قصوري يبرز أهمية التحكيم الملكي في قضية “التواطؤ المحتمل لشركات المحروقات”

محمد الطالبي

قال إدريس قصوري، المحلل السياسي، إن التحكيم الملكي في قضية “التواطؤات المحتملة لشركات المحروقات”، جاء بناء على مرجعية قانونية ودستورية، وخاصة الفصل 42 منه، الذي يعطي الصلاحية للمؤسسة الملكية للتدخل لضمان سير المؤسسات، مشيرا إلى أن مجلس المنافسة “مؤسسة من هذه المؤسسات التي أوكلت لها مهمة ضمان شفافية ونزاهة التنافس الاقتصادي ببلادنا”.

وأضاف قصوري، في تصريح لـ pjd.ma، أن مجلس المنافسة أُنيطت له مهمة تهم البحث في اختلالات شركات المحروقات التي وصلت إلى درجة “وجود تواطؤات بينها للحفاظ على نفس الأسعار في ضرب لمبدأ التنافس الحر”، وهي اختلالات، يوضح المحلل السياسي، “تستهدف جيوب وقوت يوم المغاربة، فإذا كانت الدولة والحكومة تعمل على توفير الاستثمارات وإنعاش الاقتصاد وتحصين القدرة الشرائية للمواطنين”، فإن هناك، في المقابل، جهة “تتربص بجيوب المغاربة وبقدرتهم الشرائية”.

وشدد المتحدث ذاته، على أن بعض الشركات التي تتحكم في سوق المحروقات “تسير في اتجاه يعاكس توجه المغرب، اتجاه يحطم كل المخططات وكل مسلسلات الإصلاح التي تقوم بها بلادنا، وبالتالي فإن هذا يضرب عرض الحائط كل الجهود من خلال تسلل هذه الشركات إلى جيوب المغاربة”، مشيرا، في نفس السياق، إلى تسجيل “تناقض كبير، ففي الوقت الذي تعرف فيه أثمنة المحروقات انخفاضا كبيرا على المستوى الدولي، فلا يكون لذلك أي انعكاس على أثمنة المحروقات بالمغرب، بحيث تبقى أثمنتها على حالها”.

وأردف قصوري، أن هذا التواطؤ الحاصل بين الشركات “يهدد السلم الاجتماعي للدولة، فالذي لا يراعي جيوب المغاربة يجب أن يضرب على يده بقوة مهما كان وكيفما كان”، مؤكدا أن الذي يشتغل في قطاع حساس مثل المحروقات “يجب أن يشتغل بمعايير الدولة وتوجهاتها حفاظا على المسار الديمقراطي، فلا يجب أن يستغل أي أحد موقعه لمصلحته الشخصية، فهذا لم يعد له مكان بالمغرب ولا ينبغي أن يكون”.

إلى ذلك، أشاد المحلل السياسي، بجهود مجلس المنافسة لما تحلى به من “شجاعة كبيرة، فتحية لرئيس المجلس الذي قام بما ينبغي أن يقوم به ولم يخش أحدا ولم يخف من لومة لائم، لأنه معين من طرف جلالة الملك، ويشتغل في إطار دستوري وله مهام وصلاحيات واضحة وكان يجب على الأطراف الأخرى أن تحترم مهامه وصلاحياته، فالرجل قام بعمله بكل شفافية ونزاهة وحس وطني عالي”.

واستدرك قائلا: “لكن لمّا وقع ما وقع داخل المجلس تدخل جلالة الملك لما له من صلاحيات للحفاظ على مصلحة المغاربة وعلى المصلحة العامة ومن أجل حماية المؤسسات وحماية الشفافية، فمجلس المنافسة أساسه الشفافية، إذ لابد لهذه المؤسسة أن تكون صارمة في معايير حسم مثل هذه القضايا بما يعزز التنافس الحقيقي بين الفاعلين الاقتصاديين، لأن طبيعة المنهج الاقتصادي بالمغرب يقوم على ليبرالية ديمقراطية اجتماعية، بمعنى منهجية تقوم على النزاهة والشفافية وحرية المنافسة وتراعي في نفس القدرة الشرائية والظروف الاجتماعية للمواطنين”.

وجدد قصوري، إشادته بالتدخل الملكي من خلال تعيينه لجنة للتحقيق في الموضوع “بحكمته وشجاعته التي نحييه عليها، لأنه لا يراعي إلا المعايير والقواعد التي تخدم توجهات البلد والنظام السياسي والمسار الديمقراطي لبلادنا، فالملك منسجم مع اختياراته ولن يسمح بنسف هذه الجهود التي راكمتها بلادنا عبر عقود من الزمن”.

ونوه القصوري، في جانب آخر، بتركيبة اللجنة التي عينها الملك والتي “تضم أسماء وازنة ومتكاملة لها صلاحيات بأن تدقق في الأمور وتقول كلمتها في الموضوع كي يتخذ جلالة الملك القرار المناسب والصائب”، مبينا أن “كل شيء يجب أن يخضع لمنطق المسؤولية والمساءلة، الذي يعتبر مبدأ دستوريا، فهذه المرجعية القانونية هي التي يشتغل في ظلها وفي إطارها جلالة الملك واللجنة ومجلس المنافسة”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.