ماذا تحقق على مستوى حقوق الانسان بالمغرب؟

راكمت المملكة المغربية العديد من المكتسبات في مجال حقوق الإنسان، لا سيما مع دستور2011 الذي يعد ميثاقا حقيقيا للحريات والحقوق الأساسية ويتلاءم والمرجعية الكونية لحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، جعلت الحكومة مسألة حقوق الإنسان في صميم أولوياتها بموجب البرنامج الحكومي الذي نص على اعتماد سياسة حكومية مندمجة في مجال حقوق الإنسان وفق تخطيط استراتيجي تشاركي، وتحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان.

 تعزيز البناء المؤسساتي لحماية حقوق الإنسان

حرصت الحكومة، منذ تنصيبها، على تعزيز الإطار المؤسساتي المتعلق بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وذلك من خلال تعزيز أدوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث تم الاعتماد على  القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والذي عزز اختصاصات هذه المؤسسة الوطنية، وكذا تنظيم هيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز المحدثة بموجب الفصل 19 من الدستور، من خلال اعتماد القانون رقم 79.14 المتعلق بهذه الهيئة، والذي خول هذه الهيئة تلقي الشكايات وإصدار توصيات بشأنها، والتشجيع على إعمال مبادئ المساواة والمناصفة وعدم التمييز .

 كما عملت الحكومة على  تعزيز أدوار مؤسسة الوسيط من خلال اعتماد القانون رقم 14.16 المتعلق بهذه المؤسسة، والذي يهدف إلى ترسيخ عمل الوسيط كمؤسسة دستورية حديثة وفعالة للدفاع عن حقوق المواطنين.

وتم في هذا الصدد، تفعيل مجلس المنافسة الذي تعززت صلاحياته بعد صدور القانون رقم 20.13، والذي منح للمجلس السلطة التقريرية إلى جانب الوظيفة الاستشارية المنوطة به سابقا، بالإضافة إلى منحه حق الإحالة الذاتية والمبادرة في البحث والتحري.

حماية حقوق الإنسان تشريعا وممارسة

ومن جانب آخر، تعمل الحكومة على تحيين السياسة الجنائية وملاءمتها مع مضامين الدستور والمواثيق الدولية،  وذلك من خلال مراجعة شاملة لأحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية باعتبارهما أحد أهم ضمانات المحاكمة العادلة لتعزيز منظومة حقوق الإنسان.

فعلى مستوى مراجعة القانون الجنائي، تم إعداد مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، الذي يوجد قيد المصادقة لدى البرلمان، وهو المشروع الذي يتضمن مستجدات هامة تعكس معالم سياسة جنائية حديثة ومعصرنة تحترم المعايير الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، من أهمها: تجريم العديد من السلوكات المخالفة للقانون في إطار الملاءمة مع الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة في مجال القانون الدولي الإنساني، واعتماد تقنية التجنيح التشريعي لمراجعة توصيف العديد من الجرائم من جنايات إلى جنح نظرا لعدم خطورتها، وإعادة النظر في أركان العديد من الجرائم..

وعلى مستوى مراجعة قانون المسطرة الجنائية، فقد تم إعداد مشروع القانون رقم 01.18 المتعلق بمراجعة قانون المسطرة، والذي يتضمن عددا من التعديلات التي تستمد مرجعيتها من الدستور ومن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب  والذي ستتم إحالته على البرلمان قصد المصادقة.

وتتمثل أهم توجهات مشروع هذا القانون في تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، تعزيز حقوق الدفاع، وتعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية، فضلا عن مراجعة ضوابط الوضع تحت الحراسة النظرية، وترشيد الاعتقال الاحتياطي..

 وفي ما يخص تعزيز حقوق الإنسان في المؤسسات السجنية، عملت الحكومة على تعزيز الجهود في مجال مناهضة التعذيب، من خلال تحريك متابعات قضائية في حق منفذي القانون المتهمين بارتكاب أعمال عنف وتعذيب وسوء المعاملة تجاه الأشخاص مسلوبي الحرية، وتعزيز الرقابة القضائية على أماكن الحرمان من الحرية، من خلال تكثيف الزيارات التي تقوم بها النيابات العامة لمختلف أصناف هذه الأماكن، فضلا عن تعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية للسجناء، لا سيما من خلال الرفع من عدد الأطباء القارين الممارسين بالمؤسسات السجنية (طبيب لكل 883 نزيل)، ومن معدل الفحوصات الطبية السنوية (06 فحوصات لكل نزيل)، ومن الميزانية المخصصة للأدوية في السنة (440 درهم للسجين الواحد).

كما تم تسجيل تقدم ملحوظ على مستوى ولوج السجناء إلى الحق في التعليم والتكوين خلال الفترة الأخيرة مقارنة مع السنوات الماضية، حيث استفاد حوالي 23 ألف سجين من برامج محو الأمية والتعليم والتكوين المهني في الفترة 2017-2018، مقابل 14240 سجينا خلال الفترة 2012-2013، بزيادة تتجاوز 60 في المائة ما بين الفترتين، بالإضافة إلى تحسين خدمات تغذية السجناء والموضوعين رهن الحراسة النظرية، حيث انتقلت الحصة اليومية من الأغذية لكل سجين من 12 درهما سنة 2012 إلى 20 درهما سنة 2018.

