الحارس يكتب: حينما تكون المعارضة مسؤولة

حسن الحارس

مناسبة التطرق إلى هذا الموضوع، هوما تعيشه بعض المجالس الترابية بمناسبة انعقاد دوراتها، من أجواء الاحتقان والتشنج، وممارسة العنف وتوقيف الأشغال وتعليق الدورات، أحيانا بسبب مواقف مكونات بعض أعضاء المعارضة وفي بعض الأحيان بسبب مواقف بعض مكونات الأغلبية المسيرة. دون مراعاة احترام القوانين المنظمة ودون استحضار خدمة ومصلحة الساكنة. في الوقت الذي تشتغل فيه بعض المجالس في أجواء عادية يسودها التعقل وتحمل المسؤولية. واستحضار المصلحة العامة للبلاد خاصة من جانب المعارضة.

 وسأقف اليوم عند نموذج المعارضة بمجلس جهة الدار البيضاء سطات خلال هذه الولاية (2015-2021)، حتى نبعث الأمل في العمل الانتدابي على مستوى الجماعات الترابية، ونخفف من قتامة الصورة التي رسمتها تصرفات البعض حول المهام الانتدابية. فالمعارضة بمجلس جهة الدار البيضاء سطات يمارسها فريق واحد هو فريق العدالة والتنمية، الذي يتكون من ثلاثين مستشارا ومستشارة، وهو بالمناسبة أكبر فريق بهذا المجلس الذي يصل عدد أعضائه إلى خمسة وسبعون عضوا. سوف لن أتحدث عن وقائع انتخابات شتنبر 2015 وما تلاها من ممارسات للوصول إلى تسيير الجهة. لأن هذه الأحداث أصبحت من الماضي، اللهم تلك الدروس التي على البعض أن يستخلصها لاستشراف المستقبل. ولكن سأتحدث عن تجربة أعتبرها رائدة في ممارسة العمل الجماعي من موقع المعارضة.

فبعد انتخاب المكتب المسير لمجلس الجهة وتباين الصفوف، تحمل فريق العدالة والتنمية مسؤوليته من موقع المعارضة  التي تمت دسترها أول مرة خلال الممارسة الدستورية المغربية (  نص القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات في المادة 30  على تخصيص المعارضة برئاسة إحدى اللجان الدائمة، على خلاف أحزاب المعارضة وخاصة البرلمانية  التي ضمن لها دستور 2011 من خلال الفصول 10 و 60 و69 عدة حقوق) وهيكل نفسه وفقا لمقرر الحزب القاضي بتنظيم فرق الحزب بالجماعات الترابية، وانخرط في العمل الجاد والإيجابي من خلال المشاركة في جميع أشغال المجلس، وخاصة الدورات واللجان الدائمة معتمدا في تداوله على التصحيح والتنبيه والاقتراح والسهر على احترام القوانين وتنزيل مقتضياتها تنزيلا سليما، ومعارضا لجميع الأمور التي تتعارض مع القانون والمصلحة العامة وتلك التي لا تخدم مشروع الجهوية المتقدمة. خاصة عدم مراعاة تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بين أقاليم وجماعات الجهة. وذلك في إطار التعاون مع مكونات المجلس والإدارة والسلطات وباقي الفاعلين. وأسوق هنا ثلاثة عناوين بارزة على ممارسة فريق العدالة والتنمية بمجلس جهة الدار البيضاء سطات لمعارضة مسؤولة وبناءة.

العنوان الأول: الحضور الوازن لأعضاء الفريق

رغم إشراف هذه الولاية على النهاية، حافظ أعضاء فريق العدالة والتنمية على حضورهم الوازن والمتميز في أشغال اللجان وفي أشغال الدورات. وفي بعض الأحيان يتجاوز حضور أعضاء العدالة والتنمية حضور أعضاء الأغلبية بجميع فرقها، ويكون بإمكاننا إسقاط بعض مقررات المجلس، ولكننا لا نفعل ذلك بدافع الحرص على المصلحة العامة. وأعطي مثال الدورة العادية لشهر مارس 2020 الذي احتضنها أول مرة مقر الجهة بالأحباس، حيث حضر من الأغلبية اثنان وعشرون مستشارا ومستشارة من أصل خمسة وأربعون، وحضرها من فريق العدالة والتنمية سبعة وعشرون مستشارا ومستشارة، وتغيب ثلاثة فقط واحد منهم خارج أرض الوطن.
وطيلة هذه السنوات من عمر هذا المجلس حافظ أعضاء فريق العدالة والتنمية على هذا الحضور رغم انشغالاتهم ومسؤولياتهم في مؤسسات أخرى. بل لا تكاد تخلو دورة من الدورات دون تقديم فريق العدالة والتنمية أسئلة كتابية وطلبات اقتراح نقط بجدول أعمال هذه الدورات تفعيلا للقانون التنظيمي والنظام الداخلي للمجلس.

