العثماني لــــ”أخبار اليوم”: ملفات الدبلوماسية المغربية لا توجد خارج وزارة الخارجية

 

13-03-15 

يتحدث سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، عن مختلف القضايا التي تهم الديبلوماسية المغربية، حيث استعرض في حوار أجراه معه الزميل عبد الحق بلشكر، بيومية “أخبار اليوم” في عدد يوم الخميس 14 مارس الجاري، مسطرة تعيين السفراء، كما تحدث عن علاقة المغرب ببعض الدول مثل الجزائر وموريتانيا، وكشف طريقة عمله مع الملك ورئيس الحكومة، وفي ما يلي النص الكامل للحوار:  

 

لماذا تأخر تعيين السفراء؟ 

اعتبارات تعيين السفراء تخضع لمسطرة طويلة. صحيح أنه حسب الدستور الوزير يبادر، ورئيس الحكومة يقترح وجلالة الملك يعين بعد التداول في المجلس الوزاري. لكن تغيب عنا محطة أساسية في تعيين السفراء، وهي أن الدول المعنية، يجب أيضا أن تستشار قبل ذلك أو أثناءه وتعطي موافقتها على أن يعتمد سفير لديها، وهذه محطة أحيانا تكون طويلة. هناك بعض الدول تجيب بسرعة، لكن دولا أخرى تكون إما تعد للانتخابات، أو في مرحلة تحولات، فيقع التأخر.  

ودول أخرى أقل لا يصادق على قبول سفير معين إلا رئيس الدولة بإجراءات طويلة أو مجلس الوزراء. وهذا كله يثقل المسطرة، علما أن هذا أمر تعرفه مختلف دول العالم. اليوم جميع السفارات التي كان منصب السفير بها شاغرا، عين بها سفراء، علما بأن عملية تعيين السفراء عملية متحركة، ففي كل مرحلة هناك سفراء يصلون إلى سن التقاعد، وقد يتم التمديد لهم أو لا يتم التمديد لهم، وهناك سفراء يتوفون، مثل وفاة المرحوم سفير جلالة الملك بماليزيا، منذ شهور.

وهناك سفارات جديدة تحدث، مثل سفارة المغرب بسانت لوسي، والتي تعتبر أول مرة تفتح فيها سفارة في هذا البلد الواقع في الكارايبي، وسنفتح سفارات أخرى في دول أخرى بتعليمات من جلالة الملك. إذا هذه عملية متحركة ومستمرة.

 

بالنسبة للائحة التي أعدتها وزارة الخارجية، هل وقع فيها أي تغيير على مستوى رئيس الحكومة، أو المجلس الوزاري؟

المسطرة الدستورية، تقتضي إمكانية التغيير، وبالتالي، يمكن لرئيس الحكومة أن يكون اعتراض على اسم معين، كما يمكن لجلالة الملك إصدار تعليماته في بعض التعيينات. والخلاصة، أن المسطرة الدستورية التي تشكل مبادرة الوزير أساسها قد احترمت.

 

ما هي السفارات الجديدة التي ستفتح؟

لم يقرر لحد الساعة إلا فتح سفارة واحدة جديدة سنة 2013 بأوزبكستان.

 

لوحظ أنكم أجريتم تعيينات جديدة في مديريات في وزارة الخارجية، دون إعلان طلب ترشحيات، لماذا؟

هذه التعيينات الأخيرة تدخل في إطار الحركية داخل الوزارة، أي إمكانية نقل مدير مركزي من مديرية إلى أخرى، أو تعيين سفير جدد في منصب مدير مركزي، لا يعدو كونه حركة داخلية تحترم ما نصت عليه المراسيم ذات الصلة.

أشير إلى أن وزارة الخارجية فيها 21 مديرية، ولما تحملت المسؤولية، كانت هناك خمس مديريات شاغرة بالاضافة إلى مديريتين عامتين، ثم أحيل مدير مركزي على التقاعد، فأصبحت هناك ست مديريات فارغة، وبعدما تم تعيين، مدير ومديرة كسفيرين، صار منصباهما شاغرين أيضا. ولهذا نسعى إلى التخفيف عن الادارة المركزية، لأن الإدارة في وزارة الخارجية تشتغل طيلة السنة على تعيينات رؤساء مصالح، ورؤساء أقسام، ومديرين وقناصل عامين، وموظفين يعملون في الخارج، فضلا عن الترقيات، وكل هذه العمليات ترهق الادارة وتأخذ من وقتها الكثير.

