خارج السياق: بلطجة “ثورية” في باريس

شهدت نهاية الأسبوع الماضي،  اعتداء بلطجيا من طرف عناصر مسخرة من البوليساريو والمخابرات الجزائرية، على مغاربة مسالمين  يقومون بوقفة تضامنية  بشكل  حضاري بساحة الجمهورية بفرنسا، ويعبرون من خلال رفع الاعلام الوطنية وترديد  شعارات وحدوية في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل في االبلد المحتضن لهذه الفاعلية، وانسجاما مع الأعراف الدولية الكافلة لحرية التعبير والحق في التجمهر، يعبرون من خلال ذلك عن حس وطني عال، ويجسدون سلوكا حضاريا يعكس في العمق أصالة الحضن التربوي الذي ترعرعوا فيه كمواطنين مغاربة ينهلون من عمق تاريخي أصيل بقيمه الحضارية ودلالات المواطنة الحقة المؤسسة على فهم دقيق للواجبات والحقوق.
لقد أظهر هذا الاعتداء الذي لم تسلم منه حتى النساء العزل إلا من إيمانهن العميق بعدالة قضيتهن و تشبتهن القوي بحقهن في التعبير عن مواقفهن الوطنية، عن الوجه الحقيقي لما يسمى جبهة البوليساريو، وعرى مرة أخرى سوأة هذا التنظيم، وسقطت كل الشعارات المزيفة التي يلوكها لعقود من الزمن، من قبيل التحرير وتقرير المصير ومناهضة الاحتلال، فكيف لمن لا يستطيع تحمل الرأي المخالف، ويمارس العنف المادي في أعلى صوره البلطجية على امرأة عزلاء، كيف له أن يقنع أحدا بأنه يحمل هم شعب في الحرية وتقرير المصير؟
إننا باختصار أمام عصابة إرهابية تستبيح كل شيء ومستعدة لفعل أي شيء من أجل تنفيذ أجندتها، وياليتها كانت أجندة ذاتية بل هي أجندة الأغيار ممن يحلمون بتفوق إقليمي بحسابات حرب باردة أصبحت من التاريخ الذي لن يعود، ويمنون أنفسهم بممر للمحيط  الأطلسي في جشع لا تسعفه لا حقائق التاريخ ولا بينات الجغرافيا ولا مقتضيات القانون الدولي.
إن تلك الاعتداءات امتداد للتخريب الذي مارسته عصابات البوليساريو على الطريق الرابط بين الكركرات وموريتانيا، وهو امتداد للجرائم التي تشكل كل التاريخ “الثوري” لهذه العصابات، ابتداء من خطف مواطنين عزل من مناطق بعيدة عن منطقة النزاع واحتجازهم بمخيمات العار، مرورا بكل أشكال التعذيب وسوء المعاملة لأسرى الحرب، وليس انتهاء بتكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير والتلاعب في المساعدات الإنسانية المقدمة من الهيئات الدولية لساكنة ومحتجزي المخيمات، ورفض إحصائهم لإبقائهم رهينة حسابات المتحكمين الفعليين في هذه العصابة لمزيد من ابتزاز المنتظم الدولي ودريعة لإبقاء الملف مفتوحا إلى ما لا نهاية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.