العنوان الثاني: التصويت الإيجابي

خلال جميع الدورات حرص أعضاء الفريق على التصويت بالإيجاب على أغلب المقررات، مراعاة للمصلحة العامة واستحضارا لحاجة ساكنة أقاليم وعمالات الجهة لمساهمة المجلس في المشاريع والبرامج والخدمات. ومن أهم هذه المقررات ذلك المتعلق بالبرنامج الجهوي للتنمية، رغم تسجيلنا لعدة تحفظات على إعداده. والمقررات التي تحفظنا عليها تلك المتعلقة بالميزانيات السنوية لأننا لا نشارك في التسيير ولا في الانفاق. وتلك التي عارضناها قليلة جدا. وكثير من المقررات لا يأخذ المكتب المسير بملاحظاتنا أثناء التداول ، ويضطر إلى إعادة برمجتها في دورة لاحقة بعد توصله برفض السلطة الحكومية المكلفة التأشير عليها ، كالمقرر المتعلق بإحداث شركة  التنمية الجهوية مثلا، الذي صادقنا عليه في هذه الدورة بالإجماع بعد الأخذ بتصويباتنا. خاصة مقتضيات الباب الثالث من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلقة بشركات التنمية الجهوية. ولاسيما المواد 145و146و147.

العنوان الثالث والأهم: مطابقة أغلب ملاحظات لجان التدقيق السنوي مع تداول أعضاء فريق العدالة والتنمية.

من مستجدات القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات تنصيصه في المادة 227 على إخضاع العمليات المالية والمحاسباتية للجهة لتدقيق سنوي. تنجزه بشكل مشترك المفتشية العامة لوزارة المالية والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، ويتم إجراء هذا التدقيق في عين المكان وبناء على الوثائق المالية والمحاسباتية. وينجز لهذه الغاية تقرير، تبلغ نسخ منه إلى رئيس مجلس الجهة وإلى والي الجهة، وإلى وزارة الداخلية وكذا إلى المجلس الجهوي للحسابات المعني، الذي يتخذ ما يراه مناسبا في ضوء خلاصات هذا التقرير.
ومن أهم الملاحظات النهائية الواردة في تقرير التدقيق السنوي لسنتي 2017و2018، والتي بالمناسبة كثيرا ما تطابقت مع ملاحظات أعضاء فريق العدالة والتنمية خلال تداولهم في نقاط جدول أعمال دورات المجلس:
– اختلالات في إعداد وتدبير الصفقة الخاصة بإعداد برنامج التنمية الجهوية.
– أداء ثمن بعض المراحل الخاصة بتنزيل برنامج التنمية الجهوية، ومنح التسلم النهائي لمخرجات مكتب الدراسات قبل الشروع في المشاورات مع الوزارات المعنية لإبرام عقد برنامج الجهة. مع الإشارة أن غالبية الاتفاقيات الخاصة لم يتم المصادقة عليها من طرف الشركاء و التسلم والموافقة على مخرجات المحاور2و3  بدون سند قانوني.
– إنجاز دراسة تتعلق بهيكلة الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع ضمن الحصة الأولى، رغم أنها لا تتطابق وسياق موضوع صفقة إعداد برنامج التنمية الجهوية.
– عدم انخراط لجنة القيادة بالكيفية المطلوبة في تتبع تنفيذ الدراسات الملتزم بها، حيث اقتصرت أعمالها على الموافقة على مخرجات المرحلة الأولى من الحصة الأولى، ولم تول أي عناية لباقي المخرجات، مما يخالف مقتضيات دفتر الشروط والتحملات.
– لم يتم تعيين أعضاء لجنة التتبع من طرف لجنة الاشراف العام على الدراسات طبقا لمقتضيات الاتفاقية التي عقدتها الجهة مع وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني من أجل الدراسة المتعلقة بالتصميم الجهوي لإعداد التراب وبرنامج التنمية الجهوية حيث اقتصر رئيس الجهة على تعيين ثلاثة موظفين.
– عدم إرساء نظام للتتبع والقيادة يمكن من مواكبة إنجاز وتنفيذ برنامج التنمية الجهوية، وعدم توفر الجهة على المعطيات المتعلقة بتنفيذ البرنامج.
– برمجة بعض المشاريع خارج نطاق مخطط التنمية الجهوية وأخرى لا تدخل ضمن الاختصاصات الذاتية للجهة.
– ضعف المراقبة الداخلية في تسلم الاشغال وقصور في التتبع التقني والميداني لا نجاز الصفقات.
– غياب منظومة واضحة لحكامة الشطر الأول من برنامج مسالك، واختلالات في تتبع الاشغال، بالرغم من أهمية الغلاف المالي الذي تم رصده والمقدر ب 254 مليون درهم. وتغيير المسالك المبرمجة دون الموافقة على ذلك من طرف لجنة القيادة.
– ضعف منظومة التتبع مما أدى إلى وجود عدد من المشاريع المتعثرة وأخرى غير مستغلة، بالإضافة إلى استحالة تتبع استعمال المبالغ الحولة.
– عدم إشراك وكالة تنفيذ المشاريع بشكل فعلي في تتبع وتنفيذ المشاريع.
– غياب عقلنة استعمال موارد الجهة على مستوى السيارات المكتراة وعقود الاشتراك الخاصة بالهاتف الثابت والمتنقل والانترنت وكذلك عقلنة تسيير النفقات عن طريق الشيات.
– عدم ضبط الوعاء الجبائي وعدم التنسيق مع مصالح الوعاء الضريبي بالجماعات المتواجدة بتراب الجماعة ومع والي الجهة للحفاظ على مستحقات الجهة من الضرائب المستحقة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.