لهذا دأبت العديد من الدول على اقرار مبدإ الحركية بين المناصب ذات المستوى المتشابه، ومن هنا سعى مرسوم التعيين في المناصب السامية إلى التخفيف من ذلك الضغط، أولا من خلال تمديد فترة بقاء المسؤول في منصبه إلى خمس سنوات، بدل أربع، وامكانية التمديد في مسؤولية الموظف السامي أو المدير لمرة ثانية، واللجوء إلى التعيين في إطار الحركية من منصب لآخر.

هذا شق أول، الشق الثاني، من التعيينات يتعلق بالتكيف مع الهيكلة الجديدة، علما أنها وضعت في نونبر 2011، أي في ظل الحكومة السابقة، ولهذا تم التكيف مع الهيكلة الجديدة. وتغيير الهيكلة أمر إيجابي لأنه يجعل المغرب يقترب من معايير الدول الديموقراطية، في إدارة الشؤون الخارجية و تكييف هياكل الوزارة مع القضايا المهمة التي أفرزتها التطورات الوطنية و الاقليمية و الدولية.

 

هل سيتم اللجوء إلى طلب ترشيحات للمناصب الشاغرة في الوزارة؟

بطبيعة الحال، فقد صدرت قرارات بإعلان طلب ترشيحات، لأربع مديريات، وهي مديرية الموارد البشرية، ومديرية الشؤون المالية، و مديرية المغرب الكبير، ومديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية.

ولهذا يمكن لجميع الموظفين المستوفين للشروط القانونية الموضوعة في المواقع الالكترونية المعنية، التقدم بترشيحاتهم بدءا من الاثنين الأخير، حيث إن هناك مهلة 10 أيام، لتلقي الترشيحات.

 

هل تقتصر الترشيحات على أطر وزارة الخارجية؟

لا، الترشيحات مفتوحة لأطر مختلف الادارات وحتى من القطاع الخاص ممن استوفوا المعايير وفقاً لما ينص عليه القانون بهذا الصدد.

 

ما حقيقة ما نشر عن إعفاء سفير المغرب في سويسرا بسبب تخلفه عن حضور لقاء اقتصادي هناك؟

إعفاء سفير المغرب في سويسرا لا علاقة له بما قيل، مع العلم أنه تجاوز سن التقاعد. علما أن التمديد للسفراء أمر يخضع للسلطة التقديرية للوزير.

 

هل تقصد أن السفير المغربي في سويسرا، وصل إلى سن التقاعد، ولا علاقة للأمر بما نشر عن تخلفه عن حضور نشاط اقتصادي ؟

المعلومة التي تربط بين إعفائه وعدم حضور نشاط اقتصادي غير صحيحة، لأنه لا يمكن أن يتم إعفاء سفير فقط لأنه لم يحضر اجتماعا.

 

وماذا عن سفير المغرب بتونس، الذي راج في بعض المواقع أنه تم استدعاؤه بسبب شكوى من الحكومة التونسية؟

لم تردنا أي شكوى من الحكومة التونسية. والسفير المغربي في تونس مثل سائر السفراء، الذين تقرر تغييرهم، تلقوا قرارا واحدا بإنهاء مهامهم يوم 10 فبراير الماضي. ومن هذا المنبر أود أن أشكرهم جميعاً على الخدمات التي أدوها طيلة فترة مسؤوليتهم.

 

واستدعيتم أيضا سفير المغرب بإيرلندا؟

نعم، بعدما استقبل الرئيس الإيرلندي، محمد عبد العزيز، رئيس الجمهورية الوهمية، قمنا كما تقتضي ذلك الأعراف الدبلوماسية باستدعاء السفير للتشاور، ولنعرف منه كيف وقع ما وقع، وما هي الخطوات القادمة، قبل عودته لممارسة مهامه. وعادة عندما يقع أمر مثل هذا، فإن سيلا من الاتصالات تجرى لتوضيح الموقف المغربي لجميع الأطراف. وبموازاة مع ذلك استدعينا كذلك سفير إيرلندا المعتمد بالمغرب لطلب التوضيحات نفسها ولنشرح له الموقف المغربي.

