تكسير الحافلات.. الأسباب ومداخل وقف نزيف تخريب الممتلكات العمومية

لم تمض إلا أيام قلائل على انطلاق عمل حافلات الجيل الجديد للنقل الحضري بالعاصمة الاقتصادية، حتى أصبحت عرضة للرشق بالحجارة ولمختلف أنواع التخريب، تسبب منذ الأيام الأولى لتشغيلها، في تكسير نوافذ وإلحاق أضرار مادية جسيمة بها.

هذا الفعل الشنيع خلق موجة عارمة من الاستنكار والإدانة، حيث استنكر العديد من المواطنين الذين طالب أغلبهم بتشديد العقوبات الزجرية ضد أي مشتبه به يثبت تورطه في هذا السلوك، وإيجاد الحلول اللازمة لوقف نزيف تخريب الممتلكات العمومية، ومنها حافلات النقل الحضري التي عكر تهشيم زجاجها صفو فرحة الساكنة البيضاوية بهذا الإنجاز بعد طول انتظار.

ولتفسير هذه الظاهرة السلبية التي تسيء لصورة المجتمع المغربي، وتقديم بعض الحلول الاجتماعية والقانونية، قال الدكتور حسن الشطيبي الباحث في علم الأعصاب المعرفي السلوكي والصحة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ورئيس جمعية تامسنا لحماية المستهلك، إن “تكسير الحافلات العمومية بصفتها مرفقا عموميا، يعتبر عملا انتقاميا وعنفا موجها لجهة معينة وجب طرح العديد من الأسئلة، من أجل إيجاد حلول ناجعة لها “، مضيفا “أنها وإن كانت ظاهرة سلبية تختلف تداعياتها وأسبابها وأشكالها، فهي تنتشر حتى في البلدان المتقدمة”.

واعتبر الشطيبي، في حديث لـ “pjd.ma”، أنه لا مبرر لما حدث لحافلات النقل العمومي بالدار البيضاء، على اعتبار أن الحافلات التي تم إدخالها للخدمة حديثة وجديدة وذات جودة عالية، تستجيب لطموح وتطلعات المواطنين، مشددا على أنه لا يمكن اعتباره سلوكا طبيعيا لأنه فضلا عن مخالفته لعادات وتقاليد المغاربة ويتعارض مع التربية السليمة، فإنه أيضا يقوض جهود المملكة في تطوير وازدهار المغرب الحديث.

وأشار الشطيبي، إلى أن سلوك الأشخاص الذين قاموا بهذا السلوك غير طبيعي، مضيفا أنهم يحتاجون إلى مساعدة نفسية واجتماعية باعتبار أن الاعتداء على المرافق العمومية، غير مبرر وإن اعتبره بعض الأخصائيين انتقاما، أو سلوكا عدوانيا تجاه المجتمع.

وتابع أن المقاربة العقابية تبقى مطروحة أمام استفحال الظاهرة وتمادي المتورطين في هذه الأفعال التي يجرمها القانون، إلى جانب المواكبة النفسية لهؤلاء المراهقين، وتعزيز دور المؤسسات الحزبية والاجتماعية والثقافية ممثلة في وزارة الثقافة والشباب والرياضة والتربية لاحتواء الشباب والمراهقين الذين يقومون بهذه السلوكيات الشاذة، من أجل إعادة إدماجهم، توعيتهم، وتكوينهم ومن أجل مواكبتهم.

وعن الأسباب التي يمكن اعتبارها مسببة لهذا النوع من السلوك الإجرامي، أشار المتحدث ذاته، إلى أنها قد تعود للبطالة والإدمان والمخدرات، ومشاكل الأسرة وإهمال الآباء، إلى جانب توتر العلاقات بين الآباء والأبناء التي يتم غالبا حلها بالعنف داخل البيت (العنف الأسري)، إضافة لعنف باقي أفراد المجتمع، الذي يحفز ويغذي هذا الشعور بالانتقام لدى الأطفال والمراهقين.

 وأرجع الشطيبي، الأسباب أيضا إلى قصور دور المدرسة وباقي المؤسسات التربوية، مما يؤدي (عبثا) للبحث عن حلول ذاتية، إضافة إلى الحرمان والفقر ومجموعة من العوامل الأخرى التي إذا اجتمعت لدى المراهق في غياب من يؤطره ويواكبه ويوجهه، يصبح مراهقا حاملا لفكر تخريبي وخارجا عن القانون.

وخلص الباحث في علم الأعصاب المعرفي السلوكي والصحة، إلى أن علاج هذه الظاهرة يتمثل في تنزيل خطة استباقية، يغلب عليها جانب التأطير والتكوين والتحسيس، انطلاقا من البيت مرورا بالشارع والمؤسسات التثقيفية والشبابية وانتهاء بالمدرسة والجامعة، في إطار متكاثف من قبل جمعيات المجتمع المدني، إلى جانب الأهمية التي تكتسيها المواكبة القانونية والتدابير العقابية التي يمكن للدولة اتخاذها من أجل الوقاية من هذه الأمراض النفسية الخطيرة التي يصاب بها شبابنا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.