 وبالنسبة لحماية الحق في التظاهر والتجمع العمومي، أكدت الحكومة، أن نهجها يبقى ثابتا في التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة في مختلف مناطق المملكة، مع الحرص الشديد، الذي تعبر عنه السلطات الترابية ومختلف الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة، من أجل إقرار تعامل يعزز سيادة مبادئ القانون، في إطار دولة الحق والمؤسسات.

كما حرصت الحكومة من جهة أخرى، على تكريس حق المواطنين في الحصول على المعلومات من خلال اعتماد القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، والذي حدد مجال تطبيق الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.

 حماية وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية

تمكنت المنظومة التربوية الوطنية بفضل العمليات الإصلاحية المتعاقبة، من تسجيل جملة من النتائج المقدرة التي مكنت من تدارك جزء من الخصاص المتراكم على مدى سنوات، حيث تم تعميم الولوج إلى التعليم الابتدائي، وتسجيل انخفاض ملحوظ في عدد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة، حيث تراجع من 400.000 سنة 2016 إلى 269.000 سنة 2018.

 وفي مجال الصحة، فقد تم توسيع التغطية الصحية بنوعيها التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ونظام المساعدة الطبية، والتي بلغت سنة 2018 معدل 62% من مجموع الساكنة، والرفع من معدل أمد الحياة بخمسة أشهر عن كل سنة منذ 1962، حيث كان متوسط أمد الحياة في حدود47 سنة 1962، ليبلغ 75.8 سنة 2018.

 كما سجل معدل وفيات الأطفال تراجعا، وكذا تراجع معدل وفيات الأمهات عند الولادة بشكل ملحوظ حيث انتقل المعدل من 112 حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية سنة 2010 إلى 72.6 حالة سنة 2018.

وعلى مستوى الحق في التشغيل، تعمل الحكومة على تيسير الولوج إلى الشغل من خلال تطور إحداث المناصب المالية برسم الميزانية العامة، ودعم برامج إنعاش التشغيل، وتحسين شروط العمل، وتطور عدد المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث عرف عددالمقاولات المنخرطةفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذا عدد الأجراءالمصرح بهم بين سنتي 2012 و2017 منحى تصاعديا بمتوسط سنوي بلغ %7.

 وبخصوص تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، سجلت الحكومة انخفاض معدل الفقر المطلق حيث انتقل من 7.1% سنة 2012 إلى 1.4% سنة 2017، كما سجل معدل الهشاشة، على غرار الفقر المطلق، تراجعا كبيرا بين سنتي 2012 و2017، حيث انخفض من %15,7 سنة 2012 إلى 9% سنة 2017 على المستوى الوطني، ومن 10% إلى 3,8% في الوسط الحضري، ومن 23,9% إلى 17,5% بالوسط القروي.

حماية الحقوق الفئوية والنهوض بها

وفي مجال حماية حقوق المرأة والنهوض بها، عملت الحكومة على تعزيز المشاركة السياسية للنساء، ويُلاحظ ذلك من خلال تطور تمثيلية المرأة في المؤسسات المنتخبة، حيث انتقلت نسبة تمثيلية النساء في مجلس النواب من 34 امرأة منتخبة خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2007 إلى 67 امرأة خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2011، و81 امرأة في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.

 كما عملت على تنزيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة “2015-2020″، من خلال مخطط تنفيذي يتضمن 25 هدفا فرعياو115 تدبيرا، ومؤشرات لتتبع تنفيذ وتقييم كل إجراء على حدة وفق برمجة زمنية محددة، مشيرة إلى أنه إلى غاية متم 2018 بلغ معدل تنفيذ تدابير البرنامج الوطني التنفيذي للسياسة الوطنية للطفولة 56%.

وبخصوص حماية الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، تم في هذا الصدد، تنزيل السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة”2017-2021″، والتي تم اعتماد مخططها التنفيذي بتاريخ 17 يوليوز 2017، الذي يتضمن 6 محاور، و24 ورشا، و150 مشروعا، و419 تدبيرا.

 وفي هذا الإطار، تم إحداث المركز الوطني للرصد والدراسات والتوثيق في مجال الإعاقة بتاريخ 5 دجنبر 2017.  كما تم ورش تقييم الإعاقة، والتكفل بالأشخاص ذوي إعاقة التوحد، وتوحيد لغة الإشارة.

وعلى مستوى التشغيل في القطاع العام، تم بتاريخ 23 دجنبر 2018 تنظيم أول مباراة موحدة خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة لتوظيف 50 متصرفا من الدرجة الثالثة موزعة على 17 قطاعا حكوميا،  وسيتم قبل متم هذا الشهر إجراء المباريات حول 200 منصب مالي في إطار المباراة الموحدة للأشخاص في وضعية إعاقة برسم ميزانية 2019.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.