الأخ الأمين العام في مهرجان خطابي حاشد بالعاصمة العلمية

مشروع الدستور احترم الهوية الإسلامية للمغاربة ونشكر جلالة الملك على دوره التحكيمي

الأمازيغية والعربية أختان لا ضرتان وجميع المغاربة أمازيغيون

ما يشهده المغرب اليوم من تغيير ساهم فيه عقلاء هذا الوطن وأحزاب سياسية ناضلت وقاومت قبل ظهور حزب العدالة والتنمية

حزب العدالة والتنمية حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية، جاء من رحم حركة التوحيد والإصلاح، التي لن يتنكر لها والتي ستظل أما ولودا لا تشيخ.

أين هو حزب الهمة الذي كان يدعي أنه يدعم مشروع الملك، والحال أنه اختفى أول ما سمع عن حركة إسمها 20 فبراير. صدق من قال:”فعلا أول من يهرب من سفينة معرضة للغرق هي الفئران”

27 يونيو 2011

“القداسة لله والعصمة للأنبياء وأنا ملك مواطن”، عبارة ملكية استقبلها جمهور عريض من الساكنة الفاسية بتصفيقات حارة اهتزت لها جنبات المركب الثقافي الحرية صباح يوم الأحد 26 يونيو الجاري. عبارة أوردها الأخ الأمين العام ذ.عبد الإله ابن كيران ضمن كلمته  الحماسية التي ألقاها خلال المهرجان الخطابي لهيآت نداء الإصلاح الديمقراطي، مؤكدا أن “جلالة الملك رفع عنا الحرج” باستجابته لمطلب التخلي عن صفة القداسة في مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يوم فاتح يوليوز 2011.
وأوضح الأخ الأمين العام أن صلاحيات الملك في الوثيقة الدستورية الجديدة أضحت صلاحيات واضحة، من بينها احتفاظه برئاسة الجيش، وترأسه للسطة الدينية، واحتفاظه بدور التحكيم، موضحا أن الشعب المغربي محتاج إلى هذه السلطة المحدثة للتوازن، وأنه بقدر عدم حاجة المغاربة إلى ملك يسود ولا يحكم، فإنه لا ضرورة لان يتدخل جلالة الملك في كل قضايا تسيير الشأن العام إلا من خلال هيآت التشاور الدستورية.
وعن مسألة تضمين الهوية الإسلامية في مسودة الدستور المرتقب، أكد الأخ الأمين العام أن مشروع الدستور احترم هوية المغاربة موجها بشأن ذلك شكره لجلالة الملك على دوره التحكيمي في هذه القضية الحيوية والمحورية في حياة شعب بأكمله. وقال:”إن جلالة الملك أصر على إرجاع هذه الصفة، لأن المغرب إما أن يكون مسلما أو لا يكون”. واستنكر ذ.ابن كيران محاولات بعض أطراف لجنة المنوني المكلفة بمراجعة الدستور، تغيير صفة الدولة الإسلامية بصفة البلد المسلم، وقال:”إذا أزيحت صفة الإسلام عن الدولة فسيكون أمير المؤمنين لمن؟ وتساءل:”من أين أتى هؤلاء بالسلطة التي سمحت لهم بتغيير معالم الدولة المغربية؟ ومن أين يستمدون نفوذهم؟” وخلص إلى أنهم لم يحترموا بالقطع عموم المغاربة بتجرؤهم على هويته.

وعن دسترة الامازيغية إلى جانب العربية، بوصفهما لغتان رسميتان للمغاربة، ثمن الأخ الامين العام هذا الخيار، وأكد أن اللغتين هما أختين لا ضرتين، وأن الشعب المغربي اختلطت دماء أعراقه لدرجة لا يستطيع معها أحد أن يقول اليوم إنه عربي أو أمازيغي، وقال:”المغاربة جميعهم أمازيغيون بمقتضى المساكنة والمصاهرة، ويجمع بينهم الإسلام، و”لا ينبغي أن يكون هناك أدنى صراع بين الأمازيغية والعربية حتى لا يستفيد طرف ثالث أنتم تعلمون من هم”.

