زخنيني: أزمة النخب أم نخب الأزمة

سعاد زخنيني*

ما نلاحظه من إنتاج لخطاب التفاهة والرداءة والفراغ الفكري والسياسي يندرج ضمن أزمة الخطاب السياسي، أم هو ترجمة لعقلية المصلحة الشخصية و النظر “للمناصب” كمجال للغنيمة.

ما تشهده دورات مجالس الجماعات والمقاطعات من صراخ وعويل وعنف لفظي وتعطيل لمصلحة الساكنة ما هو إلا تعبير عن مستوى بعض النخب “إن صح تسميتهم بالنخب”، والمنتخبين غير القادرين على النقاش المثمر والمعارضة البناءة. وهذا راجع لضعف امكانياتهم الفكرية وتدني مستواهم العلمي، لذلك نجدهم يحاولون الاحتماء والاختباء وراء أي جهة.

ماذا يعني أن يتناسى المنتخب الجماعي أن شرعيته مسنودة بالصندوق حتى يبحث عن غطاء آخر يتقوى به، ويحتاج إلى من يشهد له شهادة مجروحة بالاستقامة، إنه منتهى الضعف والجبن والانتهازية والتنمر للأصوات التي وضعت ثقتها فيه، على المنتخب الجماعي أن يكون في مستوى المسؤولية ويتصدى لخدمة الساكنة كل من موقعه سواء كان في الأغلبية أو المعارضة، فالعمل الميداني والتفاني في تنزيل المشاريع التنموية هو من صميم العمل الجماعي، أما المساهمة في إرساء الزبونية من أجل الحصول على مصلحة شخصية، إنما هو تعبير عن إفلاس بعض المنتخبين “المتمعشين” من معاناة المرتفقين وحاجتهم وهو بعيد كل البعد عن قضاء حوائج الساكنة، ولا يمكن أن يكون إلا انعكاسا لمنطق الغنيمة.

إن على الأحزاب السياسية أن تعيد النظر في معايير اختيار المرشحين للانتخابات المحلية وعدم ترشيح فئة مهزومة ومهزوزة هدفها الوحيد الوصول الى المجالس لخدمة مصالحها الشخصية، فهذه الفئة لديها الاستعداد لهدم المعبد في سبيل تحقيق مصالحها وتبقى خدمة المواطن  آخر همها، وغير قادرة إلا على إعادة إنتاج خطاب الكراهية والعنصرية والابتذال وتعطيل مشاريع القرب.

المسؤولية ملقاة على الأحزاب السياسية حتى لا نمر من أزمة النخب الى نخب الأزمة، لذلك فإن الذهاب إلى الانتخابات المقبلة دون برامج تتناسب والمرحلة الجديدة التي ينشدها المغرب من خلال تسيير البلاد بنموذج تنموي جديد ودون تجديد الأحزاب لنخبها لن يكون سوى استنساخا لما تعيشه الجماعات المحلية من فوضى وتدني في أداء المنتخبين في غياب تام لروح المسؤولية والتسيير والتدبير بمنطق المصلحة العامة وحاجيات المواطنين، فالمغرب يحتاج إلى نخب حقيقية لقيادة مرحلة ما بعد كورونا.

*عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.