 

بخصوص قضية الصحراء، أين وصل هذا الملف بعد سحب الثقة من روس وعودته لممارسة مهامه؟

مبادرة المغرب بتقديم نتائج تقييمه بشأن مسلسل المفاوضات وتدبير الممثل الشخصي لمهامه، دقت ناقوس الخطر ودفعت الأمم المتحدة والأمين العام، للانتباه لأخطاء وانزلاقات في هذا الملف. فقد اتصل الأمين العام بجلالة الملك، مؤكدا له عدم تغير الاطار العام لمعالجة الملف، وأن الثوابت لا تزال مرعية، ثم صرح روس نفسه في التقرير الشفوي أمام مجلس الأمن بعد قبول المغرب عودته في إطار مهمته كمبعوث شخصي للأمين العام، أن المفاوضات في مأزق، وأنه لابد من بلورة مقاربة جديدة.

ولهذا اقترح مبادرة الديبلوماسية المكوكية، بدل المفاوضات المباشرة. ونحن ننتظر من السيد روس كيفية تنفيذ هذه الخطة. كما وعدنا السيد روس، بفصل المحور السياسي، عن المحور الانساني والمحور الحقوقي، والمحور العسكري الذي تتكفل به المينورسو، فقد عبنا في السابق على السيد روس أنه كان يخلط بين هذه المحاور الأربعة، ومحاولة التدخل فيها.

لقد تحققت مجموعة من الايجابيات بفضل تلك المساعي. أعتقد أن خصوم الوحدة الترابية، تأكدوا أنهم منهزمون في الملف السياسي، لأن المنتظم الدولي أصبح مقتنعا، أكثر فأكثر بنجاعة مبادرة الحكم الذاتي حلا لهذا النزاع ولأمثاله من النزاعات. ونموذج مالي واضح في هذا المجال، حيث إن مجلس أوربا الذي يضم 47 دولة أوربية، ركز في إحدى توصياته حول مالي، على أهمية حل الحكم الذاتي لشمال مالي، وأن هذا النوع من الاقتراحات مهم لحل مثل هذه النزاعات في منطقة الساحل والصحراء وغيرها من المناطق التي يتهددها شبح الحرب والانفصال.

وقد تبنت هذا الحل أيضاً جبهة مورو في جنوب الفلبين بعد حوالي نصف قرن من الصراع. هناك إذا اقتناع دولي بنجاعة المقترح المغربي، وهناك تفهم دولي متنام حول سعي المغرب الجاد لإيجاد حل سياسي ذي مصداقية. إن خصوم الوحدة الترابية بعد هزيمتهم على الواجهة السياسية، يحاولون الهروب إلى الأمام بإثارة ملفات حقوق الانسان والثروات في الصحراء، وملفات أخرى للتشويش على الحل السياسي. والجميع يعرف أن سجل جبهة الانفصاليين في مجال حقوق الإنسان سيء، ويتضمن ملفات إذا فتحت ستجعل الجلادين رحمة العدالة. لذلك فهم يخبطون خبط عشواء للتشويش على الحل السياسي.

هل معنى هذا أن روس سيكتفي بزيارة العواصم المعنية، مثل الزيارات التي قام بها مباشرة بعد قبول المغرب عودته إلى مهامه؟

نعم، سيذهب لعواصم المنطقة، وينقل الرسائل من هنا وهناك، لتقريب وجهات النظر بين الأطراف.

 

هل هذا يعني أنه لن تكون هناك مفاوضات في الأفق القريب؟

لا يظهر أن هناك مفاوضات مباشرة في الأفق المنظور.

 

منذ تعيينكم في هذا المنصب راهنتم على تليين موقف الجزائر، وزرتم هذا البلد الجار، لكن لاشيء تغير؟

أولا، لنكن واضحين عندما زرت الجزائر في يناير 2012، كان الهدف واضحا من الزيارة وصرحت بذلك في المغرب وفي الجزائر، حين قلت بأنه ليس الهدف من الزيارة، حل مشكل الصحراء، ولا فتح الحدود، إنما تطبيع العلاقات وتطويرها. لم نكن نصنع لأنفسنا أوهاما.

