طرق التدريس الحديثة.. من أجل مستوى تربوي وبيداغوجي فعال

هشام الإدريسي*

يعتبر البحث العلمي المدخل الحقيقي لتنمية المجتمع، إذ لا يستقيم أن نتحدث عن التنمية بعيدا عن الـتأسيس لدور البحث العلمي كقاعدة مهمة تنطلق منها كل مشاريع التنمية وبكافة قطاعاتها المختلفة لتعطي نتاجا طبيعيا وضروريا ألا وهو  تحقيق الرفاه الاجتماعي، وعليه يكون دور العلم على جميع مستوياته هو العامل الفاعل لتحقيق هذا الغرض .

فللبحث العلمي دور أساسي في التطور الاقتصادي في البلدان المتقدمة التي حققت تقدما ملموسا في مجال العلم والتكنولوجيا،  تلك التي قطعت شوطا طويلا في مجال البحث والتطوير إنما هي دول آمنت أساسا بالبحث العلمي أسلوبا ووسيلة ومنهجا، وتمكنت عن طريقه أن تطور إمكاناتها من أجل تحقيق التنمية والتقدم لمجتمعاتها .

تعد المعاهد والكليات من أهم المؤسسات الاجتماعية في المجتمع، فهي المصدر الحقيقي للقوة والوسيلة الأساسية للتنمية باعتبارها المكان الأفضل للأبحاث الأكاديمية والتطبيقية الجادة التي يقوم بها المتخصصون والطلاب، فليس هناك مكان  آخر أنسب وأمثل من المعاهد والكليات حيث تتوافق فيه جهود البحث الأساسي والتطبيقي التي يقوم بها المتخصصون في المجالات العلمية المختلفة، من خلال التوظيف الجاد لرسالة هذه المؤسسات التعليمية البحثية توظيفا فاعلا إيجابيا من منطلق أن المعلومات وطرق التدريس  التي تقوم عليها مختبرات البحوث التطبيقية من الممكن أن تقدم خدمات اقتصادية شاملة للمجتمع .

فالمعاهد والكليات لها أدوار عدة، منها التثقيف والإرشاد والمشاركة في تقديم الخدمات الاجتماعية والتوعية العامة وتدعيم الاتجاهات الاجتماعية والقيم الإنسانية المرغوبة من خلال البحث العلمي في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية وتطبيقاتها العلمية والتكنولوجية والعمل على تطويرها .

إن التحدي الكبير الذي تواجهه المعاهد ومؤسسات التعليم العالي في عصرنا الحالي ( العالم العربي تحديدا)،  يتمثل في مدى قدرتها على  صياغة  وتوظيف طرق تدريس متطورة وفق رؤية إستراتيجية سليمة، وتبني  رسالة واضحة ومرامي وأهداف ملائمة لاعتماد تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في إنجاز مهامها وصولا إلى التميز ثم التنافس وتجاوز طرق التدريس التقليدية التي تقود إلى التوقف عن النمو، ومن ثم التخلف عن مواكبة المؤسسات الأكاديمية المتميزة، على اعتبار أن طرق التدريس اليوم تعد عنصرا أساسيا ومهما من عناصر المنهج الدراسي، فهي تشكل مع الأهداف التعليمية والمحتوى الدراسي وعملية التقويم عناصر مهمة في المنهج الذي يعد أحد الأركان الأساسية للعملية التعليمية في أي نظام تعليمي وفي كافة المراحل الدراسية .

فنجاح العملية التعليمية يعتمد إلى حد كبير على نوع وتنفيذ طرق التدريس التي يستخدمها  ” الأستاذ” مع طلابه، ولذلك يقع على عاتق “الأستاذ” مسؤولية اختيار الأنسب والأكثر تحقيقا للأهداف من بين الطرق التدريسية المتنوعة والمتجددة بين حين وآخر ، وقد كانت التربية التقليدية تنظر إلى أن طريقة التدريس وسيلة لإيصال المعلومات إلى المتعلم بتوسط من ” الأستاذ” والأساس الذي قامت عليه هذه النظرة أن التعليم ما هو إلا عملية  ” شــحن ” المعلومات في عقول الطلاب  وهي نظرة قاصرة تركز  على تحصيل المعرفة دون الاهتمام بالجوانب الأخرى وتسوي بين الطلاب بصرف النظر عن فروقهم الفردية في النمو والقدرات والميول.

