خطاب العرش.. خطاب الصراحة ووضوح الأفق الاستراتيجي

كما هي العادة انتظر المواطنون الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى عيد العرش الذي يتزامن هذه السنة مع عيد الأضحى المبارك. من هذا التزامن  استحضر جلالته معنى التضحية والتضامن التي ميزت تعاطي بلادنا بقيادته السامية مع الجائحة، وروح الوطنية العالية التي تجسدت في عدد من المشاهد من قبيل عزف النشيد الوطني ومبادلة القوات العمومية التحية .

استحضر جلالته ما عبر عنه المغرب بجميع مكوناته دولة وحكومة وشعبا ومؤسسات صفا واحدا في مواجهة الجائحة، ومستحضرا الجهد الاستثنائي الذي تحقق في هذه المرحلة مما مكن من جهة من احتواء الجائحة من منطلق جعل صحة المواطن في المقام الأول، التي أكد جلالته أنه يوليها نفس العناية التي يوليها لصحة أسرته الشريفة .

تحدث جلالة الملك عن التدابير القاسية والصعبة التي اتخذتها بلادنا، والتي كانت ضرورية  لحماية صحة المواطنين وسلامتهم، وتوجه بالتحية والشكر لكل من كانوا في الخندق الأمامي في مواجهة الجائحة خاصة رجال ونساء الصحة، وأولئك الذين سهروا على تأمين سير الحياة العادية وحاجيات المواطنين، وللقوات المسلحة الملكية وقوات الأمن والقوات المساعدة والدرك الملكي والوقاية المدنية، مبينا أن نفس التعبئة ينبغي أن تتواصل في مواجهة تحديات ما بعد الجائحة.

تكلم جلالة الملك بلغة الوضوح والصراحة حين تحدث عن العواقب الوخيمة التي خلفتها الجائحة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعن التحديات الاقتصادية والاجتماعية  التي تنتظر بلادنا،  ليدعو لمواصلة التعبئة مع الاستعداد لمواجهة احتمال ظهور أي موجة ثانية خاصة مع التراخي الذي ظهر في الالتزام بتدابير الحجر الصحي.

ورسم جلالته رؤية استراتيجية وخارطة طريق واضحة المعالم للمرحلة القادمة وفق برنامج زمني محدد المعالم، وخيارات واضحة وحكامة جيدة، تقوم على الحوار الاجتماعي، داعيا إلى إعادة ترتيب الأولويات وعلى إعطاء الأولوية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتعبئة جميع الإمكانيات من تمويلات وتحفيزات لمواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة، وخلق صندوق وطني للاستثمار الاستراتيجي، وعقلنة والتنسيق بين مختلف الصناديق وضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، مما سيجل المغرب من بين أكثر الدول التزاما بإنعاش الاقتصادي الوطني، وخلق وكالة وطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة والمؤسسات العمومية.

 كما أعلن جلالته عن الشروع في تعميم الحماية الاجتماعية بكيفية تدريجية انطلاقا من سنة 2021 بتعميم التغطية الصحية الإجبارية والتعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل وبعدها التقاعد وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد وإدماج القطاع غير المهيكل .

والخلاصة أن الخطاب الملكي لهذه السنة لم يكن فقط خطابا توجيهيا عاما،  وإنما كان خارطة طريق وبرنامج عمل انطلاقا من رؤية استراتيجية واضحة المعالم،  تميز بالصراحة والوضوح والتشخيص للصعوبات والتحديات وآفاق المستقبل .

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.