الأزمي: أصبح من الواضح اليوم بأن عصر حكومة ابن كيران هو عصر الإصلاحات الهيكلية بامتياز

 

07-01-2013

  ·         إطلاق هذا الكم من الإصلاحات الهيكلية لم يكن خيار الحكومة ولكن ضرورة

·       الطموح الذي أبانت عليه الحكومة في القطع مع بعض الإشكاليات الكبرى التي يعاني منها المغرب لا يزيدها إلا مصداقية في عيون المجتمع الدولي.

قال إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية، بأنه إذا كانت الحكومة قد أعلنت عن هذا الكم من الإصلاحات الإستراتيجية الثقيلة والمتزامنة في خطة عملها، من قبيل إصلاح صندوق المقاصة وصندوق التقاعد والعدالة فهو تأكيد على أنه قد حان الوقت المناسب لمعالجة هذه القضايا، “لأنه أصبح من الواضح اليوم بأن عصر حكومة ابن كيران هو عصر الإصلاحات الهيكلية الكبرى بامتياز”.

وأوضح الأزمي الذي حل ضيفا على جريدة “ليزيكو” الفرنكوفونية في عددها الصادر بتاريخ 2 يناير 2013، إن من شأن هذه الأوراش أن تحسن من صورة المغرب لدى مختلف الشركاء الأجانب، بدءا بصندوق النقد الدولي.

هذا وأبان الوزير المكلف بالميزانية عن ثقته في قدرة الحكومة الحالية على تحقيق هذه الإصلاحات، مؤكدا على توفرها على الإرادة السياسية والشجاعة الضروريتين من أجل ذلك، بالإضافة إلى الإحساس بالمسؤولية، والتي اعتبرها العوامل اللازمة للنجاح في المهمة التي جاءت من أجلها. وأضاف ” بالطبع لن تكون هذه المهمة بالسهلة، ولذلك تم انتخابنا”.

وفي موضوع متصل، أشارت “ليزيكو” إلى أن المغرب استفاد من برمجة الحكومة لهذه الإصلاحات في برنامجها إلى جانب المؤشرات الاقتصادية، من أجل فرض نفسه في السوق المالية العالمية  كرهان آمن بالنسبة للمستثمرين. وهو ما جعل المغرب يستفيد من قرض بفوائد أقل بكثير من ما حصلت عليه تركيا مثلا التي قامت بطرح سنداتها في نفس الفترة. هذا وتأمل السلطات العمومية في أن تشكل هذه الشروط الملائمة للاقتراض من السوق الدولية مؤشرا للفاعلين الوطنيين، إذا قررت هذه الأخيرة أيضا البحث عن تمويل أجنبي.

وعلى صعيد آخر، واكبت هذه السلسلة من الإصلاحات الهيكلية مجموعة من الإجراءات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2013، والتي من شأنها، حسب ما أفاد به الأزمي، أن تعيد التوازن للموازنات الماكرواقتصادية والتحكم في العجز ودعم النمو أو الحفاظ على وثيرة الاستثمار العمومي.

وفي تعليقه على مسار حياة قانون المالية لسنة 2013 الذي عرف نقاشا عموميا واسعا، قال الأزمي “إن هذا النقاش يترجم مراد الحكومة في أن يطلع جميع المواطنين على المشروع، حيث تم نشر مضمونه بمجرد إعداده في غشت 2012 الماضي. وكانت هذه المرة الأولى التي توضع فيها أهم مقتضيات مشروع قانون مالية في متناول المواطنين بالموازاة مع عرضه للنقاش”.

وأضاف “لقد كان النقاش غنيا جدا على جميع المستويات سواء بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين، أو الشركاء الاجتماعيين، وكذلك على مستوى الغرفتين الأولى والثانية للبرلمان. وكانت الحكومة من جهتها منفتحة جدا على جميع المقترحات والتعديلات، حيث وصل عدد التعديلات مثلا بالنسبة لأحد النصوص 63 تعديلا على مستوى الغرفة الأولى و41 تعديلا بالنسبة للغرفة الثانية. وتجدر الإشارة إلى أن 50 في المائة من التعديلات التي نبعت عن المعارضة تم اعتمادها إما بدون تعديل أو بإضافة تعديل بإجماع اللجنة”. وهو ما اعتبره الوزير المكلف بالميزانية سابقة في سجلات قوانين  المالية التي توالت خلال الحكومات السابقة.

وبحكم ظرفية الأزمة التي تخيم  على المستوى الدولي، وتأثيرها غير المباشر على المغرب، لخص الأزمي الخيارات التي تبنتها الحكومة في ثلاث نقط أساسية: يتعلق أولها بالحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية والعمل على استعادة عافيتها بشكل  تدريجي من أجل  إعطاء رؤية أكثر وضوحا للفاعلين الاقتصاديين على المستويين الوطني والدولي. أما الثاني فيتعلق بوضع نظام ضريبي وجمركي والدعم المباشر للميزانية محورها المقاولة، خاصة المقاولات الصغرى، وأخيرا نظام تم وضعه خصيصا من أجل خدمة التماسك الاجتماعي.

