بالمختصر المفيد.. المعركة الخطأ يفضحها التوقيت الخطأ

 في عز انشغال المغاربة بسؤال التصدي للجائحة من أجل التحكم النهائي فيها بعد ظهور بوادر مشجعة في هذا الاتجاه، وبالانتقال المتدرج والآمن نحو الرفع التدريجي لحالة الطوارئ والحجر الصحيين، وبالتدابير التي يجب تملكها لتيسير هذا المرور وتأمينه دون ارتدادات مكلفة تعود بنا القهقرى الى المربع الأول.

في هذا السياق هناك محاولة للزج في النقاش العمومي بموضوعة “حكومة الإنقاذ”، التي تولى  الترويج لها أقلام يبدو أنها تسعى لجس النبض ورصد توجهات المجتمع المغربي بخصوصها.

غير أن تلك المحاولة اصطدمت باستهجان انعكس في تفاعل فئات عريضة من المواطنين على مستوى منصات التواصل الاجتماعي لهذه الفتاوى، ومحاولة إقحام النقاش العمومي في مواضيع صالونية بدون وجود مبررات واقعية او منطقية.

ومن دون شك فإنها دعوة لن تنتج إلا عكس مقاصدها لأنها دعوة فاقع لونها في استثمار تداعيات الجائحة، مواضيع لا محل لها كما يتضح من خلال التدبير الناجح لبلادنا للمرحلة في تكامل بين جميع مؤسساتها للمرحلة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك حفظه الله .

وأمام الخيبة الكبرى التي راكمتها هذه المحاولة اليائسة، هناك محاولات للقيام بانزياح ب180 درجة في النقاش العمومي، وذلك برمي طعم النقاش الهوياتي واستفزاز الشعور الجمعي للمغاربة باستهداف ثوابتهم ومقدساتهم والطعن في أركان إجماعهم، وجرهم عبر ذلك الى نقاش قد تعافى منه المجتمع المغربي منذ زمن بعيد وحصنته اختيارات الدولة في تأمين الأمن الروحي للمغاربة، وجسدته تجربة المغاربة التاريخية وكسبهم التاريخي، منذ احتضانهم ومنذ 12 قرنا لأهل البيت الشريف ولأسباطه المكرمين منذ زمن إدريس الأول.

فماذا يريد اليوم من يطعن في تعلق المغاربة بالنبي محمد صلى عليه وسلم وبالدوحة النبوية وامتداداتها الوارفة، التي دولتنا العلوية الشريفة وإمارة المؤمنين التي نعض عليها بالنواجذ ليستا إلا من ثمرها الطيب .

لا نملك في هذا المنبر إلا أن نؤكد أن المغاربة يعرفون كيف يردون على مثل هذه الدعوات، سواء كانت دعوات تستهدف الاختيار الديمقراطي أو تسعى لجرهم لنقاشات وهمية لسبب بسيط هو المصير الذي لقيته دعوات سابقة مماثلة من قبيل مسيرة ولد زروال، وبعض ” الفتاوى ” التي سعت للي عنق الدستور في وقت من الأوقات كي يستجيب لأهوائهم، والمواقف المستهجنة لاستهداف الثوابت الدينية للمملكة التي لم تزد المغاربة إلا تشبثا والتزاما بها والحمد لله .

الجواب هو الإعراض والتجاهل في أرقى وأعلى بلاغاته، وذلك لسبب بسيط أننا جميعا كمغاربة لنا عقيدة راسخة أن للبيت ربا يحميه، وأن ديننا ومحمدنا ليسا في حاجة أن ندافع عليهما، وأن إجماعنا ومقدساتنا محميان بدوحة النبوة التي تمثلها دولتنا وإمارة المؤمنين، فما يضير جلمود الصخر إن داعبه قرن وعل وانكسر.

الجواب هو الصورة الملحمية التي تشكلت في مواجهة جائحة كورونا، وتلك الانسيابية في العلاقة بين المواطنين ومؤسساتهم وعلى رأسها المؤسسة الملكية التي انحازت دوما للاختيار الديمقراطي و الثقة المتدفقة بين الطرفين، صورة ملحمية تكللت بتحقيق نجاحات  في محاصرة الجائحة ومعالجة تداعياتها الاجتماعية رغم صعوبة المرحلة والكلفة الغالية التي تحملها الجميع.

الجواب هو مزيد من تعزيز مؤسسات الوساطة أحزبا ونقابات ومجتمعا مدنيا، لأن الحاجة ستكون أكبر لمواجهة تحديات واستحقاقات المرحلة المقبلة.

ومن المستغرب فعلا أن هذا المنطق أو اللامنطق  الذي عمل على استدعاء موضوعة “الإنقاذ الوطني” في سياق وطني الحاجة ماسة فيه أكثر من أي وقت مضى لتعزيز مكانة تلك المؤسسات  ودورها وتحملها للمسؤولية، علما أن الجواب على تحديات المرحلة إن كان يجب أن يكون جوابا اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، فوجب أن يكون قبل ذلك جوابا سياسيا.

وحيث إنهم لم ينجحوا سابقا فإنهم لن ينجحوا لاحقا، لأنهم ببساطة في المعركة الخطأ وفي التوقيت الخطأ.

شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.