أسوأ رسالة لروح عبد الرحمن اليوسفي في سنة رحيله

تقول القاعدة الفقهية والقانونية : إنه لا ينسب لساكت قول.  

مناسبة هذا الحديث هو ما يروج من أن بعض المواقف التي تم التعبير عنها خلال المشاورات القائمة بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية حول الانتخابات، تقول بعكس هذه القاعدة: أي أن  هناك قول في نتائج الانتخابات للمسجلين الساكتين أي الذين لم يعبروا تعبيرا واضحا بأصواتهم عن اختيار معين. 

ومعناه أنه يمكن أن تلزم بيتك يوم الاقتراع، وأنك ستسهم بلزومك هذا في تقرير نتائج الانتخابات .

 بعض المقترحات المتدولة في هذا الاتجاه ستشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات التي تحققت في مجال النظام الانتخابي إذا ما تم اعتمادها، خاصة تلك الاقتراحات التي تتجه إلى تقليص الاعتماد على  نظام الاقتراع باللائحة  وتقزيمه إلى أقصى حد، وتغير عتبة التمثيل وتتراجع عما ما تقرر سابقا، ولكن أيضا وعلى الخصوص طريقة احتساب القاسم الانتخابي باعتماد عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية أساسا في احتساب القاسم الانتخابي في الانتخابات المقبلة.  

ومن المعلوم أن بعض الأحزاب الوطنية كانت قد جعلت من النضال من أجل اعتماد نظام اللائحة إحدى معاركها الأساسية، وهو النظام الذي يسهم في تطوير البعد السياسي الديمقراطي للانتخابات من خلال إعطاء الألوية للتصويت على البرامج السياسية عوض التصويت للأشخاص، كما أنه مدخل من مداخل مقاومة الفساد الانتخابي و تقليص تأثير “المال السياسي ”  في نتائج الانتخابات من خلال عمليات شراء أصوات الناخبين.

ومن دون شك فإن العودة إلى الاقتراع الفردي أو توسيع مجاله وإفراغ الاقتراع اللائحي من محتواه من خلال تخفيض العتبة اللازم الحصول عليها للمشاركة في توزيع الأصوات، سيمثل انتكاسة حقيقية على مستوى تطوير الطابع الديمقراطي للانتخابات ويتعارض مع تعزيز الاختيار الديمقراطي  الذي أصبح من الثوابت الدستورية للمملكة .

من المفروض أن التوجه الطبيعي لتطوير العملية الانتخابية هو أن يتوجه النظام الانتخابي لتحقيق حلم كان قد عبر عنه الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله هو إفراز تدول بين أقطاب سياسية كبرى مثل ما يحدث في الديمقراطيات العريقة، وأن يفضي إلى إنهاء عملية البلقنة التي من شأنها أن تؤدي إلى تعطيل فاعلية المؤسسات المنتخبة على المستوى الوطني أو الجماعي .

وثالث الأثافي كما يقال هو أن يدعو البعض ممن يفترض فيهم الدفاع عن دور الأحزاب وعن  التمثيل السياسي إلى اقتراح غريب وعجيب، وهو اعتماد عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية أساسا في اعتماد القاسم الانتخابي في الانتخابات المقبلة على أساس عدد المسجلين، 

 والتأمل في هذه الدعوة معناه  أن يكون مصير الانتخابات مرهونا ليس بالذين عبروا عن إرادتهم من خلال القيام بواجب التصويت وإنما أيضا بالمقاطعين للانتخابات أو العازفين أو المتهاونين في أداء الواجب الانتخابي، مما يشكل خروجا عن القاعدة الفقهية والأخلاقية القائلة: ” لا ينسب لساكت قول “

من دون شك فإن تبني هذا التوجه وتطوع البعض للترويج  له والدفاع عنه، سيشكل انتكاسة في مسار التطور الديمقراطي في المغرب، وسيكون أسوأ رسالة  توجه لروح اليوسفي داعية المنهجية الديمقراطية في سنة رحيله، وهو الذي دافع وحزبه عن نظام انتخابي يكرس المنهجية الديمقراطية  من خلال اعتماد نظام الاقتراع اللائحي ومنطقه المتكامل .

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.