حوار.. العمراني: وَفَيْنا بتعاقدنا مع الناخبين والمقعد الفارغ لا يحل المشكل بل يفسح المجال للفاسدين

أكد سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن الحزب الذي لا يستطيع أن ينهض بالإصلاحات الضرورية عندما يكون في مواقع المسؤولية ليس جديرا بأن يكون حزبا حقيقيا ومحترما.

وأوضح العمراني، في حوار مع جريدة “العدالة والتنمية”، أن الحزب يشتغل وفق منهجية، وينطلق من انضباطه وإيمانه بالمرجعية الإسلامية ومن إيمانه بالثوابت الوطنية.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن المنجزات الحكومية عديدة، وأن ما ميّز فترة ترؤس العدالة والتنمية الحكومة هو الاهتمام بالفئات الاجتماعية الهشة، والالتفات للمقاولة الوطنية ودعم الاستثمار العمومي وتعزيز مكانة المغرب في مناخ الأعمال، مبرزا أن ثمة تدابير عديدة عززت القدرة الشرائية للمواطنين.

وبخصوص البرنامج الانتخابي للاستحقاقات المقبلة، أوضح العمراني، أنها انطلقت مما تحقق خلال الولايتين السابقتين في إطار الترصيد والتراكم لرسم صورة جديدة لمغرب ما بعد 2021، وغلّبنا المصلحة الوطنية وحافظنا على المال العام وأعلينا القانون، كل ذلك وغيره عائده هو الثقة المتجددة للناخب المغربي في العدالة والتنمية، داعيا المواطنين إلى الذهاب لمراكز الاقتراع بكثافة واختيار الأجدر لتمثيلهم في المؤسسات الدستورية.

فيما يلي نص الحوار:

– عند الحديث عن حصيلة العدالة والتنمية والحكومة التي قادها خلال المرحلة السابقة، تقدمون إنجازات وإصلاحات كثيرة، في نظركم ما هي أكثر هذه البرامج والإصلاحات والأوراش التي تفخرون بإنجازها خلال ترؤس حزبكم الحكومة لولايتين متتاليتين؟

أود قبل ذلك الحديث عن المقدمات والقواعد التي أسهمت في هذا المنجز التدبيري على المستوى الحكومي وكذلك على مستوى الجماعات الترابية، أن أذكر بأننا جزء من المنظومة الإصلاحية ببلدنا، ونعتز ونفتخر أنه خلال العشريتين الأخيرتين بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، عرف المغرب إصلاحات جوهرية وعميقة جدا بوأته مراتب متقدمة في العالم، وأصبح نموذجا متميزا ومتفردا وملهما، وهذا أحد الأسباب التي جعلت المغرب تحت النيران الصديقة والعدوة، وكما قال جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب فالمغرب مستهدف، وهذا الاستهداف طبيعي بالنظر لما تحقق وأنجز.

ثم إن حزب العدالة والتنمية يشتغل في السياسة وفق منطلقات منهجية وقواعد مؤطرة لممارسته السياسية، فهو ينطلق أولا من انضباطه وإيمانه بالمرجعية الإسلامية وهي مؤطرة لسلوكه السياسي وفعله النضالي، وثانيا من إيمانه بالثوابت الوطنية التي نشتغل جميعا تحت سقفها، كما أن الحزب لا يتصور أي إصلاح حقيقي إلا بقيادة جلالة الملك نصره الله، باعتباره راعي الإصلاح وقائده، والإصلاحات التي حققتها الحكومة كان لجلالة الملك البصمة الأولى فيها.

ثم إن العدالة والتنمية على المستوى المنهجي، ينطلق من قناعة راسخة، جعل منها ثابتا من ثوابت ممارسته السياسية، كون الوطن أولا، فنحن جئنا من أجل الوطن والمواطنين، لذلك ففي مبادراتنا واختياراتنا تتضاءل وتتراجع المصالح الحزبية، وفي الجوهر تحكم ممارستنا السياسية قاعدة التعاون والتشارك مع كل الفاعلين من أحزب سياسية وسلطات عمومية وغيرها.

