حوار.. قراقي: “تغيير القاسم الانتخابي” لا يستند لأي سند قانوني وله تأثير سلبي على الديموقراطية

أكد عبد العزيز قراقي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين لا يستند إلى أي سند قانوني، بل حتى من الناحية الفلسفية لا يمكن تقعيده.

وأضاف قراقي، في حوار مع pjd.ma، أن اعتماد القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين له تأثير سلبي على مناخ الديموقراطية، مبينا أن هذا القاسم إذا ما اعتمد فإنه لا يعكس الحقيقة الديموقراطية والحقيقة السياسية في دولة ما.

ومن جهة أخرى، يتابع قراقي، “سيشعر المواطن أن القرار السياسي في مكان آخر ليس هو من يتحكم فيه من خلال الذهاب الى صناديق الاقتراع وهذا أيضا أمر سلبي ينعكس بطبيعة الحالة على النظام الانتخابي وتكون له تأثيرات سلبية”.

وفي ما يلي نص الحوار:

تمت المصادقة من قبل مجلس النواب على اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، في رأيكم هل يستند هذا الأمر إلى مرجعية قانونية أو تجربة دولية؟

يجب التأكيد بالنسبة للقاسم الانتخابي على أنه ما هو معروف على الصعيد الدولي، أن الذي يحتسب هو عدد الأصوات المعبر عنها واختلفت الدول بين ممارستين اثنتين، هناك من الدول تخصم الأصوات المعبر عنها كل البطائق الملغاة أو كل الأصوات الملغاة، ثم بعد ذلك تعتمد القاسم الانتخابي على أساس أنه لا يحسب فيه إلا الأصوات الصحيحة المعبر عنها بشكل سليم وهناك دول اعتمدت الأخذ بكل الأصوات المعبر عنها بما في ذلك البطائق الملغاة، وهذا ما هو معمول به على المستوى العالمي في التجارب المقارنة.

والاحتساب على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية أظن أننا تفردنا به الآن وغير موجود في كل التجارب التي درسناها ونعرفها لا أدري إن كانت في مكان آخر، ولكن ما أعرفه وهو أنه لم يسبق أن احتسب لاعتبارات متعددة لأنه أصلا لا يستند إلى أي سند قانوني، بل حتى من الناحية الفلسفية لا يمكن تقعيده، وبالتالي هذا استثناء والاستثناء لا يلغي القاعدة.

ما هي مخاطر وسلبيات اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين؟

أول شيء اعتماد القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين له تأثير سلبي على مناخ الديموقراطية كيف؟ هو أن المواطنين سيشعرون بأنه لم تعد لهم تلك المكانة التي تجعل منهم أداة حاسمة في عملية التصويت، نحن نعلم أنه في الأنظمة الديموقراطية في كل دول العالم، فالمواطن ينتظر يوم الانتخابات لماذا؟ لأنه هو اليوم الذي يستطيع من خلاله أن يحاسب السياسيين، وأن يختار بطبيعة الحال وأن يحسم من يجب أن يصل ومن يجب أن يذهب في حال سبيله، وعندما نعتمد اللوائح الانتخابية فيها عدد المسجلين كلهم بدون استثناء فهذا أمر كما قلت له تأثير سلبي، لأن الموطنين سيشعرون بأنهم كلهم سواسية ذهبوا أم لم يذهبوا أصواتهم ستحسب بشكل أو بآخر وهذا سيخفف من حدة ذلك الحماس الذي يكون عند عدد من المواطنين الذين يؤمنون بالديموقراطية وأنهم هم من يمارسون السلطة، وأن البرلمانيين هم فقط مفوضون من قبلهم أو المنتخبون بصفة عامة.

ومن جهة أخرى، وبالنسبة لسلامة اللوائح الانتخابية، المفروض أنه عندما نقول إننا سنحتسب القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية معنى ذلك أن هذه اللوائح يجب أن تكون سليمة مائة في المائة، معناه أن لا يكون أي شخص محروم من التصويت أو أي شخص غير متواجد أصلا في هذه اللوائح، نعلم بأن هناك أخطاء على مستوى الاسم، هناك الكثير من الأشخاص يتوفون، هناك الكثير من الأشخاص تصدر في حقهم أحكام تمنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية الى غير ذلك، وبالتالي فهذا القاسم إذا ما اعتمد فإنه لا يعكس الحقيقة الديموقراطية والحقيقة السياسية في دولة ما.

كيف سيؤثر هذا القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين إذا ما اعتمد على النظام الانتخابي والخريطة السياسية بشكل عام؟

هذا الأمر سيجعل المواطنين ينظرون الى هذا النظام وكأنه لا يقدم لهم تمثيلا حقيقيا لرغباتهم ولآرائهم من جهة، وعندما لا ينخرط المواطن ولا يشعر أنه معني وأنه هو الحاسم في العملية الانتخابية سينصرف عنها شيئا فشيئا أو سيكون له في جميع الأحوال منها موقف سلبي هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، سيشعر المواطن أن القرار السياسي في مكان آخر ليس هو من يتحكم فيه من خلال الذهاب الى صناديق الاقتراع وهذا أيضا أمر سلبي ينعكس بطبيعة الحالة على النظام الانتخابي وتكون له تأثيرات سلبية.

الأمر الآخر يجب أن نسمي الأمر بمسمياتها، المواطنون عندما يصوتون على الأحزاب السياسية لكي تذهب إلى البرلمان ولكي يذهب الى البرلمان جزء من أعضاء هذا الحزب فهم يفعلون ذلك من أجل أن تذهب تلك الأحزاب وتتنافس حول قوانين وحول التصويت على السياسات من شأنها الرقي من أوضاع المواطن وتحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، المواطن لم يصوت على النواب البرلمانيين لكي يقولوا بأنه يجب أن نوزع الأمور وكأن الأحزاب السياسية أصبحت قدرا محتوما على هذا المواطن وعلى هذا المجتمع.

وبالتالي، يبدو لي أنه حتى من الناحية العملية فالدول التي تعرف استقرارا حقيقيا لا تراجع القوانين الانتخابية في كل انتخابات، هذا فيه نوع من التفكير بعقلية عدم الاستقرار وبمنطق الانتهازية، ففي كل انتخابات يجب أن نبحث عن النقط التي تمكننا من الحصول على عدد من المقاعد، وأظن في كل هذا يتم تغييب المواطن، بحيث لا يكون حاضرا، وعليه فإنه يجب بلورة خطاب يستطيع أن يقنع المواطنين بممارسة المواطنة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.