رؤساء جماعات “المصباح” يقدمون حصيلة منجزاتهم..الخلفيات والرسائل

عبد المجيد أسحنون

لا يمكن لأي متتبع للشأن السياسي المغربي، إلا أن يسجل أن حزب العدالة والتنمية بدأ في التفرد بسلوك سياسي يستحق التأمل والتنويه، يتعلق بحرص منتخبيه في مختلف الجماعات الترابية التي يرأسونها على تقديم حصيلة عملهم للمواطنين، تفعيلا للمبدأ الدستوري المتمثل في “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، مما يجعلنا نتساءل عن خلفيات وأبعاد ودلالات هذا السلوك السياسي.

التزام أخلاقي..

وصف عبد العلي حامي الدين، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة الرباط سلا القنيطرة، إعداد منتخبي “المصباح” لحصيلة أعمالهم وتقديمها للمواطنين، بأنه التزام أخلاقي قبل كل شيء، وسلوك سياسي نابع من الإحساس بمسؤولية تدبير الشأن العام.

وأبرز حامي الدين في تصريح لـ pjd.ma، أن تقديم الحصيلة للمواطنين، يعكس كذلك الاحترام الكبير الذي يكنه منتخبو العدالة والتنمية لناخبيهم ولعموم الساكنة، ويدل أيضا، على احترام صوت الناخب واحترام الإرادة الشعبية التي بوأتهم رئاسة عدد كبير من الجماعات الترابية، مضيفا أن استعراض حصيلة تدبير الشأن العام، هو شكل من أشكال إعادة الاعتبار للعمل التمثيلي وللعمل السياسي.

محو الشك..

من جهته، قال المحلل السياسي إدريس قصوري، إن حزب العدالة والتنمية، دأب على تقديم حصيلة عمله بالأرقام والمؤشرات في جميع المحطات بشكل عادي وطبيعي، إعلاميا وتنظيميا وسياسيا، مضيفا أنه إذا كان هذا السلوك لفت الاهتمام الآن فلأن السياق يحكم ذلك أكثر من ذي قبل.

وأوضح قصوري في تصريح لـ pjd.ma، أن حزب العدالة والتنمية يريد من خلال تقديم حصيلة تسييره لعدد من الجماعات الترابية، الرد على الكلام المنتشر عند فئة من الرأي العام، والقائل إن العدالة والتنمية لم يقم بأي شيء، وأن الواقع سلبي، وأنه تم التراجع عن عدد من المكتسبات وفي مجموعة من الأمور ماليا واجتماعيا وحقوقيا وسياسيا.

وتابع، بالإضافة إلى أن الحزب يريد أيضا من خلال تقديم الحصيلة أن يرد على بعض الأحزاب، التي تتبنى منطق التشكيك في مردودية العدالة والتنمية، معتبرا أن الحصيلة هي رسالة تأكيد من الحزب بأنه حزب عمل وليس ما يُنعت به من قِبل البعض.

استشراف انتخابي..

بالإضافة إلى العوامل السابقة، قال قصوري إن المرحلة المقبلة هي مرحلة انتخابات، جماعية وتشريعية، ولذلك، يتابع المتحدث ذاته، لابد أن يعمل الحزب على تهيئة شروطها، وذلك من خلال إعداد الحصيلة وتقديمها للمواطنين، أي الدخول في مرحلة “الترويج السياسي” التي تسبق مرحلة الانتخابات، مضيفا أن السياق كذلك يفرض “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، لذلك لا بد أن تكون لدى العدالة والتنمية سياسة تقييم الإنجازات وتقديمها للمواطنين بشكل منتظم.

ويرى المحلل السياسي، أن كل هذه المبررات قد تفسر تقديم العدالة والتنمية لحصيلة عمله، بهدف تنوير الرأي العام ومحو كل تصور خاطئ لدى المواطنين، عبر تقديم معطيات تبدو للحزب حقيقية وفعلية، قادرة من جهة على إقناع الذين صوتوا له والذين يميلون إليه، وقادرة من جهة ثانية على الرد على خصوم الحزب وتبيان حقائق الأمور للرأي العام.

إعادة الاعتبار للفعل السياسي..

وبخصوص تقديم الدكتور سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام البرلمان، قال حامي الدين، إن مقتضيات الدستور تكرس مبدأ الحصيلة المرحلية للحكومة، حيث نص الفصل 101 على أنه “يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين”، وهو ما قام به رئيس الحكومة بمبادرة منه عند منتصف الحكومة، يضيف أستاذ القانون الدستوري.

وبيّن حامي الدين، أن عرض الحصيلة المرحلية حتى ولو كان من الناحية الدستورية يتعلق بالحكومة، “فيمكن للممارسة أن تؤسس لتقليد يتعلق بالجماعات الترابية، احتراما للمواطنين والمواطنات، وترسيخا لنهج تواصلي فعّال مع الساكنة، ومساهم في إعادة الاعتبار للعمل السياسي”.

وأكد عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، أن الحزب من خلال ما يقوم به من عرض لحصيلة عمله في الجماعات، إنما يقوم بواجبه في تذويب جليد عدم الثقة في العمل السياسي، ويساهم في وضع المواطنين والمواطنات أمام ممارسة سياسية راقية تساهم في تقوية المؤسسات، وتعيد الاعتبار للفعل السياسي، وتجعل الناس أمام عرض سياسي يحترم نفسه ويحترم المواطنين.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.