عمليا، نحتكم إلى ست قواعد أساسية في نظام الحكامة، وفيها يكمن  السر الذي يفسر المنجزات الحكومية والجماعية: أولها سُمو القانون، ووزراء العدالة والتنمية  ومنتخبوه في الجماعات المحلية ينضبطون للقانون، ومن أجل ذلك لا يمكن إطلاقا أن ننتصر لمصلحة شخصية أو لقرابة  عائلية، أو لاعتبارات معينة خارج القانون، ثانيا النزاهة التي تميز سلوك العدالة والتنمية ومنتخبيه، ثالثا الشفافية في التدبير، رابعا نظام المراقبة والمساءلة ولذلك تجليات كثيرة في تدبير الشأن العام، خامسا المقاربة التشاركية، ثم أخيرا التدبير الجيد الذي يقوم على التفاني في أداء المهام واستحقاقات العمل التدبيري العمومي، لذلك حصيلة تدبير العمل الحكومي حصيلة مشرفة بالأرقام وبالمؤشرات  الدالّة والمعبرة.

بالنسبة للمنجز الحكومي، فيه تفاصيل عديدة، لكن من عناوينه الكبرى على المستوى الاجتماعي هناك التفات مهم للفئات الاجتماعية الهشة في المجتمع، وعلى المستوى الاقتصادي التفات للمقاولة الوطنية، ودعم الاستثمار العمومي وتعزيز مكانة المغرب في مناخ الأعمال.

وعلى المستوى السياسي والمؤسساتي، استطاع الحزب، خلال ترؤسه الحكومة لولايتين، مع كل الشركاء والفرقاء، إخراج مؤسسات دستورية إلى الوجود وهذا يعتبر مدخلا من مداخل المساهمة التشريعية للحكومة ومساهمتها في التعيينات وغير ذلك.

كما أخذ ورش اللاتمركز الإداري الذي تأخر منذ 2003، مساره ونفذت الحكومة توجيهات جلالة الملك حفظه الله الواردة في خطابات ملكية متعددة حول هذا الورش، فضلا عن ذلك، هناك إرادة لدى الحكومة غير مشكوك فيها في محاربة الفساد وفي إحالة الذين يخلون بالقانون على المساءلة القضائية، ومراتب المغرب على مستوى محاربة الفساد ومؤشرات إدراك الرشوة الذي تبوأ فيه مرتبة مشرفة تدل على هذه الإرادة.

 نريد التوقف عند أبرز المشاريع والإصلاحات التي تندرج في إطار دعم القدرة الشرائية وتشجيع المقاولات وتحسين مناخ الأعمال لفائدة المستثمرين؟

-كان للاهتمام بالفئات الهشة أثر بيّن في تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين رغم الخطاب الذي يبخس هذا المجهود، وقد استطاعت الحكومة أن تمكن فئات هشة من الدعم العمومي، مثل الأرامل والمطلقات، والمتقاعدين الذين ارتفع معاشهم الأدنى إلى 1500 درهم في القطاع العام، وكذلك الطلبة الذين ارتفعت منحهم الجامعية واستفادوا من التغطية الاجتماعية المجانية، إلى جانب برنامج تيسير الموجه للتلاميذ وغيرها، فالدعم الاجتماعي الموجه لكل هذه الفئات وغيرها دون شك أسهم في تحسين قدرتها الشرائية، وهذا واضح جدا.

لقد التفتت الحكومة خلال إكراهات “كوفيد” وأيضا قبله إلى المقاولة الوطنية بتمكينها من الدعم لكي تواجه التحديات، واليوم نشهد اهتماما بالمقاولة الوطنية على مستوى الأفضلية، وتبسيط  المساطر، والتحفيزات الضريبية، ورغم إكراهات المالية العمومية، لم يتراجع الاستثمار العمومي عن مستواه إذ تجاوز 180 مليار درهم في السنة، فضلا عن أن بلدنا اليوم يعد نموذجا في صناعة السيارات، كل ذلك وغيره عناوين لدعم  القدرة الشرائية للمواطنين ودعم الاقتصاد الوطني، بطبيعة الحال ليس معنى هذا أنه ليست هناك صعوبات وتحديات، لكن الحكومة تتعامل معها.

أضيف لكل ما سبق، تفعيل الحوار الاجتماعي والتزاماته المالية، فحكومة عباس الفاسي وقعت على التزامات نفذتها وأدتها حكومة عبد الإله ابن كيران، والحوار الاجتماعي الثاني في أبريل 2019 وقعت حكومة سعد الدين العثماني على التزامات كان لها أثر مالي كبير جدا بالنسبة لموظفي القطاع العام والخاص، وذلك أيضا باب من أبواب دعم القدرة الشرائية للمواطنين.

