أي ترتيبات مالية لمواكبة تعميم التغطية الاجتماعية على المغاربة؟

يُوجد ورش تعميم التغطية الاجتماعية في صميم أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2021 الذي حدد بدقة مراحل تنفيذ هذا المشروع المجتمعي الكبير. ويخصص هذا الإصلاح تغطية اجتماعية لفائدة جميع المغاربة من خلال التعميم التدريجي للتأمين الإجباري عن المرض، والتعويضات العائلية، بالإضافة إلى تعميم التقاعد لفائدة السكان النشيطين والتعويض عن فقدان الشغل بالنسبة للمواطنين ذوي الوظائف المنتظمة.

وبخصوص الترتيبات المالية لمواكبة هذا الورش، أكد عبد الغني يومني، المتخصص في السياسات العامة، أن تعميم التأمين الصحي، يتطلب غلافا ماليا يقدر ب 13,8 مليار درهم، منها 8,46 مليار درهم ستعبئها الدولة و5,3 مليار درهم ستؤمن على الأرجح بواسطة المساهمة التضامنية الجديدة، وهذا سيؤدي إلى الاختفاء التام لنظام (راميد) مع الأمل في تخصيص المزيد من النفقات لتعميم الخدمات الصحية.

وأضاف يومني، أن هذا المشروع الوطني على التأمين الصحي الشامل، ولكنه يهدف أيضا إلى بناء نظام للحماية الاجتماعية يليق بدولة اجتماعية يحكمها القانون، مسجلا في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن متطلبات العدل والإنصاف، إرساء العدالة الاجتماعية التي ستنمو على أرضية عدالة ضريبية تقدمية وحذرة.

وأوضح الباحث ذاته، أن خيار التصرف هذا واضح في قرارات القطع مع منافذ التهريب التي ستسمح للدولة بتحصيل أكثر من 5 مليارات درهم من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة والضرائب على الواردات، مضيفا أن هذا الأمر سيتطلب بكل تأكيد المزيد من المنخرطين الاجتماعيين الذين يقدمون مساهماتهم، وبالتالي التقليل من حجم الاقتصاد غير المهيكل في المستقبل القريب.

وفي هذا الصدد، أبرز المتخصص في السياسات العامة، أن التوجيهات الملكية السامية لضمان تغطية اجتماعية شاملة لفائدة المغاربة بحلول نهاية عام 2022 ، تشكل عملا جبارا بالفعل في هذه الفترة، مشيرا إلى أن هذه التوجهيات تم تفعيلها على الفور من قبل السلطة التنفيذية لتعبئة جميع المواطنين وجميع الفاعلين السوسيو-اقتصاديين حول هذه السياسة العامة لإضفاء الصبغة الشرعية على التقدم الاجتماعي.

واعتبر يومني، أن عملية كهذه لن تكون مثمرة إلا إذا واكبتها إصلاحات في حكامة التدبير والتمويل، موضحا أنه فيما يتعلق بالتدبير، سيكون من الضروري تجاوز إشكالية المتدخلين من خلال دمج برنامج (راميد) الممول بنسبة 75 في المئة من قبل الدولة لفائدة 14,4 مليون مستفيد ونظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يستفيد منه 3,54 مليون منخرط.

وبناءً على ذلك، شدد المتحدث ذاته، على ضرورة الإسراع برقمنة خدمات الحماية الاجتماعية لتمكين المستخدم، وجعل الخدمة العمومية فورية، وخصوصا لخفض تكاليف جميع المنتجات العمومية غير الخاضعة للتسويق، مؤكدا أن الإطلاق بشكل متزامن للسجل الاجتماعي الموحد، وهو أداة أساسية للتتبع الاجتماعي للأسر والاستهداف الحسابي الفعال للفئات الهشة.

وخلص الباحث المتخصص في السياسات العامة، إلى أنه يتعين ألا تكون المساعدة الاجتماعية والتحويلات النقدية رهينة للفساد أو التجاذبات، معتبرا أنه لتحسين العدالة الاجتماعية، لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تغيير العقليات وقواعد اللعبة، وتقليص عدد الفاعلين والمتدخلين، والرقمنة بشكل أكبر وتمكين المستفيدين.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.