دور المعاهد والكليات في تحفيز الإبداع والابتكار

يحظى الإبداع والابتكار بدرجة عالية من الاهتمام من قبل العلماء والمهنيين وواضعي السياسات التعليمية على حد سواء، فمن الضروري وجود نوع مختلف من التعليم والأساتذة حيث يعمل الأستاذ كمدرب لتنمية المهارات المتعددة وعلى رأسها القدرة على الانخراط في حل المشكلات والبحث، كذلك يجب على المعاهد والكليات أن تقدم للطلاب مناهج تعليمية ودورات أكثر ديناميكية لتزويد طلابها بكل ما يحتاجون إليه لصقل مواهبهم من جهة، والحصول على فرص أكبر في سوق الشغل .

هناك حاجة إلى سياسات تعليمية على درجة عالية من الجودة، يكون فيها التطبيق العملي رديفا للجانب النظري الذي أدركت أهميته الكليات الغربية فجعلت الأبحاث والتجارب العلمية والتدريب في مواقع العمل، جزءا من متطلبات التخرج التي لا يمكن للطالب أن يتخرج دون إتمامها بنجاح، بالإضافة  إلى ضرورة الاهتمام بمحتوى المناهج الدراسية سواء في المرحلة التي تسبق التعليم الجامعي بحيث تركز على الجانب العملي والتطبيقي وجعله نسقا وسلوكا إلزاميا يمارسه الطالب بعيدا عن العقلية   “الحفظية” التي سار عليها الطلبة لأجيال عدة .

يقول “جـــورج كــوروس” مـــؤلف كتاب “الابتكار داخل الصندوق: تمكين المتعلمين من خلال التصميم العالمي للتعلم وعقلية المبتكر”، قـــائلا “كقادة في التعليم لا تتمثل مهمتنا في التحكم في من نخدمهم، بل في إطلاق العنان لمواهبهم، إذ أصبح الابتكار أولوية في التعليم فنحن بحاجة إلى خلق ثقافة تكون فيها الثقة هي القاعدة”.

فالإبداع والابتكار يتطلبان أساتذة يستجيبون لفضول الطلاب الطبيعي وبما يعزز قدرتهم على الاستكشاف وتشكيل الطريقة التي يتعلمون بها اليوم وفي المستقبل، لأن جوهر التدريس  الجيد يتمثل في الأسلوب التعليمي الذي يكون للأستاذ الدور الأكبر في عملية التدريس، وعليه تقع المسؤولية الأولى في توصيل المادة الدراسية إلى الطلاب،  من خلال طرق تدريسية منها طريقة الإلقاء، الاستقرائية، الاستنباطية، الحوارية، أو من خلال توظيف “البــيداغوجيا الــفارقية” داخل الفصول الدراسية، بمعنى دمقرطة التربية والتعليم وتوفير تكافؤ الفرص بين الطلاب وأخذ خصوصيات كل طالب، ومساعدة كل طالب على تجاوز تعثراته وتحقيق الكفاية المنشودة، حيث هناك مدرسين يتعاملون مع طلابهم باعتبارهم كتلة متجانسة سواء من حيث الذكاء أو من حيث وتيرة التعلم، فالبيداغوجيا  الفارقية مقاربة تربوية تقوم على مبدأ تنويع الطرق والوسائل التعليمية وتأخذ بعين الاعتبار تنوع الطلاب واختلافهم من حيث السن والقدرات والسلوكات وتعترف بالطالب كشخص له إيقاعه الخاص في التعلم وتمثـــلاته الخاصة .

الحــاجة إلى التكنولوجيا لأجل تطوير طرق التدريس

أصبح لزاما اليوم على الكليات والمعاهد، التعرف على طرق التدريس الحديثة لما لها من أثر فعال في تحسين جودة التعليم، ذلك أن الطرق التقليدية لم تعد قادرة على تلبية حاجيات التعليم في القرن 21 .