– يروج منافسوكم لفكرة مفادها أن حزبكم استُخدم لتمرير قرارات لا شعبية مثل الرفع من سن التقاعد، والتعاقد في التعليم، وخوصصة الصحة، وفرنسة التعليم، وغيرها، كيف تردون عليهم؟

– هذه ادعاءات نواجه بها ولها جواب.

الحزب الذي لا يستطيع أن ينهض بالإصلاحات الضرورية عندما يكون في مواقع المسؤولية ليس جديرا بأن يكون حزبا حقيقيا ومحترما.

العديد من الإصلاحات تأخرت منذ عقود وكان ثمن هذا التأخير باهضا، فصندوق التقاعد عرف إصلاحا جزئيا أو إسعافيا سنة 2006، ما لبث أن انتهى أمده، وأصبحنا في 2012 أمام عطب حقيقي في صندوق التقاعد، وكانت الحكومة التي يسيرها حزب العدالة والتنمية أمام خيارين: إما أن تتبع منهجية من سبقوها وتقول “كم حاجة قضيناها بتركها”، ولا تتحمل المسؤولية السياسية والشعبية، وإما أن تقوم، وهذا ما فعلناه، بإصلاح جذري لأننا حزب محترم ومعقول و شعار الوطن أولا الذي نرفعه ليس شعارا للاستهلاك بل هو عقيدة ومنهج، ففي تقديرنا الإصلاحات الجوهرية التي تحتاجها بلادنا كانت إصلاحات صعبة، لكن لا بد منها ومن الواجب تطبيقها وتنفيذها، مهما كان لها من آثار وتداعيات على مستوى شعبيتنا، وهذا ما فعلناه في الولايتين معا، وبعد خوضنا هذا الإصلاح قال الشعب كلمته في انتخابات 2016، وبوأنا المرتبة الأولى.

– يعد التشغيل من القضايا التي تشغل بال المواطنين، كيف تقيمون البرامج ذات الارتباط بهذه القضية الجوهرية، والتي كان لها أثر في التخفيف من حدة البطالة؟

-على مستوى الوظائف العمومية، تعبر الأرقام عن نفسها، معدل الوظائف العمومية التي يحدثها قانون المالية في تقدم وهذا مهم جدا، لكن الأدلة والأبرز أن الحكومة أحدثت مناصب مالية في إطار التوظيف الجهوي في إطار الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وتجاوزنا الآن 102 ألف منصب على مدى سنوات معدودة، وإذا احتسبنا المعدل السنوي للوظائف العمومية، سنجد رقما كبيرا، وذلك للاستجابة لحاجة الإدارة المغربية وطبعا له آثار في تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين.

على مستوى القطاع الخاص، هناك مجموعة من الإجراءات التي قامت بها الحكومة وزارة الشغل والإدماج المهني، التي أشرف حزبنا على تسييرها لدعم التشغيل، من خلال تيسير إجراءات قيام الشركات بتشغيل المستخدمين، وتقديم تحفيزات ضريبية، وتحفيزات مالية لتحفيز منظومة التشغيل في القطاع الخاص وغيرها من الإجراءات التي تصب في النهوض بالتشغيل بصفة عامة، وبالنسبة للشباب، قمنا بدعم مقاولات الشباب وتقديم تحفيزات لها، وغير ذلك من الصناديق التي أتت لدعم منظومة التشغيل وتوسيعها.

تعد الصحة والتعليم من القطاعات الشائكة، هل حزبكم راضٍ على الإنجازات في هذين المجالين؟

طبعا الحزب ليس راضيا كل الرضا عن هذين القطاعين لما فيهما من عناصر الخصاص، لكن المقارنة تكون بالعودة إلى ما كان عليه الوضع سابقا.

على مستوى التعليم، تم إقرار القانون الإطار للتعليم، وصدرت قوانين لتفعيله، والحكومة ترصد سنويا دعما ماليا مهما جدا لقطاع التعليم، وفي الدرجة الثانية لقطاع الصحة لتعزيز قدرة القطاعين للقيام بوظائفهما.