لقد تحدثت مع المسؤولين الجزائريين، بخصوص تطبيع العلاقات أي أن نترك مشكل الصحراء يأخذ مساره داخل أروقة الأمم المتحدة، وألا يكون هذا المشكل عائقا أمام تطوير العلاقات المتبادلة في مختلف المجالات. وأنا لا أدعي أن هذا الهدف تحقق كاملا، ولكن تم تقريب العلاقات وتخفيف التوتر، وهذه دينامية بدأت سنة 2011، قبل أن أعين وزيرا للخارجية، وقد واصلتها بعد تعييني.

 

وهل الاتصالات متواصلة مع الجزائريين؟

نعم الاتصالات مستمرة، ومنذ فترة قصيرة كان هناك اجتماع في الجزائر للكاتبين العامين لوزارتي الخارجية في البلدين تمهيدا للقاء سيجمعني بوزير خارجية الجزائر، ولدينا جدول أعمال مكثف في هذا المجال. وهناك قطاعات أخرى مثل التعليم والاتصال والمياه والطاقة تعرف لقاءات، وهناك محاولات لربط الجسور والتعاون.

 

هل هناك أي انعكاس لهذه الدينامكية على العلاقات التجارية والاقتصادية؟

أكيد أن هناك انعكاساً ايجابياً، ولكنه بسيط ولا يرقى لمستوى ما نطمح إليه. وعلى سبيل المثال فالمغرب يعد الزبون التجاري الأول للجزائر من بين الدول العربية رغم الوضع غير الطبيعي للحدود المغلقة، كما أن هناك ما يفوق سبعمائة ألف جزائري يزورون المغرب جواً. وهذا مؤشر بسيط على الطاقات الكامنة لاقتصاد البلدين والنفع الذي سيجنيه كلا الطرفين من فتح الحدود وبناء نظام مغاربي جديد، قوامه الوحدة والتعاون والديمقراطية.

 

ماذا بشأن القمة المغاربية، فقد تم الاتفاق على تاريخ معين وتم تأجيله، إلى نهاية السنة الماضية، ولم تعقد القمة، ولم نعد نسمع شيئا عنها.

يصعب تحديد سبب معين، لأن الطرف التونسي باعتباره صاحب المبادرة ويعرف الأسباب بدقة، وهم يقومون بمجهودات جبارة لتنسيق الأجندات وتحديد الموعد. وبالنسبة لنا عندما أعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، عن التاريخ الأول، والتاريخ الثاني، استجبنا فورا، بتعليمات من جلالة الملك، وأخبرنا الإخوة في تونس أن المغرب مستعد للحضور في أي وقت يحددونه. لكن، لاحظنا أن الإخوان في تونس بدؤوا يؤجلون، دون أن يحددوا موعدا لذلك. أعتقد أن هناك أسبابا مرتبطة بمجمل الأحداث التي تعرفها المنطقة المغاربية، والتي تتطلب نوعا من الاستقرار.

 

هل هناك تحفظ جزائري على عقد القمة؟

يصعب الجزم بذلك، لكني أعتقد أن الأوضاع في المنطقة، تظافرت وأدت لتأجيل القمة، والآن بعد تعيين الحكومة التونسية الجديدة، يمكن للرئيس التونسي أن يعيد تحريك هذا الموضوع وسيجد من المغرب كل الدعم والمساندة.

 

سبق أن صرحتم أنكم كنتم تفضلون تدخل قوات إفريقية في مالي، فما الذي وقع حتى وقع تدخل القوات الفرنسية، وساندتم هذا التدخل؟

الجميع كان يفضل أن يكون تدخل لقوات إفريقية بما فيها فرنسا، والقرار الذي صدر عن مجلس الأمن تحت الرئاسة المغربية، بشأن مالي، في 20 دجنبر، الماضي، قرر إنشاء قوة إفريقية، لمساعدة الجيش المالي لاستتبات الأمن في ربوع مالي، والحفاظ على وحدته الترابية، وقد أسهمت فرنسا إسهاما أساسيا في هذا القرار.

