يتيم يكتب: التشغيل..الإنجازات والتطلعات

محمد يتيم

لا ينكر إلا جاحد ما تحقق في مجال البرامج الاجتماعية، في ظل الحكومتين التي ترأسهما حزب العدالة والتنمية، وهو ما تشهد له الاعتمادات المالية المتزايدة، التي خصصت لقطاعات التعليم والصحة، ورفع الاعتمادات الموجهة للدعم والتماسك الاجتماعي  ومحاربة الفوارق المجالية، وما حظي به تشغيل الشباب وإدماجهم الاقتصادي والاجتماعي بتوجيهات ملكية سامية وبرامج نوعية متواصلة أعطى انطلاقتها  كما هو الشأن مؤخرا في برنامج “انطلاقة”.

إن جزءا معتبرا من اعتمادات قوانين المالية في السنوات السبع الأخيرة، كانت موجهة للتوظيف ودعم خلق مناصب الشغل  العمومي،  كما أن الحكومة اتخذت عددا من التدابير القانونية والتنظيمية، التي كان لها تأثيرها الإيجابي على مناخ الاستثمار كما يدل على ذلك تقدم المغرب في مؤشر ممارسة الأعمال،  بانعكاسات ذلك  على مستوى خلق مناصب الشغل في الوظيفة العمومية أو في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، يضاف إلى ذلك الجهد المبذول في إطار البرامج النشطة، التي تشرف عليها وزارة الشغل والإدماج المهني من خلال الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات.

وللتدليل على ذلك هذه بعض المعطيات والأرقام الناطقة:

–         تحقيق ما يقارب 42 في المائة، من أهداف البرنامج التنفيذي للمخطط الوطني للنهوض بالتشغيل  المتمثل في إحداث مليون و200 ألف منصب وفرصة شغل كما أعلن على ذلك  وزير الشغل والإدماج المهني.

–         إحداث ما يقارب 500 ألف منصب شغل، موزعة على:  341 ألف و756 في القطاع الخاص المهيكل، و140 ألف في القطاع العام، خلال سنتي 2017 و2018، والثلث الأول من سنة 2019.

–         تطور  الإحداث الصافي لمناصب الشغل من 85000 منصب شغل سنة 2017الى 165000 منصب سنة 2017.

–         تعزيز جهد التشغيل بالقطاع العمومي، من خلال تشغيل 138.491 شخص برسم قوانين مالية سنوات 2017 و2018 و2019 مقابل 116.977 خلال فترة 2012-2016 و71.442 خلال فترة 2007-2011.

–         تجاوزت وتيرة إنجاز برامج إنعاش التشغيل سقف 100.000 عملية إدماج خلال سنة 2018، من بينها حوالي 20.000 عقد تشغيل بالخارج.

–         تسجيل 102.581 مقاول ذاتي إلى حدود نهاية أبريل 2019، مقابل 32.400 سنة 2016، أي بلوغ 103في المائة، من الهدف المسطر برسم سنة 2021.

ونتيجة هذا جهد المتراكم، تراجع نسبة البطالة ما بين سنتي 2018 و2019، بحيث عرف معدل البطالة انخفاضا من 9,5في المائة  إلى 9,2في المائة، حيث تراجع من 13,8في المائة إلى 12,9في المائة بالوسط الحضري وارتفع بشكل طفيف بالوسط القروي من 3,6في المائة إلى 3,7في المائة حسب مذكرة نتائج  البحث الوطني للتشغيل سنة 2019.

وكلها معطيات، تؤكد أن الهدف الذي وضعه البرنامج الحكومي للنزول بنسبة البطالة أي إلى 8.5في المائة ليس مستحيلا وإن كان ليس سهل التحقيق !

 على أن التصدي لمعضلة البطالة، وإيجاد فرص شغل للشباب، لا يمكن أن يعتمد فقط على المجهود العمومي، وإن كانت له أولويته ومكانته، من حيث تفعيل المقاربة الالتقائية التي اعتمدها المخطط الوطني للتشغيل، والتي كانت وراء إنشاء اللجنة الوطنية للتشغيل تحت رئاسة  رئيس الحكومة، وعضوية خمسة عشر قطاعا حكومية إضافة إلى تمثيلية اتحاد مقاولات المغرب وجمعية الجهات.

وينبغي التأكيد،  أن ما تحقق على مستوى التشغيل، لا يمكن أن يدعي عاقل بأنه غاية المنى أو أنه يستجيب لكامل تطلعات المغاربة، لكن الأرقام المشار إليها تؤشر على أن المغرب يسير في الاتجاه الصحيح.

وتتعين الإشارة أيضا، إلى أن قضية التشغيل من جهة ثانية مسؤولية وطنية مشتركة تحتاج إلى مقاربة متعددة الأبعاد يتداخل فيها الجهد الحكومي مع  تدخلات فاعلين آخرين سواء كانوا فاعلين اقتصاديين أو اجتماعيين.

كما أن جزءا منها يدخل في نطاق الاختصاصات الذاتية للجهات، وبعضه في الاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة، مما يقتضي السير في اتجاه إقرار برامج تعاقدية بين الدولة والجهات تحدد مجال تدخل كل طرف من الأطراف، وهو ما شرعت فيه الحكومة خلال الفترة الماضية، فضلا عن استثمار الإمكانيات التي تتيحها  برامج التعاون الدولي، مثل ما هو الشأن في برنامج الإدماج الاقتصادي والاجتماعي، الذي يجري تفعيله بتعاون مع البنك الدولي والذي هو برنامج نموذجي في تفعيل البعد الترابي للبرنامج الوطني للتشغيل يصلح لتطبيقه في جهات  أخرى.

يتعين أخيرا، الإشارة إلى أن  ما يعطي لهذا الورش جديته ومصداقيته، هو العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك  لقضية تشغيل الشباب، من خلال التركيز على تجاوز الإشكاليات التي تعيق اندماجهم  الاقتصادي والاجتماعي.

وقد تجلى ذلك، من خلال مقاربة معضلة ملاءمة تكوين الشباب، مع حاجيات سوق الشغل، عبر الشر وع  في تفعيل في برنامجين مهيكلين اشرف عليهما وأطلقهما جلالة الملك الأول يتعلق بخارطة الطريق المتعلقة بتطوير التكوين المهني وإحداث مدن المهن والكفاءات في كل جهة  والثاني، يهم برنامج انطلاقة بغلاف مالي قدره ثمانية ملايير درهم لدعم وتمويل المقاولات، المسمى “انطلاقة”،  لتشجيع الشباب  على المبادرة المقاولاتية.  

كل ذلك يشير في النهاية، إلى  أن المغرب يسير في الاتجاه الصحيح لمواجهة معضلة البطالة التي أصبحت آفة تواجه  دول العالم جميعا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.