وكما هو في علم الجميع، يعرف قطاع الصحة صعوبات لا تخفى على أحد، لكن يكفي أن نؤكد أن هذا القطاع رغم ما يمكن أن يسجل عليه، استطاع أن يقدم خدمة متميزة للمواطن المغربي خلال مواجهة جائحة كوفيد-19، ورغم ما عاناه من صعوبات في المرحلة السابقة، استطاع بجهد مقدر أن يستجيب  للحاجات الطبية للمواطنين، ويقف المواطن عند ما قامت به الحكومة من مجهود كبير في بناء المستشفيات الجامعية في معظم الجهات، وتشييد مستشفيات  جديدة وكذلك تخفيض أثمنة الأدوية وغيرها من الإصلاحات الجوهرية في قطاع الصحة، وأيضا في قطاع التعليم، لكن الأمر يحتاج دائما إلى تطوير مستمر.

كيف تقيمون تأثير جائحة كورونا في أداء الحكومة؟

-إن الجائحة قدر كوني، عندما نتأمل دول العالم، نجد أن الجائحة أربكت منظومات عتيدة ومتماسكة وقوية، بالنسبة لنا في المغرب تفاجأنا بهذا الوباء العالمي، لكن الذي ميز التدبير المغربي هو الاستباقية، يكفي الإشارة إلى إحداث صندوق خاص بتدبير جائحة “كوفيد-19” وإقرار الحجر الصحي في وقت مبكر قبل أن يستفحل المرض وغيرها من الإجراءات.

ولقد عبأت الحكومة إمكانيات مهمة جدا، من أجل الاستهداف المباشر للفئات الهشة ودعم المقاولات الوطنية والمستخدمين في المقاولات العمومية، وينبغي الإشارة إلى توفير اللقاحات للمواطنين مجانا، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، في ظل المنافسة العالمية الكبيرة، وقد تكفلت الحكومة بأداء 14 مليار درهم رغم الصعوبات الموجودة في المالية العمومية، وحاليا المغرب ماض في حملة التلقيح ويتصدر الدول الإفريقية في عدد الجرعات ويصنف ضمن الأوائل عالميا، فضلا عن إطلاق مشروع إنتاج اللقاحات في المغرب وصنع أجهزة التنفس الاصطناعي، وغيرها من التفاصيل العديدة التي تُظهر أن إسهام الحكومة في تدبير الجائحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي عبارة عن قصص نجاح.

 في برنامجكم للانتخابات المقبلة وضعتم مجموعة من المرتكزات سيلتزم بها الحزب في المرحلة المقبلة، ما هي المنطلقات التي اعتمدتموها لحصر هذه الالتزامات؟ 

عندما اشتغلنا هذه السنة على البرامج الانتخابية، وقفنا على ما أُنجز تدبيريا على مستوى الحكومة والجماعات الترابية، وقلنا إنه ينبغي أن ننطلق مما تحقق في إطار الترصيد والتراكم لرسم صورة جديدة لما نريده لمغرب ما بعد 2021.

منهجيا، أسسنا على ما تحقق باعتباره مكتسبات للوطن، لكن على أساس أن هناك حاجة إلى أشياء كثيرة جدا على المستوى الحكومي والمؤسساتي والاجتماعي والسياسي، مثلا ورش الحماية الاجتماعية الذي انطلق بقانون إطار وسينفذ في أفق 2025، يحتاج إلى مجهود عمومي معتبر على المستوى التشريعي والتنظيمي والمادي والمالي، والنموذج التنموي الجديد الذي أرسيت معالمه في أفق 2034، سيساهم الحزب من مواقع مختلفة في تفعيله، وعلى المستوى الاقتصادي هناك رهانات المستقبلية.

ما هي أولويات الحزب في التدبير للمرحلة المقبلة، وما هي الأوراش الجديدة التي سيتم الاشتغال عليها؟

نص برنامجنا الانتخابي التشريعي على هذه الأوراش في المجال السياسي والاقتصادي والتشريعي انطلاقا مما تحصل وأنجز في هذه الولاية، يكفي أن أشير إلى موضوع ترصيد ورش اللاتمركز الإداري، فهذا المشروع الذي بدأناه لم ينته بعد، ويحتاج إلى مواصلة الإصلاح حتى يستوي ويثبت على المستوى المجالي، وتصبح فعلا الدولة تقوم بمهامها الممركزة وتقوم الهيئات المجالية والجماعات والسلطات العمومية بما عليها، فهذا ورش مستمر في الزمن.

