الطبقة الحاكمة أنه لم يعد بالإمكان التحكم في الشعب المغربي”، فـ”المطلوب اليوم إنشاء دستور يؤسس لدولة الأحزاب، على اعتبار أن الديمقراطية هي دولة الأحزاب التي تتنافس بحرية ونزاهة على أساس برامج وتتداول السلطة سلميا، وليست دولة المخزن أو دولة وزارة الداخلية أو دولة اللوبيات أو دولة الفساد من جهة، وإزالة الخوف في تدبير علاقة الحاكم بالمحكوم، بعيدا عن كل أساليب القمع والترهيب والترغيب المزيف التي يراهن البعض على إرجاعها من جهة ثانية”، ودونهما مجرد “مناورة ستكون تحضيرا أو تأجيلا للانفجار الذي لا نريده لوطننا”.

الموجة الديمقراطية الحالية.. إيذان باسترداد الشعوب لمبادرة الإصلاح
كما أكد أن موجة الديمقراطية، التي نعيش اليوم على إيقاع التجاوب معها بعد أن كنا نسير نحو انحطاط غير مسبوق في التعاطي مع تدبير الشأن العام واحتقار غير مسبوق أيضا للإرادة الشعبية والقانون والرأي العام وللكرامة الوطنية في علاقتها مع كل شعارات التحديث والدمقرطة والتنمية، نقلت الشعوب من حالة “التماس” الإصلاح الفوقي من الحكام إلى حالة استرداد المبادرة فيه وفرض الإرادة الشعبية والدفاع عنها وتمكينها لبناء دولة ديمقراطية لها مقومات تعاقدية واضحة، فـ”الشعب يريد” بصوت لا خوف فيه ولا تردد، ويعلن أن “فترة السماح التي كانت للحكام خلال هذه السنوات انتهت صلاحيتها، ولم تعد الشعوب تنتظر منهم شيئا بعد أن تكشف لها أن أكثرهم ليسوا فقط سياسيين فاشلين في تحقيق مطالب الحرية والكرامة والتنمية والاستقلال الفعلي، ولكنهم تحولوا للأسف الشديد إلى لصوص للإرادة السياسية للأوطان والأموال والثروات الوطنية، كبعض خزائن العملة الصعبة المسروقة في قصور الرئيس المخلوع بنعلي التي شاهد العالم”.

حراك اليوم تحول جذري مضاد لاتجاه تعميق نهج التحكم السائد
وجزم الحبيب الشوباني بأن الحراك الذي يجري اليوم على الساحة السياسية الوطنية تحوّل “جذري” و”قطيعة” مع ثقافة الماضي وقعا بسبب الرياح المضادة تماما لاتجاه تعميق نهج التحكم الذي كان يسير عليه المغرب، والذي كان يستهدف إفراغ الدولة من أي معنى ديمقراطي، ويسلمها لنزوات نافذين جدد وقدامى يريدون إدارة البلد سياسيا واقتصاديا وثقافيا لأهداف لا علاقة لها بأي نفس شعبي أو ديمقراطي أو مؤسساتي، وأيضا تجاوب “قسري” لا إرادي للطبقة الحاكمة مع موجة ديمقراطية نشأت وانتشرت كالعاصفة في الوطن العربي، وأشار إلى أن الوضع الوطني، وإن كان لا يشبه بالتطابق التام الوضع التونسي والمصري من حيث درجة الاحتقان والاستبداد والانسداد، فإن السرعة “الجنونية” نحو التحكم، التي راكم بها المغرب الخيبات والتراجعات في ثلاث سنوات فقط منذ مجيء فؤاد الهمة ومشروع الحزب السلطوي، تجزم بأن “اجتماع شروط الانفجار عندنا لا تحتاج لأكثر من بضع سنوات إضافية”، فـ”قد تعمق انحدار المغرب، الذي تسارع بشكل عنيف منذ 16 ماي 2003، بدخول مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة بشكل مباشر إلى البرلمان والحياة السياسية والحزبية، وزادت سرعته انحدارا لما امتلك بجرأة فاحشة القدرة على تشكيل أكبر فريقين بمجلس النواب والمستشارين رغم أنه لم يشارك في الانتخابات البرلمانية، ووضع قدم داخل مربع الحكومة للتحكم فيها وآخر في مربع المعارضة للتشويش عليها، ثم تواصل العبث خلال انتخابات 2009 الجماعية بأفعال اكتست طابع الإجرام والبلطجة السياسية في أغلب المدن لكسر التحالفات التي أقامها حزب العدالة والتنمية مع كافة الفرقاء السياسيين، والتي سُخِّرت فيها الإدارة وبعض الأجهزة الأمنية وبعض الأجهزة التابعة لمؤسسة القضاء، وما زالت آثارها العدوانية والتخريبية بادية اليوم في تدبير أهم وأكبر مدن البلاد كالدار البيضاء وطنجة ووجدة..”.

