حوار.. اليونسي يبرز مستجدات القوانين الانتخابية ودور البرلمان في تحصين ديمقراطيتنا الناشئة

قال عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، إن استمرار منطق الاعتماد على القانون لتحديث العملية السياسية والانتخابية، وعدم استقرار القاعدة القانونية المنظمة للانتخابات تعبر عن هشاشة الوضع الديمقراطي ببلادنا.

وأكد اليونسي، في حوار مع pjd.ma أهمية الدور الموكول للبرلمان لأجل صيانة المكتسبات وتعزيز البناء الديمقراطي ببلادنا، معبرا عن انتقاده الشديد للحملة القائمة على المنتخب والمؤسسات المنتخبة، ومحذرا من العزوف الانتخابي نتاج عوامل متداخلة.

هذا وقد توقف المتحدث ذاته، عن أهم ما ورد في مشاريع القوانين التنظيمية المؤطرة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وما أثارته لديه من ملاحظات إيجابية وأخرى سلبية.

وفيما يلي نص الحوار كاملا:

ما تقييمكم لمسار الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة ولصدور مشاريع القوانين التنظيمية المؤطرة لها؟

في البداية لا بد من الاشارة إلى أهمية الانتخابات في بناء المؤسسات وضمان مقبوليتها لدى المواطنات والمواطنين، وعليه فإن غالبية الدول تلجأ إلى القانون لتنظيم هذه العملية، لكن التنظيم لا يعني بالضرورة ترسيخ الديمقراطية بل قد يكون العكس هو الحاصل.

وبمناسبة مشاريع القوانين الجديدة المتعلقة بالأحزاب السياسية وبالانتخابات في مستوياتها المختلفة، ثمة استمرار لمنطق الاعتماد على القانون لتحديث العملية السياسية والانتخابية، لكن عدم استقرار القاعدة القانونية المنظمة للانتخابات تعبر عن هشاشة الوضع الديمقراطي ببلادنا.

وثمة حالة ارتباك واضح لدى مختلف الفاعلين لتدبير مرحلة ما بعد الانتخابات في ظل تحولات دولية متسارعة، والضغط الاقتصادي والاجتماعي في ظل تداعيات كورونا، كما أن حالة التردد التي يعيشها المشهد السياسي ببلادنا ما بعد 2016 إلى اليوم ترجمتها التراجعات الجديدة في القوانين المعدلة، وسنرى هل السلطة التشريعية ستعدل ما ورد فيها وتخلق نقاش سياسي على الاقل لتحصين الحد الأدنى من ديمقراطية ناشئة ببلادنا؟.

ماهي أهم الملاحظات الإيجابية والسلبية التي سجلتموها على المشاريع المتعلقة بالانتخابات؟

إيجابيا هناك تنظيم الانتخابات بقانون مع وجود نقاش سياسي تدافعي مهم جدا ببلادنا، وحسم هذا النقاش من خلال المؤسسات أمر مهم أيضا، مع مواصلة الاعتماد على القاعدة القانونية لحضور النساء في المؤسسات المنتخبة، وكذا ترسيخ منع الترحال السياسي، وشفافية التمويل المالي، وهو ما يمكن أن يساهم في تخليق الحياة السياسية والحزبية، إضافة إلى منع الجمع بين رئاسة الجماعات الكبرى والعضوية بالبرلمان، وهو ما من شأنه توسيع حضور النخب وتنويعها وكذا التركيز في عمل واحد.

ومن السلبيات الخطيرة على مسارنا الديمقراطي العودة إلى الاقتراع الفردي في الدوائر التي يقل عدد سكانها عن 50 ألف نسمة من جهتين، أولا تكريس منطق التدبير الجزئي الذي يرمز على الحي والقبيلة وليس المدينة ككل، ومن جهة أخرى فتح المجالات لسلوك تصويتي يعتمد المال أو الزبونية أو المصلحية.

ومن السلبيات أيضا عدم حضور الشباب من خلال اللوائح الوطنية، إذ كان من الممكن الحفاظ على هذا التدبير الوقتي ما دام أنه هو المنطق المعتمد في لائحة النساء، مع تقديم تقييم موضوعي، يوضح أن بعض الشباب أبانوا عن مستوى عال من العمل البرلماني والمحلي. ويبقى المعول عليه هو حضورهم من خلال اللوائح المحلية، غير أن ذلك مرتبط بالثقافة الحزبية المبنية على الولاء والحضور التنظيمي.

ما دور البرلمان والناخب في جعل العملية الانتخابية أكثر دفعا بعملية الدمقرطة في البلاد؟

بطبيعة الحال البرلمان بالمغرب يدرس هذه القوانين ويصوت عليها، أي أن إمكانية التعديل والحذف من صميم اختصاصه الدستوري السيادي، لكن مبدأ العقلنة البرلمانية يجعل من الحكومة ترفض التعديلات، غير أن ذلك لا يمنع من التأكيد أن دور البرلمان جد مهم في مسار القوانين. ومن المتوقع أن يطغى النقاش السياسي المتعلق بالقاسم الانتخابي مقابل التغطية على التعديلات الجديدة.

وأما عن دور الناخب، فبطبيعة الحال هو مهم جدا وحاسم، لكن اسمح لي أن أشير هنا إلى أن الانتخابات ليست منفصلة عن سياقها، أي الهجوم الشعبوي على المؤسسات المنتخبة وانتزاع صلاحياتها لصالح المعين، وعدم وجود رهانات سياسية في المرحلة تجعل من العزوف الانتخابي أمرا متوقعا، ولا يخفى تأثير ذلك على شرعية الانتخابات.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.