على مستوى ورش الحماية الاجتماعية، فإنه أولوية وطنية وقد نصصنا عليه في برنامجنا الانتخابي، وعلى مستوى محاربة الفساد، سنستمر في مواجهة هذه المعضلة العالمية، فضلا عن تأكيد قواعد الحكامة بكل أبعادها المختلفة.

إن العنوان الكبير للمرحلة المقبلة هو مواصلة الإصلاحات التي بدأناها منذ سنوات ولم تنته، والاشتغال بمنطق التعاون لتنزيل الاصلاحات، وهذا رهان وطني ولا يمكن الرجوع إلى الوراء.

– خلافا لما روج البعض قبل هذه الانتخابات، غطى حزب العدالة والتنمية أعدادا كبيرة من الدوائر دون اللجوء إلى “استدراج” مرشحين من أحزاب أخرى، أو تحجيم مشاركته، كيف تقرؤون مثل هذه الأخبار التي تطفو على السطح قبل كل محطة انتخابية؟

يعرف المواطنون والمواطنات أهم مقومات النموذج الحزبي الذي يمثله حزب العدالة والتنمية، وأنا لست في مقام المقارنة مع أحزاب أخرى، فهذا موكل للمواطنين للحكم على مختلف العروض السياسية، ولست في حاجة للحديث عن حزب يدعي أنه حزب الأطر والكفاءات وقد شحذ لوائح مرشحيه البرلمانيين من أحزاب متعددة.

الديمقراطية الداخلية لحزب العدالة والتنمية تحكمها مساطر شفافة اعتمدها المجلس الوطني، وبمقتضاها نظمنا جموعا عامة في كل الأقاليم حضرها مناضلو الحزب الذين هم من اختاروا لجنة الترشيح، هذه اللجان اشتغلت أوليا على اختيار المرشحين ثم أحيلت النتائج على هيئات التزكية، وقد أخذ منا هذا الورش شهورا عديدة، وكان منتوج هذه الديمقراطية الداخلية المرشحين الذين أعلنا عن أسمائهم في البلاغات التي صدرت.

اليوم نعتز بكون لوائحنا تضم نخبة من الكفاءات من أبناء العدالة والتنمية وبناتها الخالصين من النساء والرجال والشباب والأشخاص في وضعية إعاقة بمستويات جامعية عليا، والحمد لله الحزب متماسك معبأ لكي ننجح جميعا في رهان القيام بحملة انتخابية قوية وتقديم عرضنا السياسي الذي نقدر أنه جالب للثقة.

ويقوم هذا العرض على بناء خطاب انتخابي يستند إلى الحصيلة التدبيرية الحكومية والجماعية المشرفة وبناء خطاب انتخابي وفق نموذجنا الحزبي القائم على الديمقراطية الداخلية والنظام والاستقلالية وغير ذلك من خصوصيات هذا الحزب، سنذهب للانتخابات لكي نتدافع مع الخطابات الموجودة ونسهم من موقع المشاركة في تحصين المنجز الإصلاحي على المستويات كافة وتحصين موقعنا التدبيري في الجماعات الترابية وكذلك على المستوى الحكومي وأيضا في البرلمان وغير ذلك من الرهانات الموجهة والضابطة لحملتنا الانتخابية.

– ألم تواجهكم صعوبات خلال مرحلة إعداد اللوائح بالنظر لانسحاب مجموعة من الأعضاء في بعض المدن، وتنامي خطاب تبخيس العمل السياسي الذي جعل الناس يتساءلون عن جدوى المشاركة السياسية؟

عرف حزب العدالة والتنمية صعوبات كبيرة على المستوى الداخلي أسهمت فيها معطيات موضوعية خلقت جوا داخليا ليس جيدا، كانت البداية مع القانون الإطار  للتربية والتكوين، ثم جاء موضوع توقيع الاتفاق الثلاثي بشأن الصحراء المغربية، فضلا عن كون موضوع القاسم الانتخابي الذي خلق مناخا سلبيا، فمشروع قانون القنب الهندي، كل هذه قضايا موضوعية واكبها نقاش مؤسساتي داخل المجلس الوطني، ونقاش فردي عبّر عن نفسه خارج المؤسسات في مواقع التواصل الاجتماعي، وخلق عند بعض الإخوة والأخوات نفسية جديدة وهذا شيء عادي على أية حال، غير أنه ينبغي الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها حزب العدالة والتنمية هذه الصعوبات، فقد واجهها في مساره الطويل ودبّرها بمنطق الاستيعاب والنضج  والرشد والتواصل الداخلي والتعبئة الداخلية.