إن توظيف التقنيات والآليات التكنولوجية في العملية التعليمية من شأنها أن تؤثر على طرق التدريس ومناهج التعليم، بعد أن أصبحت هذه التكنولوجيا تشكل مركز اهتمام المدرسين والطلاب وصارت تخترق المنظومة التعليمية لتنشيط الفضاءات الدراسية وتفجير طاقات الطلبة مع المساهمة في بناء شخصيتهم .

ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا في العملية التعليمية بعدما غزت تكنولوجيا الإعلام والاتصال  (الوسائل السمعية البصرية، شبكة الانترنيت، الموارد الرقمية..) قاعات الدراسة ومختبرات العلوم والمكتبات والخزانات المدرسية، فتبين للمهتم والممارس للشأن التربوي أهمية الاستعانة بهذه التكنولوجيا  في تعزيز التعلم الذاتي والبحث الشخصي، وتطوير أساليب ومناهج التعلم وقدرتها على معالجة كل المشكلات والرفع من مستوى أداء المدرس ومردودية المؤسسات التعليمية، بعدما تبين العجز الواضح للطرق التقليدية والوسائل التعليمية الكلاسيكية وعدم كفايتها  في معالجة  الصعوبات والاختلالات المتراكمة .

وقدمت التكنولوجيا الحديثة وسائل وأدوات لعبت دورا كبيرا في تطوير عملية التعليم والتعلم، وأتاحت الفرصة لتحسين أساليب التعلم حيث ساعدت على إثارة اهتمام الطلبة وتشجيعهم، ولعل ظهور الحاسوب شكل نقلة نوعية وتحديا لكل ما سبقه من ابتكارات أو أدوات استخدمت في العملية التعليمية، فقد تنوعت وتعددت مجالات استخدام الحاسوب في التعليم من استخدامه كمادة دراسية إلى تطوير الأساليب المتبعة في التدريس بواسطة الحاسوب أو من استحداث أساليب جديدة يمكن أن يساهم من خلالها في تحقيق الأهداف المنشودة من عملية التدريس .

لقد أصبحت هذه التقنيات الجديدة أسلوبا للتبادل المعرفي بين مختلف المؤسسات التعليمية في العالم، واستطاعت إيجاد تغييرات جذرية في أنظمتها وبرامجها الدراسية، وأضحت أداة مهمة في عملية التدريس وخاصة في مؤسسات التعليم العالي.

ولضمان جودة التدريس الجامعي نستعرض بعض المتطلبات البيداغوجية :

1-توظيف تقنيات الحديثة في التواصل مع تنويع طرق وأساليب التدريس، فالمحاضرة ستكون جذابة وشيقة إذا نجح أستاذ المقرر في تنويع أساليب تدريسه في كل محاضرة .

2-استخدام المساعدات البصرية حيث أدت تقنيات التعليم الحديث إلى تسهيل  مهمة إيصال  المعلومة من قبل الأستاذ إلى الطالب وإلى تنويع الأساليب التدريبية حيث يتم إيضاح المعلومات بطريقة مشوقة تشد انتباه الطلبة إلى موضوع المحاضرة وتسهل فهمها .

3- التعلم بالحاسوب : استغلال جهاز الحاسوب في تحقيق التعلم المنشود

4-الدفع بالطلاب نحو إعمال قدراتهم الخاصة للوصول إلى المعرفة

5-تربية الحس النقدي والتفكير العلمي للمتعلم

6- تحفيز التعلم التعاوني، من خلال تكليف الطلبة بمهمة محددة يجب إنجازها في وقت معين ويقتصر دور الأستاذ على إدارة النقاش وتيسير العملية التعليمية.

تمثلات الطلبة عن طرق التدريس في المعاهد والكليات

إذا كانت طرق التدريس من الموضوعات المهمة التي جذبت انتباه التربويين عبر العصور ونالت قسطا وافرا من الدراسات والأبحاث التربوية، فكـــيف ينــظر الطــالب في العالم العربي (باعتباره محــور العمــلية التعــليمية) لطرق التدريس في الكليات والمعاهد ؟ أو ما هي تمثلات هؤلاء الطلبة  لطرق التدريس المعمول بها من قبل المعاهد والمؤسسات الجامعية  في العالم العربي ؟؟