وعن سؤال حول خفض عجز ميزانية الدولة دون اللجوء إلى خيار “تقشف الميزانية”، أوضح الأزمي “لا يمكن الحديث عن تقشف لأننا بكل  بساطة لا نطبقه، ذلك أن الدول التي لجأت إلى التقشف هي تلك التي لم يكن لديها هامش أو مجال لخفض عجز ميزانيتها وبلغت بذلك مرحلة متقدمة من التقشف. وهذا ليس هو الحال بالنسبة للمغرب، حيث لا يزال يحافظ على منافذ قابلة للاستغلال على مستوى الإيرادات والنفقات، وتتجلى هذه المنافذ في التعبئة لضمان مراقبة وتحصيل الإيرادات، ثم ترشيد نفقات الدولة”، مؤكدا على أنه سيتم عبر بذل المزيد من الجهود على هذا المستوى تحول دون الوصول إلى مرحلة التقشف.

وفي موضوع متصل، وعن الإجراءات التي  اتخذتها الحكومة للحفاظ على 4 أشهر من احتياطي العملة وتشجيع الصادرات،  قال الأزمي بأن الحكومة عملت وفق رؤية على المدى المتوسط والبعيد، حيث قررت في ما يخص القطاع السياحي استهداف أسواق جديدة من أجل التخفيف من اعتماد المغرب على الأسواق الأوروبية. بالإضافة إلى تدابير دقيقة وتعبئة للموارد الخارجية، وهو ما يعكس في نفس الوقت استقرار احتياطي العملة من خلال الخفض من مشكلة السيولة المصرفية.

وقال الأزمي، في ما يخص أوراش الإصلاح الكبرى التي خاضت فيها الحكومة، إن هذه الأخيرة ملزمة ولديها الشجاعة من أجل ذلك. وأنه “من خلال النقاشات التي دارت حول مشروع قانون المالية ونصوص أخرى ذات الصلة، أصبحت المعارضة والمواطن طرفين في  هذا الإصلاح، لأن الجميع  أصبح واعيا تماما بالمرحلة الانتقالية التي يمر منها المغرب”. وأوضح بأن الإصلاحات التي تمت برمجتها في الإطار الدستوري والمؤسساتي يجب أن تواكب بإصلاحات هيكلية من أجل الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي لبلادنا، وحتى لا تقتصر جهود الدولة على الميدان الاقتصادي وتغفل على  الجانب  الاجتماعي الذي يعتبر أساسيا وذلك عبر برامج محددة ونوعية.

وفي ما يتعلق بتأخر المدفوعات التي تثقل كاهل المقاولات، قال الأزمي “نعتزم إيجاد حل نهائي لهذه الإشكالية عبر التطرق إليها بطريقة أكثر وضوحا  في الجلسات حول إصلاح النظام الضريبي الذي يهدف من  خلال محاوره الثلاث إلى تسهيل حياة المقاولة. ويتعلق المحور الأول لهذا الإصلاح بالنظام الضريبي والإنصاف الضريبي، أما الثاني فمتعلق بالضريبة على الثروة وعلى الفلاحة والضريبة وتنافسية المقاولة، والثالث  متعلق بكل ما يمس الإجراءات المواكبة الخاصة بالإدارة الضريبية”.

وعن تحسيس المقاولات لتشجيعها على الأداء الضريبي، أوضح الأزمي أنه ” بالنسبة لسنة 2013 تصل إيرادات الدولة إلى 210 مليار درهم تشكل 180 مليار درهم عائدات من الضرائب، في حين يبلغ مجموع النفقات 254 درهم. مما يعني أن ميزانية الدولة مبنية على إيرادات الضرائب، وإذا لم يتم دفع الضرائب، لا يمكن ل254 مليار درهم أن تنفق في بناء المستشفيات والمدارس وجميع مشروعات الخدمات العامة”.

وبالتالي، أضاف الأزمي، “نحن نقدم، بالنسبة للشركات، تحفيزات للتخفيف من العبء الضريبي، كما تمت مراجعة نظام العقوبات هذا العام، سواء في ما يتعلق بالضرائب أو الجمارك، لتصبح العقوبة متناسبة مع المخالفة. لقد اتجهنا نحو إلغاء إجراء الزيادة في الدين في حالة التأخر في الدفع، ولتوعية المواطن، قمنا بإصدار ميزانية المواطن. كما أن تشديد المراقبة على القطاعات الموجهة توجيها جيدا مكنت الدولة من تحصيل 8 مليار درهم. ذلك لأننا نتخذ جميع الإجراءات الممكنة لتيسير حياة المقاولة مع الحفاظ على حقوق الدولة”.

