بوجمعة: “محنة كورونا” جسّدت التلاحم الوطني وأعادت التوازن لمؤسسة الأسرة

صحيح أن جائحة كورونا التي أرعبت المعمور، تحمل في طياتها أخطارا صحيّة واقتصادية واجتماعية، وتخلف يوميا خسائر في الأرواح، مما دفع الحكومات عبر العالم، لإقرار تدابير غير مسبوقة للحد من انتشاره، إلا أنه وبعيدا عن الوجه المأساوي لأزمة هذا الوباء وتداعياته المؤلمة، هناك دروس يمكن استخلاصها من هذه الجائحة، التي بدّلت الكثير من الحقائق وغيرت العديد من المسلّمات.

وفي هذا الصدد، قالت مريمة بوجمعة عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ونائبة رئيسة منظمة نساء “المصباح”، إن “العالم يعيش اليوم على وقع صدمة كورونا، وضعية صعبة مقلقة ومفتوحة على المجهول”، مسجلة أن “العالم لحد الآن لم يمسك بخيوط هذه الجائحة ومآلاتها والاستراتيجيات المحتمل اعتمادها”.

وأضافت مريمة، في حديثها لـ” pjd.ma ” ضمن سلسلة “دروس وعبر في زمن كورونا” أن تسارُع الأحداث وتوالي الاكتشافات حول الفيروس وسرعة التحولات، يحول دون إمكانية حل شفرة هذا الوباء والتصدي لهذه الأزمة الصحية، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

محنة في طيها منحة

وأوضحت عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أنه بالرغم مما حملته هذه الجائحة في طياتها، من تداعيات مؤلمة، إلا أنه في المقابل، لها منح شتى “جعلت بلادنا تنعم بها في ظل هذا الظرف الاستثنائي، وفي مقدمتها إعادة تجسير العلاقة بين المواطن والمؤسسات”.

وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى الإجماع الوطني الذي تجسّد في ظل هذه الأزمة، وما صاحبه من تعبئة وطنية جماعية همّت كل المؤسسات الدستورية وكل أطياف ومكونات المجتمع المغربي، من أحزاب ونقابات وجمعيات مدنية ومواطنين ومواطنات وبحس وطني عالٍ، وبترفع عن كل جميع الحسابات.

وأكدت بوجمعة، أن هذا التلاحم والتناغم بين الفاعلين والمؤثرين في الفعل العمومي، أدى إلى رفع  منسوب ثقة المواطن في المؤسسات، مما سيساعد من دون شك، في تمتين وتعميق المسار الديمقراطي بشقيه التمثيلي والتشاركي بالمغرب، فضلا عن إعادة تجسير العلاقة بين المواطن و المؤسسات، وبين المواطن وبين آليات الوساطة المجتمعية.

واعتبرت عضو  أمانة “المصباح” أن الإيمان بالوجود المادي للمواطن في الفعل العمومي، ودوره القوي والحيوي في توجيه هذا الفعل والحرص على تجدر واستمرار هذا الإجماع الوطني، شرطان أساسيان لمواجهة ما بعد جائحة كورونا ، مضيفة و”لعل هذا الإيمان وهذا الحرص، هو الذي دفع إلى التفاعل السريع مع الدينامية المجتمعية بخصوص مشروع قانون “22.20”.

 تنامي الذكاء الابتكاري

“لقد تفتّق من رحم هذه الأزمة المرتبطة بجائحة “كوفيد-19 “بزوغ ذكاء ابتكاري ( صناعة طائرة بدون طيار، التطبيق الالكتروني للاتصال بالمريض، الوصفة الطبية الالكترونية، الأقنعة الواقية، أجهزة التنفس الاصطناعي…)، -تقول بوجمعة- وطاقة شبابية كامنة تحتاج إلى مزيد من الدعم والتحفيز لتحقيق الإقلاع المجتمعي المنشود .

وتابعت البرلمانية ذاتها، أن “هذا الشباب المبدع، وهذا الذكاء الابتكاري، وهذه الطاقة الكامنة في المجتمع، هي الطاقة المحركة لصناعة وطنية ضامنة لأمننا الغذائي والصحي، وداعمة بشكل أساسي، لتحويل أسلوب استهلاكنا إلى استهلاك تفضيلي للمنتوج الوطني.

وتابعت أن “هذه الذكاء الابتكاري، سيساهم لا محالة في إيجاد خطوط إنتاج تلبي مطالب كافة المستويات، مما يفضي للتوسع في تصنيع الحاجيات والمستلزمات الإنتاجية اللازمة لمختلف القطاعات الصناعية الوطنية وتقليل الحاجة إلى الاستيراد”، معتبرة أن محنة كورونا،  شكلت “فرصة لإعادة الاعتبار للأطر والكفاءات الوطنية، ووقف نزيف هجرة الأدمغة المغربية من علماء وباحثين ومهندسين وأطباء”.

 إعادة التوازن للأسرة

وبهذا الخصوص، قالت نائبة رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، إن هذه الأزمة المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية، “أعادت تعلِيمَنا ممارسة التنشئة الأسرية وخبراتها، التي باتت تنفلت منا بفعل الحركية و الدينامية المفرطة لإيقاع الحياة العامة”.

 وأردفت أنها “أعادتنا للعيش داخل الأسرة والاحتماء برقعة الحياة الخاصة داخل الأسرة بكل انشغالاتها، بعد أن قيّدت حركتنا المفرطة في رقعة الفضاء العام، خاصة بالنسبة للرجل الذي ارتمى بشكل مفرط في عالم الحركية والدينامية، بإيقاع غير متوازن متحللا من أدواره داخل الأسرة، وتكاد المرأة تلتحق به في بعض الأحيان”.

وخلصت المتحدثة ذاتها، إلى أنه من ضمن الدروس والعبر المستخلصة من جائحة كورونا، أننا “أعدنا اكتشاف أبناءنا في هذا الحجر، ووقفنا على قدراتهم التعليمية الحقيقية، وعلى أحلامهم وعلى إخفاقاتهم”، مسجلة أن “هذا الحجر الصحي، أعاد الاعتبار للأسرة كخلية أساسية في المجتمع، وكمؤسسة أصلية وأصيلة، من خلال أدوارها الضامنة للتماسك الاجتماعي، والحامية للقيم المجتمعية المغربية من تضامن وتكافل وتآزر وتعاون”.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.