وفي سياق استعراضه لأهم مضامين مشروع الدستور الجديد، قال القيادي الأول لحزب العدالة والتنمية:”هذا الدستور لم نأت به في الواقع بفضل نضالنا، لن نزايد على أحد، هذا الدستور جاء في ظرف يشتعل فيه العالم العربي والإسلامي، جاء في سياق انتفاضة للشعوب ضد حكام دول عربية وإسلامية حكموا طيلة سنوات اعتمادا على القمع والتسلط والتخويف.. واستحضر ابن كيران الشاب التونسي الذي أشعل هذه الشرارة في وجه نظام بنعلي، وقال:”البوعزيزي عبر عن القهر الذي عاشته الشعوب العربية بأن أشعل النار في جسده، رحمة الله عليه وسامحه الله ولا يعودن أحد إلى ذلك… وكانت النتيجة أن بنعلي رئيس الدولة هرب في 23 يوما بعد أن حكم تونس 23 سنة”، وأضاف:”هذه هي نتيجة الظلم والفساد وخنق الأمة بكل مكوناتها وتخويف الأحزاب السياسية”، حتى أضحى الحزب الوحيد في تونس وحده يرفع عقيرته بما يتصوره صوابا دون منازع ودون مخالف.
وفي سعيه لتقريب الصورة لأذهان المواطنين ممن يتابع كلمته، أكد الأخ الأمين العام، أن ما حدث في تونس حدث مثله أو قريب منه في مصر وسوريا وليبيا واليمن، وفي عدد من الدول العربية والإسلامية وقال بأسف واضح:”كذلك أيضا حدث في المغرب.. تلك هي الحقيقة”.
وعن حجم تأثر الوضع المغربي بالحراك الشعبي المنتفض ضد الفساد في العالم، أوضح ذ.عبد الإله ابن كيران أن “وجود الملكية في بلادنا خفف من الخطر، وكذلك لأن لدينا عقلاء في هذا البلد، ولأن لدينا نصيب من الحرية، ولأننا لدينا أحزاب”. وقال الأمين العام للحزب، حزب العدالة والتنمية لم يظهر بصورته الجديدة إلا سنة 97، مذكرا بالدور التاريخي لحزب الاستقلال الذي وصفه بالحزب الأصيل الذي خرج من رحم الأمة، والذي جاهد إلى جانب جميع الوطنيين في معركة استقلال الوطن، كما ذكر بدوره السياسي في انتقاد الحكومات السابقة  رغم ما يمكن أن يكون قد ارتكبه من أخطاء وهو في الحكومة، مشددا على أن حزب الاستقلال يظل احد المكونات السياسية الأساسية في البلاد.
حزب الاتحاد الاشتراكي كان له نصيب أيضا من الاعتراف من قيادة العدالة والتنمية بدوره التاريخي المسهم في التغيير، حيث ذكر الاخ الامين العام بكونه قدم شهداءا من أجل معركة النضال الديمقراطي…
كما تطرق الامين العام لدور باقي الأحزاب السياسية  وباقي الأطراف الأخرى، وقال حينما جاء هذا الحراك الشعبي كان المغرب مستعدا لأن يتفادى أضراره، لأن المغاربة يعرفون دور الملكية في المغرب، مذكرا في هذا السياق بالتاريخ العريق للمغاربة الذي شهد اختيار الأمازيغيين ملوك الدولة العلوية وتشبتهم بهم. وتوقف الأمين العام عند دور محمد الخامس رحمه الله في مواجهة الصلف الاستعماري وثورة الشعب المغرب في وجه الاستعمار حينما نفى ملكهم، وخلص إلى ان جميع محاولات إسقاط الملكية المغربية باءت بالفشل لان المغاربة واعون بأن ضياع الملكية منهم لن يحل محلها تقدمية ولا ديمقراطية وإنما قد تحل محلها الفوضى، وقال:”لهذا أيضا لم يطالب أولائك الذين خرجوا في 20 فبراير بإسقاط النظام”.
وذكر الأمين العام بفئة متنفذة سعت دائما لتخويف الملك من الشعب وتخويف الشعب من الملك، وطالبهم بأن يرفعوا أيديهم عن هذا الوطن، وان يكفوا عن هذه الألاعيب التي يستهدفون من وراءها تحقيق المصالح والمكاسب ضدا على المصالح العليا للبلاد. وتطرق ابن كيران إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية الوخيمة التي ترتبت عن فعل هذه الفئة المتنفذة، وحمل الدولة مسؤولية الأخذ بيد الشرائح الاجتماعية الصغرى الممثلة في الأيتام والعجزة والمعاقين والأرامل.. وقال:”إن هذه الشرائح تعيش في صمت وتموت في صمت. كما انتقد زعيم العدالة والتنمية سياسة الدولة التي تعطي لكل من يحسن أو يستطيع الاحتجاج، مشيرا إلى وضع الفلاحين البسطاء الذين يؤدون دورا أمنيا قوميا في الدول المتقدمة، ولكنهم في بلادنا لا يحظون بأي دعم. وأضاف:”يجب أن تدعم الدولة كل الجهات التي تحافظ على الامن والااستقرار.