وكانت هناك استعدادات لتكوين وتدريب هذه القوات، وتزويدها بالأسلحة، وبدأت فعلا، لكن وقع تحول عندما بدأت الجماعات المسلحة، تحتل مدنا في وسط مالي، وظهور احتمالات بسقوط العاصمة بماكو، وتقسيم مالي، لأن كل جماعة لها جهات تستولي عليها، وهذا أدى إلى تحرك القوات الفرنسية بطلب مكتوب من الرئيس المالي، الذي وجه نسخة منه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فانعقد اجتماع لمجلس الأمن على عجل لمناقشة القضية وتدخلت القوات الفرنسية لاستعادة الأمن، وقد أعلن الرئيس الفرنسي أن القوات الفرنسية ستنسحب في شهر أبريل المقبل. فالتدخل الفرنسي كان ضروريا و جاء كرد فعل على تسارع الأحداث بفعل رغبة الجماعات المسلحة في احتلال مناطق جديدة من مالي.

ما هو نوع الدعم الذي قدمه المغرب لفرنسا في هذه الحرب؟

ليس هناك دعم مباشر، ولكن دعمنا لمالي موجود في إطار الاتفاق السياسي والتنموي والأمني بين البلدين. الدعم الأكبر كان هو الدعم السياسي، والقرار الذي صدر في مجلس الأمن، بخصوص مالي، كان تحت الرئاسة المغربية. كما أن علاقتنا وتعاوننا وثيق مع المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، وشخصيا أبلغت رسائل من جلالة الملك إلى هذه الدول، وبقينا على اتصال معهم، للتعبير عن دعمنا لهم، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية مع الدول المعنية، في المجال السياسي والاقتصادي والأمني، لمساعدتها على مواجهة تحديات المرحلة. ولا يجب أن ننسى الدعم الإنساني للاجئين الذي بادر إليه المغرب مبكرا، وقد استقبلت أخيرا مبعوثا من الرئيس المالي الذي شكر المغرب على الدعم الذي قدمه منذ بداية الأزمة، وكان من أوائل من تحرك ودعم.

 

أنت وزير خارجية، ولكن قبل ذلك أنت قيادي في حزب العدالة والتنمية، وما نعرفه هو أن حزبكم كان دائما يعارض مثل هذه التدخلات الأجنبية في دول عربية وإسلامية، لماذا هذا التغير في الموقف؟

نحن نرفض التدخلات العسكرية عندما تكون لإسقاط أنظمة كما وقع في بعض الدول، أو تكون ضد رغبة الشعوب. وأظن أن الشعب المالي وحكومة مالي رحبا بهذا التدخل، وفي الحقيقة أنا لا أسمي هذا تدخلا بل دعما للقوات المالية، لتستطيع القيام بمهامها. وكما قال رئيس مالي، “لولا هذا الدعم لما بقيت هناك دولة مالي”. أظن أن أي دولة في المنطقة لا تريد انشطار دولة مالي، لأن ذلك سيسبب مشاكل أمنية للجميع. وقد رأينا نموذجا بسيطاً لما يمكن أن يقع بعد الاعتداء الذي وقع على دولة جارة واحتجاز رهائن أجانب ارتباطاً بالتدخل شمال مالي. المغرب عانى من المشاكل الأمنية، ولازلنا نذكر التفجيرات الإرهابية في 2003، وتهديدات أمنية أخرى. ولهذا فإن الحماية ضرورية. وحزب العدالة والتنمية له موقف واضح ضد الإرهاب. ووزارة الخارجية، أصدرت بيانا عندما تم إعلان انفصال شمال مالي، وقلنا إننا نرفض كل ما يهدد وحدة مالي واستقلالها وسيادتها على كامل ترابها. إذن الدعم الذي وقع، من خلال التدخل الفرنسي، كان لمواجهة حالة استعجالية، وبطلب من دولة مالي، ومن المنتظر انسحاب القوات الفرنسية بمجرد وصول القوات الإفريقية كاملة إلى المنطقة.

 

لكن حركة التوحيد والإصلاح، المقربة من حزبكم عارضت الحرب التي قادتها فرنسا في شمال مالي؟

أظن أنه لم تكن عناصر هذا الموضوع واضحة، لدى قيادة حركة التوحيد والإصلاح في البداية لاتخاذ هذا الموقف.