عــبد الله تيــوش من الجزائر ، طالب باحث تخصص علوم قانونية  وإدارية، ماستر متخصص قال “هي مؤسسات تدريسية نمطية، وليست مؤسسات تعليمية توفر المعرفة اللازمة لمواجهة تحديات العالم وذلك من خلال تبنيها للشكل التقليدي للمناهج سواء المعرفة المقدمة للطالب أو الرسائل القديمة المعتمدة في التعليم، وعدم الاهتمام بوسائل أخرى مثل السمعية والبصرية والتكنولوجية، وكذلك نمط الإلقاء من الأستاذ والطالب يسمع ويدون مما يؤدي إلى عدم تفاعل الطالب معه لغياب النقاش وعدم توفر الشروط التي تستفز إبداع الطالب فحولت العملية التعليمية إلى حفظ من أجل تجاوز سنوات الدراسة والحصول على الشهادة “

إذا كان الطالب الباحث عبد الله تيوش من الجزائر، يقر ويؤكد أن المؤسسات التعليمية في الجزائر لا تزال تعتمد على الطرق التدريسية التقليدية ، فكيف هو الحال في الجمهورية التونسية ؟

عبد الله بخــاش ، طالب باحث بسلك الدكتوراه تخصص الإعلام بالجامعة التونسية، يجــيب “مازالت طرقنا التعليمية تقليدية ومتأخرة كثيرا تقوم في العادة على استهبال عقل المتلقي وتحويله إلى آلة حفظ لا تفكير ونقد، وهو ما ينعكس بالتالي على كل ما سيترتب على أداء المخرجات لاحقا، يضيف عبد الله قائلا : إمكانياتنا التعليمية قياسا بالعالم الآخر لا تقارن ” .

إن ما يزكي اعتماد المعاهد والكليات في تونس والجزائر لطرق التدريس التقليدية، هو نسبة الطلبة الذين يغادرون بلدهم الأم في اتجاه المعاهد والكليات الأوروبية من أجل الحصول على تكوين جيد، ففي تونس مثلا كشفت تقارير وزارية أن تونس تحل في المرتبة الثانية عربيا على مستوى هجرة الطلاب والكفاءات، مع وجود ما لا يقل على 8233 تونسية وتونسي من مهندسين وجامعيين وأطباء ومحامين وباحثين في الخارج .

اعتماد المعاهد والمؤسسات الجامعية في أوربا لأحدث التقنيات التدريسية، هو ما يؤكده الطالب الباحث حسن الشرقاوي  من دولة مصر وهو خريج الجامعة الألمانية بالقاهرة قائلا ” كل السبــل الحديثة كانت متوفرة في هذه الجامعة بالمقارنة مع المؤسسات الجامعية الأخرى، فكثير من الأصدقاء سافرو إلى ألمانيا بمساعدة الجامعة، فالبعض  يدرس والبعض يعمل بفضل التكوين الجيد للجامعة الألمانية في مصر ” .

إن طبيعة طرق التدريس في دولة مصر ساهمت بدورها في هجرة الطلاب إلى دول أوروبية، حيث تأتي  في مقدمة الدول المصدرة للعقول إلى الخارج خاصة كندا والولايات المتحدة وألمانيا، وطبقا لبيانات اتحاد المصريين بالخارج فإن تعداد علماء وأكاديمي مصر المقيمين بالخارج يبلغ حوالي 86 ألف عالم وأكاديمي، منهم 1883 في تخصصات نووية نادرة كما يضمون 42 رئيس جامعة حول العالم  .

ونسب الاتحاد أرقامه إلى مركز الإحصاء التابع للأمم المتحدة، إضافة إلى عدة مراكز بحثية أوربية، وقد أوضح فيه أن خارطة العلماء المصريين في مجال الطاقة الذرية تشير إلى وجود 180 عالما مصريا في المجال النووي يعيشون خارج مصر .