عن كل هذه الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية التي أشعلت البلاد العربية والإسلامية، قال الأمين العام:”إن مشروع الدستور المغربي جاء ليخمد فتيلها في المغرب”، وطالب بضرورة الوقوف ضد الشريحة الفاسدة التي تستمد نفوذها من المحيط الملكي، مؤكدا أن المحيط الملكي فيه أيضا أناس عقلاء بلاشك.
وفي جولته لتقديم صورة مقربة عن حجم الفساد المفضي إلى الغليان في بلادنا، لم يكن الأمين العام ليتجاوز موضوع معاناة حزب العدالة والتنمية مع حزب الدولة الذي نصب المشانق للأحزاب السياسية وعمد إلى كسر تحالفاته، وإلى انتزاع رئاساته أو إلى إبعاده عن تسيير الجماعات المحلية، في محاولات فجة للهيمنة على السياسية، في مشهد أقرب ما يكون إلى التونسة التي حطمت نظام بنعلي.
وتساءل ابن كيران أين هو حزب الهمة الذي كان يقوم بهذه الفوضي مدعيا أنه يدعم مشروع الملك، والحال أن اختفى أول ما سمع عن حركة إسمها 20 فبراير. وقال:”صدق من قال:”فعلا أول من يهرب من سفينة معرضة للغرق هي الفئران”. ومضى بنكيران يذكر بحجم الفساد الذي الحقه حزب الهمة بالجانب السياسي والاقتصادي وبامتداد فساده إلى عالم الصحافة، حيث سجن صحافيون يفضحون الفساد، وطالب في هذا الإطار بضرورة إطلاق سراح رشيد نيني، وبضرورة وقف النزوع إلى المجاهرة بالشذوذ الجنسي والإفطار العلني في رمضان، مؤكدا أن من يدعم هذا التوجه باسم الحداثة إنما يعيش في باريس بذهنه وفي الولايات المتحدة الأمريكية حيث الإباحية تجد لها متنفسا.

وأكد الأمين العام بعد هذا العرض الأشبه بالتقرير السياسي، أن الدستور الجديد جاء ليدعم الهوية المغربية بكل مكوناتها وروافدها بما فيها العبرية، مثمنا هذا الخيار الوطني، ومذكرا بأن المشروع اهتم بجانب الديمقراطية، وتحدث بوضوح عن صلاحيات الملك وصلاحيات الحكومة، ووضع بعض آليات ردع الفساد السياسي، وقال:”إنني أدعوكم إلى التصويت سواء بالإيجاب لصالح الدستور أو ضده حسبما ترون، ولكنني لا أدعوكم لاختيار موقف المقاطعة لانه موقف يخفي حقيقة عدد المقاطعين ومدى شعبيتهم، بل ويخلط ما بين المقاطعين بموقف سياسي وما بين العجزة والمرضى والمرأة النفساء التي لا تستطيع التعبير عن رأيها…”. وقال: نريد دلالة ديمقراطية حقيقية لحجم المصوتين على لدستور.

هذا وكان الأمين العام قد توقف في بداية كلمته عند دلالة المهرجان الخطابي المشترك لحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، مؤكدا أن الوثيقة الدستورية وثيقة تهم كل المغاربة ويجب أن يشملها نقاش عمومي يشمل كل التوجهات، وأكد أن حزب العدالة والتنمية لا يتنكر لأصله، موجها لحركة التوحيد والإصلاح كامل الشكر على دورها الإصلاحي طيلة 35 سنة، وفي بناء النشء، وفي تخريج منظمات المجتمع المدني المؤهلة للإسهام في بناء الإنسان وبناء الوطن، وقال:”حزب العدالة والتنمية حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية، وهو لن يتنكر يوما لأصوله، بل إنه يتحد مع كافة الصالحين في هذا البلد، مهما مورست عليه من ضغوطات.
وختم الأمين العام كلمته، بحادثة شهدها المهرجان الخطابي الذي أطره يوم السبت 25 يونيو بمدينة تازة، حيث ارتفع صوت أحد شباب 20 فبراير هناك، يطالب الامين العام بالرحيل منذ بداية المهرجان، مستنكرا هذا المطلب الذي وصفه باللاديمقراطي لشباب محسوب على حركة تطالب بالديمقراطية، واستغرب الامين العام كيف يطلب منه الرحيل وهو زعيم الحزب السياسي لا رئيس حكومة ولا سبق له تحمل مسؤولية الشان العام، ومشيرا إلى أن الخلاف حسم حينما طلب الامين العام من القاعة التصويت مع هذا المطلب أو ضده، حيث تصوت إجماع الحاضرين على رغبته في الاستماع للأمين العام مقابل بضعة أصابع ارتفعت في خجل باسم 20 فبراير قبل أن تنسحب في غفلة من عيون الحاضرين.
وتساءل الأمين العام مع الحاضرين:”أين كانت حركة 20 فبراير، حينما كان الهمة يهمن على الساحة السياسية، أين كانت حينما كانت المواجهة معه تعرض حزب العدالة والتنمية للحل وتعرض شخص أمينه العام للمجهول؟ أين هي من رجالات المغرب بالأمس ومن رجال اليوم أيضا. وخلص إلى ان الديمقراطية التي نطالب بها يجب على الشعب المغربي أن يحميها، بوصفه وحده القادر والمؤهل لذلك.

الموقع: المحرر

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.