وأوضح الأزمي، في موضوع متصل، بأنه قد تم تمديد جميع التدابير التي انتهت بحلول 31 دجنبر 2012 وكان لها أثر إيجابي. كان هذا الحال أيضا بالنسبة للإجراء المتعلق بدافعي الضرائب الجدد الذين قرروا التقدم لدى مصلحة الضرائب للتصريح والانتقال من النظام غير المهيكل إلى المهيكل، حيث لم تأخذ هذه الأخيرة في الاعتبار التزاماتهم الضريبية. وقد أعطى هذا الإجراء الذي تم اعتماده في عام 2010 ثماره، حيث بلغ عدد المصرحين الجدد لدى المصالح الضريبية على المستوى الجهوي، في نهاية عام 2012 وحسب ما تفيد به التقارير، أكثر من 11430، وهو ما يمكن اعتباره خطوة مهمة جدا مع العلم أن المغرب لديه ما يقرب من 60 ألف شركة. الشيء نفسه بالنسبة للإجراء المتعلق بالزيادة في رأس المال، والتي أبانت على نتائج إيجابية وملموسة، بعد دراسة قامت بها الدولة وكلفة وصلت إلى 1 مليار درهم من حيث النفقات الضريبية، ولكن من ناحية العائد، كان هناك العديد من الشركات التي رفعت من رأس مالها، مما ساعد على تطوير أعمالها وعائداتها وزيادة أرباحها. وبالتالي فالفكرة هي أن قرار تمديد جميع التدابير جاء بعد تقييم لأثرها على الإيرادات المستقبلية للدولة.

وعلى مستوى الادخار، أوضح الأزمي بأن الميكانيزم الذي تم وضعه في قانون المالية لسنة 2013  يضمن الاستفادة للموظف المدخر والشركة معا، بحيث  يمكّن هذه الأخيرة من منح زيادات في الأجور دون أن تخضع للضريبة على الشركات، رهنا بأن لا تتجاوز هذه الزيادة  10 في المائة من الأجر السنوي، وأن تخصص من طرف المأجور ل “مخطط ادخار المقاولة”. وهناك مجهود من الحكومة، في إطار قانون المالية لسنة 2013، لوضع الآليات والمؤسسات اللازمة من أجل إنعاش القطاع المالي وتعبئة الادخار.

وأوضح الأزمي في ما  يخص فرض مساهمة تضامنية بالنسبة للأشخاص الذاتيين بأنها مساهمة تفرض على الأجور الصافية من 30000 درهم، ولا تخص سوى 25 ألف شخصا  حسب المعلومات المتوفرة لدى الوزارة، معلقا “إذا كان هذا العدد  يمثل الطبقة المتوسطة في المغرب، فهو لا يملك طبقة متوسطة”. ودائما في السياق التضامني، أفاد الأزمي بأن المساهمة المفروضة على الشركات تهم فقط الشركات التي تحقق ربحا صافيا أزيد من 15 مليون درهم، ويتعلق الأمر هنا ب782 شركة، ليستخلص بأنه في الأخير هذه الضريبة التضامنية لا تخص سوى جزء صغيرا من مكونات المجتمع.

الجهوية، الملف الحاضر بقوة على طاولة مشاورات الحكومة، وعن كيفية الرفع من ميزانية الجهات، قال الأزمي إن 1 في المائة من مستخلصات الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل قد وجهت لهذا الغرض، ولقد تم صياغة مقترحات تعديل للرفع من هذه النسبة. كما أن الحكومة قد خاضت في مقاربة مبنية على  ابرام اتفاقيات مع الجهات التي تتوفر على إمكانات ورؤية واضحة.

وعن الجديد في ما يخص تعويضات وزارة المالية، أفاد الأزمي بأنه قد تم إنشاء لجنة تعنى بصرف التعويضات على أساس الاستحقاق وتطوير العمل والعدالة. ثم إنها لا تعدو عن كونها إشكالية موارد بشرية نعتزم حلها.

وفي تعليق على مسألة التعديل الوزاري، قال الأزمي بأنه من الواضح أنه لدينا اليوم حكومة تعمل بشكل جيد، تستمد قوتها من رغبتها وإصرارها على تحقيق الإصلاحات الكبرى التي أطلقتها، ومعالجة الملفات المستعجلة، مهما أثر ذلك على شعبيتها، وهذا ما يسمى بحس المسؤولية. أما مسألة التعديل الحكومي وغيرها من المواضيع التي تثير النقاش فلا يجب أن تعيق العمل الحكومي.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.