 

هل اتصلت بقيادة التوحيد والإصلاح لتشرح لهم هذه المعطيات؟

لم يقع أي اتصال بيننا حول الموضوع.

 

لكن تقارير صدرت عن وقوع انتهاكات لحقوق الانسان خلال التدخل الفرنسي؟

هذه الانتهاكات إذا صحت مرفوضة، وبعضها نسب إلى قوات مالية، ولكن يجب أن يوكل التحقيق إلى جهة مستقلة للكشف عن الحقيقة. ولكن، قبل أن تقع مثل هذه الانتهاكات فإنه كانت هناك انتهاكات أكبر في شمال مالي، والدليل وجود أكثر من 250ألف لاجئ مالي في دول الجوار، هربوا من الشمال، وهناك عشرات آلاف آخرين نزحوا من الشمال إلى الجنوب، لماذا نزحوا لو لم تكن هناك انتهاكات؟

 

بخصوص تجمع دول الساحل والصحراء، الذي أسسه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، يلاحظ أن المغرب ينشط بقوة لتعويض غيابه عن الاتحاد الافريقي، بلعب دور على مستوى هذا التجمع، هل انتقال رئاسة التجمع للمغرب، يدخل في هذا الإطار؟

أعتقد أنه لأول مرة، يبنى في القمة التي عقدت مؤخرا في نجامينا بتشاد، تجمع جديد لدول الساحل والصحراء. فهذه أول مرة يصبح التجمع منظمة إقليمية حقيقية، بعدما كانت تسير بطريقة عشوائية. لقد أصبح لها ميثاق دقيق، ومؤسسات، ونظام مالي، وهذا كله مهم. وهي منظمة تضم 28 دولة، أي أكثر من نصف دول إفريقيا. تشاد ترأس حاليا تجمع الساحل والصحراء، ونحن تقدمنا بطلب، إلى الأمانة العامة للتجمع لعقد القمة المقبلة في المغرب، وتمت الموافقة عليه، وهذا سيمكننا من رئاسته، وهذا تقدير لبلادنا وجهودها، في منطقة الساحل والصحراء، وخاصة دورها الإيجابي في أزمة مالي.

 

في جنيف، طلبتم حضور ثلاث مقررين أممين جدد للمغرب، لماذا؟

هذا توجه من الحكومة للاستفادة من آليات حقوق الانسان الدولية، أولا للتعريف بالانجازات التي قام بها المغرب على المستوى الحقوقي، وثانيا، للرد على خصوم المغرب، الذين يريدون توظيف هذا الملف في قضية الصحراء للإضرار بصورة المغرب. أي يوظفون آلية حقوق الانسان لتحقيق مآرب سياسية. ومعروف أن آليات حقوق الانسان يجب أن توظف لصالح النهوض بحقوق الانسان وليس لأهداف سياسية. وأظن أن هذا الأسلوب في صالح المغرب الذي تصالح مع ماضيه ويعتز بإصلاحاته الدستورية والديمقراطية والحقوقية وليس لدينا ما نخفيه أو نتستر عليه، فرغم إمكانية تعرضه لانتقادات إلا أنه يتقبلها بصدر رحب.

فتقرير المقرر الأممي الخاص حول التعذيب تضمن العديد من الانتقادات. وقد ذهب وفد من المغرب لحضور مناقشة التقرير، فقبل أمورا ورفض أخرى، وأدلى بملاحظاته وتفسيراته. وهذه هي الدينامكية التي يعتز بها المغرب. ويمكن أن أؤكد إن كثيرا من دول المنطقة لا تستطيع أن تستدعي مقررين أممين خاصين. لا توجد سوى دول قليلة تقبل أن تستدعي ثلاثة مقرريين أمميين دفعة واحدة وفي سنة واحدة. صحيح أن واقعنا الحقوقي بما فيه المؤسسات السجنية والأمنية تحتاج إلى تطوير للوصول إلى المعايير الدولية، ولكن هناك قلة من الدول التي تعترف بهذا، وتقر به، وقد زار بعض المقررين منطقة الصحراء، وأنجزوا تقارير موضوعية، ونعتبرها ردا على خصوم وحدتنا الترابية، الذين يسعون لتوظيف ملف حقوق الانسان من أجل تحقيق أهدافهم الانفصالية.

