الطويل: عمل المجلس الأعلى للحسابات يكرس القناعة بممارسة نقد ذاتي مؤسساتي

أكد محمد الطويل عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن بلادنا من خلال عمل المجلس الأعلى للحسابات تكرس القناعة بممارسة نقد ذاتي مؤسساتي، سيساهم لا محالة في تجويد أداء الإدارة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابي في تدبير الشأن العام.

وتابع الطويل، خلال مناقشة الميزانية الفرعية للمجلس الأعلى للحسابات بمجلس النواب، أمس الخميس، أن بلادنا تراكم يوما بعد يوم، عناصر إيجابية في مجالات الرقابة والتقييم المنكبين على التدبير العمومي الوطني والترابي، مضيفا أن التجربة المغربية في هذا الميدان مفتوحة على آفاق واعدة تعكس صدق  الإرادة من أجل محاربة الفساد وتطوير حكامة الأداء العمومي.

وأبرز الطويل، أن تاريخ تطور عمل هذا المجلس شاهد على هذا، ابتداء من سنة 1960 تاريخ احداث اللجنة الوطنية للحسابات، والتي لم تكن سوى لجنة محدودة الاختصاصات والمهام، مرورا بتاريخ 1979 تاريخ احداث المجلس الأعلى للحسابات وإصدار القانون رقم 12.79 وإصدار مدونة المحاكم المالية، ثم مع دستور 1996 حيث تم دسترة المجلس، وأخيرا مع دستور 2011 حيث تم الرقي بدور المجلس الأعلى للحسابات ومنحه اختصاصات أكبر.

وأشاد الطويل، بالقيمة المعتبرة لتقارير المجلس الأعلى والتي تطبعها المهنية والحياد، حيث أضحت فرصة لإغناء النقاش العمومي وتغذيته بمادة علمية تؤطره وتحفزه، “لا سيما أن التقارير تأتي  قبيل مناقشة  مشروع قانون المالية مما يمكن البرلمانيين والمهتمين من مادة معتبرة تعينهم في أداء مهامهم على صعيد الرقابة وتقييم السياسات العمومية”.

ويرى الطويل، أن مثل هذه التقارير تؤثر على العديد من القرارات سواء المتعلقة بتقييم أداء الحكومة كما حصل مع إعفاء بعض الوزراء، أو من خلال التأثير غير المباشر على بعض النقاشات والتي كان من بينها التعديل الحكومي، حيث حظي التقرير بهذه المناسبة باهتمام كبير لدى الرأي العام السياسي والإعلامي والمجتمعي الوطني.

وعلى الرغم من ذلك، توجد إشكالات لا بد من معالجتها، من قبيل “التعاطي مع مسألة التصريح بالممتلكات”، قائلا “اذ كان المعول على هذا الإجراء التصدي لظاهرة الاغتناء والإثراء غير المشروع بسبب حيازة موقع في هرم السلطة الإدارية او السلطة السياسية، غير أن التعاطي مع هذا الإجراء أضحى مجرد تدبير روتيني لا يتوقع من ورائه تحقيق اَي مكسب في محاصرة بعض ظواهر الفساد”.

جزء من ذلك، يردف الطويل، مرتبط بضعف قدرات المجلس الأعلى في دراسة وافتحاص التصريحات بالممتلكات التي يتقدم بها المنتخبون والسياسيون والإداريون وغيرهم. مما يطرح سؤال الجدوى، مضيفا أن المطلوب اليوم هو تعبئة مزيد من الموارد البشرية والمالية والمعلوماتية من أجل إعطاء معنى لهذا الإجراء، لا سيما مع التطور الكبير لعدد المعنيين به، وتابع “نحن نملك جماعات ترابية تقدر ب 1500 جماعة، وعدد من البرلمانيين والوزراء ورؤساء المؤسسات الدستورية فضلا عن القضاة والموظفين المالكين لقرار الامر بالصرف”.

وتساءل الطويل، “ما مصير تقارير المجلس، حيث إن إحالتها في السابق على الحكومة، كان يتأسس على مبدأ أن وزير العدل هو رئيس النيابة العامة، اليوم بعد انتقلت صلاحيات النيابة العامة من وزير العدل الى رئاسة النيابة العامة، أضحت الإحالة أقرب إلى إحالة إدارية. فما مصير هذه التقارير؟ وما الدور الدي يجب ان يلعبه الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى؟”.

كما تساءل الطويل، لما التركيز على الدور الرقابي والتقييم للمجلس، وتغييب الدور التوجيهي والتأطير؟ “ذلك أن دور المجلس أن يكون دعم وتوجيه وتأطير، وليس دور رجال الأمن”، موضحا أن العمل لا بد أن يكون استباقيا قبل ان يكون عملا ضبطيا.  وخلص المتحدث ذاته إلى أن القناعة اليوم أن تقارير المجلس الأعلى لم تعد تهم الإدارات العمومية، بقدر ما أضحت تهم جميع المؤسسات الحزبية والنقابية والمدنية، لا سيما باعتبارها مرجعا يتضمن العديد من القواعد والمعايير والتوصيات التي تؤطر التدبير العمومي.

ودعا الطويل، إلى مراجعة بنية التقارير التي يصدرها المجلس باستدماج تفاعلات القطاعات وأجوبتها في متن التقرير، وليس باعتبارها أجوبة ملحقة بالتقارير، لأن ذلك ينقل صورة غير صحيحة عن واقع التدبير العمومي، وتوضيح المجلس منهجيته في اختيار المؤسسات والإدارات والجماعات الترابية حتى يجيب على ما قد يدعيه البعض من مقولة الطابع الانتقائي.

 

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.