هذه أبرز رهانات المغرب لوقف نزيف الطرقات

تمثل حوادث السير معضلة خطيرة بالمغرب، الشيء الذي يمثل عائقا أمام تحقيق تطلعاتنا التنموية في جميع المجالات، ومما يزيد من خطورة الوضع هو نسبة الوفيات بين الأطفال والشبان.

وأبرزت المعطيات الإحصائية الوطنية على مدار السنوات العشر الأخيرة، أن حوادث السير تخلف حوالي 6،11 في المائة من العدد الإجمالي للقتلى في صفوف الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة، مما يستوجب تكثيف الجهود بين كافة المتدخلين وكذا ابتكار آليات جديدة تكون أكثر جرأة في التعامل مع هذه المعضلة.

وبالتزامن مع اليوم الوطني للسلامة الطرقية، الذي يصادف 18 فبراير من كل سنة، نسلط الضوء، على أهم التدابير والإجراءات الحكومية الرامية لموجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لحوادث السير.

وفي هذا الإطار، قرّر المغرب وضع إستراتجية وطنية عملية وطموحة 2017-2026، وذلك لمكافحة آفة حوادث السير، لاسيما بعد تسجيل محدودية عدد من الإجراءات، التي تضمنتها أول إستراتيجية للسلامة الطرقية خلال العشرية 2004 – 2013.

إستراتيجية وطنية ملزمة

ولهذه الإستراتيجية الجديدة رؤية ملزمة على المدى البعيد تروم تنمية سلوكات مسؤولة وطرقات أكثر أمانا بالمغرب، كما تحدد أيضا هدفا رقميا طموحا وهو تقليص عدد القتلى ضحايا حوادث السير إلى 50 في المائة في أفق 2026، أي أقل من 1900 قتيلا على الطرقات في سنة 2026 مع عدم تجاوز 3000 قتيلا في سنة 2020.

وترتكز الإستراتيجية الجديدة، على أولويات من شأنها التقليص بشكل مهم من عدد ضحايا حوادث السير وكذا عواقبها الوخيمة، تم تحديدها وفقا لتحليل علمي وموضوعي للإحصائيات المسجلة في هذا الشأن وهي كالتالي: الراجون (992 وفاة أي 28 في المائة من مجموع القتلى)، الدراجات النارية ذات العجلتين أو ثلاثة (852 قتيل أي 24 في المائة من مجموع القتلى)، الحوادث التي تتورط فيها عربة واحدة (545 قتيل أي 16 في المائة من مجموع القتلى)، الأطفال أقل من 14 سنة ( 356 وفاة أي 10في المائة من مجموع القتلى)، النقل المهني (305 وفاة، أي 8.7 في المائة من مجموع القتلى(.

تحسن مؤشرات السلامة

وبالمقابل، أظهرت المعطيات الرسمية، التي كشفت عنها وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، أن تدابير وإجراءات هذه  الإستراتجية الجديدة، بدأت تعطي ثمارها، حيث تم تسجيل تحسن مؤشرات السلامية الطرقية بوتيرة “معتبرة”، بحيث انتقل عدد القتلى من 4100 قتيل سنة 2011 إلى أقل من 3400 قتيل سنة 2019، فيما عرف عدد الحوادث المميتة بالمغرب انخفاضا بنسبة 1.83 خلال سنة 2019.

وفقا لهذه المعطيات، فقد تم إحصاء ما يقرب من 3010 من حوادث السير المميتة في السنة الماضية توفي خلالها 3384 شخصا، أي بانخفاض ناهز 2.9 في المائة، في حين تم تسجيل 8417 حالة إصابة بجروح بليغة خلال الفترة ذاتها (ناقص 3.53 في المائة(.

وتراجع عدد القتلى لكل 10000 عربة بين 2011-2018 من 14 إلى 8، أي 43 في المائة، علما أن عدد العربات انتقل في نفس الفترة من 2.9 مليون إلى 4.3 مليون، كما انخفض مؤشر الوفيات من 6.1 إلى 3.6 في المائة، ما يعادل 41 في المائة، كما انتقل أن مؤشر الخطورة من 22 إلى 12.7، أي ما يعادل  43 في المائة.

السلامة الطرقية أولوية حكومية

وفي هذا الصدد، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، على ثقل البعد الإنساني لموضوع السلامة الطرقية، والذي يحتاج تعاملا جديا، بتضافر جهود جميع الجهات المعنية، مشددا على أن الحكومة تحرص على تسجيل هذا الورش ضمن أولويات عملها في إطار تنزيل مضامين الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، خصوصا بهدف تقليص عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير بنسبة 50 في المائة في أفق 2026.

وسجل العثماني، خلال ترؤسه، يوم الجمعة 14 فبراير 2020 بالرباط، اجتماعا للجنة المشتركة بين الوزارات للسلامة الطرقية، التحسن النسبي للمؤشرات المرتبطة بحوادث السير خلال سنة 2019، والتي عرفت تراجعا في عدد القتلى وعدد المصابين بجروح بليغة يقدر على التوالي ب 2.9 في المائة و3.53 في المائة، همت بالأساس المجال الحضري، بالإضافة إلى تحسن مجموعة من المؤشرات الأخرى .

واعتبر رئيس الحكومة، أن تحسن هذه المؤشرات، يشكل حافزا  لمواصلة التعبئة وتكاثف الجهود من أجل الحد والتقليل من الأضرار الجسيمة، التي تسببها حوادث السير على المستوى البشري، وكذلك المادي والاقتصادي، حيث تقدر تكلفة حوادث السير بحوالي 2,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنويا.

طموحات لكسب رهان التقليص

ودعا العثماني، إلى الاعتماد على مقاربة مندمجة ترتكز على التحسيس والوقاية بالأساس، وكذلك على الإجراءات الردعية والزجرية، وإشراك فعاليات المجتمع المدني، ومواصلة إدماج التربية على السلامة الطرقية بالوسط المدرسي، مع التفكير في سبل مبتكرة واستعمال الوسائل التكنولوجية المتاحة في هذا المجال.

من جهته، عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل و اللوجستيك، خلال انعقاد الاجتماع السنوي للجنة الدائمة للسلامة الطرقية برسم 2019، أن هذه الأرقام لا تعكس طموحات الحكومة، داعيا في هذا السياق إلى القيام بتعبئة قوية لكافة الفاعلين من أجل العمل على الحد من هذه الآفة وتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية 2017-2026، التي تطمح إلى خفض عدد الوفيات في حوادث السير بنسبة 25 في المائة في أفق 2021 وبنسبة 50 في المائة بحلول سنة 2026.

وسجل اعمارة، أهمية “البعد الإنساني” في محاربة حوادث السير، مؤكدا في هذا الصدد أنه يمكن تفادي عدد كبير من الحوادث من خلال التحلي بمزيد من اليقظة من جانب السائقين، داعيا إلى القيام بعمليات تحسيس وتوعية وإخبار الأجيال الصاعدة بمخاطر الطريق وحثهم على تبني السلوكات الجيدة منذ سن مبكرة.

وأكد الوزير، خلال ترؤسه للاجتماع المذكور، أن حوادث السير ليس لها ارتباط، على العموم، بجودة البنيات التحتية، مسلطا الضوء على المنجزات المحققة في هذا المجال، من خلال الاستثمارات الضخمة التي تمت على مدار السنوات العشر الأخيرة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.