نعيش الآن في دولة يسودها التحكم.. وصحراء قاحلة تمتد بين الشعب ونخبه
وفيما أشار عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إلى منهج “التحكم”، الذي أصبح السمة البارزة في مجال السلطة والثروة والقيم أيضا، حيث تعدى الحقل السياسي والاقتصادي إلى “استبداد” فني وثقافي وإعلامي تبدى من خلال “نزوع” النافذين في الدولة للتحكم في أذواق الناس عبر تمويل مشاريع فنية “لا تنتمي إلى التمويل الديمقراطي للثقافة، كمهرجان موازين الذي يعكس تفكيرا استبداديا في تدبير الثروات الرمزية والمادية في البلاد”، حتى غدا مطلوبا من الشعب أن يكون “حقل تجارب لكل الأهواء والنزوعات السادية للحاكمين غير الديمقراطيين”، أوضح أن هذا الوضع التحكمي، للأسف الشديد، ساهم في “تلاشي الكثير من الأحزاب السياسية وتراجع دورها في الاضطلاع بمهامها في تمثيل الشعب والدفاع عن حقوقه وقضاياه العادلة، وأيضا تراجع دور المثقفين والنخب والعلماء والهيآت الشعبية”، مما أنتج “صحراء قاحلة ممتدة بين الشعب المنهوب من قبل ديناصورات المال والسياسة والمتخلى عنه من طرف نخبه المستلحقة والمغرر بها في دوائر السلطة والمتعة والامتيازات، وبين هذه الطبقة الحاكمة المستبدة بكل الأمور”، فـ”تحرك الشارع، في ظل هذا الفراغ، كقوة تحاول التعبير بعد أن لاح في الأفق الانسداد، وتاهت غالبية الطبقة السياسية في تدبير العلاقة مع الدولة”.

20 فبراير عززت خط الممانعة.. وعلى الجميع إيجاد التكامل بينها وباقي القوى الديمقراطية
وجدد الحبيب الشوباني تأكيده على أن حركة 20 فبراير، التي قال إنها استأثرت في بدايتها باحترام كبير لحد الإقرار بأنها ساهمت بشكل مباشر في إنتاج خطاب تاسع مارس بالشكل الذي جاء عليه رغم أن وقفاتها ومسيراتها لم تصل كميا إلى القول بأنها تمثل أغلبية شرائح المجتمع، وإن عززت حركة “الممانعة” التي ظهرت مع بداية بروز الحزب السلطوي الذي تصدت له بعض القوى السياسية وفعاليات حقوقية وإعلامية، وعلى رأسها العدالة والتنمية، ونجحت في توجيه ضربات مباشرة لرموز الفساد السياسي والمالي وكسر حاجز التردد والخوف، فإن “فعلها الوطني والتاريخي المجيد لم يقع بالشكل المطلوب بسبب “الرهان على إضعاف قوتها وإخمادها اعتمادا على عامل التشويه والاختراق والتحكم وحتى التوظيف”، حيث “دخلت في مرحلة من اختلال التوازن، تمثل أولا في رفض لقاء اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور وتفويتها فرصة ترسيم موقفها من الدستور فاتحة بذلك الباب أمام الطامعين في بقائها فضاء مشرعا لكل الأسقف والمزايدات والاختراقات، وثانيا في اختيار أعضائها النزول إلى الأحياء الشعبية، والذي أخرجها من منطق الضغط الإيجابي وفتح مستقبلها على كل الاحتمالات”.
واعتبر حالة “عدم التوازن”، الذي أصاب هذه الحركة مؤخرا لم يأت من داخل مكوناتها فقط، بل جاء أيضا من الفاعلين المحيطين بها، فـ”الدولة ساهمت في ذلك عندما اعتمدت العنف غير المبرر في حق أعضاء الحركة، فكانت جريمة قتل الشهيد كمال عماري فرصة لاسترجاع المبادرة وتصحيح المسار من طرف الحركة وهو ما جسدته مسيرات 5 يونيو بنجاح”، ودعا الجميع إلى العمل على إيجاد التكامل المطلوب بين هذه الحركة الشبابية الاجتماعية وباقي القوى الديمقراطية حتى “لا يتم الإجهاز على هذه اللحظة التاريخية”، على اعتبار أن “الدولة فيها عقلاء، وأيضا مجانين يراهنون على أن ينتج المجتمع مجانين مثلهم حتى يتمكنوا معا من إشعال حرب المجانين التي ترهن مستقبل الوطن برمته”.
هذا، تجدر الإشارة إلى أن ندوة يومية “الأحداث المغربية” قد استضافت، إلى جانب الحبيب الشوباني، كل من المصطفى بوعزيز، القيادي بصفوف الحزب الاشتراكي الموحد، وعادل بنحنزة، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، الذين أجمعوا على ضرورة مواكبة الوثيقة الدستورية بنقاش عمومي، وعدم التسرع في إخراج القوانين الانتخابية أو آجال تنظيمها.

الموقع: سعيدة الوزاني

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.