يا أبناء العدالة والتنمية ارفعوا رؤوسكم فأنتم مصباح

محمد النجدي
حزب العدالة و التنمية لم ينهزم إلا إذا كانت لأبنائه القابلية للانهزام، فنتائج الإقتراع الأخير التي بوأته مرتبة متأخرة انتخابيا ليس مؤشر على انهزامه ، فالإنهزام الحقيقي هو الإنهزام السياسي ، الإنهزام الحقيقي هي عندما تفقد بوصلة الإصلاح ، الإنهزام الحقيقي هو عندما تخبو عندك جدوة الأمل في الإصلاح ، الإنهزام الحقيقي هو عندما تتراجع في معركة التدافع الحضاري بكل مداخله و وسائله و تستسلم لأمر الواقع ، فالأيام دول و المعركة كر و فر، و التراجع خطوة للوراء قد تكون ضرورة و مطلوبة من أجل خطوتين للأمام أحيانا .
فخدمة الوطن شرف ناله الحزب و أبناءه بكل فخر و اعتزاز و ستستمر رسالته في إقامة الحجة و خدمة الوطن والشعب من أي موقع كان، فالحزب فكرة إصلاحية و ليس كائنا أو دكانا انتخابيا .
قد يعاب على الحزب بعض مواقفه واختياراته السياسية أو التدبيرية لبعض القضايا أوالملفات لكن اعلموا يقينا أن هذا الامر راجع للتقدير والاجتهاد السياسي و الترجيح بين المصالح و المفاسد ، فكل ما قد أراه صوابا قد يكون عند الآخر خطأ و العكس صحيح فالسياسة عندنا مقاصد و مصالح و هي قيام على الشيء بما يصلحه وفق ضوابط الشرعية و المناسبة …
فباستحضار السياق الدولي و التحولات الإقليمية التي صاحبت المنطقة منذ بدأ التراجع على مكتسبات الربيع العربي نفهم ما يقع اليوم بالمغرب، فهذا التراجع في جانب كبير منه غير طبيعي و مخطط له من جهات متعددة و برهانات مختلفة ، إذن فالتراجع هنا كان نتيجة حتمية فقط اختلفت الوسائل و الآليات ، فالطرق التي تم اعتمادها هنا تبقى أرحم و أرقى من الحالة التونسية أو المصرية أو غيرها من البلدان العربية كما عبر عن ذلك الكثير من المتتبعين …
فالمغرب كما كان منفردا في طريقة تعامله مع موجة الربيع العربي فهو الآن يصدر نموذجا آخر في الخروج من تداعيات هذا الربيع و إغلاق قوسه لذلك يجب أن لا ننسى أن طريق الإصلاح و البناء الحضاري و الإستقلال في القرار الوطني طريق وعرة و طويلة و شاقة فيها الكثير من المنعرجات و العقبات ولا يكون قطف الثمار و جني المحصول إلا في إبانه و وقته و من استعجل الشيء قبل أوانه حرم بفقدانه .
لهذا فالحزب منتصر عندنا ما دام متشبثا بقيمه و مبادئه و ثوابته المرجعية و أصوله الفكرية و خطه التراكمي و الباقي مجرد تفاصيل لا قيمة له بالميزان الشرعي و الحضاري .
أما بخصوص تراجع الحزب في هذه الانتخابات الأخيرة يجب أن لا نهول منه و لا نهون ، بالفعل هناك أسباب ذاتية ما زال الوقت كافيا لتجاوزها و استدراكها لكن يبقى العامل الخارجي و ما تعرض لها الحزب من حملات و هجمات ممنهجة منذ سنوات باستعمال كل الوسائل و الإمكانات الداخلية و الخارجية تنوء على حملها الجبال العامل الأكبر في هذه النتيجة . بالإضافة إلى عوامل أخرى نذكر منها الإعداد القانوني الموجه باعتماد قاسم انتخابي و رفع العتبة و الإنزال المكثف للمال الفاسد في شراء أصوات فئة عريضة من الناس المتأثرين بظروف الجائحة ومقاطعة فئة عريضة من الطبقة الوسطى لهذه الانتخابات بالإضافة إلى الإعلام المضلل و الموجه لتشويه سمعة الحزب و طريقته في تدبير بعض الملفات كل هذا ساهم في هذا التراجع الكبير
نعم هو تراجع و ليس هزيمة بل تراجع بطعم الانتصار لأن الحزب انتصر قبل ظهور نتائج الإقتراع، انتصر عندما رشح خيرة أبنائه من الأقوياء الأمناء، انتصر بتنظيمه حملة نظيفة يحمل فيها بيمناه حصيلة مشرفة وطنيا و جهويا و محليا و باليد الأخرى برنامجا انتخابيا طموحا يستجيب أكثر لطموحات المغاربة وانتظاراتهم، انتصر لأنه بتاريخه ما باع و ما خان الوطن و الشعب ، انتصر وسينتصر دائما ما دام متشبثا بوحدة تنظيمه و بمشروعه الإصلاحي الوسطي المتوافق مع ثوابت و هوية هذا الوطن.
فيا أبناء العدالة و التنمية ارفعوا رؤوسكم فأنتم مصباح ينير الدروب و يضيء الطريق نحو دولة حديثة و دمقراطية و مجتمع قوي متشبث بهويته و ثقافته و محصن ضد كل اختراق ، فما ضاع حق وراءه طالب و ما خفت مشروع وراءه نساء و رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا )سورة الأحزاب الآية 23
بقلم : محمد النجدي
مكناس في : 10/09/2021

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.