نحمي بلادي وحبابي

من الطبيعي أن تتهيأ الدولة والأحزاب للاستحقاقات الانتخابية، ومن حق  أحزاب المعارضة أن تقوم بدورها المقرر لها دستوريا، ومن حق المركزيات النقابية أن تدافع عن حقوق العمال وتتبنى مطالبهم.

ومن حق المقاولات أن تشكو أوضاعها وصعوباتها على ضوء ما تولد عن جائحة كورونا من مضاعفات على الاقتصاد الوطني عموما وعلى أوضاعها وأن تطلب دعم الدولة، وتبرز صعوباتها وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية.

لكن ليس من حق أي من هؤلاء أن ينتهز الفرصة من أجل تصفية حسابات سياسوية أو حزبية ضيقة، أو أن يفكر في مصالحة الخاصة، وأن يدخل في منطق المناكفة الانتخابية قبل الأوان، ونشر السوداوية لربح نقاط لصالحه على حساب المصلحة الوطنية العليا التي تقتضي  مواصلة ثقافة وسلوك التضامن الوطني، الذي تفرضه تحديات الجائحة.

ينبغي أن نقرر بوضوح أن عددا من المعطيات ستتغير إذا قدر الله ظهور موجة جديدة من جائحة كورونا أو تواصل زحف كوفيد 19 ليعصف بكل المكتسبات التي تحققت إلى حد اليوم .

من غير المناسب اليوم النفخ في اختلافات في التقديرات السياسية أو غير السياسية بين التنظيمات الحزبية المختلفة أو داخلها وجعلها على صدر الأولويات في زمن تعتبر الجائحة المعركة الأولى التي ينبغي أن تتصدر لائحة اهتمامات تلك التنظيمات.

من غير المناسب أن يتم انتهاز الصعوبات الاقتصادية للمقاولة من أجل الإجهاز على الحقوق الأساسية للعمال دون فتح حوارات يتم فيها التوافق مع الشركاء الاجتماعيين على كيفية مواجهة التحديات التي تواجه الشغيلة والمشغلين على حد سواء.

من غير المناسب أن تتحول الأوضاع الاجتماعية للعمال الناتجة عن تدهور أوضاع المقاولات إلى فرصة لمزيد من تأزيم العلاقات المهنية.

إن واجب الوقت يفرض مواصلة التلاحم الوطني وتعبئة المواطنين من أجل التصدي لـ”الخصم” الأول الذي يهدد الاقتصاد، ويهدد المقاولة، ويهدد العمال، ويهدد التماسك الاجتماعي، ويهدد مصداقية الأحزاب والنقابات والتنظيمات، ويتحدى مدبر الشأن العام ليس في بلادنا بل في جميع بلدان العالم .

والمدخل لذلك هو تعزيز ثقافة التضامن التي برزت واضحة في الشهور الأولى لظهور الجائحة سواء من خلال التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية بتوجيهات ملكية سامية أو من خلال مختلف مظاهر التضامن الاجتماعي والتزام مختلف التدابير الاحترازية اللازمة.

اليوم نحن في حاجة إلى إعادة تعبئة جديدة ترفع الروح المعنوية للواقفين في الخنادق الأمامية في مواجهة الجائحة خاصة من رجال الصحة ورجال التعليم والسلطات والأجهزة الأمنية وقوات الجيش والدرك والقوات المساعدة والوقاية المدنية، وكل الساهرين على تأمين سير الحياة العادية.

نحن في حاجة إلى تعبئة وطنية شاملة ينخرط فيها الجميع تهدف تعزيز ثقافة المسؤولية لدى المواطن من خلال تحسيسه بدوره كمواطن في مقاومة الجائحة .

لقد طرق الخطاب الملكي على جانب حساس لدى المواطن المغربي حين دعا كل مواطن أن يتحمل مسؤوليته في عدم نشر العدوى بين الناس وعدم الإضرار بنفسه وعائلته .

ومن منطلق المسؤولية، انخرط حزب العدالة والتنمية بجميع هيئاته ومؤسساته وتنظيماته الفئوية والمجالية في القيام بمسؤوليته في تحسيس المواطنين بمسؤولياتهم وواجباتهم في التصدي للجائحة بإطلاقه لحملة “نحمي بلادي وحبابي” غير عابئ بمن هم منشغلون بحسابات وتموقعات صغيرة .

افتتاحية العدد 19 من مجلة العدالة والتنمية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.