اليوم الحالة الصحية التنظيمية لحزب العدالة والتنمية جيّدة رغم الآثار الجانبية، مثل استقالة بعض الأعضاء، واعتذار آخرين عن الترشيح لأسباب موضوعية مقبولة أو بسبب موقعهم في اللوائح وهذه أشياء عشناها في الاستحقاقات الماضية ونعالجها على المستوى الداخلي، وقد أنهينا في ظل هذه المعطيات والظروف ورش اختيار المرشحين وهو ورش كبير وغطينا كل الدوائر والمواطن والمتتبع يعرف أن لوائح حزبنا كانت هي الأولى التي تم التصريح بها.

اعتبرتم أن النقاش الذي دار حول القاسم الانتخابي حق أريد به باطل، كيف ستتصرفون مع هذا العائق الذي سيؤثر في نتائج الحزب؟

موضوع القاسم الانتخابي هو جواب خصومنا السياسيين عن انزعاجهم من تقدم حزب العدالة والتنمية المتواصل انتخابيا، وقد واجهناه كما تابع المواطنون في البرلمان وصوتنا ضد القوانين المعنية ومر الأمر ديمقراطيا.

ورغم أن القاسم الانتخابي سيحرم الحزب من عشرات المقاعد في مجلس النواب، فقد كان قرارنا المشاركة القوية في الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية، ولدينا الثقة في أن المواطن المغربي بذكائه ووفائه واعترافه للعدالة والتنمية بما أنجزه من أجله ومن أجل الوطن سيقول كلمته في 8 شتنبر، ورجاؤنا، رغم ما وقع في القاسم الانتخابي، أن يذهب المواطنون بكثافة إلى مراكز التصويت ويصوتون بحرية وقناعة ويختارون الأجدر لتمثيلهم في المؤسسات الدستورية، لأن المقعد الفارغ لا يحل المشكل بل يفسح المجال للفاسدين. واعتماد القاسم الانتخابي وإلغاء العتبة ليسا نهاية العالم، نحن تدافعنا وسنتدافع وعلى المواطن أيضا أن يتدافع وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح.

 تقولون إنكم تعوّلون على ذكاء المغاربة وعلى قدرتهم على التمييز بين الكائنات الانتخابية وبين المرشحين الحقيقيين، كيف ستخوضون هذه المنافسة؟

الكائنات الانتخابية والمال الانتخابي ليسا جديدين في الممارسة السياسية للعديد من الأحزاب، الجديد هذه المرة هو الكم الكبير للمال المستعمل بشكل ظاهر، وهو أمر مرفوض وينبغي ترتيب الآثار على ذلك وأن تقوم كل جهة معنية بما عليها من مسؤوليات. في كل الأحوال، المواطن بصفة عامة والناخب بصفة خاصة ذكي، لأنه عوّدنا في محطات انتخابية سابقة على أن المال الانتخابي مهما كان مهيمنا، إلا أنه لا ينتج الآثار التي يرجوها أصحابها، وهذا دليل على أن القرار النهائي بيد الناخب ولم تكن يوما الأموال حاسمة في كل الدوائر والمحطات.

نعول على وعي الناخب المغربي الذي ازداد ويتابع تدبير الحزب للشأن العام، فيمكن للمواطن أن يجادل في حصيلة الحكومة، لكن لا يمكنه إلا الاعتراف بما قام به العدالة والتنمية في المدن التي ترأسها، فالمعالم الكبرى تبدلت وتغيرت وظهر واقع جديد في مدن الرباط وسلا ومكناس وفاس وطنجة ومراكش والقنيطرة وكل المدن التي لم أذكرها، ووجود العدالة والتنمية كان مؤثرا ومساهما قويا في هذه النهضة التي عرفتها هذه المدن.

نحن وفينا للناخب المغربي بتعاقدنا معه واشتغلنا ليل نهار بنزاهة ونكران ذات وغلّبنا المصلحة الوطنية وحافظنا على المال العام وأعلينا القانون، كل ذلك وغيره له عائد هو الثقة المتجددة للناخب المغربي في العدالة والتنمية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.