 

هل مبادرة استدعاء مقررين أممين، اتخذ على مستوى الحكومة؟

بخصوص هذا القرار فنحن ننسق باستمرار مع وزارة العدل والحريات، ومع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ووزارة الداخلية والوزارات الأخرى المعنية بموضوع الزيارة.

 

أين وصلت الأزمة مع موريتانيا؟

لا توجد أي أزمة مع الجارة موريتانيا، وأنا عائد لتوي من زيارة رسمية إلى موريتانيا، وقد تضمنت برنامجا حافلا، شمل لقاء مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالإضافة إلى زميلي وزير الخارجية. وهناك إعداد لتطوير العلاقات مع موريتانيا ولانعقاد اللجنة العليا المشتركة. طبعا، قد يكون هناك عدم اهتمام بتطوير العلاقات أو فتور في بعض الفترات، لكن لا توجد أزمة، والدليل أن ملفات التعاون في مختلف الميادين لم تتوقف أو تجمد. كما أن عدد الطلبة الموريتانيين، الذين سجلوا في المغرب هذه السنة، هو نفس عدد الطلبة الذين سجلوا السنة الماضية، إن لم يكن أكثر، وقد انتقلت لجنة من وزارتي الخارجية والتعليم العالي إلى نواكشوط، لانتقاء الملفات بتنسيق مع وزارة التعليم العالي في موريتانيا.

 

هل تنسق بشكل دائم مع الملك في تحركاتك الديبلوماسية، أم يمكنك أن تخوض مبادرات دون علم الملك؟

يمكن لوزير الخارجية أن يتخذ المبادرة في إطار صلاحياته بطبيعة الحال، لكن الأصل وخصوصا في الأمور الكبرى وذات التأثير، هو الرجوع إلى جلالة الملك فهو رئيس الدولة والضامن لمصالحها العليا. والسياسة الخارجية متعلقة مباشرة برئيس الدولة، في كل الدول الديمقراطية عبر العالم.

 

هل تستشير رئيس الحكومة في تحركاتك الدبلوماسية؟

نعم في الأمور ذات الأهمية

 

هل تنسق مع الطيب الفاسي الفهري؟

نادرا ما يكون ذلك.

 

هل صحيح أن بعض ملفات الديبلوماسية المغربية لا توجد في مقر وزارة الخارجية، إنما في الديوان الملكي؟

هذا غير صحيح.

 

التقيت رفقة رئيس الحكومة بوزير خارجية إيران، هل طلب منكم إعادة العلاقات، وماذا قلتم له؟

نعم طلب بدء الحوار لإعادة العلاقات الدبلوماسية، فوعدناه بدراسة الطلب.

 

التقيتم الرئيس مرسي في مصر، هل ستدعونه لزيارة المغرب؟

كان هناك لقاء ودي مع السيد رئيس الحكومة، وكان هناك اتفاق على ضرورة تطوير العلاقات بين البلدين. أما دعوة رؤساء الدول فهو من اختصاص جلالة الملك وليس الحكومة أو وزارة الخارجية.

 

هل قام المغرب بتعزية فنزويلا بعد وفاة رئيسها تشافيز، وهل تتوقعون تغير موقف هذا البلد من الصحراء؟

نعم قمنا بواجب العزاء ويصعب منذ الآن التنبؤ لتطور موقف فنزويلا من قضية الصحراء.

 

تشتكون من قلة الموارد البشرية في الوزارة، ما مخططكم لتجاوز هذا العائق؟

تعرف وزارة الشؤون الخارجية خصاصا كبيرا في الموارد البشرية وفق المعايير الدولية المعمول بها. هناك برنامج متكامل يشمل التكوين والتكوين المستمر واستعمال الوسائل الحديثة. وهناك الزيادة في عدد التوظيفات السنوية لكنه يرتبط بقرار الحكومة في إطار قانون المالية.

 

حاوره / عبد الحق بلشكر، عن جريدة أخبار اليوم

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.