إن واقع طرق التدريس في كل من دولة مصر والجزائر وتونس لا تختلف كثيرا عن واقع وحال هذه الطرق في المغرب، شيماء بوعلام، خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، قالت ” كل المواد في جميع التخصصات سواء في المعاهد أو الكليات يجب أن تكون غزيرة وملائمة مع كل جديد وتطور تشهده المجالات والتخصصات في العالم، لم تعد هذه المعاهد والكليات تأخذ ما استجد من مضامين  المواد بقدر ما تعتمد على مراجع قديمة، وتضيف الطالبة شيماء، كنت أتمنى لو عاد بي الزمان للدراسة في نظام 4 سنوات، حيث ندرس في السنوات الثلاث جميع التخصصات ( الإذاعة ، الصحافة المكتوبة التلفزيون ..) ، وفي السنة الرابعة والأخيرة يركز الطالب على التخصص أو الوسيلة الإعلامية التي يختارها، أما فيما يخص طرق التدريس، فقد أشارت الطالبة  أن طرق التدريس يجب أن تتلاحم وتتكاثف مع التكوين الذاتي للطالب، كما تطالب بإدراج مواد “خفيفة ” حسب تعبيرها كالمسرح والترفيه يعني مواد يجد الطالب متنفسا فيها، عوض التركيز فقط على مواد ثقيلة كالاقتصاد والقانون، والتواصل ..” .

ما عبرت عنه الطالبة الباحثة شيماء بوعلام خريجة المعهد العالي للإعلام والإتصال بالرباط عاصمة المغرب، يشخص واقع السياسات التعليمية  في المغرب، حيث تم اعتماد أكثر من برنامج ومخطط دون أن يؤثر ذلك بشكل ايجابي على تطور المنظومة التعليمية، بدءا بإصلاح المنظومة التعليمية سنة 1957 من خلال اللجنة العليا للتعليم، مرورا بالمجلس الأعلى للتعليم والذي تم تأسيسه سنة 1959 وانتهاء باعتماد المخطط الثلاثي 195-167 بعدها اللجنة الوطنية للتعليم سنة 1994 ، وفي سنة 2000 عرفت تأسيس اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين والتي انبثق منها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بعدها المخطط الاستعجالي 2019-2012، وبعد فشل هذا الأخير في تحقيق الأهداف المنشودة تم اعتماد مجلس جديد بـاسم “المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي صدر سنة 2015 ثم الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015-2013 ، لينتهي الإصلاح التعليمي بالمغرب باعتماد قانون جديد رقم 51.17 المتعلق بقانون الإطار .

فشل أو عدم استقرار السياسة التعليمية في المغرب كان له أثر سلبي، إذ نجد أكثر من 600 مهندس مغربي يغادرون بلدهم كل عام وهو ما يعادل رقم جميع خريجي أربعة مدارس عليا للهندسة في المغرب خلال عام واحد كما جاء على لسان وزير التربية الوطنية والتعليم العالي في المغرب سعيد أمزاري .

فالمغرب يخسر موارد بشرية يمكن أن تساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبفقدانها يفقد المغرب جزءا من رأسماله البشري وهو عامل مهم من عوامل الإنتاج في الاقتصاديات الحديثة .

نستشف مما سبق، أن طغيان الطابع النظري والمناهج النظرية في المنظومة التعليمية ، كما أن الأساليب المستخدمة في التطبيق تقليدية، وتكدس في المناهج التعليمية والاعتماد على التلقين المستمر وإهمال جانب التطبيق من جهة، وطرق التدريس الحديثة من جهة ثانية، عوامل ساهمت في تدني المستوى التعليمي في العالم العربي، مما دفع بالطلاب إلى الهجرة نحو دول أوروبا، حيث أظهرت بعض الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو والبنك الدولي أن العالم العربي يساهم في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية وأن 50 بالمائة  من الأطباء و23 بالمائة من المهندسين و15 بالمائة من مجموع الكفاءات العربية تهاجر نحو أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وتؤكد الإحصائيات أن ثلاث دول غربية غنية وهي و.أ.م وكندا وبريطانيا تصطاد 75 بالمائة من المهاجرين العرب .

ويبقى لنا أن نطرح سؤال آني ومشروع ، هل ستؤثر هبوب جائحة كورونا بشكل إيجابي على السياسات التعليمية في الدول العربية ؟

أو بتعبير آخر، هل اعتماد التعليم عن بعد في زمن كورونا سيمهد الطريق لتشخيص وإعادة النظر في الطرق التدريس التقليدية، ومن تم صياغة وتوظيف طرق تدريس متطورة تتماشى مع هذه الفورة التكنولوجية ؟

*طالب باحث في العلوم السياسية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.